إدریس
cgietitle
1443/3/1 ۱۰:۵۰:۱۸
https://cgie.org.ir/ar/article/237052
1447/5/15 ۱۵:۳۷:۳۸
نشرت
6
من الأمور الأخری الجدیرة بالبحث في شخصیة إدریس هو اعتباره نفسه هرمس الحکیم، مما یحتمل معه أن تکون له جذور في العصر الهلیني و سیادة الفکر الیوناني في الأدراضي الواقعة في حوضي دجلة و الفرات و حوض وادي النیل. و إن واحداً من أقدم مواضع ذکر اسم هرمس إلی جانب إدریس في الکتب الإسلامیة التي بین أیدینا، هو کتاب التربیع للجاحظ (ص 26)، ومن بعده ورد الحدیث بشکل مفصل عن هرمس في آثار أمثال أبي معشر البلخي (ظ: ابن جلجل، 5-6) وأبي سلیمان السجستاني (ص 184-189) ورسائل إخوان الصفا (1/ 138، 297، مخـ) وآثار أخری، وتم فیها تبیان الآراء المنسوبة إلیه (الهرمسیة). واستناداً إلی بعض المصادر، فإن الإیرانیین أیضاً لقّبوا هرمس بابن جهد (؟) و عدّوه منهم، و اعتبروا کیومرث جداً له، بل إن البعض اعتبره نفس بوذاسف،کما أن الصابئة کانوا یعتبرونه نبیهم (ظ: المسعودي، التنبیه...، 161؛ ابن أبي أصیبعة، 1/ 17، 29).
ولأجل فصل هرمس الذي یتطابق و إدریس عن بقیة الهرامسة، فقد دعاه البعض هرمسَ الأول، أوهرمس الهرامسة وقالوا إنه ولد في مصر بمدینة من، قبل الطوفان (ابن فاتک، 7) و درس العلوم علی آغاثوذیبمون، أو شیث. ویحظی آغاثوذیمون الذي اعتبره الشهرستاني (2/ 4) أیضاً هو شیث نفسه، بمکانة سامیة لدی الصابئة، وکان أول من تحدث عن حرکات النجوم و الأجرام السماویة، و وضع أسس علم الطب، وبنی مدناً کثیرة. وقد تطورت هذه الأسطورة إلی الحد الذي قال معه البعض إنه صعد إلی کوکب زحل، واطلع علی جمیع أمور الکواکب، ثم هبط إلی الأرض، وعلم الناس علم النجوم. والملفت للنظر، أن الحکایات خصصت بأسرها لتبیان عروج إدریس إلی السماء (ظ: رسائل ...، 1/ 138). وکما هو الحال بشأن إدریس (ظ: الطبري، تاریخ، 1/ 177؛ الیعقوبي، 1/ 11؛ یاقوت، 4/ 968؛ قا: العهد الجدید؛ رسالة یهوذا، العددان، 14، 15)، فقد قیل عن هرمس أیضاً إنه کان علی اطلاع بالبلایا (= الطوفان) التي ستحل بالأرض بعد موته، کما أطلع الناسَ علیها. ولأجل صیانة العلوم عن نزول البلاء فقد بنی الأهرام في مصر و رسم صوراً تظهر الآلات و العلوم المختلفة لیتمکن الناس بعد الطوفان من بلوغ تلک العلوم و المعارف (ابن فاتک، 11-26؛ أبوسلیمان، 98، 184؛ ابن بطوطة، 1/ 59-60؛ أبوعبید، 1/ 345). ورغم ماقیل من أن إدریس عرج إلی السماء و ذهب من هناک إلی الجنة و أقام فیها (ظ: السطور السابقة) فإن البعض یعتقد أن الأهرام هي مقبرة إدریس (= هرمس) وأستاذه آغاثوذیمون، بل ورد الحدیث عن شاهد عیان و هو أن الصابئة اجتمعت حوله لأجل ذلک و کانوا یؤدون فریضة الحج (المسعودي، ن.م، 19؛ الإدریسي، 21-22، 94، 98، مخـ؛ المقریزي، 1/ 114؛ أیضاً ظ: بلوشه، 717 ومابعدها).
ومهما یکن، فقد نسبت خلال قرون طویلة لشخصیة هرمس – إدریس مؤلفات عدیدة یمکن أن نشیر إلی ماذکره ابن الندیم (ص 373، 417-418) کنموذج علی ذلک (أیضاً ظ: شتاین شنایدر، 184-197؛ ماسینیون، 656 ومابعدها). کما نُسب إلیه شيء من الکلام الوعظي (مثلاً ظ: الشهرزوري، 39-63).
توجد في المصادر الشیعیة روایات ترتبط بوضوح بمسألة الغَیبة و یرد فیها أن إدریس أول المصطفین الإلهیین الذي غاب عن أمّته، وکان بعد ظهوره قد أمبل أتباعه بالفرج و مجيء نوح (ع) (ظ: ابن بابویه، کمال...، 125). و استناداً إلی هذه الروایات التي تطابقت فیها حکایة إدریس مع حکایة إلیاس النبي، فإن إدریس الذي کان قد کُلّف بهدایة قومه، اختفی عن الأنظار إثر عصیانهم أوامر الله (ن.م، 125-130؛ ابن طاووس، 124-126؛ الراوندي، 2/ 924-925؛ المسعودي، إثبات، 17-19؛ أیضاً ظ: ن.د، إلیاس). وربما کان لتطابق شخصیة إلیاس مع إدریس أصل في تفسیر الآیتین 123 و 130 من سورة الصافات، ذلک أن هاتین الآیتین قرئنا في القراءة الشاذة لأمثال ابن مسعود والأعمش والحکم بن عتیب بشکل «إن إدریس» و «سلام علی إدْراسین» علی التوالي، بل ورد عن ابن مسعود و قتادة و الضحاک بروایات مختلفة أن إلیاس هو نفسه إدریس (ظ: الطبري، تفسیر، 23/ 58؛ الشیخ الطوسي، 4/ 194؛ ابن خالویه، 128؛ الزمخشري، الکشاف، 3/ 352؛ ابن کثیر، البدایة، 1/ 316). ولدی المقارنة، یجدر التأمل في أنه ورد بحق إلیاس أیضاً أنه صعد إلی السماء کما هو الحال مع إدریس (ظ: السورآبادي، 360).
وفضلاً عما قیل فجدیر بالذکر أن إدریس في روایة – کما في حکایة إبراهیم (ع) – ینظر إلی السماء والأرض والقمر والشمس و الکواکب، فیدرک خالقها. و ورد في بقیة هذه الروایة أن إدریس من خلال نشره عقیدته، دعا سبعة أشخاص إلی التوحید، وازداد عددهم بمرور الزمان، فاختار إدریس علی عدة مراحل سبعة أشخاص من بین المؤمنین، و رفع یدیه معهم بالدعاء، و بذلک بعثه الله نبیاً (ابن بابویه، علل ...، 27-28).
ویلاحظ تطابق إدریس مع أوزیریس في آثار المعاصرین أیضاً (ظ: قطب، 2314، 2392؛ أیضاً ظ: السطور الماضیة). واعتبار التطابق هذا تابع من أن أوزیریس کان قد علم المصریین أولاً الزراعة و التعدین، کما یبدو أن التابوت الذي ضم جثمان أوزیریس حملته أمواج البحر إلی سواحل بیبلوس فاستقر علی جذع شجرة، وإثر نمو الشجرة أصبح أکثر ارتفاعاً عن سطح الأرض (غریمال، 2/ 612)، مما یحتمل معه أنه اعتبر هو نفسه عروج إدریس.
وفي الروایات الخاصة بمکان عیسی (ع) في السماء أیضاً، ورد الحدیث عادة عن إدریس معه (ظ: الطبري، ن.م، 11/ 72؛ ابن عساکر، 3/ 82). وفي بعض آثار الشیعة الإمامیة تمت المقارنة بین تمتع إدریس بنعم الجنان في السماء و تمتع النبي (ص) بهذه النعم في الدنیا (الراوندي، 2/ 904؛ الطبرسي، أحمد، 315). کما یحظی إدریس في فکر الإسماعیلیة بمکانة متمیزة، و فضلاً عن أنهم یعتبرونه وصي شیث بن آدم وإماماً من بعده، فإنهم یرون نزول الآیة 57 من سورة مریم دلالة علی رضی الله عنه (القاضي النعمان، 73، 108). ویعتبر بعض الکتّاب المسلمین أیضاً موضعاً من مسجد الکوفة مقاماً لإدریس (ظ: الهروي، علي، 78؛ ابن عبدالمنعم، 502؛ المجلسي، 97/ 434). وأوردوا استناداً إلی روایة عن الرسول (ص) أن عروج إدریس إلی السماء کان في یوم عاشوراء (سراج الأندلسي، 3/ 172).
طُرحت عدة أسئلة بشأن «عروج» إدریس، أحدها هو هل المقصود بایة «ورفعناه مکاناً علیاً» (مریم/ 19/ 57) هو السموّ المعنوي وبلوغ منزلة روحانیة. أم المقصود هو الصعود إلی السماء (مثلاً ظ: وهب، 22؛ فخرالدین الرازي، 21/ 233). واعتبر فریق من أمثال الزمخشري (الکشاف، 2/ 513) والطباطبائي (14/ 64) أنه نیل مقامات نبویة وإلهیة، بینما رأی عدد کبیر آخر أنه مادي و جسماني وغالباًما ذکروا السماء الرابعة – و بعضهم السماء السادسة، أو السابعة – مکاناً لإدریس (مثلاًظ: الطبري، تفسیر، 8/ 72-73؛ وهب، ن.ص)، إلا أن هذه المعاني تلاحظ في التصوف و الفلسفة الإسلامیة بشکل مختلف، فالمتصوفة و الفلاسفة أیضاً ینظرون إلی إدریس بوصفه واحداً من الأنبیاء العظام و غالباً مایضعونه في مصاف آدم و إبراهیم (ع) وحتی النبي الأکرم (ص) (مثلاً ظ: السهروردي، 3/ 76؛ عین القضاة، 46). والنظرة العامة إلیه تدل علی وجوده في الأفلاک (ظ: الشبستري، 739). ورغم الرأي الشائع الذي یتحدث عن وجود إدریس في السماء الرابعة، فإن البعض مثل عین القضاة (ن.ص) الذین یعتبرون أن السماء الرابعة هي مکان عیسی (ع)، یرون أن إدریس هو في الجنة بصحبة آدم (ع)، ومهما یکن، فاستناداً إلی تصورات المتصوفة والفلاسفة فإن بلوغ هذه المنزلة و الاطلاع علی حقائق غیر متیسرة للجمیع، تمّ دون إرشاد أستاذ و شیخ (ظ: السهروردي، ن.ص). وکلذلک نتج ببرکة الإعراض عن الرغبات و الآمال و الانعتاق من قیود النفس، و تطهیر الجسد و الروح و الإکثار من الریاضات (مثلاً ظ: الهروي، أحمد، 186؛ اللاهیجي، 259-260؛ الجامي، 137-139).
وحضور إدریس المستمر في التصوف و الفلسفة الإسلامیة مدین لابن عربي الذي خصص لإدریس الفص الرابع من کتابه فصوص الحکم الخاص بالحکمة القدوسیة. وقد أورد صدرالدین القونوي (ص 28) في اتصاف إدریس بالصفة القدوسیة أنه و بسبب قدسیته أصبح روحانیاً وبلغ الکمال وانسلخ من نقائص المزاج العنصري. ومن وجهة نظر ابن عربي الذي یری أن للأفلاک 15 طبقة (7 أفلاک علویة، 7 سفلیة، وفلک في وسطها) فإن الفلک الوسطي الذي هو في الحقیقة ثامن الأفلاک و «أعلی الأمکنة» ویسمیه ابن عربي فلک الأفلاک، أو فلک الشمس، مکان إدریس الروحاني (فصوص...، 75). ویعتقد الجندي أن عبارة «أعلی الأمکنة» تدل علی الجمع بین منزل و منزلة فلک الشمس (المکانة و المکان) و لأنه مکتنف من قبل المجموعتین المکونة کل منهما من «7 أفلاک» فهو یتمتع بمکان عليّ، ولما کان یحتل مکاناً بین بقیة الأفلاک کفص منتخب، وقد أضيء بالأنوار الرحمانیة، فله مکانة عالیة (ص 317-318، 326). ویظهر ابن عربي الذي اعتبر في قسم آخر من کتابه إدریسَ هو نفسه إلیاسَ و صوّره بشکل رمزي نموذجاً للعقل الإنساني المجرد تماماً من جمیع الرغبات الجسمانیة (ن.م، 181)، یظهر أن الکشف و التجلي یؤدیان في النهایة إلی أن تزاح الحجب جانباً و تزال الأکدار الطبیعیة و الأدران والنقائص ویبدأ السیر و السلوک الروحاني. هکذا یکون بإمکان إدریس بنیله الجانبین الروحاني والجسماني، أن ینسجم مع الملائکة و أن یجالس البشر أیضاً و یعدّ منزهاً عقلاً و روحاً (ظ: ن.ص؛ صدرالدین القونوي، 150؛ الجندي، 593-594؛ الجامي، 137-138)، وهکذا یتقبل إدریس العروج، یرافق الملائکة و الأرواح المجردة، یشارک الکواکب الحدیث ویستقر في قلب الأفلاک (ابن عربي، ن.ص؛ السهروردي، 3/ 308-309؛ شبستري، 259).
ومن آراء ابن عربي التي تناول فیها أیضاً مکانة إدریس نظریة الأبدال السبعة، فهو یعتقد بوجود 7 أبدال لسبعة أقالیم، هم حسب تسلسل القدم عبارة عن: إبراهیم و موسی و هارون و إدریس و یوسف و عیسی وآدم. وکما یلاحظ، فإنه وضع إدریس في التسلسل الرابع.ویری ابن عربي أن جمیع الآثار العلویة، و العناصر الأربعة، و حرکات الأفلاک، وعلم أسرار الروحانیات، وغیرها تتعلق بالإقلیم الرابع، وأن إدریس هو بدل هذا الإقلیم (ظ: الفتوحات ...، 2/ 376-377؛ الهروي، أحمد، 14-15).
لاسمإدریس وجود ملحوظ في الشعر والنثر الفارسیین، وفضلاً عن ذلک، فإنه اعتبر حتی في آثار بعض الکتّاب العرب معاصراً لملوک إیران القدیمة، فمثلاً اعتبر حیناً الملک المعاصر لإدریس هو بیوراسب، بل إن بیوراسب و إدریس ضُمنا في إحدی الحکایات في قالب شخصیتیها أحاب و إلیاس (ظ: الطبري، تاریخ، 1/ 174؛ المسعودي، إثبات، 17 وما بعدها)، وفي حین آخر، اعتبر کیومرث جداً له، ونجد کیومرث یتعلم من إدریس الخیاطة في حکایة أخری (البلعمي، 1/ 128). واعتبر صاحب مجمل التواریخ (ص 89) إدریسَ معاصراً لهوشنک و طهمورث، بینما کان هو نفسه قد أوضح في موضع آخر (ص 39) أن هوشنک اشتغل بعلم النجوم من بعد إدریس.
ویدل اسم إدریس في الشعر و الأدب الفارسیین بوضوح علی مکانه في الثقافة الإیرانیة، و ماورد في هذه الآثار مستقی في الغالب من الحدیث و القرآن و آراء المفسرین، و کنموذج فإن ناصرخسرو (ص 186) و باطلاعه علی ماورد في الآثار الإسلامیة عن نبوته، یشیر إلی تسلسل نبوة شیث وإدریس و نوح. و قد ضمن أغلب الکتّاب بالفارسیة آثارهم مفاهیم مفعمة بنصائح إدریس و مواعظه، و تناول بعضهم في آثاره حکمة إدریس واضعاً علمه نصب عینیه، و ذموا عبادة المال و کنز الذهب من خلال إشارات إلی احترام تعلّم العلم و الأدب (ابن یمین، 451؛ رشید الوطواط، 25؛ سلمان الساوجي، 583)، واهتم البعض الآخر بعروجه إلی السماء و دخوله الجنة (السنائي، 263). والملفت للنظر هنا مکانة إدریس السماویة في هذه الآثار. و رغم أن إدریس في آثار المفسرین و الرواة المسلمین له مکان في السماء الرابعة، إلا أن الخاقاني (ص 23، 83، 153، مخـ) و الأبرقوهي (ص 147) یذکران السماء الثامنة علی أنها مکان إدریس.
وفضلاً عن إشارته إلی مکانة إدریس في علم النجوم، تحدث المولوي (الدفتر 4، البیت 2672، الدفتر 6، البیت 2985 و مابعده) عن کونه في مرتبة واحدة مع الکواکب. کما انبری العطار لتبیان التضاد بین إدریس و إبلیس (ص 569).
و فضلاً عما ذکر في السطور الماضیة بشکل متناثر، فقد جری الاهتمام في الآداب الیهودیة والمسیحیة بشکل أکبر بانتقال إدریس إلی الجنة و وجوده فیها و صیرورته فردوسیاً. و هذه المعطیات المستفاة مما ذکر في سفر التکوین (5: 22-24) والرسالة إلی العبرانیین (11: 5) و رسالة یهوذا (الإصحاحان 14 و 15) في العهدین، اتخذت شکلاً جدیداً تماماً بعد تألیف آثار أخنوخ الأبوکریفیة (ظ: القسم الآتي من المقالة). واستناداً إلی ماجاء في العهدین فإن أخنوخ کان مع الله لمدة 300 سنة وعاش علی الأرض ما مجموعه 365 سنة، وقد أنباً عن حکم الله في الأرض في المستقبل؛ وکان یتمتع من الإیمان بقدر حظي معه برضا الله، لهذا نقله الله إلی الجنة لئلا یذوق الموت (ن.صص).
ویری بعض مفسري الکتاب المقدس أن اختلاط أولاد شیث و قین (قابیل) و ازدیاد الرذیلة، أدی إلی بعث أخنوخ (إلیکات، I/ 34). وقد کان أقدم معلم وقف نفسه علی عبادة الله، وتمکن بدعم من الروح الإلهیة التي کانت ترافقه علی الدوام، أن یتطهر بالریاضات الروحیة من جمیع الأدران و یوفق لدخول الجنة التي کان آدم (ع) قد هبط منها (کلارک، I/ 66-67, II/ 763؛ إلیکات، ن.ص). وبنظرة إلی عمره الذي دام 365 سنة، یعتبره کلارک (I/ 67) تمثیلاً لأیام سنة شمسیة واحدة (365 یوماً)، ویعد ذلک دلالة علی صفة نورانیة لدی أخنوخ. واستناداً إلی ماورد في الأدب الأبوکریفي، فإنه و بعد انتقاله إلی السماء و لأجل أن یتطهر تماماً، أصبح و بواسطة ملک بشکل طفل أرصل لفترة إلی الأرض مرة أخری (ERE, II/ 152, IV/ 599). ثم هدته الملائکة إلی الفردوس الأعلی. و في البدء نقله ملاک السلام إلی الجنة الأولی، و من بعدها أُمر جبریل أن یوصله إلی الفردوس الأعلی (ن.صص). و یقال إن أخنوخ مکلف بالأمور السماویة و الفردوسیة، ویختار من بین الملائکة معاونین له في أداء هذه المهمات (ن.م، I/ 457). و ورد أیضاً أن أخنوخ معلِّم الجنة و الأرض و مدوِّن الحسنات و ینظر في حسنات البشر و سیئاتهم برفقة ملکین یعدان معاونین له (ن.م، X/ 606).
ومهما یکنف فقد خلّفت أسفار أخنوخ و بشکل خاص، الروایة المترجمة إلی الحبشیة تأثیرات عمیقة في الکتب الیهودیة و المسیحیة. و یمکن مشاهدة هذه التأثیرات بوضوح في آثار مثل صعود موسی و باروخ الثاني و عزرا الرابع، کما یلاحظ هذا التأثیر کثیراً في کتب العهد الجدید (الأسفار القانونیة و الأبوکریفیة) التي تعد رسالة یهوذا النموذج البارز لها. و ربما کان أهم هذه التأثیرات التي انتقلت إلی آثار المسیحیین، مفاهیم و تعابیر مثل الطیعة الروحانیة للمسیح، المسح بالزیت، استخدام ألقاب للمسیح مثل ممسوح و مسیح و ابن الإنسان (ظ: «کتاب أخنوخ»، 214, 277، مخـ؛ أیضاً ظ: حبیب، 1/ 130؛ ریتشاردسون، 130). والموضوع الأخیر حظي باهتمام کبیر من الباحثین وکان سبباً في کتابة مقالات بهذا الشأن مثل مقالات غري تحت عناوین «المسیح الملک...»، «الإیمان بالمسیح في کتاب أخنوخ»، «الإیمان بالمسیح ... و علم الکلام الیهودي». وهنا أیضاً فإن مسألة مهمة مثل الدسس العقائدیة للناس خلال حیاة عیسی (ع) بشأن المسیح و تأثرها بأسفار أخنوخ، کانت موضعاً للخلاف (ظ: ریتشاردسون، ن.ص). وأخیراً ینبغي التذکیر بأن أخنوخ طُرح – إلی جانب إیلیا – بوصفه أحد المعارضین «المناوئین للمسیح» الذین یقفون في مواجهته (ERE, I/ 580). کما یقال إن حکایة صعود أخنوخ لها نظیر في الحکایات الدینیة البابلیة مما یمکن أن تکون إحداهما قد تأثرت بالأخری، أو أن یکون لهما مصدر واحد (ن.م، I/ 444؛ جاکویس، 212).
استناداً إلی المصادر الإسلامیة، فإن صحفاً عدة نزلت علی إدریس قیل غالباً إنها 30 صحیفة (مثلاً ظ: ابن قتیبة، 13؛ المسعودي، إثبات، 17؛ ابن بابویه، الخصال، 524). و تصور بعض قدماء المفسرین مثل وهب بن منبه في تبیانه لمعنی الثلاثین صحیفة أنها کتاب واحد یتضمن 30 جرءاً. کما جری الحدیث أحیاناً عن 50 صحیفة أیضاً (ظ: المقدسي، 3/ 2؛ الاختصاص، 264). ورغم أنه لمیصرح بصحف إدریس في القرآن، إلا أن صحفه اعتبرت أحد مصادیق «الصحف الأولی» (الأعلی/ 87/ 18) (ظ: المسعودي، ن.ص). و إن مایلاحظ في المصادر بشأن کثرة تعلیم النصوص الإلهیة عن إدریس (الجوهري، 2/ 927؛ ابن قتیبة، ن.ص)، یمکن أن یعود علی تعلم صحفه هو أیضاً. وقد وردت ضمن بعض الکتب الإسلامیة مقاطع من الکتابات التي سمیت صحف إدریس. و من جهة أخری، فقد نسبت أیضاً صحف إلی أخنوخ الواردة في العهدین تعد من الأسفار الأبوکریفیة للعهد العتیق. و الکتب المنسوبة لإدریس – أخنوخ استناداً إلی التخمین التاریخي لتألیفها هي:
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode