الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الموسیقی / الأرغنون، آلة موسیقیة /

فهرس الموضوعات

الأرغنون، آلة موسیقیة

الأرغنون، آلة موسیقیة

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1443/3/29 ۱۴:۲۴:۲۵ تاریخ تألیف المقالة

اَلْأَرْغَنون، أو الأُرغَنون، آلة موسیقیة عریقة ومثالیة من العصور القدیمة. ورد إملاء الأرغنون ولفظها في المتون القدیمة للعصر الإسلامي وفي آثار کبار الموسیقیین الإیرانیین بأشکال متنوعة، فهو لدی الخوارزمي (القرن 4هـ) في مفاتیح العلوم باسم أرغانون (ص 236)، ولدی ابن خرداذبه (بدء القرن نفسه) في کتابه اللهو و الملاهي، أرغن (ص 19)، ولدی عبدالقادر المراغي (تـ 838هـ) في کتابیه مقاصد الألحان (ص 125) و شرح الأدوار (ص 359) أرغنون؛ کما کُتب في بعض المعاجم مثل برهان قاطع بشکل أرغنن و أرغنون (1/ 106، 107). ولفظه ورد باختلاف أیضاً بفتح، أو ضم الحرف الأول و فتح الثالث (لغت‌نامۀ دهخدا). ویستفاد من الطریقة التي یلفظ بها في اللغتین الیونانیة (أُرغانون) واللاتینیة (أُرغانوم) أن تلفظ الکلمة بضم حرفها الأول، هو الأقرب إلی شکلها الأصلي (ظ: شتاینغاس، 38؛ وبستر...، 808).

ومع أن الأساطیر الغربیة ذات العلاقة بخلفیة آلات النفخ، أو المزمار «معجم...»، VI/ 282)، بل و علی رأي فأن ذکره الوارد في التوراة و التلمود (فارمر، II/ 342؛ فرغ، 112)، فیها دلالة علی کون هذه الآلة غربیة، فضلاً عن تصریح ابن‌خرداذبه و الخوارزمي (ن.صص) بکونها یونانیة و رومانیة، و قول عبدالقادر المراغي: «یستخدمونها بکثرة في بلاد الإفرنج» (مقاصد...، 136)، مع کل ذلک، فإن الوثائق المتعلقة بالآثار القدیمة دالة علی وجود الأرغنون في إیران القدیمة واستخدام أنواع منه فیها، و من بینها أحد مشهدین للصید، نقشا علی «طاق بستان» في کرمانشاه یشاهد فیه صورة عازفین و هما یعزفان علی آلة نفخ یحتمل کثیراً أن تکون الأرغنون الذي یُنفخ بالفم (فارمر، II/ 210-211). وهذه الآلة التي ذکرت في الرسائل الفارسیة في العصر الوسیط مثل رسالة خسرو قبادان و ریدک، باسم «مشتک» (ملکي، 2/ 172)، و دعا الباحثون في العصر الإسلامي نوعاً منها باسم معرَّب: «مشتق» و «مشتق صیني» (فارمر، ن.ص)، تتکون من عدة نایات، أو مزامیر ذات أطوال مختلفة مصفوفة إلی جنب بعضها، و ربماکان سبب تسمیتها بـ «مشتک» [قبضة الید] هو مشابهتها لقبضة ید الإنسان المفتوحة (ن.ص)، و ربما باحتمال أبعد بسبب استقرارها في القبضة والید. والآخر کأس فضة مطعّم بالذهب یشبه مشهد الصید الموجود في طاق بستان، یرجع للعصر الساساني و هو محفوظ الیوم في «موزۀ إیران باستان» (متحف إیران القدیمة) بطهران، و من بین صور المغنین الذین ظهروا فیه، یمکن مشاهدة صورة عازف یعزف بفمه علی الأرغنون (فروغ، 17).

ذکر في الآثار المنثورة للعصر الإسلامي في إیران نوعان من الأرغنون، أو بعبارة أخری أنه کان یوجد آنذاک نوعان من الآلات یوجد بینهما فرق من حیث الترکیب و البناء الموسیقي یدعیان أرغنون: إحداهما من الآلات الوتریة، أو ما اصطلح علیه في الموسیقی القدیمة بـ «ذوات الأوتار» التي کان لها – کما یقول ابن خرداذبه – 16 وتراً (ن.ص)، والأخری تلک التي یقول عنها الخوارزمي إنها من نوع الآلات الهوائیة «تُعمل من ثلاثة زقاق کبار من جلود الجوامیس یُضم بعضها إلی بعض، و یرکّب علی رأس الزق الأوسط زق کبیر، ثم یرکب علی هذا الزق أنابیب لها ثقب صُفر علی نسب معلومة» (ص 236).

ویبدو أنه من بنی نوعي الأرغنون هذین، کان الهوائي منهما قد اکتسب أهمیة و رواجاً أکثر في إیران، و ربما کان نوعه الوتري قد أُهمل لأسبابٍ تدریجیاً. لذا نلاحظ عبدالقادر المراغي – و من غیر أن یذکر الأرغنون الوتري – ینبري فقط لذکر الأرغنون الوتري – ینبري فقط لذکر الأرغنون الهوائي، و من خلال إشارته إلی أنه من مجموعة «مطلقات ذوات النفخ»، أي الآلات الهوائیة التي یُعزف علیها بشکل حر، یقول: ترکّب من صفین من النایات امتلاصقة و القریبة من بعضها، حیث تکون النایات ذوات نغمات البم أطول؛ وذوات نغمات الزیر أقصر منها. ویوجد في مؤخرتها و في الجهة الیسری منفاخ کمنفاخ الحداد، یدخل الهواء النایات، إثر النفخ فیه، بینما یقوم العازف بیده الیمنی و بمعونة أنامله باستخراج النغمات (ن.م، 136-137).

لهذا، یبدو أن رواج الأرغنون الهوائي و کونه أکثر عملیاً في إیران ینبغي أن تکون له إلی حد کبیر علاقة بالخلفیة التاریخیة لهذه الآلة؛ لأنه کما أشرنا إلی ذلک، فإن وجود صورة الأرغنون الذي یعزف بالفم والذي کان نوعاً من الأرغنون الهوائي، في مشهد الصید المصور علی «طاق بستان» أو علی کأس الفضة المطعّم بالذهب المحفوظ في متحف إیران القدیمة، شاهد صادق علی صحة هذا الادعاء.

إن انعکاس شهرة الأرغنون و شیوع استخدامه، في قصائد کبار الشعراء الإیرانیین القدماء أمر ملحوظ جداً. و النماذج الملفتة للنظر لانعکاسات کهذه یمکن مشاهدتها في أشعار فرخي السیستاني و منوچهري و المعزي و الخاقاني و مولوي و حافظ و غیرهم، بل ذکر اسم الأرغنون في إحدی الرباعیات المنسوبة لأبي سعید بن أبي الخیر (لغت‌نامۀ دهخدا، مادة أرغن، أرغنون)، فإذا صحت نسبة هذه الرباعیة إلیه، فلاشک في أنها ستکون من أقدم الشواهد الشعریة علی وجود هذه الآلة و دلیلاً علی دورها في التجلیات المعنویة و حالات الهیام لدی المتصوفة و العارفین. و في شواهد کهذه، فإن الأرغنون کان مثیراً للانتباه بشکل أکبر بوصفه آلة متکاملة قادرة علی إنتاج جمیع الأنغام. و هي من هذا الجانب مثل آلةهوائیة أخری تدعی الموسیقار- التي تعد أحیاناً من أنواع الأرغنون في إحدی الرباعیات المنسوبة لأبي سعید بن أبي الخیر (لغت‌نامۀ دهخدا، مادة أرغن، أرغنون)، فإذا صحت نسبة هذه الرباعیة إلیه، فلاشک في أنها ستکون من أقدم الشواهد الشعریة علی وجود هذه الآلة و دلیلاً علی دورها في التجلیات المعنویة و حالات الهیام لدی المتصوفة و العارفین. وفي شواهد کهذه، فإن الأرغنون کان مثیراً للانتباه بشکل أکبر بوصفه آلة متکاملة قادرة علی إنتاج جمیع الأنغام. و هي من هذا الجانب مثل آلة هوائیة أخری تدعی الموسیقار - التي تعد أحیاناً من أنواع الأرغنون – یتخذ لنفسه حالة رمزیة. کمایبدو أن نسبة صنع آلة الأرغنون إلی أفلاطون التي ذکرت في برهان قاطع (ظ: 1/ 106-107) هي انعکاس لتصور کهذا.

ومهما یکن، فإن الصور، أو الأوصاف المتوفرة لدینا عن أنواع الأرغنون المستخدمة في العصر الإسلامي في إیران و کثیر من البلدان الإسلامیة، و ماورد في النصوص ذات العلاقة بهذه الآلة، تمکنها أن تعیننا علی معرفة هذه الآلة العریقة و الشهیرة. و من ذلک الأرغنون الزِّمري و هو نوع هوائي ذو عمل ذاتي، وتنسب صناعته إلی أرخمیدس، المحفوظ في متحف لندن (فارمر، II/ 411)، و الأرغنون المائي ذو العمل الذاتي الذي أعاد صنعه بنو موسی (م.ن، II/ 441)، أو نماذج أخری من هذا القبیل مما ورد فيکتاب السیاسة (م.ن، II/ 467-468).

وللأرغنون في تاریخ الفن الغربي قصة و خلفیة وسیعة جداً مما یمکن معرفته نسبیاً من خلال الرسالة العلمیة و الوافیة التي کتبها فارمر في الجزء الثاني من «دراسات في الموسیقی الشرقیة». وباختصار یمکن القول إن هذه الآلة العریقة کانت موجودة بأشکال متنوعة طوال التواریخ والعصور المختلفة، وقد حدثت تغیرات متوالیة في اسمها و کیفیة صناعتها، فمثلاً یقال لها في العبریة عوگَب و کانت غالباً من النوع المائي (م.ن، II/ 342)، بینما یوجد في الآثار الیونانیة و الرومانیة مایشیر إلی وجود آلة من النوع الوتري ذات عدة أوتار تدعی أرغانون، أو أرغانوم. ومع أن أفلاطون (تـ 347ق.م) و أریستوکسنس (القرن 4 ق.م) صرّحا بذلک (م.ن، II/ 343)، لکن أشخاصاً آخرین مثل کانو (تـ 149 ق.م) ولوکرتیوس (تـ ح 50 ق.م) و یولیوس فیرمیکوس (القرن 4م) و القدیس أو غسطینس (تـ 340م)، استخدموا بصورة عامة کلمة أرغانوم بوصفها آلة بالمعنی الأعم (م.ن، II/ 345)، بل استخدمت کلمة أرغانوم طوال القرون الوسطی في بلدان أوروبا الغربیة لتطلق علی شکل خاص من الألحان الموسیقیة (م.ن، II/ 346)، و لعل الإشارة العابرة لمؤلف برهان قاطع (ن.ص) لإنشاد، أو غناء فریق من البنات ضمن مادة «أرغنون»، لم‌تکن غیر ذات علاقة بذلک.

وخلال القرن 13 حتی 16 م شاع استخدام نوع من الأرغنون کان قابلاً للنقل یدعی أرغانتو یتکون عادة من صفین متلاصقین من الأنابیب الجوفاء، أو النایات، له حاشیة ذات جوابین و صوت مفرد. أما الأرغُن الکبیر للکنیسة فله مساحة صوتیة واسعة و ازداد تداولاً حوالي سنة 1361م، و لما کان یُعزف علی ثلاثة صفوف من المضاریب وعشرین منفاخاً، فقد کان محتاجاً إلی تعاون عشرة أشخاص («المعجم المختصر...»، 469).

و باختصار، فإن النماذج المتکاملة و الحدیثة للأراغن قد بدأت بالظهور تدریجیاً منذ القرن 16م و ما تلاه و بلغت أوجها في القرن 18م، إلی أن ظهر أول نموذج کهربائي سنة 1867م، و تکامل أخیراً سنة 1935م (ن.ص). و لیس خافیاً أنه رغم مایبدو من تشابه بین أنواع الأراغن المستخدمة في إیران و بقیة البلدان الإسلامیة مثل الأرغنون الزمري الأرغنون البوقي («معجم»، VI/ 285؛ فارمر، II/ 400)، وبین تلک التي کانت مستخدمة في الدول الغربیة، لکن یحتمل في نفس الوقت وجود اختلافات أساسیة واضحة نسبیاً، ذلک أنه إذا کان الأمر غیر ذلک، لم‌یرسل اخلیفة العباسي هارون الرشید (حکـ 170-193هـ) سنة 191هـ/ 807م أرغنوناً خاصاً کان قد صنعه فنان یدعی جعفر، هدیةً منه إلی ملک فرنسا الشهیر شارلمان («معجم»، ن.ص؛ فارمر، II/ 420)، کما أن أباالفرج الأصفهاني أشار للمرة الأولی في کتابه الأغاني، إلی انتشار الأرغنون – علی مایبدو الأرغنون الغربي – خلال ذکره قصة تتعلق بالخلیفة العباسي المأمون و إسماعیل بن الهادي و عُلَیّة بنت المهدي ثالث الخلفاء العباسیین (حکـ 158-169هـ) (ظ: م.ن، II/ 397)، وحیث یمکن أن یؤخذ کلام عبدالقادر المراغي (مقاصد، 139، شرح أدوار، 392) بشأن علم عُلیّة بالموسیقی، بأنه تلمیح إلی مهارتها في العزف علی الأرغنون.

 

المصادر

ابن خرداذبه، عبیدالله، مختار من کتاب اللهو و الملاهي، بیروت، 1969م؛ برهان قاطع،محمدحسین بن خلف التبریزي، تقـ: محمدمعین، طهران، 1361ش؛ الخوارزمي، محمد، مفاتیح العلوم، لیدن، 1895م؛ فروغ، مهدي،نفوذ علمي و عملي موسیقي إیران در کشورهاي دیگر، طهران، 1354ش؛ لغت‌نامۀ دهخدا؛ المراغي، عبدالقادر، شرح أدوار، تقـ: تقي بینش، طهران، 1370ش؛ م.ن، مقاصد الألحان، تقـ: تقي بینش، طهران، 1365ش؛ ملکي، إیرج، «شاه خسرو و ریدک قبادي»، مجلة موسیقي، طهران، 1343ش، عد 89-90؛ و أیضاً:

The Concise Oxford Dictionary of Music, ed. M. Kennedy, O ford, 1989; Farmer, H.G., Studies in Oriental Music, Frankfurt, 1986; Grove’s Dictionary of Music and Musicians, ed. E. Blom, London, 1975; Steingass, F. Persian – English Dictionary, Beirut, 1975; Webster’s New Collegiate Dictionary, Massachusetts, 1987.

تقي بینش/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: