الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / الارتداد /

فهرس الموضوعات

الارتداد

الارتداد

تاریخ آخر التحدیث : 1443/3/5 ۲۰:۳۸:۲۷ تاریخ تألیف المقالة

اَلْاِرْتِداد، مصطلح فقهي یعني خروج المسلممن دین الإسلام. والارتداد في اللغة بمعنی الرجوع کما استخدم بهذا المعنی مراراً في القرآن الکریم (ظ: الراغب، 197-198؛ ابن منظور، مادة ردّ). والارتداد بمعنی الرجوع عن دین الإسلام، ورد في عدد من آیات القرآن الکریم ومنها ماورد في سورتي المائدة (5/ 54) ومحمد (ص) (47/ 25)، حیث کان موضع ذم؛ وقد طرح الموضوع بشکل وافٍ في سورةالبقرة (2/ 217)، واعتُبر جزاء المرتد في الآخرة حبط الأعمال والعذاب الخالد. وفي المصادر الروائیة – سواء کتب الحدیث السنیة، أم الشیعیة – وردت أحادیث عن أقوال النبي (ص) و أفعاله و کذلک عن بقیة أعلام‌الدین بشأن عقوبة المرتد (ظ: الحر العاملي، 18/ 544 ومابعدها؛ ابن حجر، 254-255).

ومن وجهة النظر الفقهیة، توجد ثلاثة أشکال مفترضة للارتداد: تحقق الارتداد بالنیة والعزم؛ الارتداد القولي؛ الارتداد الفعلي. کما أن «التردد في الکفر» یلحق بالشکل الأول من أشکال الارتداد (الشهید الثاني، 9/ 333-334؛ صاحب الجواهر، 41/ 600-601؛ الغمراوي، 519). ولما کان الفقهاء قد طرحوا موضوع الارتداد ضمن بحوث الحدود، فقد عدّوا إثبات هذا الجرم أیضاً مرتبطاً بإقرار المجرم، أو شهادة الشاهد (الشهید الثاني، صاحب الجواهر، ن.صص؛ الخمیني، 2/ 496؛ الجزیري، 5/ 423).

عُدّ إنکار أمر ضروري من الدین مؤدیاً إلی الارتداد، غیر إن إنکار أمر ضروري من أمور المذهب، هو موضع خلاف (الخوانساري، 820؛ صاحب الجواهر، 41/ 602). ولم‌یکن الشهید الثاني یعدّما خالف الإجماع، مصداقاً لإنکار الضرورات، إلا لمخالفة للإجماع علی مسألة تُعد من ضرورات الدین کما أن الإجماع المقصود هنا ینبغي أن یثبته أهل الحل والعقد من المسلمین (9/ 335). ومن جهة أخری، نقد صاحب الجواهر رأي مؤلف کشف اللثام الإيقال فیه إن الأمر الذي تمّ إنکاره ینبغي أن یکون من ضرورات الدین بحسب اعتقاد منکره ثم ینکره، وإلا فن یُعدّ إنکاراً، و رأی ثاحب الجواهر أن اعتقاد المنکِر لادخل له في تحقق کون الأمر من ضرورات الدین (ظ: 41/ 601).

وقد أخذت بنظر الاعتبار في الکتب الفقهیة شروط للمرد کان الهدف من ذکرها، تبیان مصداق المرتد الشرعي بحیث یؤدي فقدان أي شرط من هذه الشروط إلی انتفاء الارتداد شرعاً، وبالتالي عدم تنفیذ العقوبة الخاصة به. و في المصادر الفقهیة الشیعیة، ذُکر البلوغ والعقل والاختیار والقصد بوصفها شروطاً أساسیة للارتداد (المحقق الحلي، 4/ 183؛ الشهید الثاني، 9/ 341؛ الخمیني، 2/ 495). ومن المذاهب الفقهیة لأهل السنة، فإن الشافعیة أیضاً أخذوا هذه الشروط بنظر الاعتبار (أبوإسحاق، 230-231)، لکن المالکیة اختلفوا في شرط البلوغ (الخرشي،8/ 62)، بینما لم‌یتخذ الحنابلة والحنفیة من البلوغ شرطاً (الکاساني، 7/ 134؛ الفتاوی...، 2/ 253؛ ابن ضویان، 2/ 407). ومهمایکن،فإنه مع أخذ الشروط المذکورة بنظر الاعتبار، لایمکن أن یُعد المجنون و المکرَه و المضطر و أمصالهم مرتدین علی الإطلاق.

ومن وجهة نظر الفقهاء الإمامیة فإنه یوجد صنفان من المرتدین: الفطري والملّي. فلو أن مسلماً ولد علی الإسلام أعرض عندینه و کفر، فقد عُدّ من الصنف الأول. أما إذا کان کافراًو اعتنق الإسلام ثم عاد إلی الکفر، فیدعی مرتداً ملیاً. والسبب في هذا التفریق بین الاثنین لدی الفقهاء الشیعة هو تفریقهم بین الاثنین في نوع العقوبة، بینما لایوجد مثل هذا التفریق لدی الفقهاءالسنة لأنهم قالوا بعقوبة واحدة لکلا الاثنین.

والضوابط التي وضعها الفقهاء الإمامیة لتحدید کون المرتد فطریاً هو أحد هذه الأمور: انعقاد نطفته في أسرة مسلمة، ولادته من والدنی مسلمین، بلوغه سن الرشد في أحضان والدین مسلمین؛ وقد انبری صاحب الجواهر إلی نقد الآراء الواردة بهذا الشأن بشکل وافٍ، ثم رجّح عامل «انعقاد النطفة» علی أساس أن والدي الطفل لو ارتداد بعد انعقاد نطفته، فإنه یظل مسلماً بالفطرة (41/ 602-605؛ أیضاً ظ: مغنیة، 500). أما من حیث العقوبة، ففضلاً عن القتل، أخذ الفقهاء الإمامیة بنظر الاعتبار العقوبات التالیة بشأن المرتد الفطري أیضاً: انفساخ عقد نکاحه و تقسیم الأموال بین الورثة. وتوجد في الکتب الفقهیة بض التفاصیل حول هذه العقوبات مثل مسألة قبول توبة المرتد و عدّة وفاة الزوج (ن.صص). والأدلة علی التمسک بالأحکام في هذا الأمر – فضلاً عن الإجماع – عدد من الروایات (ظ: الکلیني، 7/ 256-259؛ الحر العاملي، 18/ 544-545)، أما إذا کان الرجل المرتد، ملیاً، فقد حددت له مهلة للتوبة، ویُعاقب فقط في حالة امتناعه عن التوبة. و عند تکراره الارتداد للمرة الثالثة، یصبح قتله واجباً. وفي حالة توبة المرتد الملي عن کفره سیکون بمأمنٍ من منعه في التصرف بأمواله و من انفساخ عقد نکاحه، برغم أن تجدید عقده مع زوجته سیکون بحاجة إلی انقضاء مدة تعادل عدة الطلاق (ظ: الشهید الثاني، 9/ 342-343). وجمیع الأحکام المذکورة آنفاً هي ذات علاقة بالرجل المرتد، أما المرأة المرتدة فلایوجد لدی الفقهاء الإمامیة فرق في عقوبة المرتدة فطریة وملیة (للاطلاع علی تفصیل الأحکام بهذا الشأن، ظ: الشهید الثاني، 9/ 343-344؛ صاحب الجواهر، 41/ 611-612).

وقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة لأهل السنة علی عدم وجود فرق بین المرتد الملي والفطري، کما لم یترددوا أیضاً في عقوبة المرتد من حیث إمهاله لغرض التوبة ثم قتله في حالة عدم توبته، إلا أنهم اختلفوا بشأن تفاصیل هذه الأحکام مثل وجوب، أو استحباب منح مهلة للتوبة وکیفیة قسمة أموال المرتد:

یری الحنفیة أن من المستحب أن یعرض الحاکم الشرعي الإسلام علی المرتد لتزول الشبهة بشأنه. والمهلة التي حددت للمرتد هي 3 أیام یقضیها في السجن، فإذا لم‌یتب بعد انقضاء المدة، فسیعاقب. وقد رأی الحنفیة أن منح المهلة للمرتد مستحبة فقط في حالتین: عندما یکون للحاکم أمل في توبته، أو أن یطلب المرتد نفسه، منحه مهلة. أما المرأة المرتدة فلاتقتل إطلاقاً، وعقوبتها الحبس فقط. وبصورة عامة، فإنه مع ثبوت الارتداد تزول مالکیة المرتد إلی حین توبته؛ أما إذا قتل، فإن أمواله التي حصل علیها حال إسلامه تکون لورثته المسلمین، بینما تعطی أمواله التي حصل علیها حال ارتداده إلی بیت المال (الکاساني، 7/ 134-135؛ الفتاوی، 2/ 253-254؛ الجزیري، 5/ 423).

ومن وجهة نظر المالکیة، فإن من الواجب علی حاکم الشرع أن یعرض الإسلام علی المرتد ویطلب علیه أن یتوب. ویمهل المرتد 3 أیام لیتخلی عن کفره. و تبدأ هذه المهلةمن الیوم الذي یثبت فیه الکفر في المحکمة، لامن یوم کفره. ویکون المرد في الحبس خلال أیام المهلة، لکن من غیر أن یُلحق به أذیً، أو یعامل بقسوة. و یکون طعام المرتد وشرابه علی نفقته. ولافرق بین المرأة و الرجل في تنفیذ العقوبة؛ والفارق الوحید الذي رآه المالکیة للمرأة المرتدة هو أنمهلة التوبة لها هي انقضاء أیام عادتها (الشهریة کيتزول عنها شبهة الحمل (ابن رشد، 2/ 459؛ الدردیر، 4/ 436-438؛ الآبي، 2/ 278).

واختلف الشافعیة فیما بینهم بشأن وجوب مهلة التوبة واستحبابها. ویشکل القائلون بالوجوب الأکثریة، بینما القائلون بالاستحباب یشکلون أقلیة. کما أن الآراء لم‌تتفق بشأن المدة المخصصة لتوبة المرتد، فقد رأی فریق أنها 3 أیام، بینما حددها فریق آخر بنفس الأیام الأولی في المحکمة. ومع ذلک، فإن الشافعیة و باتفاق الأراء یعتقدون أن المرتد یقتل في حالة امتناعه عن التوبة ولایوجد لدیهم فرق في ذلک بین الرجل والمرأة. أما مایتعلق بأموال المرتد، فقد حکم البعض أیضاً أنه مع ثبوت الارتداد، تخرج أمواله من ملکیته، بینما رأی فریق آخر أن حکماً کهذا یطبق في حالة عدم التوبة؛ وعلی هذا، ففي الحقیقة هي أنه بقتل المرتد یتبین أن أمواله خرجت عن ملکیته. ومهما یکن، فإن أموال المرتد في حالة خلع یده عنها،تودع في بیت المال ولایحق لأي وارث أن یأخذ منها حقه في الإرث (الشافعي، 1/ 257-258؛ الغمراوي، 520-521؛ الجزیري، 5/ 427).

واختلف الفقهاء الحنابلة في وجوب منح مهلة للمرتد، أو استحباب ذلک، لکنهم علی أیة حال، حددوا مدة المهلة بثلاثة أیام. حیث یقضي المرتد مدة المهلة في الحبس، ویجب أن تتخذ توبته بشکل رغبة ذاتیة، أما إذا أعلن توبته إثر الإکراه، فلیس من الضروري البحث عن حقیقة هذه التوب. ولدی هؤلاء الفقهاء، فإن المرتد یعاقب في حالة عدم توبته، ولایوجد في هذا الحکم فرق بین الرجل والمرأة. ولایجیز الحنابلة سلب حق الملکیة عن المرتد، لکنهم بمجرد ثبوت ارتداده یمنعونه من التصرف في أمواله، وفي حالة قتله، فإن کل أمواله تُودع في بیت المال (ابن قدامة، 10/ 74، 76، 105؛ البهوتي، 3/ 388، 393؛ ابن ضویان، 2/ 405-406).

وبصورة عامة، فإنه یستنبط من مجموع آراء الفقهاء أن موقع المرتد لدی الفقهاء – وخاصة الفقهاء الإمامیة – هو موقع بین الإسلام و الکفر بمعنی أنه في مرتبة یُعدّ فیها فوق الکافر و أقل من المسلم، ولذا فهم یعبرون عنه بقولهم إنه «فوق الکافر ودون المسلم» (الشهید الثاني، 9/ 343).

 

المصادر

الآبي، صالح، جواهر الإکلیل، بیروت، دارالمعرفة؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد، بلوغ المرام، تقـ: محمدحامد الفقي، القاهرة، 1352هـ؛ ابن رشد، محمد، بدایة المجتهد، بیروت، 1406هـ/ 1986م؛ ابن ضویان، إبراهیم، منارالسبیل، دمشق، 1378هـ؛ ابن قدامة، عبدالله، المغني، بیروت، 1404هـ/ 1984م؛ ابن منظور، لسان؛ أبوإسحاق الشیرازي، إبراهیم، التنبیه، بیروت، 1403هـ/ 1983م؛ البهوتي، منصور، شرح منتهی الإرادات، بیروت، دارالفکر؛ الجزیري، عبدالرحمان، الفقه علی المذاهب الأربعة، بیروت، دارالفکر؛ الحر العاملي،محمد، وسائل الشیعة، بیروت، دار إحیاء التراث العربي؛ الخرشي، محمد، شرح علی مختصر سیدي خلیل، القاهرة، 1318هـ؛ الخمیني، روح الله، تحریرالوسیلة، قم، نشر قدس محمدي؛ الخوانساري،محمدباقر، مناهج المعارف، تقـ: أحمد روضاتي، طهران، 1351ش؛ الدردیر، أحمد، الشرح الصغیر، القاهرة، 1983م؛ الراغب الأصفهاني، الحسین، معجم مفردات ألفاظ القرآن، تقـ: ندیم مرعشلي، القاهرة، 1392هـ؛ الشافعي، محمد، الأم، تقـ: محمد زهدي النجار، بیروت، دارالمعرفة؛ الشهید الثاني، زین‌الدین، الروضة البهیة، تقـ: محمد کلانتر، بیروت، 1403هـ/ 1983م؛ صاحب الجواهر، محمدحسن، جواهر الکلام، تقـ: محمود القوچاني، بیروت، 1981م؛ الغمراوي، محمد، السراج الوهاج، بیروت، دارالمعرفة؛ الفتاوی الهندیة، بیروت، 1400هـ/ 1980م؛ القرآن الکریم؛ الکاساني، أبوبکر، بدائع الصنائع، بیروت، 1406هـ/ 1986م؛ الکلیني، محمد، الکافي، تقـ: علي أکبر الغفاري، بیروت، 1401هـ؛ المحقق الحلي، جعفر، شرائع الإسلام، تقـ: عبدالحسین محمد علي، النجف، 1389هـ/ 1969م؛ مغنیة،محمدجواد،الفقه علی المذاهب الخمسة، بیروت، 1404هـ/ 1984م.

مصطفی محقق داماد/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: