اَلأُذفُويّ، أبوالفضل کمال‌الدین جعفر بن ثعلب (685-748هـ/ 1286-1347م)، مؤرخ و أدیب وفقیه مصري، وقد ذکرت بعض المصادر تَغلِب اسماً لأبیه (ظ: الصفدي، الوافي...، 11/ 99؛ السبکي، 6/ 86؛ أیضاً ظ: الزرکلي، 2/ 123، ها 1،الذي قدم شرحاً أوفی لترجیحه هذا الاسم)، لکن لما کان اسم ثعلب قد تکرر مراراً فينسب بعض أقارب الأدفوي، فتسمیة أبیه بهذا الاسم أقرب إلی الواقع (ظ: محمدحسن، «ي – ل»).

ولد في أدفو بمنطقة الصعید في مصر والواقعة بین مدینتی أسوان وقوص (ظ: یاقوت، 1/ 168)، وبدأ دراسته بتعلم الأدب والحدیث، ومن بین أساتذته یمکن أن نشیر إلی ابن دقیق العید (ن.ع) والشیخ علاءالدین القونوي و القاضي بدرالدین بن جماعة (ظ: ابن قاضي شهبة، 3/ 23؛ ابن حجر، 2/ 84-85)، وکان أهم أساتذته أباحیان الغرناطي (ن.ع) الذي کان الأدفوي یلازمه علی الدوام حتی وفاته (الصفدي، ن.م، 11/ 100؛ ابن قاضي شهبة، ابن حجر، ن.صص). وبعد قدومه إلی القاهرة انبری الأدفوي لدراسة العلوم والفقه في مدارسها المختلفة، ویبدو أنه انهمک في التدریس والتحدیث أیضاً (ظ: الإسنوي، 1/ 171؛ المقریزي، المقفی ...، 3/ 36). وقد أشار هو نفسه في موضع إلی إقامته في المدرسة الصالحیة بالقاهرة (الطالع ...، 106).

وکان للأدفوي باع في الموسیقی أیضاً وله مؤلف في هذا المضمار (ظ: الصفدي، المقریزي، ن.صص؛ أیضاً ظ: آثاره). ورغم کل ذلک، لم ترد في المصادر الموجودة إشارة ألی أساتذته في هذا المجال. ومع أنهکان یعیش في القاهرة أغلب الأوقات، لکن قیل إنه کان یسافر کثیراً إلی مسقط رأسه أدفو و خاصة خلال توقف الدراسة (الصفدي، ن.ص؛ ابن حجر، 2/ 85). کما کان یقرض الشعر وقد أورد هو نماذج منه (ن.م، 4، 15، 36)، و وردت نماذج أخری من أشعاره في المصادر (الصفدي، أعیان ...، 1/ 297-298؛ السخاوي، الذیل ...، 95؛ ابن حجر، 2/ 85-86؛ ابن ظهیرة، 210). وقد امتدح شعره ونثره لجودته (ظ: المقریزي، السلوک، 2(3)/ 793؛ ابن حجر، 2/ 85). وفي الفقه کان علی مذهب الشافعي، إلا إنه لم ترد في المصادر المتوفرة إشارة أخری إلی أصول عقائده رغم نزعته إلی التصوف بحیث إنه انبری أحیاناً لتبجیل بعض مشایخ الصوفیة بشکل خاص و الإشادة بهم (مثلاً ظ: ن.م، 177)، وأشار في مواضع عدیدة و بشکل عابر إلی نسبة کرامات لبعض کبار الصوفیة (مثلاً ظ: ن.م، 203، 204، 722، 726) ویوجد له مؤلف أیضاً في هذا المجال (ظ: آثاره).

توفي الأدفوي في القاهرة بعد عودته من الحج و هو في الثالثة والستین من العمر و دفن في مقبرة الصوفیة (ظ: اسخاوي، ن.ص؛ ابن قاضي شهبة، 3/ 24؛ ابن رافع، 1/ 242).

آثاره المطبوعة

1. الطالع السعید الجامع أسماء نجباء الصعید، في تاریخ ورجال صعید مصر. و هذا الکتاب هو الذي استندت إلیه بشکل أکبر شهرة الأدفوي في عصرنا من بین آثاره، یقول الأدفوي في بدایة الکتاب إنه ألفه بإلحاح من أستاذه أبي حیان الغرناطي (ص 5). وقدانبری في البدایة ومن خلال فصول للحدیث عن جغرافیة تلک البلاد، واستند في هذا القسم أحیاناً إلی مصادر دقدم مثل أثر ابن حوقل (ص 24)، ثم أورد تراجم علماء تلک المنطقة وأدبائها و شخصیاتها بحسب الترتیب الأبجدي. وذکر في ترجمة کل واحد من هؤلاء العلماء، اسمه و نسبه الکامل أولاً، ثم تناول تفاصیل أخری مثل أساتذته و تلامیذه و آثاره – و خاصة أشعاره – وتاریخ وفاته. وقال في بدایة الکتاب إنه یذکر فحسب العلماء و الأدباء الأموات ولایورد تراجم الأحیاء، إلا في حالات نادرة (ص 6، أیضاً ظ: 564). کما استند أحیاناً إلی مصادر مثل تاریخ ابن میسر (ص 207) وتاریخ مصر لابن یونس (ص 219) وتاریخ مصر لعبد الکریم الحلبي (ص 266-267) و خریدة القصر لعمادالدین الکاتب (ص 369-371). کما تلاحظ في الکتاب بعض الروایات التي کان المؤلف قد سمعها من شیوخه مع سلاسل أسانیدها (مثلاً ظ: ص 144-145، 151، 152، 293، مخـ). واستناداً إلی المؤلف، فإن تألیف الکتاب انتهی في ذي القعدة 738، لکنه ظل یضیف إلیه موضوعات حتی نهایة 740هـ (ص 745؛ أیضاً ظ: محمدحسن، «س – ع»).

وقد ذکر أغلب کتّاب التراجم الذین ترجموا له کتابه الطالع السعید وأشادوا به (الصفدي، الوافي، أیضاً المقریزي، المقفی، ن.صص؛ ابن ظهیرة، 63؛ السخاوي، الإعلان...، 224). کما استند بعض المؤلفین إلی هذا الکتاب في مؤلفاتهم (مثلاً ظ: المقریزي، ن.م، 1/ 545، 6/ 251، 371، 7/ 425، الخطط، 1/ 189؛ السیوطي، 1/ 4؛ ابن تغري بردي، 1/ 120، 6/ 254، مخـ). طبع الطالع السعید لأول مرة بمصر في 1332هـ/ 1914م، ثم طبع بتحقیق سعد محمدحسن في القاهرة سنة 1966م استناداً إلی مخطوطات أخری عثر علیها فیما بعد.

2. الموفي بمعرفة التصوف والصوفي لم‌یشر إلی أثر الأدفوي هذا في أي من المصادر القدیمة. وتألیف هذه الرسالة – مع الأخذ بنظر الاعتبار تاریخ السماع الموجود علی مخطوطتها (ظ: ص 33) – تمّ علی مایبدو حوالي سنة 740هـ خلال حیاة دستاذه الکبیر أبي حیان الغرناطي. ویتحدث القسم الأعظم من هذه الرسالة عن قضیة تخصیص عائدات الأوقاف لفریق الصوفیة و الزوایا التي کانت منتشرة آنذاک.والمؤلف الذي نظر بشکل أکبر إلی هذا الموضوع بمنظار فقیهٍ منصفٍ – وکما ذکر في نهایة الرسالة – اعتبر التصوف جائزاً في حدود الشرع فحسب (ص 70-71). وقد بحث أولاً في مادة کلمة التصوف ثم في معناها، واستند في ذلک إلی أقوال الصوفیة أنفسهم مثل أبي القاسم القشیري (ص 34، 37). وأورد النظریات المذکورة بهذا الشأن علی قسمین: رأي المتقدمین في التصوف والمتصوفین، ورأط عامة الناس في هذا الشأن. وناقش أحیاناً بعض الأراء (ص 39)، وأخیراً استنتج من مجموع تکل الآراء أن الصوفي یجب أن یتحلی بالصفات التي عدت حمیدة في الشرع و علی سجیة مقبولة ومدبراً عن الدنیا مقبلاً علی الآخرة، ویسیر علی الطریق الذي یزین الإنسان (ص 46)، إلا أن مایعرفه العامة عن الصوفي یتعلق بشکل أکبر زیّه و مظهره (ص 46-47). ثم أوردآراء مختلفة لفقهاء من عدة مذاهب شائعة، ممن لایقول أغلبهم بصحة الوقف علی الصوفیة (ص 47 ومابعدها). ودحض رأي الغزالي في إحیاء علوم الدین بشأن الصوفیة و قال إن الإحیاء لیس کتاباً فقهیاً، لذا لایمکن اتخاذه معیاراً. ثم إن المؤلف الذي نظر إلی الموضوع نظرة حیادیة، رأی أن التصوف في تطلیق الدنیا ولیس في المظهر الخارجري للمتصوفة و بقیة عاداتهم و تقالیدهم. ولهذا السبب، انبری لنقل أحادیث و روایات في فضیلة کسب الرزق الحلال (ص 60 ومابعدها).

نشر محمد عیسی صالحیة الموفي استناداً إلی مخطوطته الفریدة المعروفة المحفوظة في المکتبة السلیمانیة مع مقدمة حول موضوع الکتاب و مؤلفه و تعلیقات وافیة، في الکویت سنة 1408هـ/ 1988م.

آثاره المخطوطة

1. الإمتاع في أحکام السماع، کتاب في الموسیقی، قیل إنه دلالة علی‌ علم الأدفوي الواسع في هذا الفن (ظ: الصفدي، الوافي، 11/ 100؛ الإسنوي، 1/ 170؛ المقریزي، المقفی، ن.ص؛ حاجي خلیفة، 1/ 167). وتوجد لهذا الکتاب عدة مخطوطات (ظ: GAL, II/ 39; GAL, S, II/ 27)، ومن بین منتخَبَیه تجدر الإشارة إلی منتخب أبي حامد المقدسي المسمی تشنیف الأسماع (حاجي خلیفة، أیضاً GAL، ن.صص).

2. البدر السافر و تحفة المسافر، ویتضمن تراجم رجال القرن 7هـ، ترجم فیه أیضاً لرجال القرنین 5 و 6هـ. وقیل إن المؤلف کان قریباً من أسلوب ابن خلکان في وفیات الأعیان (ابن قاضي شهبة، 3/ 24؛ أیضاً ظ: الصفدي، أعیان، ن.ص؛ ابن حجر، 2/ 85؛ حاجي خلیفة، 1/ 230). وتوجد لهذا الکتاب أیضاً مخطوطة (ظ: الزرکلي، 2/ 123؛ GAL، ن.ص).

3. الغرر المأثورة و الدرر المنظومة و المنثورة، ذکره ابن قاضي شهبة (ن.ص)، ویبدو أنه کان مجموعة أعدها المؤلف لنفسه.

4. فرائد الفوائد و مقاصد القواعد، في علم الفرائض، توجد له مخطوطة بمکتبة غوتا (ظ: محمدحسن، «ن»؛ الزرکلي، أیضاً GAL، ن.صص).

وقد أشار الأدفوي في الموفي (ص 46) إلی أثر آخر له یحمل عنوان الإسعاف و موضوعه التصوف، و هو غیر موجود الآن.

المصادر

ابن تغري بردي، المنهل الصافي، القاهرة، 1984-1990م؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد، الدرر الکامنة، حیدرآبادالدکن، 1393هـ/ 1973م؛ ابن رافع السلامي، محمد، الوفیات، تقـ: عبدالجبار زکار، دمشق، 1986م؛ ابن ظهیرة،محمد، الفضائل الباهرة، تقـ: مصطفی السقا وکامل المهندس، القاهرة، 1969م؛ ابن قاضي شهبة، أبوبکر، طبقات الشافعیة، حیدرآبادالدکن، 1399هـ/ 1979م؛ الأدفوي، جعفر، الطالع السعید، تقـ: سعد محمد حسن، القاهرة، 1966م؛ م.ن، الموفي بمعرفة التصوف والصوفي،تقـ: محمدعیسی صالحیة، الکویت، 1408هـ/ 1988م؛ الإسنوي، عبدالرحیم، طبقات الشافعیة، تقـ: عبدالله الجبوري، بغداد، 1390هـ/ 1970م؛ حاجي خلیفة، کشف؛ الزرکلي، الأعلام؛ السبکي، عبدالوهاب، طبقات الشافعیة الکبری، القاهرة، 1324هـ؛ السخاوي، محمد، الإعلان بالتوبیخ، تقـ: ف. روزنثال، بغداد، 1382هـ/ 1963م؛ م.ن، الذیل التام علی دول الإسلام، تقـ: حسن إسماعیل مروة و محمود الأرناؤوط، بیروت/ الکویت، 1413هـ/ 1992م؛ السیوطي، حسن المحاضرة، تقـ: محمد أبوالفضل إبراهیم، القاهرة، 1387هـ/ 1967م؛ الصفدي، خلیل، أعیان العصر، تقـ: فؤاد سزگین، فرانکفورت، 1410هـ/ 1990م؛ م.ن، الوافي بالوفیات، تقـ: شکري فیصل، فیسبادن، 1410هـ/ 1990م؛ م.ن، الوافي بالوفیات، تقـ: شکري فیصل، فیسبادن، 1401هـ/ 1981م؛ محمدحسن، سعد، مقدمة الطالع السعید (ظ: همـ، الأدفوي)؛ المقریزي، أحمد، الخطط، القاهرة، 1270هـ؛ م.ن، السلوک، تقـ: محمد مصطفی زیادة، القاهرة، 1958م؛ م.ن، المقفی الکبیر، تقـ: محمد الیعلاوي، بیروت، 1411هـ/ 1991م؛یاقوت، البلدان؛ و أیضاً:

GAL; GAL, S.

علي بهرامیان/ هـ