أَدوارُ سُلطانيّ، کتاب في الموسیقی باللغة الفارسیة دالٌّ علی الارتباط بین الموسیقی الإیرانیة والترکیة. لایعرف مؤلفه علی وجه الدقة. ومع أن اسم شمس الرومي یلاحظ فیه عدة مرات، فإنه یشک في نسبة الکتاب إلیه. لکن نظراً لوجود شعر فیه ورد في أحد أشطره اسم محمدخان: «ملک ملوک العالم محمدخان»، فقد وجد رأي یقول إنه ینبغي أن یکون قد أُلف في عهد السلطان محمد الفاتح سابع السلاطین العثمانیین (847-886هـ، بتناوب) (دانش‌پژوه، 19-20).

توجد لکتاب أدوار سلطاني مخطوطات عدیدة منها مخطوطة بودلیانا، ومخطوطة مجموعة المتحف البریطاني،ومخطوطة باریس، ولکن لما کانت هذه النسخ تختلف فیما بنیها اختلافاً واسعاً من حیث المضامین و الأشعار الواردة فیها، لایمکن الحکم بشأنها بسهولة، من ذلک مثلاً أنه تشاهد في هذه النسخ أسماء کثیر من الموسیقیین غیر مرفقة بأیة معلومات عنهم، فأشخاص مثل الشیخ صفا السمرقندي والجنید الدشتي ونصیرالدین الإسکندراني (ظ: م.ن، 19)، هم جمیعاً مجهولون، أو مغمورون.

کما تلاحظ خلاله أسماء فنانین من أمثال عبدالمؤمن (یبدو أنه صفي‌الدین الأرموي، تـ 693هـ/ 1294م)، وعبدالقادر (لمراغي، تـ 838هـ/ 1434م)، ورضوان شاه (ن.ص) الموسیقي المعروف في بلاط السلطان حسین الجلائري (776-784هـ/ 1374-1382م)، الذي کتب عبدالقادر المراغي شرحاً وافیاً حول رهانه معه في تبریز سنة 778هـ (جامع الألحان، 243-244)، الذین یعدّون من الوجوه البارزة الشهیرة في تاریخ الموسیقی الإیرانیة.

ویبدو أن مؤلف أدوار سلطاني في تسمیته مؤلَّفه، متأثر بکتاب الأدوار لصفي الدین الأرموي، لکنه استخدم مصطلح الأدوار مع تغییر في المعنی. فصفي الدین و کما أوضح في الأدوار، أطلق اسم الأدوار علی الدور، أو الأدوار الناتجة عن ترکیب الأنواع السبعة لذي الأربع، أو الطبقة الأولی (ظ: المراغي، شرح الأدوار، 155)، والأقسام الاثني عشر لذي الخمس، أو الطبقة الثانیة (ن.م، 156). وبالنتیجة کان عدد الأدوار بحسب رأي صفي‌الدین یبلغ 7×12=84 (ط القاهرة، 147)، التي یقول عبدالقادر المراغي إن ذوات الخمس کانت في الأصل 13 قسماً، ترک صاحب الأدوار القسم الثالث عشر منها فارغاً، و قام عبدالقادر بملء ذلک الفراغ (ن.م، 157، 177).

وقد شرح صفي‌الدین الأرموي بدقة جدیرة بالثناء الترکیب اللحني لهذه الأقسام الأربعة والثمانین، ولأجل أن یجعل مفاهیمها الموسیقیة أکثر وضوحاً، بیّن کل واحد منها بشکل دائرة (المخطوطة، 16-19)، أوضحها بعده عبدالقادر المراغي بجداول خمسة مرةً، ویسبع دوائر مرة أخری (ن.م، 168-173). ومصطلحا الدائرة والدور اللذان کانا یجمعان بشکل دوائر وأدوار، هما تقریباً نفس المقام، أو السلم، ذلک أن السلم هو أیضاً عبارة عن النوتات التي تأتي متتابعة وترتبط مع بعضها کحلقة. وعلی هذا، فکلمة الأدوار استخدمت في اسم هذه الرسالة بتوسع في المعنی. وفي الحقیقة فإنه ینبغي عدّها بمعنی الألحان. ومصطلح سلطاني أیضاً له معنی ذو علاقة بالبلاط. وبمجموعهما، فإن الأدوار السلطانیة کانت ألحاناً ملکیة تؤدی في البلاط العثماني؛ مثل الخسروانیات التي تنسب إلی باربذ الموسیقي في العهد الساسانط و المعاصر لخسرو أبرویز.

وبالرغم من وجود اختلافات کبیرة بین مخطوطات أدوار سلطاني، فإن هذا الکتاب دلیل علی ترابط الموسیقی الإیرانیة والعثمانیة (الترکیة). ولهذا یُعدّ مصدراً یمکن الاستفادة منه وجدیراً بالاهتمام. فأدوار سلطاني یظهر مثلاً کیف تغلغلت الموسیقی الإیرانیة التقلیدیة في الموسیقی الترکیة نتیجة التبادل الثقافي بحیث یُلاحظ في الترکیة: عمل، ثقیل، خفیف، تصنیف، راست، عراق، دوگاه، رهاوي، سلمک، گردانیه، بسته نگار، بزرگ، نشابورک، نهفت، سبز أندرسبز، حسیني، مبرقع، نوی، عشّاق، وعدد کبیر آخر من مصطلحات الموسیقی الإیرانیة (ظ: دانش‌پژوه، 19)؛ ونخص بالذکر سبز أندر سبز الذي یذکّر بواحد من الألحان القدیمة المنسوبة لباربذ الموسیقي الشهیر الذي عاش في العصر الساساناني وقد ذکر أنه اللحن التاسع من ألحان باربذ الثلاثین (برهان قاطع، 1081، 1207-1208)، وإن شیوعه حتی زمن تألیف، أو استنساخ مخطوطة أدوار سلطاني، أمر مثیر للاهتمام جداً.

وقد استخدم في هذا الکتاب الأسلوب الإیراني القدیم في کتابة النوتة الموسیقیة، بأن یکتب اسم کل نغمة بحسب الحروف الأبجدیة، وتکتب الفاصلة الزمنیة تحت کل حرف بشکل عدد (ص 4-5، مخـ).

وینبغي أن لانغفل عن أن من بین أسماء الألحان التي ذکرت في أدوار سلطاني، توجد نماذج یُشک فیها، یجدر حملها علی عدم دقة الناسخ في الکتابة.

المصادر

أدوار سلطاني، النسخة المصورة الموجودة في مکتبة المرکز؛ برهان قاطع لمحمد حسین بن خلف التبریزي، تقـ: محمدمعین، طهران، 1357ش؛ دانش‌پژوه، محمدتقي، «أدوار سلطاني»، هنر و مردم، طهران، 1355-1356ش، عد 173-174؛ صفي‌الدین الأرموي،الأدوار، مخطوطة مکتبة کلیة الإلهیات بمشهد، رقم 586؛ م.ن، ن.م، تقـ: غطاس عبدالملک خشبة ومحمود أحمد الحفني،القاهرة،1986م؛ المراغي، عبدالقادر، جامع الألحان: تقـ: تقي بینش، طهران، 1366ش؛ م.ن، شرح‌الأدوار، تقـ: تقي بینش، طهران، 1370 ش.

تقي بینش/ هـ.