الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفلسفة / أرباب الأنواع /

فهرس الموضوعات

أرباب الأنواع

أرباب الأنواع

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1443/3/3 ۱۷:۱۰:۵۴ تاریخ تألیف المقالة

أَرْبابُ الْأَنْواع، جمع ربّ النوع، مصطلح استخدم في البحوث ذات العلاقة بتاریخ الأدیان و المذاهب، وکذلک في کتابات الفلاسفة.سندرس هنا الاستخدام الفلسفي لهذا المصطلح.

فمن بین الفلاسفة الإسلامیین کان السهروردي أول من استخدم بشکل واضح مصطلح أرباب الأنواع و رب النوع (ظ: 1/ 453، 460، 463)، واعتبره مرادفاً للمُثُل الأفلاطونیة، والطباع التامة للهرمسیین، والملائکة الحافظین و المدبِّرین في مذهب مزدیسنا (أمشاسپندان). ومع أخذ هذا الأمر بنظر الاعتبار، ومن خلال طرح کلام السهروردي بهذا الشأن، فسیتم أیضاً عرض موجز لتاریخ هذا البحث.

فکما هو معروف فإن نظریة المُثُل – علی حد تعبیر الفلاسفة الإسلامیین – کانت المحور الرئیس لآراء أفلاطون، ففي مواضع مختلفة من آثاره نمّی أفلاطون هذه النظریة ووسعها. وترتبط هذه النظریة بمسألة المعرفة من جهة، ومن جهة أخری بفکرة قدم النفوس في مصطلح الحکماء الإسلامیین. فالمثال لدی أفلاطون شامل للمفاهیم الکلیة والذات والصورة والجوهر، وتوجد الأشیاء وتعرف من خلال استخدامها للمثل.

ومن وجهة نظر هذا الفیلسوف فإن متعلق المعرفة الحقیقیة ینبغي أن یکون ثابتاً، أي معقولاً ولیس محسوساً (کاپلستون، I(1)/ 188)؛ وعلی هذا، فالمعرفة الحقیقیة هي فقط معرفة المثل دائمة الوجود والثابتة، والتي یمکن أن تتم معرفة الأشیاء في ضوء مثلها. و من جهة أخری، فإن المثل لاتشکل أساس معرفة الأشیاء فحسب، وإنما هي أساس وجودها أیضاً، وتسنفید الأشیاء المحسوسة من المثل بنسب مختلفة وتکتسب واقعیة. فالمثل «هي مجموعة ذوات لها صور غیرمتحرکة؛ لیست عرضة للکون والفساد؛ غیر مشوبة بأي أمر خارجي؛ لاتتحول إلی أمر آخر؛ لاتُری بالعین ولا بأي حس آخر؛ بل تدرک بالعقل فقط» (کوربن، فلسفۀ إیراني...، 34).

وقد طرح المفکرون الإسلامیون نظریة المثل بتعابیرهم الخاصة والتي تختلف أحیاناً عن کلام أفلاطون. ویر هؤلاء المفکرون أن أفلاطون کان یعتقد أن کل نوع من الأنواع الجمسانیة المحسوسة له مثال في عالم العقل، وهو صورة بسیطة نورانیة قائمة بذاتها لیست في مکان. ومن وجهة نظر البحث العلمي، فإن هذه الصور النورانیة هي نفسه الحقائق، ذلک أنها من حیث کونها مجردة، إنما هي بمنزلة أرواح الصور النوعیة الجسمانیة. بینما الصور النوعیة الجسمانیة من حیث کونها مادیة هي بمثابة أصنام وظلال لها. و هذه الصور النورانیة هي التي تدعی المثل (قطب‌الدین، 251).

وقبل السهروردي، بحث فلاسفة آخرون من أمثال الفارابي وابن‌سینا في نظریة المثل و تحدثوا عنها بتعابیر شتی: یری الفارابي – متأثراً بمدرسة الإسکندریة – أن المثل هي صور علمیة قائمة بذات الله (ظ: صدرالدین، الشواهد...، 156) ویقول إن أفلاطون یشیر في کثیر من کلامه إلی أن للموجودات صوراً مجردة في العالم الإلهي، ویسمیها أحیاناً المثل الإلهیة، المثل التي لاتفنی ولایطالها الزوال. وإن مایطاله الزوال والفناء هو الموجودات [عالم الکون والفساد] (الفارابي، 105). ویقرّ الفارابي للمثل، ثلاثة أشکال من الوجود: الأول وجودها بالقوة في الأشیاء المحسوسة؛ الثاني الوجود الذي لها في أذهاننا؛ الثالث وجودها الخاص في [علم] الله، أو في العقل الفعال. وعلی هذا فهو یسعی – بقوله بالوجودات الثلاثة للمثل – إلی أن یأخذ بعین الاعتبار مقتضیات الفلسفة الأرسطیة فضلاً عن موافقته علی أصالة المعنی الأفلاطوني (ظ: مدکور، 13). واختلاف رأي أفلاطون عن کلام الفارابي یکمن في أن المثل بحسب رأي أفلاطون قائمة بذواتها ولیست بذات الله (ظ: صدرالدین، ن.م، 157). وفهم الفارابي للمثل هو تعبیر آخر عن کلام الأفلاطونیین المحدثین الذین کانوا یعتقدون أن المثل هي أفکار الله (کاپلستون، I(1)/ 215)؛ أو رأي آلبینوس (ح القرن 2م) الذي کان یعد المثل الأفلاطونیة علمَ الله الخالد (م.ن، I(2)/ 199). ومن جهة أخری، فقد کتب الفارابي في کتابه الجمع بین رأیي الحکیمین وخلال بحثه المثل الأفلاطونیة: یثبت أرسطو في کتابه أثولوجیا (وجودَ] الصور الروحانیة ویقول إن تلک الصور موجودة في عالم الربوبیة (ن.ص). وبذلک، یتضح أن وجود المثل في «عالم الربوبیة» هو تعبیر أفلاطوني حدیث، وقد طُرح في کتاب أثولوجیا (ن.ع) الذي هو کتاب أفلاطوني حدیث.

وینتقد ابن‌سینا أیضاً في قسم الإلهیات من الشفاء نظریة أفلاطون والأفلاطونیین في المثل (ص 310-324)، وکما یقول صدرالدین الشیرازي فإنه یعبّر عن المثل بـ «الماهیات لابشرط» (ن.م، 156). وعدّ ابن‌سینا بشکل صریح وجود المثل الأفلاطونیة أمراً مرفوضاً وقدّم برهانین علی امتناع وجودها (ظ: الآشتیاني، 187؛ المطهري، 1/ 366-371).

وقد طرحت أفکار أفلاطون في کتابات السهروردي بشکل خاص. فالسهروردي یعتقد أن لکل نوع من الأشیاء في العالم المحسوس، ربّ نوع في العالم المعنوي وحیّز النور ویقول إن مبدأ جمیع هذه الطلسمات هو النور القاهر الذي هو صاحب الطللسم و نوع القائم النوري. وإن الأنواع النوریة القاهرة متقدمة عقلاً علی أشخاصها، ویقتضي الإمکان الأشرف، وجودَ هذه الأنواع النوریة المجردة (2/ 143). والمقصود بـ «الطلسمات» الواردة في هذه العبارة هو المحسوسات، والمقصود بـ «صاحب الطلسم»، أو «النوع القائم النوري»، أو «الأنواع النوریة المجردة» هو رب النوع، أو المثال الأفلاطوني الذي تقتضي وجوده – کما یقول السهروردي – قاعدة الإمکان الأشرف.

ویمیط شیخ الإشراق في التلویحات، اللثام عن هذه التعابیر و یقول بصراحة: یعتقد کثیر من المتقدمین أن کل واحد من الأنواع الجسمانیة له مثال وصورة غیر قائمة بالمادة، بل هي جوهر عقلي یتطابق والمعنی المعقول للحقائق. وقد لجأوا حیناً [لإثبات وجود هذه الصور والجواهر المعقولة] إلی قاعدة الإمکان الأشرف وقالوا إن هذه الأنواع الجسمانیة هي أصنام و رشم منها وظلال لتلک [الصور و الجواهر المعقولة] و هي الحقائق الأصلیة لتلک الجواهر العقلیة، أي المثل الأفلاطونیة نفسها (السهروردي، 1/ 68). ورب‌النوع لکل شيء هو علی الدوام ذاته ولایتغیر. وهو مدیر و مدبر النوع و حافظ خصائصه الذاتیة؛ و من هنا ینشأ البُرّ من البُرّ (م.ن، 2/ 143).

وبعد تبیانه أن السهروردي یسمي الأنواع الموجودة في العالم المحسوس والتي تستفید من المثل، أو أرباب الأنواع، الأصنام والطلسمات، یقول الحکیم السبزواري في أسرار الحکم: یقول الإشراقیون إن نسبة الأرباب إلی الأرباب هي مثل نسبة الأصنام إلی الأصنام؛ إذن فإذا کان الصنم ونموذج الإنسان الجبروتي جامعاً لکل الفعلیات و الأصنام، فإن رب النوع ومربیه أیضاً جامع لفعلیات تلک الأنواع (ص 315). وواضح أن رب النوع، أو المربي، استخدم في هذه العبارة بدل المثال، وإن هذه التسمیة، إنما هي بحسب انتفاع الأنواع الجسمانیة واستقائها النور من رب النوع وعنایته و تدبیره لها.

ومن وجهة نظر السهروردي – و کما أسلفنا – فإن کل نوع من أنواع المحسوسات له جوهر مجرد و نوراني و قائم بذاته هو مدیر و مدبّر و حافظ ومشرف علی أحوال ذلک النوع و بعبارة موجزة، یُعدّ کلیة ذلک النوع، وکلیته تعني تساوي نسبته مع کل واحد من أفراده واستمرار فیضه علیهم. وکان ذلک الجوهر المجرد هو أصل جمیع الأفراد، والأفراد فروع ذلک الأصل. ویحدث أحیاناً أن یسمی رب نوع کل نوع باسم ذلک النوع، فیدعی کلي ذلک الشيء. لکن ینبغي الانتباه إلی أن المقصود بالکلي هنا هو السعة الوجودیة و شمولیتها و سریانها و إحاطتها. وبعبارة أخری فالمراد بالکلیة هنا لیس مفهوم الکلیة بمعناه المنطقي، بل هو الذات الروحانیة التي یکون النوع الجسماني بمثابة ظلها وصنمها؛ والنسب الجسمانیة في النوع الجسماني هي بمثابة ظلال للنسب الروحانیة (1/ 463).وإن کلام المتقدمین الذین قالوا بوجود إنسان کلي في عالم العقل، أي بوجود نور قاهر في عالم العقل له أنوار مختلفة تتناسب [وأصنام هذاالعالم]، وظلاله [النور القاهر] في العالم المادي هي الصورة [المحسوسة] للإنسان. وبطبیعةالحال، فإن ذلک النور القاهر، کلي، لکن لیس بمعنی أن یکون محمولاً علی کثیرین، بل بمعنی أن نسبة فیضه علی الأفراد هو بشکل متساوٍ. ولیس القصد من هذا الکلي أن لایکون نفس التصور یعني المنع من الاشتراک [بین الکثیرین]،ذلک أن [المتقدمین] أنفسهم یقرون بأن [ذلک النور القاهر] ذاتي وبارز و واع. وعلی‌هذا، فکیف یمکن أن یکون معنیً عاماً وکلیاً. وفي الأفلاک أیضاً حین یسمون کرة کلیة وأخری جزئیة، فالمقصود هو هذا ولایولی اهتمام للمعنی الکلي، کما هو مصطلح علیه في المنطق (م.ن، 2/ 160-161).

ومن جهة أخری، فقد استعان شیخ الإشراق في إیضاحه کیفیة صدور الکثرة عن الوحدة وکیفیة ظهور العقول، بنظریة المثل الأفلاطونیة ومزجها بنظریة الأفلاطونیین المحدثین. فبحسب رأیه فإن الأنوار المجردة الصادرة عن نور الأنوار هي علی مجموعتین: الأولی الأنوار القاهرة، أو العقول، والأخری الأنوار المدبرة، أو النفوس، و الأنوار القاهرة، أو العقول هي بدورها علی صفین: صفوف طولیة توجد فیما بینها علاقة علة ومعلول وتقدم وتأخر ذاتي، وتدعی القواهر الأعلین؛ وصفوف عرضیة لاتوجد بینها هذه العلاقة وتدعی الأنوار القاهرة الصوریة، أو الأنوار المتکافئة، أو العقول المتکافئة، أو القواهر الأذنین. والعقول العرضیة، أو الأنوار القاهرة الصوریة هي تلک التي یسمیها السهروردي أرباب الأصنام، أو أرباب الأنواع (ظ: 2/ 144-147، والهوامش، أیضاً 1/ 453).

ولما کانت أرباب الأنواع بحسب رأي شیخ الإشراق، موجودة ضمن نطاق عالم النور، وعالم النور شبیه جداً بالعالم المعنوي لأفلاطون والأفلاطونیین المحدثین، کما أن الصفات التي یتقبلها السهروردي لأرباب الأنواع هي نفسها خصائص المثل الأفلاطونیة، خاصة انطباعات الأفلاطونیین المحدثین عن هذا الموضوع، یمکن اعتبار أرباب الأنواع و أرباب الأصنام والعقول المتکافئة والأنوار القاهرة المتکافئة والعقول العرضیة والقواهر الأذنین – کما صرح السهروردي وشراح أفکاره مراراً – تعابیر متنوعة لنظریة المثل الأفلاطونیة؛ التعابیر التي امتزجت بالتفاسیر الأفلاطونیة الحدیثة والإسکندرانیة للمثل، وظهرت في إطار أفکار و مصطلحات دیانة مزدیسنا کما سنری.

وأسلفنا أن نظریة شیخ الاشراق في المثل، أو أرباب الأنواع لها جذور أفلاطونیة و ممتزجة بالتفاسیر الأفلاطونیة الحدیثة. ویبدو أن المصدر الرئیس للسهروردي في هذا المجال کان کتبا «أثولوجیا». فقد جری الحدیث فیه عن نظریة التذکار، ویشار إلی کلام أفلاطون في نظریة المعرفة و کیفیة استناد المعرفة إلی المثل،المثل التي تصنع بمجموعها عالم المعقول، أي العلام الذي یفیض و یشرق علی العالم المحسوس. والمحسوسات هي أصنام المعقولات، والمقصود بالصنم هو الموجود المحسوس الذي – کما یری أفلاطون – لیس سوی ظل وشبح قابل للزوال و غیرثابت (ص 69، 92، 93، 156).

وقد طرح شیخ الإشراق هذه القضایا مراراً واستخدم مصطلح «الصنم» بنفس المعنی الذي استخدم فیه في أثولوجیا.

أورد السهروردي أدلة لإثبات وجود المثل الأفلاطونیة یستند أهمها إلی قاعدة الإمکان الأشرف (2/ 143، 154-156)، ولتوضیح هذه القاعدة یقول: إعلم أنه حین یوجد الممکن الخسیس [الذي مرتبته الوجودیة أدنی]، ینبغي أن یکون الممکن الشریف [الذي مرتبته الوجودیة أعلی] موجوداً (3/ 45، أیضاً 149). وبعبارة أخری فإن وجود کل شيء هو تجلٍّ لوجود أسمی منه، وکل شيء یکون في مراتب الوجود أکثر سمواً هو علة الشيء الذي هو أدنی منه وعلی‌هذا وجود کل موجود أدنی، دالّ علی وجود موجود أسمی منه.

وفي «أثولوجیا» أیضاً ضمن کلامه علی أن نظام الوجود و کیفیة إبداع الموجودات هو عالم العقل أولاً ثم عالم الحس، و من غیرالممکن أن یظهر العالم المحسوس إلی الوجود من غیر العالم المعقول و قبله، یقول: لما أراد الفاعل الأول خلق الأشیاء، خَلَقَ العقلَ الذي هو تجلٍّ لنوره [الفاعل الأول]، ثم خلق العقل الحس الذي هو تجلٍّ لنوره [العقل]. إذن منغیر الممکن أن یوجد العالم الحسي من غیر العالم العقلي (ص 177). کما طرح السهروردي مراراً هذه البحوث في رسائله مستنداً إلی قاعدة الإمکان الأشرف (1/ 51، 434، 2/ 154، 3/ 45، 101، 149؛ قا: «أثولوجیا»،ن.ص).

وکما أشرنا آنفاً فإن الاعتقاد بأرباب الأنواع له دور کبیر في فلسفة السهروردي، فهو یفسر المثل الأفلاطونیة في ضوءالنظریة الزرادشتیة في معرفة الملائکة مستخدماً مصطلحات دین المزدیسنائیة؛ وبذلک، تتحول المثل إلی ملائکة، أو أرباب أنواع موجودة في هذا العالم. وتدمج نظریة معرفة العالم لدی الدیانة الزرادشتیة في إیران القدیمة، برمتها بالمدرسة الأفلاطونیة الحدیثة (کوربن، فلسفۀ إیراني، 34-35). ویستند هذا التفسیر إلی فکرة أنکل واحد من أنواع الموجودات یقع – بحسب الدیانة الزرداشتیة – تحت حمایة و تدبیر واحد من الأمشاسپندیة؛ وکل نوع هو مظهر مادي لأمشاسپند واحد (بهار، 120). ویقوم کل واحد من الأمشاسپندیة بحمایة جزءمن الخلق: بهمن، لحمایة الحیوانات النافعة؛ أردیبهشت، لحمایة النار؛ شهریور، لحمایة المعادن؛ إسپندارمذ، لحمایة الأرض؛ مرداد، لحمایة النباتات؛ خرداد، لحمایة الماء (پورداود، 1/ 88-95). وکمایلاحظ، فإن الاعتقاد بالذوات الملکوتیة في عالم الأنوار والتعبیر نها بالملائکة والإیمان بإدارة أمور العلام السفلي بواسطة الملائکة الأعلین المدبرین و الحافظین للعالم المادي، هو من خصائص الدیانة المزدیسنائیة، وهذا الأمر هو الذي أشار إلیه السهوردي بقوله: إن الفرس قد بالغوا – أکثر من غیرهم – في أمر أرباب الأنواع (1/ 460، أیضاً ظ: 2/ 157).

وقد عبّر السهروردي في بعض کتابته عن رب نوع الإنسان بـ «الطباع التام» (ظ: 1/ 464). وبعبارة أخری، فإن کل نوع من الموجودات له رب نوع أو ملاک خاص به، کما أن رب نوع الإنسان هو الملاک الذي یُعبر عنه بـ «الطباع التام».وهنا تجدر الإشارة إلی عدة أمور:

الأول، إن مصطلح الطباع التام هو مصطلح هرمسي (نصر، 159-165؛ کوربن،تاریخ فلسفه ...، 241؛ بدوي، 180-184).

الثاني في کتابات شیخ الإشراق و بتأثیر من الأفکار الإیرانیة والهرمسیة یقصد أحیاناً بالطباع التام الصورة الملکوتیة لکل إنسان، أو الحقیقة الملکوتیة والأنائیة السماویة لکل فرد والتي ابتعدت عنها النفس بعد الهبوط إلی العالم الجسماني. ولهذا فهي عل الدوام تبحث عن العودة إلی أصلها (نصر، 160)، ویُراد بالطباع التام حیناً آخر، الملاک الخاص بالتنوع الإنساني، أو رب النوع الإنساني الذي عُبّر عنه بالعقل الفیاض، أو العقل الفعال، أو روح القدس، أو «روان بخش» (معطي النفس)، ویُعدّ هادي النفوس الإنسانیة و مربیها (السهروردي، 1/ 459، 2/ 200-201،3/ 97، 180، 382).

الثالث، إنه قبل السهروردي، کان أبوالبرکات البغدادي (ن.ع) قدطرح هذه لافکرة أیضاً متأثراً بالأفکار الهرمسیة و عبر عن الملاک الحارس و الهادي و المدبر و المربي للنفس الإنسانیة بالطباع التام، الملاک الذي هو بمثابة المعلم والمرشد الروحاني للنفس و الذي یرشدها ویعلمها و یمنحها القوة. وتدعیماً منه لهذا الرأي یشیر أبوالبرکات إلی أن الحکماء المتقدمین أیضاً – أولئک الذین بلغوا مرتبة مشاهدة و معرفة نظام العالم الربوبي – قد أبدوا نفس الرأي، وعبروا عن الملاک الحارس والهادي و امدبر لکل نفس، أو مجموعة من النفوس بالطباع التام، کما سماها حملةُ الوحي الإلهي، ملاکاً (2/ 391). ومن جهة أخری، فإن أبا البرکات – و خلافاً للمشائین – لایری عدد العقول المجردة مقتصراً علی عشرة، ویعبّر عن العقول بالملائکة و الأرواح. وفي رأي هذا الفیلسوف فإن عالم الوجود ملآن بملائکة تدبر الأنواع وتحفظها. وعلی هذا، فکل نوع من المحسوسات – فلکیاً کان، أن عنصریاً – له ملاک، أو رب نوع یحفظ صورة ذلک النوع في المادة،و یحفظ النوع بواسطة الأشخاص، ولهذا تسمی هذه الملائکة حافظة الصور (3/ 167). وکما یلاحظ فإن أبا البرکات في تعبیره عن العقول بالملائکة واعتقاده بکثرتها وحدیثه عن الطباع التام، أي الملائکة الهادیة و المبیة للنفوس الإنسانیة التي هي رب النوع الإنساني، یتقدم علی شیخ الإشراق، وآراء من هذا القبیل طرحت بعد ذلک في آثار السهروردي بشکل أدق وأعمق (ظ: ن.د، 4/ 357). وبعد السهرودري، حظي البحث في أرباب الأنواع، أو المثل باهتمام أتباع آرائه و شرّاحها و تمّ نقدها و دراستها. واستمراراً لهذه الجهود، کان صدر المتألهین الشیرازي من فرسان هذا المیدان المجلّین، فأکد علی نظریة المثل بشدة وأصرّ علیها (المطهري، 1/ 316)؛ ففي کتابیه الأسفار (2/ 46-66) والشواهد الربوبیة (ص 154-178) وبعد نقده أدلة ابن سینا في نفي المثل، ودحض الإشکالات التي أوردها علی هذه النظریة، وطرحه نقاشات علی أسلوب استدلالات السهروردي، یوافق علی وجود المثل، أو أباب الأنواع ویسعی إلی أن یثبت علی أساس الحرکة و الإدراک و الآثار الصادرة عن الأنواع الجسمانیة، وجودَ المثل الأفلاطونیة (ن.م، 159-162).

 

المصادر

الآشتیاني، جلال‌الدین، شرح حال و آراء فلسفي ملاصدرا، طهران، 1360ش؛ ابن‌سینا، الشفاء، الإلهیات (1)، تقـ: قنواتي وسعید زاید، القاهرة، 1380هـ/ 1960م؛ أبوالبرکات البغدادي، هبة الله، المعتبر في الحکمة، حیدرآبادالدکن، 1357-1358هـ؛ «أثولوجیا»، أفلوطین عندالعرب لعبدالرحمان بدوي، الکویت، 1977م؛ بدوي، عبدالرحمان، الإنسانیة والوجودیة في الفکر العربي، القاهرة، 1947م؛ بهار، مهرداد، پژوهشي در أساطیر إیران، طهران، 1362ش؛ پورداود، إبراهیم، أدبیات مزدیسنا، بومباي، 1928م؛ السبزواري، الملاهادي، أسرار الحکم، طهران، 1380هـ؛ السهروردي، یحیی، مجموعۀ مصنفات، ج 1 و 2، تقـ: هنري کوربن، طهران، 1355ش، ج 3، تقـ: حسین نصر، طهران، 1372ش؛ صدرالدین الشیرازي، محمد، الأسفار الأربعة، بیروت، 1410هـ/ 1990م؛ م.ن، الشواهد الربوبیة، تقـ: جلال‌الدین الآشتیاني، مشهد، 1357ش؛ الفارابي، أبونصر، الجمع بین رأیي الحکیمین، تقـ: ألبی نصري نادر، بیروت، دارالمشرق؛ قطب‌الدین الشیرازي، شرح حکمة الإشراق، ط حجریة، 1315هـ؛ کوربن، هنري، تاریخ فلسفۀ إسلامي، تجـ: أسدالله مبشري، طهران، 1352ش؛ م.ن، فلسفۀ إیراني وفلسفۀ تطبیقي، تجـ: جواد طباطبائي، طهران، 1369ش؛ مدکور، إبراهیم، «نظریۀ مثل ومسألۀ معرفت در فلسفۀ إسلامي»، تجـ: إسمعیل سعادت، معارف، طهران، 1363ش، عد 1؛ المطهري، مرتضی، درسهاي إلهیات شفا، طهران، 1370ش؛ نصر، حسین، «هرمس و نوشته‌هاي هرمسي در جهان إسلامي»، مجلۀ دانشکدۀ أدبیات، طهران، 1341ش، عد 38؛ وأیضاً:

Copleston, F., A History of Philosophy, NewYork, 1962.

صمد موحد/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: