الاقیبل القینی

اَلْأُقَيْبِلُ الْقَيْنيّ،   الأقيبـل بـن شهاب الكلبـي (البـلاذري، 5 /  358)، أو الأقيبل بن نَبهان بن خُنُف (الآمدي، 25)، من شخصیـات العـصر الأموي الغامضـة (تـ أواخر القرن 1ه‍‌ ). وكان يدعى القيني بسبب انتمائه إلى بني القين بن جَسْر (البلاذري، ن.ص). وإن المقطوعة الشعرية التي نظمها خلال هجوم الحجاج على مكـة ــ سواء أكانـت مختلقـة أم حقيـقيـة ــ جعـلت حياة الأقيبل تشبه أسطورة المتلمس (ن.ع) مما سبب ذيوع صيته في الأدب العربي (ظ: الجاحظ، 7 / 102؛ البلاذري، ن.ص). ومـن البديهـي أن هـذه الروايـات إن لم‌تكن جميعها أسطورية، فإنها قد امتزجت بالأسطورة بشكل ما، خصوصاً وأن الروايتين المتوفرتين بشأنه متناقضتان، بحيث يمكن القول إن شخصيتين قد مُزجتا ببعضهما.
ففـي الرواية الأولـى (ظ: الجاحـظ، 7 / 102-103؛ البـلاذري، 5 /  358-359؛ الآمدي، 25-26)، نقرأ أن عبد الملك بن مروان لما أرسل الحجاج بن يوسف إلى الحجاز في 72ه‍ ليقمع عبد الله بن الزبير الذي كان يطمع في الخلافة (البلاذري، 5 / 357)، كان الأقيبل أحد جنود الحجاج. وحين وضع الحجاج المناجيق على جبل أبي قبيس ليرجم بيت الله الحرام، استولى القلق على الأقيبل وأخيراً وجد في نفسه الشجاعة لكي ينظم قصيدة في انتقاد الحجاج. ولم يبق من هذه القصيدة التي كانت مطولة حسب قول الآمدي (ص 25)، سوى 6 أبيات. وقد أشير في هذه الأبيات إلى أن الجيش تحرك يوم الثلاثاء من منى نحو مكة؛ وأخيراً يتمنى الشاعر أن ينجو من شر بني ثقيف (قبيلة الحجاج) (ظ: البلاذري، 5 /  358؛ الآمدي، ن.ص). ‌
ومهما يكن، فإن الحجاج حين اطلع على مضمون القصيدة اضطرب ونوى قتله، فهرب الأقيبل مسرعاً نحو دمشق. وخلال ذلك، أبلغ الحجاج في رسالة، عبد الملك بأن الأقيبل منع أهل الشام من نصرته (ن.ص). وخوفاً على حياته، لجأ الأقيبل إلى قبر مروان بن الحكم، فدعاه الخليفة إلى بلاطه وعفا عنه ظاهرياً بعد أن مدحه في قصيدة (البلاذري، ن.ص)، لكنه كتب في رسالة إلى الحجاج أنه مخيَّر في أمر الأقيبل، ثم وضع خاتمه على الرسالة وسلمها إلى الأقيبل وتظاهر بأنها كتاب أمان. فتوجه الأقيبل نحو الحجاج، لكنه تأمّل حاله وتذكّر «صحيفة المتلمس»، ففتح الرسالة وعندما اطلع على محتواها نظم أبیاتاً أکد فیها أن انطلاقه إلی الحجـاج ضرب مـن الحماقة والغـرور وسینتهی إلی قتله. ثم ألقى الرسالـة جانباً وهرب (م.ن، 5 /  358-359؛ الآمدي، 25-26). ويعتقد الآمدي أن قبيلة الأقيبل كانت قد حذرته من أمر كهذا (ص25).
لكن بحسب الرواية الثانية (ابن عساكر، 3 / 91)، فإن الأقيبل القيني كـان شاعـراً أسـود معاصراً ليزيـد بـن معاويـة، ويبـدو أنه أحضر إلى يزيد بتهمة القتل، فتجاوز يزيد عن جنايته بعد حوارشعري؛ لكنه أقدم على ارتكاب جريمة أخرى، فألقى به الحجـاج في السجن، إلا أنـه هرب منـه ولجأ إلـى قبر مـروان. وإن الأشعـار التـي نقلهـا ابـن عسـاكـر (ن.ص) بهذا الصـدد (عدا الأبيات الثلاثة الأخيرة) هي غير الأبيات التي وردت في المصادر السابقة (بيتان في وصف الخمر وبيتان في الحرية والانعتاق).
خمن الزركلي (2 / 6) تاريخ وفاته بحوالي سنة 85ه‍ / 704م. يقول البلاذري إنه ذهب إلى قبيلته ومكث هناك حتى نهاية حياته (5 / 359)؛ لكن الآمدي یری أن ناقته صرعته في بعض الأسفار فمات (ص 26).
خلّف الأقيبـل أشعاراً تناثرت فـي المصادر، وقد نسب إليـه أبو تمام 5 أبيات في مدح عبد العزيز (عبد العزيز بن مروان على مايبدو)، لاشك في أنها لنصيب بن رباح (ظ: ص 260؛ الميمني، 260). وأشار الجاحظ في الحيوان إلى الأقيبل مرتين: مرة ضمن ترجمة حياته وأورد أشعاره في موضوع كتاب الأمان وتشبيهه بالحیّات السامة (4 / 253-254؛ أيضاً ظ: ابن عبد البر، 1(2) / 490)، وأخرى في الفصل الذي خصصه للفيل، فذكر أشعار الأقيبل في موضوع جيش الحجاج (ظ: 7 / 102). ونسب له أبو عبيد البكري 4 أبيات في «النصائح» (2 / 904) ورد بيتان منها في المؤتلف للآمدي أيضاً (ص 25).

المصادر:  

الآمدي، الحسن، المؤتلف والمختلـف، تق‍ : عبد الستار أحمد فراج، القاهرة، 1381ه‍ / 1961م؛ ابن عبد البـر، يوسف، بهجة المجالس، تق‍ : محمد مرسي الخولي، بيروت، 1981م؛ ابن عساكر، علي، التاريخ الكبير، تق‍ : عبد القادر بدران، دمشق، 1331ه‍؛ أبو تمام، حبيب، الوحشيات، تق‍ : عبد العزيز الميمني ومحمود محمد شاكر، القاهرة، 1987م؛ أبـو عبيد البكـري، عبد الله، سمـط الـلآلئ، تق‍ : عبـد العزيز الميمني، القاهـرة، 1354ه‍ / 1936م؛ البلاذري، أحمد، أنساب الأشراف، بغداد، مكتبة المثنى؛ الجاحظ، عمرو، الحيوان، تق‍ : عبد السلام محمد هارون، بيروت، 1388ه‍ /  1969م؛ الـزركلي، الأعلام؛ الميمني، عبد العزيز، حواش على الوحشيات (ظ: هم‍ ، أبو تمام).

إيران ناز كاشيان / ه‍.