الصفحة الرئیسیة / المقالات / الإذن /

فهرس الموضوعات

الإذن

الإذن

تاریخ آخر التحدیث : 1443/3/3 ۱۶:۰۵:۰۶ تاریخ تألیف المقالة

اَلْإذن، مصطلح فقهي وقانوني. وقد استخدم بمعانٍ شتی و منها الإعلان (البقرة/ 2/ 279)، والإباحة والرخصة (النساء/ 4/ 25)، والأمر (البقرة/ 2/ 97؛ ظ: الجوهري،مادة أذن؛ الفیومي، 1/ 18؛ القاموس، مادة أذن).ومن بین هذه المعاني فالإعلان هو أصل المعنی الاصطلاحي للإذن، لکنه، إثر کثرة الاستعمال یستخدم لمعنی الإعلان عن الرضا (الراغب، 14؛ ابن‌همام، 8/ 211).

ویختلف الإذن عن الرضا، فما لم‌یُعلن الرضا، لایتحقق الإذن، وأخیراً لن یکون بالإمکان الرکون إلیه (الطباطبائي، سؤال وجواب، 141؛ الأصفهاني، 1/ 131). ویختلف الإذن عن الذجازة أیضاً، فمتنی ما أعلن الرضا قبل التصرف فهو إذن، وإذا ما أعلن بعد التصرف فهو إجازة (الخمیني، البیع ، 2/ 104؛ أیضاً ظ: العلامة الحلي، مختلف...، 2/ 170؛ الأنصاري، 124-125). وبعبارة أخری، فإن للإذن معنیین: إعطاء الرخصة والإعلان عن الرضا، إلا أن الإجازة تبلغ عن إعلام الرضا فحسب، وفي القوالنین والمراجع القانونیة، استخدمت الإجازة – في حالات – بدلاً من الإذن (مثلاً ظ: قانون مدني، المواد 115، 503، 1043).

وردت عدة تعاریف للإذن منها: 1. الإذن، هو فکّ الحجر الذي یرتّب علیه الشارعُ حکماً (موصوعة الفقه...، 3/ 222؛ أیضاً ظ: الجرجاني، 6)؛ 2. الإذن، فک الحجر وإسقاط الحق (الفتاوی ...، 5/ 64)؛ 3. الإذن، إعطاء الرخصة وإزالة المانع، أو إعلان الرضا (الأصفهاني، ن.ص).

وفیما یتعلق بماهیة الإذن، فقد ورد فیه رأیان: ألف- الإذن لیس عملاً قانونیاً، بل واقعة قانونیة. وبذلک فهو لیس عقداً ولا إیقاعاً. ومع‌ذلک فهو کالإقرار والشهادة، عمل إرادي، فالآذن لاینشئ أي شيء، بل یعلن فحسب رضاه، فیرتب الشرع أثراً علی إعلان الرضا هذا؛ فمثلاً التصرف في مال الغیر ممنوع، لکن الشارع – بوجود الإذن – یرفع هذا المنع (ظ: الأصفهاني، 1/ 177؛ إمامي، 1/ 101)؛ ب- الإذن عمل قانوني من جانب واحد، أي إیقاع. والآذن ینشئ إباحة موضوع الإذن (الطباطبائي، العروة...، 2/ 785؛ الخوانساري، 3/ 476؛ أیضاً ظ: کاتوزیان، إیقاع، 65).

 

التقسیمات المتنوعة للإذن

ألف- الإذن الصریح والفحوی وشاهد الحال

1. الإذن الصریح، هو الإذن الذي تتطابق فیه عبارة الآذن بشکل صریح ودالّ، ویذکر الفقهاء أحیاناً هذا الإذن باسم الإذن القولي؛ 2. إذن الفحوی، و هو الذي یفهم بشکل ضمني من عبارة الآذن، ومن مصادیقه مفهوم الأولویة؛ 3. إذن شاهد الحال، وهو الذي تدل علیه الشواهد و لاقرائن الحالیة؛ ویجیز بعض الفقهاء الاستفادة المتعارفة من ماء عیون الآخرین وأنهارهم، أو الاتکاء علی جدران بیوت الآخرین، استناداً إلی هذا الأساس (ابن إدریس، 2/ 218؛ النراقي، 12؛ الطباطبائي، سؤال و جواب، 301؛ أیضاً ظ: ابن القیم، 22-24).

 

ب- الإذن الشعري وإذن المالک

الإذن باعتبار الآذن علی قسمین: 1. الإذن الشرعي، أو القانوني و هو المتعلق بالحالات التي یکون فیها الإذن صادراً عن الشارع، أو عن المقنن، کما أن التصرف في مال الآخرین بدون إذن غیر جائز، لکن الشارع، أو المقنن یمنح الإذن بالتصرف بشروط للعاثر علی اللقطة (قانون مدني، المادة 162)، أو الحیوانات الضالة (ن.م، المادة 171). ولما کان المخاطَبون بإذن الشارع هو عامة الناس غالباً، سماه بعض الفقهاء الإذن العام أیضاً (ظ: القرافي، 1/ 195)؛ 2. إذن المالک، أو إذن الأشخاص، وهو الإذن الذي یمنح في حالات خاصة من قبل غیر الشارع مثل إذن الولي، أو القیّم في معاملات المحجور، أو إذن المالک في أمواله. ولما کان هذا الإذن لاینحصر بإذن المالک، فإن بعض الفقهاء سموه إذن الأشخاص، أو إذن الآدمي أیضاً (ن.ص).

 

ج- الإذن الخاص والإذن العام

الإذن باعتبار المأذون علی قسمین: 1. الإذن الخاص، ویطلق علی الإذن الذي یکون فیه المأذون شخصاً معیناً، أو أشخاصاً معینین، فمثلاً أن یعطي أحد إذناً لشخص معیّن بأن یعبر من ملکه، أو أن ینتفع بثمار بستانه، أو أن یبیع ممتلکاته (ظ: قانون مدني، المواد 98، 108، 120، 121)؛ 2. الإذن العام، هو الإذن الذي لایکون مقتصراً علی فرد معین، أو أفراد معینین (ابن مودود، 1/ 100؛ الفتاوی، 5/ 65). فمثلاً متی ماغرس شخص شجرة في موضع لیس ملکاً لأحد، ولم‌یکن یقصد الإحیاء أیضاً، فالجمیع مأذونون في الانتفاع بثمارها (الشبیني، 3/ 248-249؛ الأصفهاني، 1/ 118). والمادة 162 من القانون المدني منحت الإذن بشکل عام للجمیع في تملک اللقطة عندما تکون قیمتها أقل من درهم.

ویطلق علی الإذن باعتبار المأذون فیه أحیاناً عاماً، أو خاصاً؛ فمثلاً لو أن الولي أعطی للصغیر الممیِّز الإذن بعقد عقد خاص فحسب، فإذنه خاص، وفیما عدا هذه الحالة یسمی إذناً عاماً؛ أو أن الإذن إذا کان مقیداً بزمان، أو مکان خاص، عُدّ إذناً خاصً بهذا الاعتبار (ظ: علاءالدین السمرقندي، 2/ 285-286؛ أبوإسحاق، 120-121؛ العلامة الحلي، مختلف، 3/ 145).

 

أرکان الإذن

للإذن أربعة أرکان: الاذن، المأذون، المأذون فیه، إعلان اللإذن.

فالاذن یجب أن یکون أهلاً لذلک، وإلا فإذنه باطل. فمثلاً الإذن المعطی من قبل مجنون، أو صغیر غیر ممیِّز، غیرنافذ، بسبب عدم أهلیة الآذن؛ بینما إذن الصغیر الممیز، أو السفیه، نافذ فقط في الحالات التي هي في مصلحتهما (ظ: قانون مدني، المادة 1212؛ الباز، 534-534، 541-542).

والمأذون أیضاً یجب أن یکون أهلاً لذلک، فالإذن الممنوح للصغیر غیر الممیِّز، أو المجنون لن‌یکون نافذاً (حیدر، 4/ 583).واعتبر بعض الفقهاء علمَ المأذون بالإذن، شرطاً في صحة الإذن؛ فمثلاً لو أعطی أحد إذناً لآخر في بیع شيء ما، لکنه لم‌یکن مطلعاً علی هذا الأمرف ماعُدَّ مأذوناً ولن‌یکون تصرفه نافذاً (الکاساني، 7/ 193؛ أیضاً ظ: ابن نجیم، 334؛ قا: الأنصاري، 141). ولا أثر لقبول المأذون، أو رفضه في تحقق الإذن، ذلک أن الإذن إیقاع، ولاحاجة للقبول في الإیقاع (الخوانساري، 3/ 476).

والمأذون فیه، أو موضوع الإذن، یشتمل علی الحقوق المالیة والأعمال القانونیة؛ وبصورة عامة، فإن کل من یتمتع بمال، أو حق یمکنه أن یأذن لغیره بالتصرف فیه. ولصحة الإذن، ینبغي أن یکون موضوع الإذن متمتعاً بصفتین: 1. أن یکون شأنه شأن غیره من الإیقاعات، موجوداً عند منح الإذن؛ 2. أن یکون شأنه شأن غیره من الإیقاعات، موجوداً عند منح الإذن؛ 2. أن یکون معلوماً و محدداً. وبطبیعة الحال فإن العلم الإجمالي بالموضوع – کما هو الحال في الإبراء – کافٍ لتحقق صحته (إمامي، 1/ 335؛ شهیدي، 71).

والإعلان أیضاً ضروري لتحقق الإذن، وینبغي للآذن أن یظهر رضاه بشکل من الأشکال.ولایُعد الرضا المضمر في النفس إذناً من غیر إعلانه (الأنصاري، 116، 124؛ الرشتي، 164). ورغم أن القانون المدني في إیران لم‌یصرح في باب الإذن، بضرورة إظهاره، لکنه قرر فیما یخص الإجازة: تتحقق إجازة المالک فیما یتعلق بالمعاملة الفضولیة، باللفظ، أو الفعل الذي یدل علی إمضاء العقد (المادة 248). ویمکن أن بتحقق إعلان الرضا بأشکال مختلفة. فاستناداً إلی البحراني: فإن الإذن لایقتصر علی للفظ، بل یتحقق بالکتابة والإشارة والفعل أیضاً (21/ 151). وبصورة عامة، فإن إعلان الإذن ممکن بثلاثة سبل: اللفظ والفعل والسکوت:

ألف- إن مایستخدم عادة في الأعمال القانونیة – و منها الإذن – للإعلام بقصد الإنشاء هو اللفظ.واللفظ حتی لو دلّ علی الرضا الباطني بشکل ضمني، کاف لتحقق الإذن. بینما في حالة مَن لایستطیع التکلم، فإن إشارته تقوم مقام اللفظ عرفاً (میرفتاح، عنوان «في سببیة الإشارة»). واستناداً إلی المادة 192 من القانون المدني فإنه «في الحالات التي لایکون فیها التلفظ ممکناً للطرفین، أو لأحدهما، فإن الإشارة التي تبین القصد و الرضا ستکون کافیة». کما أن الکتابة – شأنها شأن اللفظ – یمکن أن تبین المراد بشکل صریح. ولهذا یمکن منح الإذن للغیر عن طریق الکتابة مع وجود القدرة علی التکلم (إمامي، 1/ 182-183).

ب- والفعل أیضاً – کما هو اللفظ – یمکن أن یستخدم لإعلام القصد. والمتعارف لدی المسلمین کان علی الدوام بدنه في إیقاعات مثل الإذن والإجازة والأخذ بالشفعة والفسخ، یمکن للأفعال – کما هو الحال في الألفاظ – أن تکون وسیلة لإبراز قصد الإنشاء. وعلی هذا یمکن للآذن أن یأذن لغیره بواسطة فعل ینمّ عن‌الرضا (میرفتاح، ن.ص).

ج- السکوت بحد ذاته لایدل علی شيء ولایمکن اعتباره کاشفاً عن شةء (الزنجاني، 242-243؛ العلامة الحلي، مختلف، 3/ 90)؛ ولهذا، وکما أعلن بعض فقهاء الإمامیة والشافعیة، فإنه في الحالة التي یقدم فیها الصبي بحضور ولیّه علی إنجاز معاملة، ویسکت الولي، فإن سکوته لایعدّ إذنهاً بإنجاز المعاملة (م.ن، تحریر ...، 20؛ الزنجاني، ن.ص؛ الشربیني، 2/ 100)، رغم أن فقهاء الحنفیة اعتبروا هذا السکوت إذناً (علاءالدین السمرقندي، 3/ 286؛ الزنجاني، 243). وعدم دلالة السکوت علی الإذن مبیَّن أحیاناً في قاعدة: لاینسب لساکتٍ قولٌ (ابن نجیم، 154). وفي المصادر الفقهیة لأهل السنة ذکرت کثیر من الحالات بوصفها استثناءً اعتبر فیها السکوت إذناً (علاءالدین السمرقندي، 3/ 286 ومابعدها؛ ابن نجیم، 154-156).

 

بطلان الإذن وارتفاعه

إذاکان الإذن منذ البدء فاقداً للأرکان التي مرّ ذکرها فإنه من حیث المبدأ عدیم الأثر ومحکوم ببطلانه. بینما لو تحقق الإذن بوجود الأرکان اللازمة، لکن آثاره لم‌تستمر لأسبابٍ ماف ارتفع الإذن.وبطلان الإذن وارتفاعه مطورحان في إذن الأشخاص، ولایصدق ارتفاعه علی الإذن القانوني (الشرعي) (ظ: الموسوعة الفقهیة، 2/ 392).

 

مصادیق لبطلان الإذن

إذن الصغیر غیر الممیز، أو المجنون، باطل بسبب عدم الأهلیة، لکن إذن السفیه والصغیر الممیز نافذ في الأمور التي فیها نفع محض لهما، أو في الحالة التي یکونان فیها مأذونین من قبل الولي، أو القیِّم. وإذن من مُنع من التصرف في أمواله وحقوقه المالیة بسبب الإفلاس، باطل في الأمور المذکورة فحسب. فإذا کان الإذن منذ البدء قد منح بشکل معلَّق، أو مشروط، فإنه یکون فاعلاً في الحالة التي یتحقق فیها المعلَّق علیه، أو شرطه، وإلا کان ذلک کاشفاً عن أن الإذن کان باطلاً منذ البدایة. فمثلاً استناداً إلی المعاییر الفقهیة (الشیخ الطوسي، 459؛ المحقق الحلي، المختصر ...، 176؛ صاحب الجواهر، 29/ 361) والقانونیة (ظ: قانون مدني، المادة 1049)، فإن الزوج لایستطیع بدون إذن زوجته أن یتزوج من ابنة أخیها، أو ابنة أختها. بینما إذا منحت المرأة هذا الإذن بشرط أن یدفع لها الزوج بعد الزواج مالاً، لکن الزوج امتنع بعد الزواج عن إعطاء المال، ینکشف أن الإذن باطل منذ البدایة، حتی لو کان الزوج عند قبوله الشرط عازماً علی العمل به (المامقاني، 359؛ الطباطبائي، العروة، 2/ 830).

 

مصادیق من ارتفاع الإذن

1. الرجوع عن الإذن: یمکن للآذن أن یرجع متی ماشاء عن إذنه. وقد صرح القانون المدني في عدة مواضع بإمکانیة الرجوع عن الإذن؛ وتقرر المادة 108 منه بشکل قاعدة عامة: «في جمیع الحالات التي یکون فیها انتفاع شخص بملک شخص آخر بموجب إذن محض، یمکن للمالک أن یرجع عن إذنه متی شاء، إلا أن یکون هناک مانع قانوني». کما صرح هذا القانون في حالات خاصة مثل الإذن بالارتفاق (المادة 98) وإذنه. ویمکن للرجوع عن الإذن أن یتخذ شکلاً ضمنیاً فینجز الاذن عملاً مثلاً یتنافی مع الإذن السابق. وفي هذه الحالة، فإنه استناداً إلی القرائن والشواهد یُعدّ عمله رجوعا ضمنیاً عن الإذن، کما لومنح أحد إذناً لآخر ببیع داره، لکنه و قبل إقدام المأذون علی ذلک، منحها لابنه.

وفي بعض الحالات یکون الإذن لازماً لایستطیع الآذن الرجوع عن إذنه. وهذه الحالات هي: ألف- وجود مانع قانوني: عندما یکون الرجوع عن الإذن ممنوعاً من الناحیة القانونیة، لایستطیع الآذن أن یرجع عن إذنه (قانون مدني، المادة 108؛ أیضاً ظ: صاحب الجواهر، 27/ 178-179؛ المامقاني، 28)؛ ب- شرط الإذن، أو عدم الرجوع في ضمن العقد اللازم. وفقاً للمادة 120 من القانون المدني، فإنه في حالة کون الآذن «بشکل ملزم» قد سلب نفسه حق الرجوع، لایمکنه الرجوع عن إذنه. وحق الرجوع یمکن أن یسلب من الآذن في حالتین: إحداهما أن یشترط الإذن ضمن عقد لازم، والأخری أنی کون عدم الرجوع عن الإذن شرطاً ضمن العقد اللازم. ویمکن تضمین العقد اللازم الإذن وعدم الرجوع بشکل «شرط فعل»، أو «شرط نتیجة». وصیرورة الإذن لازماً تبعاً للشرط الموجود ضمن العقد اللازم علی أساس وحدة الملاک بین الإذن والوکالة، یمکن استنباطه من المادة 679 من القانون المدني، فاستناداً إلی هذه المادة: «یمکن للموکِّل دن یعزل الوکیل، متی ماشاء، إلا أن تکون وکالة الوکیل، أو عدم العزل قد اشترطت ضمن عقد لازم».

والشرط ضمن العقد الجائز – خلافاً لما هو في العقد اللازم – لایلزم فیه الإذن. لکن في حالة بقاء العقد الجائز لایستطیع الاذن الرجوع عن إذنه، بل یستطیع العدول عن إذنه بإلغاء العقد الجائز فحسب (إمامي، 2/ 233).

2. انتفاء موضوع الإذن، في حالة زوال موضوع الإذن، فإن الإذن ینتفي؛ فمثلاً لو أن شخصاً أذن لغیره أن یضمن دَینه، لکن الدائن أبرأ ذمة المدین قبل الضمان، فإن الإذن ینتفي عندها. ومتی ما امتنع التصرف في موضوع الإذن بشکل موقت، فلایرتفع الإذن، فمثلاً إذا أذن شخص لشریکه بالتصرف في المال المشترک ولکن ذلک المال تم حجزه بواسطة جهات قانونیة لسببٍ ما، فإن الشریک المأذون له یستطیع التصرف في ذلک المال بعد رفع الحجز.

3. انقضاء مهلة الإذن: إذا منح الإذن لمدة معینة، ارتفع بنهایة المدة. وإن تعیین مدةٍ للإذن – بزبیعة الحال – لایجعله لازماً ویمکن للآذن أن یرجع عنه متی شاء (ظ: قانون مدني، المادة 588).

4. وفاة الآذن، أو حجره: یفقد الآذن شخصیته القانونیة في حالة الوفاة، أو إذا أصیب بالجنون، أو السفه في الحالات التي یُعتد فیها بالرشد، وتبعاً لذلک یرفتع الإذن (فتوحي، 1/ 442؛ ابن عابدین، 1/ 327؛ الموسوعة الفقهیة، 2/ 393). واعتبرت المادة 588 من القانون المدني وفاةَ أحد الشرکاء، أو حجره، مدعاة لانتفاء الإذن.

 

أحکام الإذن وآثاره العامة

لاتختص بعض أحکام الإذن وآثاره بعمل قانوني خاص، و تسري في شتی أبواب المعاملات بشکل قاعدة عامة. وتبحث هذه الأحکام و الآثار تحت عناوین:

 

الإذن بالمعاملة

العقد الذي یتم بدون إذن الغیر، أو بدون وجود صفة نیابة عن طرف آخر – سواء أکان وکالة، أم ولایة، أم وصایة – عقد فضولي، وتنفیذه رهن بالإجازة (قانون مدني، المادة 248)؛ بینما العقد الذي یتم بإذن من آخر فلیس من مصادیق العقد الفضولي (الأنصاري، 124، 136؛ الخمیني، البیع، 3/ 101)، بل هو صحیح و نافذ (المقدس الأردبیلي، 8/ 160؛ الطباطبائي، سؤال و جواب، 301؛ النائیني، 1/ 209). بینما هناک خلاف في سریان الإذن في الحالة التي یتم فیها العقد علی أساس الرضا الباطني للآخر و بدون وجود إذن، أو صفة نیابة. فقد رجَّح البعض صحة العقد وعدم کونه فضولیاً (الأنصاري، 124)، لکن الرأي المشهور للفقهاء و هو أن سریان عقد کهذا رهن بالإجازة، ومالم‌یتحقق الرضا الباطني عن طریق الإعلام و الإبراز، فهو غیر کافٍ لسریان العقد وإخراجه من حالة الفضولي (النائیني، 1/ 209 ومابعدها؛ الخمیني، تحریر...، 2/ 258). وفي المادة 247 یقرر القانون المدني تبعاً للرأي المشهور: إن المعاملة بمال الغیر، عدا حالة الولایة، أو الوصایة، أو الوکالة، غیر نافذة، وإن کان صاحب المال راضیاً باطنیاً.

 

التصرف بدون إذن

إن منع «الاستیلاء علی حقوق الآخرین» بدون إذن، هو حکم آخر من الأحکام العامة للإذن. وهذا الحکم موضع اتفاق بین الفقهاء، واعتبروه أحیاناً إحدی الضروریات غیر القابلة للإنکار (الغروي، 5/ 378). وتدل روایات عدیدة أیضاً علی هذا الأمر (الحر العاملي، 3/ 424-425، مخـ). واستناداً إلی المادة 96 من المجلة (القانون المدني العثماني) فإنه «لایجوز لأحد أن یتصرف في ملک شخص آخر من دون إذنه». والإذن هنا یشمل الإذن الملکي والشرعي؛ ولذا فإنه في الحالات التي یتم فیها التصرف في حق الآخرین بإذن من الشارع – رغم أن المالک لم‌یمنح الإذن بالتصرف – لایعتبر ذلک من حالات التصرف اللامشروع، کما هو الحال في اللقطة، حیث یتمکن الذي عثر علیها – ضمن شروط معینة – من التصرف فیها بإذن من المشرِّع (قانون مدني، المادة 163). والتصرف اللامشروع و الذي بدون إذن هو أعم من الغصب، ویشتمل عل بعض الحالات التي لایصدق علیها عنوان الغصب: مثلاً الشخص الذي تصرف في مال شخص آخر بإذن المالک، أو المشرِّع، لو امتنع عن رد المال إلی المالک بعد انقضاء المدة، أو أنکر وجود المال لدیه، یعتبر استیلاؤه علی المال بعد ذلک أمراً غیر مشروع (ن.م، المادة 310، أیضاً 616، 631). والحالة الأخری هي التصرف في المال المشترک بدون إذن بقیة الشرکاء. فبموجب المادة 582 من القانون المدني فإن «الشریک الذي یتصرف بأموال الشرکة بدون إذن أو خارج حدود الإذن، ضامن» (أیضاً ظ: «القانون المدني الفرنسي»، المادة 662؛ السنهوري، 8/ 993-994، نقلاً عن القوانین المدنیة المصریة والسوریة والعراقیة و...).

ومهما یکن، فإن آثار و أحکام التصرف بدون إذن، ومنها ردّ عین المال في حالة بقائه ورد العین مع الأرش في حالة نقصه و دفع البدل، أو القیمة في حالة التلف، وردت بشکل تفصیلي في القانون المدني الإیراني (المادة 311 ومابعدها)، والمصادر القانونیة (عبده، 178 ومابعدها؛ إمامي، 1/ 361 ومابعدها؛ کاتوزیان، ضمان...، 272 ومابعدها)، والفقهیة (فخرالمحققین، 2/ 166 ومابعدها؛ ابن قدامة، 5/ 376 ومابعدها؛ الماوردي، 7/ 137 ومابعدها).

وإن أحد آثار الأذن مما تحوّل إلی قاعدة یستند إلیها في المصادر الفقهیة والقانونیة، القاعدة القائلة: «الإذن في الشيء إذن في لوازمه». وقد استخدم بعض الفقهاء کلمة توابع بدلاً من لوازم (الشهید الثاني، 5/ 144؛ للاطلاع علی مصادیق هذه القاعدة، ظ: الشهید الأول، 1/ 230؛ المحقق الکرکي، 7/ 125؛ صاحب الجواهر، 27/ 257-258؛ البجنوردي، 6/ 22).

 

دور الإذن في رفع الضمان

من البحوث التي یتم تناولها في باب الإذن هو، تری هل أن الإذن بإمکانه من تلقاء نفسه أن یرفع الضمان؟ یری الفقهاء الإمامیة أن أثر الإذن سواء أکان شرعیاً، أم ملکیاً، هو الإباحة فحسب؛ ومطلق الإباحة لاینفي الضمان، بل إن الإباحة المجانیة هي لوحدها التي ترفع الضمان (الطباطبائي، حاشیة ...، 39؛ میرفتاح، عنوان «في القبض»). وکما في المقبوض بالسوم الذي هو من حالات إذن الملکیة، حیث لایکون إذن البائع للمشتري في تفحص السلعة قبل شرائها دلیلاً علی عدم ضمان الشخص المتِلف للسلعة لها، إذا ماتلفت خلال التفحص، بل یجب أن یُمیَّز بین إباحة التصرف التي تنجم عن الإذن وبین نفي الضمان عن المأذون له (ظ: محقق داماد، 103). وقد میّز الفقهاء المالکیة في هذه المسألة بین الإذن الشرعي وإذن الملکیة، فقد ارتأوا في الإذن الشرعي – شأنهم شأن الفقهاء الإمامیة – الإباحة مع الضمان، لکنهم في إذن الملکیة یرون أن هذا الإذن، لیس موجباً للضمان من قبل المأذون له. وقد خصص القرافي الفرقش الثاني والثلاثین من کتاب الفروق لهذا الأمر (1/ 195). واستناداً إلی رأي الفقهاء الإمامیة فإن الإذن وإن کان في ذاته لیس نافیاً للضمان، لکن في الحالة التي یُعد فیها موضوع الإذن – مع الأخذ بنظر الاعتبار القرائن و الشواهد – من مصادیق الأمانة الملکیة، أو الشرعیة، ویتلف من غیر تعدٍّ، أو تفریط، لن‌یکون المأذون له ضامناً (المحقق الکرکي، 6/ 7-8؛ صاحب الجواهر، 38/ 233، 372، 374).

 

تعدّي حدود الإذن

الإذن یمکن أن یکون مطلقاً، أو مقیداً، سواء أنشئ ضمن العقود، أو بشکل مستقل. وفي الإذن المطلق یکون المأذون له حراً في کیفیة التصرف، بینما لایحق للمأذون له الإذن المقید بالتصرف خارج حدود الإذن، حتی وإن کان تصرفاً کهذا متعارفاً علیه (المحقق الحلي، شرائع ...، 2/ 106-107؛ المامقاني، 286)؛ بینما في حالة کون الإذن غیر مقید بأمر ما، ینبغي للمأذون له أن یتصرف في الحق، أو المال المأذون فیه بالحد المتعارف، ولیس أکثر من ذلک. وقد سمی القانون المدني في إیران «تخطي حدود الإذن، أو المتعارف» تعدیاً (المادة 951)، واعتبر التعدي والتفریط بالنسبة للإذن، مدعاة لزوال صفة الأمانة وتبدیل الید المؤمَّن لدیها بالید الضامنة. کما أن المادة 582 من القانون المذکور تنصّ علی أن «الشریک الذي یتصرف في أموال الشرکة بدون إذن، أو خارج حدود الإذن، ضامن». وکما یعتبر هذا القانون في المواضع الأخری التي عُدَّ فیها الشخص أمیناً مثل المستودع (المادة 614) والمستعیر (المادة 641) والوکیل (المادة 667) والمرتهن (المادة 789) والقیَّم، أو الولي تجاه أموال الصغیر، أو المولّی علیه (المادة 631)، تخطي حدود إلاذن مدعاة لزوال صفة الأمانة وموجباً للضمان.

وبغض النظر عن الأحکام والآثار العامة التي ذکرت آنفاً، فإن للإذن في کل واحد من العقود أیضاً أحکاماً وآثاراً خاصة به، نشیر إلی بعضها: منع تأسیس بناء، أو تعمیر عین المستأجرة بدون إذن المالک (قانون مدني، المادتان 502، 503)؛ منع تصرف الراهن في العین المرهونة بدون إذن المرتهن (ن.م، المادة 793؛ أیضاً ظ: ابن حمزة، 266؛ صاحب الجواهر، 25/ 195 ومابعدها)؛ انعدام أثر القبض في الهبة بدون إذن الواهب (قانون‌مدني، المادة 798؛ أیضاً ظ: صاحب الجواهر، 28/ 172)؛ منع نکاح البکر بدون إذن الولي (قانون‌مدني، المادة 1043؛ أیضاً ظ: المحقق الحلي، ن.م، 2/ 276 ومابعده)؛ سریان مفعول أعمال الوکیل بعد استقالته إلی زمان بقاء إذن الموکِّل (قانون مدني، المادة 681).

 

المصادر

ابن‌إدریس،محمد، السرائر، قم، 1410هـ؛ ابن حمزة، محمد، الوسیلة، قم، 1408هـ؛ ابن عابدین، محمدأمین، مجموعة الرسائل، بیروت، دارإحیاء التراث العربي؛ ابن قدامة، عبدالله، المغني، بیروت، 1403هـ؛ ابن قیم الجوزیة، محمد، الطرق الحکمیة، القاهرة، 1380هـ/ 1961م؛ ابن مودود، عبدالله، الاختبار، القاهرة، مطبعة مصطفی البابي؛ ابن نجیم، زین‌الدین، الأشباه والنظائر، تقـ: عبدالعزیز محمد الوکیل، القاهرة، 1387هـ؛ ابن همام،محمد، فتح القدیر، بیروت، 1406هـ/ 1986م؛ أبوإسحاق الشیرازي، إبراهیم، التنبیه، بیروت، عالم الکتب؛ الأصفهاني، محمدحسین، حاشیة المکاسب، قم، 1408هـ؛ إمامي،حسن، حقوق مدني، طهران، 1363ش؛ الأنصاري، مرتضی، المکاسب، تبریز، 1375هـ؛ الباز، سلیم رستم، شرح المجلة، إستانبول، 1305هت؛ البجنوردي، حسن، القواعد الفقهیة، قم، 1410هـ؛ البحراني، یوسف، الحدائق الناضرة، بیروت، 1405هـ؛ الجرجاني، علي، التعریقات، القاهرة 1357هـ؛ الجوهري، إسماعیل، الصحاح، بیروت، 1404هـ؛ الحر العاملي، محمدحسن، وسائل الشیعة، بیروت، 1391هـ؛ حیدر، علي، درر الحکام، تجـ: فهمي الحسیني، بیروت/ بغداد، مکتبة النهضة؛ الخمیني، روح‌الله، البیع، قم، 1363هـ؛ م.ن، تحریر الوسیلة، النجف، 1390هـ؛ الخوانساري، أحمد، جامع المدارک، طهران، 1405هـ؛ الراغب الأصفهاني، الحسین، المفردات، تقـ: محمد سیدکیلاني، بیروت، دارالمعرفة؛ الرشتي، حبیب الله، الإجارة، طبعة حجریة، طهران؛ الزنجاني، محمود، تخریج الفروع علی الأصول، تقـ: محمد أدیب صالح، دمشق، مؤسسة الرسالة؛ السنهوري، عبدالرزاق، الوسیط، بیروت، دار إحیاء التراث العربي؛ الشربیني، محمد، مغني المحتاج، القاهرة، 1374هـ/ 1955م؛ الشهید الأول، محمد، القواعد والفوائد، تقـ: عبدالهادي الحکیم، قم، مکتبة المفید؛ الشهید الثاني، زین‌الدین، الروضة البهیة، طهران، 1384هـ؛ شهیدي،مهدي، سقوط تعهدات، طهران، 1368ش؛ الشیخ الطوسي، محمد، النهایة، بیروت، دارالکتاب العربي؛ صاحب الجواهر، محمدحسن، جواهر الکلام، طهران، 1392هـ؛ الطباطبائي، محمدکاظم، حاشیة المکاسب، قم، 1378هـ؛ م.ن، سؤال و جواب، النجف، 1340هـ؛ م.ن، العروة الوثقی، طهران، کتابخانۀ إسلامیة؛ عبده بروجردي، محمد، کلیات حقوق إسلامي، طهران، 1339هـ؛ علاءالدین السمرقندي، تحفة‌الفقهاء، بیروت، دارالکتب العلمیة؛ العلامة الحلي، الحسن، تحریر الأحکام، قم، مؤسسة آل البیت؛ م.ن، مختلف الشیعة، طهران، 1323هـ؛ الغروي التبریزي، علي، التنقیح، تقریرات آیة الله الخوئي، قم، 1410هـ؛ الفتاوی الهندیة، بیروت، 1406هـ/ 1986م؛ فتوحي، محمد، منتهی الإرادات، تقـ: عبدالغني عبدالخالق، بیروت، عالم الکتب؛ فخرالمحققین، محمد، إیضاح الفوائد، قم، 1388هـ؛ الفیومي، أحمد، المصباح المنیر، القاهرة، 1912م؛ القاموس؛ قانون مدني؛ القرآن الکریم؛ القرافي، أحمد، الفروق، بیروت، دارالمعرفة؛ کاتوزیان، ناصر، إیقاع، طهران، 1370ش؛ م.ن، ضمان قهري – مسؤولیت مدني، طهران، 1362ش؛ الکاساني، أبوبکر، بدائع الصنائع، بیروت، 1406هـ/ 1986م؛ المامقاني، عبدالله، مناهج المتقین، النجف، 1344هـ؛ الماوردي، علي، الحاوي الکبیر، بیروت، 1404هـ/ 1994م؛ المجلة (القانون المدني العثماني)؛ المحقق الحلي، جعفر، شرائع الإسلام، النجف، 1389هـ؛ م.ن، المختصر النافع، القاهرة، دارالکتاب العربي؛ محقق داماد، مصطفی، قواعد فقه، طهران، 1374ش؛ المحقق الکرکي، علی، جامع المقاصد، قم، 1408هـ؛ المقدس الأردبیلي، أحمد، مجمع‌الفائدة والبرهان، قم، 1412هـ؛ موسوعة الفقه الإسلامي، القاهرة، المجلس الأعلی للشؤون الإسلامیة؛ الموسوعة الفقهیة، الکویت، 1402هـ/ 1982م؛ میرفتاح، عناوین الأصول، ط حجریة، إیران؛ النائیني، محمدحسین، منیة الطالب، تحریر موسی الخوانساري، قم، 1373هـ؛ النراقي، أحمد، عوائد الأیام، قم، 1408هـ؛ وأیضاً:

Code civil.

مصطفی محقق داماد/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: