الصفحة الرئیسیة / المقالات / الإدریسي، إدریس /

فهرس الموضوعات

الإدریسي، إدریس

الإدریسي، إدریس

تاریخ آخر التحدیث : 1443/3/1 ۱۳:۱۶:۲۸ تاریخ تألیف المقالة

اَلْإدْریسيّ، أبوعبدالله محمد بن محمد بن عبدالله بن إدریس، المعروف بالشریف الإدریسي، جغرافي و مؤرخ و عالم نبات و شاعر وأدیب أندلسي من القرن 6هـ. وقد سمي في بعض الکتابات محمد بن أحمد أیضاً (ظ: عنان، 305). ولما کان نسبه ینتهي إلی فاطمة الزهراء (ع) فقد اشتهر بالشریف الصفدي، 1/ 163؛ أیضاً ظ: عنان، 305-306؛ سارتون، 2(1)/ 1535). ویبدو أنه لقب بالإدریسي الصقلي أیضاً بسبب إقامته الطویلة في جزیرة صقلیة (المقري، 3/ 443؛ البستاني). وکان جده الکبیر هو إدریس العالي بأمر الله، لذا کانت أسرته تعرف بالإدریي (EI2؛ کراتشکوفسکي، IV/ 281). وکان زعیم أسرة الأدارسة هو إدریس الأول الذي غادر بلدان الخلافة الشرقیة إلی مراکش وأسس في حدود سبتة دولة مستقلة سنة 172هـ/ 788م. وعقب وفاته في 177هـ، تسنم أبنه إدریس الثاني العرش و نسب إلیه بناء مدینة فاس في المغرب. وقد حکمت هذه الأسرة حتی 375هـ/ 985م (ن.ص).

وذکر أن ولادة الإدریسي کانت في مدینة سبتة بالمغرب سنة 493هـ/ 1100م (الصعیدي، 229؛ حمیدة، 388). ویغلب الظن أن علاقة أسرته بالأندلس ظلت قائمة، فانبری الإدریسي لدراسة الریاضیات والتاریخ والجغرافیا في قرطبة التي کانت تعد مرکزاً ثقافیاً مهماً. وتدعم الموضوعات الوافیة التي أوردها الإدریسي عن قرطبة في کتابه، معرفته الواسعة بتلک المنطقة، وقد سافر منذ شبابه کثیراً وذهب إلی بقاع لم‌یکن السفر إلیها مألوفاً، ولیس عجیباً کونه یعرف مراکش و إسبانیا، لکن یمکن أن یستشف من بین سطور کتابه أنه سافر إلی سواحل فرنسا و بریطانیا أیضاً. وفي 510هـ/ 1116م، سافر الإدریسي إلی آسیا الصغری و لم‌یتجاوز السابعة عشرة من عمره (ن.ص). ولاتلاحظ في کتابه مذکرات عن بقیة مناطق آسیا و أفریقیا، ویبدو أنه لم‌یکن قد شاهد تلک المناطق بنفسه (کراتشکوفسکي، IV/ 282). کما یبدو أنه ذهب إلی بالرمو حوالي سنة 532هـ/ 1138م، وشق طریقه إلی بلاط روجر الثاني ملک صقلیة وظل من المقربین لدیه حتی نهایة عمر الملک في 26 شباط 1154 (ن.ص؛ حمیدة، 389). ولیس واضحاً الزمن الذي أقام فیه الإدریسي بصقلیة، فربما یکون قد أقام فیها فترة علی عهد خلیفة روجر أیضاً.

والمعلومات عن حیاة الإدریسي قلیلة جداً و ربما کان سبب هذا الإهمال هو أن کتّاب التراجم العرب کانوا یعتبرونه مرتداً لأنه کان یعیش في بلاط ملک مسیحي وأثنی علیه في کتابه (EI2). ویحتمل أن یکون الإدریسي قد عاد إلی سبتة في شیخوخته، وإذا ماصحت الروایات فإنه توفي فیها سنة 560هـ/ 1165م (کراتشکوفسکي، ن.ص).

وترتبط أفضل فترات حیاة الإدریسي و کذلک فترة تألیفه أثره الرئیس نزهة المشتاق في اختراق الآفاق بمدینة بالرمو عاصمة صقلیة. فقد کُتب هذا الأثر في عصر ازدهار الثقافة الصقلیة، خلال حکم النورمان، مما کان حصیلة إبداع روجر الثاني.وقد نبّه المؤلف نفسه إلی هذا الأمر في مقدمته لکتابه هذا، وذکّر قبل کل شيء بالدور الذي لعبه ملک النورمان في إبداع ذلک الأثر. وقد شرح کیفیة تألیف الکتاب ضمن مدیحه لولي نعمته بقوله إنه لما اتسعت رقعة حکم الملک و أصبحت بلاد الروم و أهلها تحت حکمه «أحب أن یعرف کیفیات بلاده حقیقة، ویقتلها یقیناً و خبرة، و یعلم حدودها و مسالکها بحراً و في أي إقلیم هي، ومایخصها من البحار و الخلجان الکائنة بها» (1/ 5). واعتبر الدافع الثاني لتألیف الکتاب، معرفة الأقالیم السبعة، و أشار إلی آثار مؤلفین مثل المسعودي و أبي نصر الجیهاني و ابن خرداذبه و أحمد بن عمر العذري و ابن حوقل و ابن خاقان الکیماکي و موسی بن قاسم القردي و أحمد بن [أبي] یعقوب الیعقوبي و إسحاق بن الحسن المنجم و قدامة البصري وبطلمیوس الأقلودي و أرسیوس الأنطاکي. و یواصل الإدریسي کلامه فیقول إن روجر الثاني لم‌یجد ذلک فیها مشروحاً مستوعباً مفصلاً، فأحضر لدیه العارفین بهذا الشأن، فلم یجد عندهم علماً أکثر مما في الکتب المذکورة بعث إلی سائر بلاده فأحضر العارفین بها المتجولین فیها، فسألهم عنها جمعاً و أفراداً، فما اتفق فیه قولهم أثبته و أبقاه و ما اختلفوا فیه أرجأه و ألغاه، ثم یضیف: و أقام علی ذلک نحواً من 15 سنة. ثم أراد أن یستعلم یقیناً صحة ما اتفق علیه القوم المشار إلیهم في ذکر أطوال مسافات البلاد و عروضها. فأُحضر إلیه لوح الترسیم و أقبل یختبرها بمقاییس من حدید شیئاً فشیئاً و یقارنها بآراء المؤلفین المذکورین حتی وقف علی الحقیقة فیها، فأمر عند ذلک بأن تُفرغ له من الفضة الخالصة کرة مفصلة عظیمة الجرم ضخمة الجسم تزن 400 رطل بالرومي (کل رطل 112 درهماً) فلما کملت أمر الفَعَلة أن ینقشوا فیها صور الأقالیم السبعة ببلادها و أفطارها و سِیفها و ریفها و خلجانها وبحارها و مجاري میاهها و مواقع أنهارها و غیر ذلک، ثم أمر أن یُؤلَّف کتاب مطابق لما في أشکالها و صورها مع ذکر أحوال أهلها و هیئاتهم و خلقهم و مذاهبهم و زیّهم وملابسهم و لغاتهم و أن یسمی هذا الکتاب بنزهة المشتاق في اختراق الآفاق، وکان ذلک في العَشْر الأوّل من کانون الثاني سنة 1154م الموافق لشوال 548هـ (1/ 5-7). وبمقارنة تاریخ الانتهاء من تألیف الکتاب بتاریخ وفاة روجر الثاني یمکن أن ندرک أن زمن الانتهاء من الکتاب کان قبل وفاة حاکم صقلیة بستة إلی سبعة أسابیع، فقد أصیب ملک النورمان في أواخر حیاته بمرض عضال لم‌یکن هناک أمل في الشفاء منه، و یتضح من التسرع المشهود في بعض الفصول و خاصة الفصل الثاني من کتاب الإدریسي أن حاکم صقلیة کان یتمنی أن یشاهد قبل نهایة حیاته کتاباً کانت له هو فکرة تألیفه (کراتشکوفسکي، IV/ 284).

ویلاحظ بعض التناقض في مخطوطات الکتاب المختلفة حول الدور الذي لعبه الإدریسي في وضع الکتاب، فتألیف الکتاب ینسب إلیه حیناً وإلی روجر الثاني حیناً آخر، لکن مع ذلک، فلاشک في أن الإدریسي کان مؤلف الکتاب (م.ن، IV/ 285). ویقول الصفدي في ترجمته حیاة روجر حاکم صقلیة نه هو الذي استقدم الشریف الإدریسي صاحب کتاب نزهة المشتاق لیضع له شیئاً في شکل صورة العالم، فلما وصل إلیه أکرم نزله و بالغ في تعظیمه و طلب إلیه أن یبقی في صقلیة و یبحث في أخبار البلدان، و أرسل روجر أناساً ألبّاء إلی أقالیم الشرق و الغرب و الجنوب و الشمال و أرسل معهم قوماً مصورین، فکان إذا حضر أحد منهم بشکلٍ أثبته الإدریسي حتی تکمل له ما أراد، و جعله مصنفاً و هو نزهة المشتاق للشریف الإدریسي 014/ 105-106).

ویقول الصفدي عن سبب إقامة الإدریسي في صقلیة إن روجر قال للإدریسي: «أنت من بیت الخلافة، و متی کنت بین المسلمین عمل ملوکهم علی قتلک، و متی کنت عندي أمنت علی نفسک، فأجابه الأدریسي إلی ذلک» (14/ 106).

حکم روجر صقلیة التي کانت بلاداً نصف شرقیة وحدّاً فاصلاً بین الحضارتین العالمیتین آنذاک، ویبدو أنه کان علی معرفي جیدة بکلا العالمین، وإن کونه قد جعل عالماً مسلماً یؤلف کتاباً في وصف العالم في عصره، هو بحد ذاته دلیل علی تفوق الحضارة الإسلامیة، وإن رغبة روجر في أن تُصوّر للعالم خارطة خاصة به هو دال أیضاً علی نوع من النزوع إلی الشرق. کما کانت فکرة الإسکندر و ملوک إیران و رغبة الخلیفة العباسي المأمون و کذلک میل الأمراء السامانیین إلی أن تکون لهم خارطة بالمناطق الواقعة تحت هیمنتهم، دلیل علی هذه الرغبة (کرامرز، 89-90). وخلال ذلک، ظهر في علم الجغرافیا اتجاه جدید کان الهدف منه ربط الجغرفایا الوصفیة بالجغرافیا الفلکیة، و هذا الاتجاه واضح و ملموس في أثر الإدریسي، ویِعقد أن یکون تقسیم العالم إلی سبعة أقالیم مستقی من الأفکار الإیرانیة القدیمة التي تدور حول «الکِشورات» السبع. و کتاب الإدریسي کان محاولة للتقریب بین الجغرافیا الفلکیة و الجغرافیا الوصفیة لم‌تُکلل بالنجاح التام.

ولایمکن تسمیة الإدریسي زعیم الجغرافیین العرب و المسلمین،و مع ذلک فقد اشتهر کتابه في أوروبا أکثر من بقیة المؤلفات الجغرافیة العربیة. وأدی و جوده في وسط صقلیة بقسمیها العربي والأوروبي إلی أن یحظی بشهرة واسعة. ورغم کل ذلک، فإن المعلومات الخاصة به وبترجمة حیاته نزرة للغایة (کراتشکوفسکي، IV/ 281؛ کرامرز، 89). وقد لُقب الإدریسي في بعض الکتابات بـ «سترابوالعرب» (ظ: جنثالث پالنثیا، 314). ویبدو أن الأوروبیین هم الذین منحوه هذا اللقب.

ویستفاد من مقدمة الإدریسي و ماکتبه الصفدي أن تألیف نزهة المشتاق مر بثلاثة أطوار و خلف وراءه ثلاثة آثار: أحدها أنموذج فرید في نوعه للعالم و هو عبارة عن قرص من الفضة علیه صورة العالم؛ ثانیها خرائط نقشت علیها البقاع و البلدان و البحار و الأنهار و الجبال و المسافات و غیر ذلک؛ ثالثها هو الکتاب الذي یحمل العنوان الذي مرّ بنا (الإدریسي، 1/ 6-7؛ الصفدي، ن.ص). أما الکرة الفضیة فقد حطمها الثوار سنة 555هـ/ 1160م و نهبوها، لکن بقیت نسخ عدیدة للکتاب والخرائط و هي ناقصة کما أن نسخها مختلفة (کراتشکوفسکي، IV/ 286-287).

ولکتاب الإدریسي اسم آخر و هو کتاب روجار، أو الکتاب الروجاري نسبة إلی روجر الثاني (م.ن، IV/ 288؛ بریتانیکا؛ آمریکانا). و من بین مخطوطات الکتاب العدیدة عُرفت مخطوطات باریس وأکسفرود و إستانبول و القاهرة في النصف الأول للقرن 19 المیلادي (کراتشکوفسکي، IV/ 287-289). وتوجد مخطوطة أخری أخذت في 1315هـ/ 1897م من إیران إلی مکتبة الإمبراطوریة الروسیة في سان بطرسبورغ و تشکل القسم الثاني من الکتاب فحسب و کان زایبولد أول من عرّف بها (م.ن، IV/ 287).

وفضلاً عن النص الکامل لنزهة المشتاق فإنه یتوفر أیضاً متن أقصر منه طبع سنة 1592م (1000هـ) في مطبعة مدیتشي بروما تحت عنوان طویل هو نزهة المشتاق في ذکر الأمصار و الأقطار والبلدان والجزر والمدائن و الآفاق (ن.ص؛ سرکیس، 415؛ GAL, I/ 628). وفي 1619م (1028هـ) ترجمه إلی اللاتینیة علامان مارونیان هما جبرئیل الصهیوني وبوحنا الحصروني اللذان کانا معلمین للغات الشرقیة في باریس (البستاني)، و عنوان الترجمة «جغرافیا النوبي، وصف کامل للعالم استناداً إلی أقالیمه السبعة...»، وهي تسمیة قادت إلی تثبیت خطاً فاحش بصدد المؤلف استمر لمدة قرنین في الدوائر العلمیة الأوروبیة، ذلک أنه بسبب جهلهما باسم المؤلف، قرر المترجمان أنه نوبي الأصل، لأنه في الموضع الذي یرد فیه الکلام عن أن النیل یقطع أرض النوبة، قرأ المترجمان: «أرضنا» بدلاً من «أرضها»، أي أرض النوبة؛ و هذا الخطأ هو الذي حدا بهما إلی اعتبار مؤلف الکتاب (الإدریسي) من أهل النوبة (کراتشکوفسکي، EI2; IV/ 287-288).

 وطریقة ترتیب کتاب الإدریسي بسیطة بارغم من أنها لاتخلو من آثار الصنعة (کراتشکوفسکي، IV/ 290). وقد قدم أولاً وصفاً مختصراً للأرض و صورها بشکل کرة معلقة في الفضاء «کالمح في جوف البیضة» (الإدریسي، 1/ 7). واعتبر محیط الأرض 22,900 میل. ویعادل المیل لدی الإدریسي 1,555 متراً و أقل من المیل العربي الذي اعتبر مساویاً لـ 1,878 متراً. ویشیر الإدریسي في کتابه إلی مسیر یوم، أو منزل و هو مامسافته 24 میلاً و یعادل 5/ 37 کم و یبلغ مع السرعة القصوی حوالي 30 میلاً، أي مایعادل 46 کم؛ واعتبر مسیر یوم، أو منزلاً بحریاً واحداً حوالي 100 میل، أي مایعادل 155 کم. وما کتبه الإدریسي عن المسافات لایمکن الرکون إلیه، ذلک أنه حین یتحدث عن المیل لاندري إن کان یقصد المیل الإفرنجي، أم العربي. ویلاحظ نفس الاضطراب بشأن المنزل أیضاً بوصفه وحدة قیاس للطول و لامسافة (کراتشکوفسکي، IV/ 288, 290).

وضمن حدیث قصیر له عن الأقالیم و البحار و الخلجان یتناول الإدریسي هیئة الأرض بالبحث والشرح، و هو في هذا المضمار یتبع العلماء المتقدمین و من بینهم أتباع مدرسة بطلمیوس الذین قسموا الأرض إلی سبعة أقالیم، کل إقلیم منها علی شکل حزام عریض یمتد من المغرب إلی المشرق فوق خط الاستواء (1/ 8-14). وقد قسم الإدریسي کل إقلیم إلی 10 أقسام، أورد وصف کل قسم من الشرق إلی الغرب علی التوالي، وأرفق وصف کل جزء من الأجزاء بخارطي بحیث بلغ مجموعها 70 خارطة صغیرة. و قد سقطت من المخطوطات کما یحدث دائماً واحدة، أو اثنتان من الخرائط. و فضلاً عن ذلک، توجد في بدایة الکتاب خارطي مستدیرة للعالم هي الوحیدة التي یمکن ربطها بـ «أطلس الإسلام» للمدرسة الکلاسیکیة، فالفکرة الخاصة بهذا الأطلس و هي المتعلقة بوجود بحرین کبیرین تنعکس بوضوح في خارطة الإدریسي هذه، ولکن تحدید سواحل البحر المتوسط بها یقرب من الواقع أکثر مما هو الحال مع أیة واحدة من الخرائط السابقة. فإن اتصلت هذه الخرائط السبعون الصغیرة ببعضها ظهرت خارطي کبیرة للعالم بشکل مستطیل. و قد رسمت جمیع خرائط الإدریسي بما في ذلک خارسته المستدیرة بدقة و أُغفل فیها وجود الخطوط المستقیمة والدوائر الهندسیة التي تمیزت بها الفترة الثانیة للکارتوغرافیا العربیة، أي «أطلس الإسلام» (کرامرز، 90 و الخارطة التي تأتي بعد ص 86؛ حمیدة، 390؛ کراتشکوفسکي، IV/ 288-289, 293).

ومنذ بدایة القرن 20 م و بمطالعة أثر الإدریسي، اتضح أن دراسة کتابه التتیسر، إلاب التحلیل المصحوب بمطابقة الخارطة والمتن. و هذا الرأي حدده میلر بنشره جمیع الموضوعات المتعلقة بعلم خرائط المتون العربیة والفارسیة، إلا أن العلاقة بین المتن و الخارطة في کتاب الإدریسي تبدو أمراً عسیراً. لذا فإن أغلب الباحثین اعتبروا الکتاب شرحاً للخرائط (کرامرز، 90). وفي مقدمة الکتاب و عدا بعض وجهات النظر العامة حول الجغرافیا الفلکیة، لایلاحظ موضوع عن الأسالیب الفلکیة لرسم الخرائط. ومع ذلک، یجدر أن نضیف أن خرائط الإدریسي هي من أهم آثار علم الخرائط الإسلامیة الموجودة حتی زمانه.

وأهم الأجزاء في کتاب الإدریسي هي بالطبع تلک التي أفردها لأفریقیا الشمالیة وإسبانیا و صقلیة ونواحي إیطالیا، لأنها تعتمد – خلافاً للأجزاء الأخری – علی مشاهدات المؤلف. والبحث بشأن رومانیا وشبه جزیرة البلقان مفصل إلی حدّ ما، وکان الإدریسي قد استطاع التعرف إلی أهم مراکز و طرق التجارة برومانیا من خلال استماعه إلی روایات التجار من العرب و لایهود و الیونانیین و الأوروبیین. ومعطیاته عن الجغرافیا الطبیعیة للبلقان طفیفة ولکنه یقدم لنا الکثیر في وصف الأوضاع الاقتصادیة للإمبراطوریة البیزنطیة وبلغاریا في القرن 6هـ/ 12م (کراتشکوفسکي، IV/ 289-290). وباستثناء أفریقیا الشمالیة، فإن الإدریسي لم‌یکن یعرف أیة بقعة أوروبیة معرفة مباشرة، وللذا فإن کثیراً من الباحثین لایرون أهمیة تذکر لمعلوماته بهذا الشأن. ویری نلینو أن کتابات الإدریسي بشأن بلاد آسیا و أفریقیا غیر الإسلامیة، إنما هو مستقیً من بطلمیوس الذي استعمله في الترجمات و التعدیلات العربیة (ظ: م.ن، IV/ 290).

ومعلومات الإدریسي بشأن الهند و جنوب شرقي اسیا مضطربة. ونصف مجموع الأسماء الجغرافیة في کتابه یرجع إلی مؤلفین مسلمین معروفین، إلا أنه یذکر مؤلفاً آخر یدعی جاناخ (خاناخ) بن خاقان الکیماکي الذي هو غیر معروف (م.ن، IV/ 291؛ الإدریسي، 1/ 5- 6؛ حمیدة، 391-392).

ارتکزت شهرة الإدریسي علی کتاب نزهة المشتاق، لکن عُرف أن لدیه کتاباً آخر في الجغرافیا أیضاً یحمل عنوان روض الأنس و نزهة النفس، ألفه لغلیوم الأول نجل روجر الثاني ملک صقلیة و خلیفته (سارتون، 2(1)/ 1535). والسنة التي ألف فیها الکتاب کانت 1161م (ن.ص)، کما ذُکر أن اسم الکتاب هو الممالک و المسالک (البستاني؛ کراتشکوفسکي، IV/ 294)، وقد عثر في إستانبول علی مخطوطة تحمل عنوان روض الفرج و نزهة المهج یبدو أنها قطعة من هذا الکتاب و تضم 73 خارط،یرجع تاریخها أیضا إلی 588هـ/ 192م. وقد عرف هذا الکتاب في المجامع العلمیة باسم الإدریسي الصغیر للتفریق بینه و بین نزهة المشتاق (ن.ص). وقد أضیف في الإدریسي الصغیر إقلیم ثامن إلی الأقالیم السبعة المعروفة وُصف في هذا الکتاب بأنه یقع إلی الجنوب من خط الاستواء (م.ن، IV/ 295). ولیس معروفاً اسم مؤلف الکتبا؛ ومن الممکن أن یکون هذا الکتاب جزءاً ناقصاً من کتاب روض الأنس و نزهةالنفس (سارتون، 2(1)/ 1536).

کان الإدریسي – شأنه شأن معظم علماء عصره – متعدد الفنون .تلک.تخب، .فضلتً عن آثاره الجغرافیة خلّف آثاراً أخری أیضاً و منها رسالة الأدویة المفردة. وقد أشار سارتون إلی العثور علی الرسالة المفقودة للإدریسي الخاصة بالأدویة المفردة، و کتب یقول إن مقدمة الکتاب تتضمن معارف عامة عن علم النبات ذات طابع أرسطي سُمیت هذه الرسالة بثلاثة عناوین: الجامع لأشتات النبات، المفردات و الأدویة المفرد. تم العثور سنة 1928م علی هذه الرسالة في مکتبة الفاتح بإستانبول بوساطة ریتر، و هي ناقصة وفیها سقط أیضاً. ومخطوطة هذه الرسالة ذات العلاقة بالأدویة المفردة مختلفة عن کتاب ثیوفر استوس وکتاب النبات (ن.صغ EI2).ورد في مقدمة الکتاب التعریف بـ 360 من النباتات والأدویة المفردة في مقدمتها الأفسنطین (سارتون، ن.ص). و معلومات الکتاب لاتخلو من فائدة و أهمیة. وقد اجتهد الإدریسي في هذا الکتاب في أن یورد أسماء النباتات بشتی اللغات ویفصل بین أسمائها الیونانیة و الرومانیة. و مما یلفت النظر أنه یورد في بعض الأحیان أسماء النباتات و مایقابلها في شتی اللغات لتبلغ 12 اسماً (EI2؛ کراتشکوفسکي، ن.ص). وإن کثیراً من الأسماء المترادفة للنباتات التي یذکرها الإدریسي، موجودة في اللغة الیونانیة الحدیثة (سارتون، ن.ص). وقد استفاد من کتاب المفردات للإدریسي مؤلفون من أمثال ابن البیطار (المقري، 3/ 443؛ البستاني). وخلف الإدریسي أشعاراً أیضاً (کراتسکوفسکي، ن.ص).

أفاد کثیر من الجغرافیین المسلمین من کتاب الإدریسي، یمکن الإشارة من بینهم إلی ابن سعید المغربي الجغرافي الذي عاش في النصف الثاني للقرن 7هـ/ 13م،وأبي الفداء الجغرافي الذي عاش في أوائل القرن 8هـ/ 14م، اللذین اقتبسا من آثار الإدریسي بشکل مباشر (م.ن، IV/ 296؛ أبوالفداء، 91، 93، 111، مخـ).

 

المصادر

أبوالفداء،تقویم البلدان، تقـ: رینو و دوسلان، باریس، 1840م؛ الإدریسي، محمد، نزهة المشتاق، بیروت، 1409هـ/ 1989م؛ البستاني؛ جنثالث پالنثیا، آنخل، تاریخ الفکر الأندلسي،تجـ: حسین مؤنس، القاهرة 1955م؛ حمیدة، عبدالرحمان، أعلام الجغرافیین العرب، بیروت، 1404هـ/ 1984م؛ سارتون ج.، مقدمة برتاریخ علم،تجـ: غ. صدري أفشار، طهران، 1355ش؛ سرکیس، یوسف إلیان، معجم المطبوعات العربیة والمعربة، القاهرة، 1346هـ/ 1928م؛ الصعیدي عبدالمتعال، المجددون في الإسلام، مصر،مکتبة الآداب، الصفدي،خلیل، الوافي بالوفیات، تقـ: هلموت ریتر، فیسبادن، 1381هـ/ 1961م، ج 14، تقـ: دیدرینغ، فیسبادن، 1402هـ/ 1982م؛ عنان، محمد عبدالله، تراجم إسلامیة (شرقیة وأندلسیة)، القاهرة، 1390هـ/ 1970م؛ المقري، أحمد،نفح الطیب، تقـ: یوسف، محمد البقاعي، بیروت، 1406هـ/ 1986م؛ وأیضاً:

Americana; Britannica; EIW; GAL; KrachkovskiĮ, I. Yu., Ixbrannye sochineniya, Moscow/ Leningrad, 1957; Kramers, J. H., «Geography and Commerce», The Legacy of Islam, ed. Thomas Arnold and Alfred Guillaume, Oxford, 1931.

 عنایت‌الله رضا/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: