الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفلسفة / الإدراک /

فهرس الموضوعات

الإدراک

الإدراک

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1443/2/28 ۱۵:۴۵:۵۴ تاریخ تألیف المقالة

اَلْإدْراک، مصطلح فلسفي یعني حصول صورة الشي عند النفس، أو الذهن.

ویعني في اللغة اللقاء والوصول، وفي اللغة الفارسیة بمعنی الفهم وبلوغ الثمرة حدّ النضج و وصول الصبي مرحلة البلوغ (الزوزني، 2/ 56؛ دهار، 2/ 915؛ التهانوي، 1/ 484). ویتحدث عبدالرزاق اللاهیجي عن اشتراک مصطلحات «شِناختَن» و«دانِستَن» و«دَریافتَن» في اللغة الفارسیة من حیث المعنی مع کلمات المعرفة والعلم و الإدراک في اللغة العربیة في بعض الاستخدامات واقتراب معانیها من بعضها في استخدامات أخری (ص 53-55). وربما اعتبر الإدراک والعلم أحیاناً بمعنی واحد بسبب هذا التقارب في المفهوم (ظ: ن.د، العلم).

وقد سعی کثیر من الفالسفة إلی تقدیم تعریف دقیق للإدراک، وقد أورد القوشجي، أحد شراح تجرید الاعتقاد المعروفین ومع أخذه بنظر الاعتبار التفاسیر المختلفة التي قدّمها المفکرون، في شرحه تقریراً عن معاني الإدراک (ص 252 ومابعدها). وذکر التهانوي خلاصة کلام القوشجي مع حذف تعاریف مراتب الإدراک (ن.ص)؛ یقول القوشجي: للإدراک معنیان: عام وخاص. المعنی العام متعلق بالاستخدام الفلسفي، والمراد به أي نوع من المعرفة؛ والمعنی الخاص هو نتیجة نظرة کلامیة ویطلق فحسب علی الإحساس (الإدراک الحسي) (ن.ص).

ومن وجهة نظر الفلاسفة فالإدراک صورة لشيء مدرَک، یحصل في عقل، أو ذهن المدرِک صورة یمکن أن تکون مجردة، أو مادیة؛ جزئیة، أو کلیة؛ جوهراً، أو عرضاً؛ حاضرة، أوغائبة. ویمکن أن تکون هذه الصورة أیضاً حاضرة في الذات، أو في إحدی آلات الإدراک مثل آلة البصر، أو السمع (م.ن، 252؛ التهانوي، ن.ص). والتعریف الذي یقدمه ابن سینا للإدراک بأسلوب آخر، یوضح هذا المعنی. وعلی هذا التعریف فالإدراک هو تلقي صورة المدرَک بنحو من الأنحاء. وفي إدراک الظواهر المادیة یحصل الإدراک بمجرد أن یجرد المدرِک صورةَ المدرَک (ص 50).

لکن نطاق معنی هذا المصطلح مقتصر في آثار أغلب المتکلمین وبعض الفلاسفة علی الإدراک الحسي (ظ: العلامة الحلي، 249). ویتحدث إمام الحرمین الجویني عن الإدراکات الخمسة و یعددها علی النحو التالي: إدراک البصر الخاص بالمرئیات؛ إدراک السمع الخاص بالأصوات؛ الإدراک الخاص بالروائح؛ الإدراک الخاص بالمتذوّقات (الطعوم)؛ الإدراک الخاص بالحرارة والبرودة واللین و الخشونة، ثم یقول إن الحاسة في مصطلح المتکلمین هي الجارحة التي یقوم ببعضها الإدراک 0ص 173). وکما ورد في المحصل لفخرالدین الرازي وتلخیص المحصل لنصیرالدین الطوسي أن الإدراکات، أي الحواس اعتبرت خمساً، وأن أبابکر الباقلاني أضاف إلیها إدراک الألم واللذة (ظ: نصیرالدین، 172؛ أیضاً ظ: الشهرستاني، 350).

وإلی جانب آراء الأشعري و أتباعه، فإن الشریف المرتضی متکلم الإمامیة الشهیر اعتبر بدوره الإدراک هو وجدان المرئیات وسماع الأصوات و غیرهما (ص 151). ویقول مقداد السیوري المتکلم الإمامي الآخر إن الإدراک هو اطلاع الکائن الحي علی الأمور الخارجیة بواسطة الحواس الخمس (إرشاد...، 123-124، اللوامع 58,000).

وینبغي أن نعرف أن الإدراک الحسي لایقتصر علی العلاقة المباشرة بین الظاهرة المادیة و الحواس الخمس، بل المراد به المعرفة التي تحصل عن الظاهرة الجزئیة بواسطة الحواس الظاهریة و الباطنیة، و تشمل الخیال و الوهم أیضاً، ذلک أن هذین الاثنین یتلقیان من المحسوسات أیضاً (ظ: اللاهیجي، 30). والخیال، أو التخیل هو حضور صورة جزء محسوس في الذهن، سواء أکانت الظاهرة الحسیة حاضرة عند المدرِک، أم لم‌تکن، والقوة الواهمة أیضاً تدرک المعاني غیر المحسوسة المرتبطة بالظواهر، أو الأمور الجزئیة مثل إدراک علمیة فلان، أو حنانه. و علی هذا فالإدراک بالمعنی الخاص هو إدراک الأمور الجزئیة و هو علی 3 أقسام: الحس والخیال والوهم. ویمکن اعتبارها أیضاً وبحسب التسلسل إدراکاً جزئیاً. والإدراک بالمعنی الخاص في مقابل إدراک المفاهیم الکلیة المجردة (مثل مفهومي إنسان وأحمر) وکذلک الأمور غیر المادیة،تقع خارج نطاق التجربة، وهذا الإدراک لایحتاج إلی جارحة حسیة، وهو عمل العقل، أو النفس الناطقة بشکل مباشر.

ولتبیان العلاقة بین المعاني المختلفة للعلم والإدراک، یمکن استخدام نسب التساوي و التباین و العموم و الخصوص المطلق:

ألف- التساوي: کما أن الإدراک بمعناه العام یقاس بالعلم في المعنی العام، أي أن مطلق الإدراک یقارن بمطلق العلم، فالنسبة بین هذین الاثنین ستکون نسبة تساوٍ. وکما بیّن الجرجاني، فإن حصول صورة الشيء عندالعقل (= العلم) وحصول صورة الشيء عند النفس الناطقة (= الإدراک)، هما أمر واحد. وهذا المعنی العام یُقسم أیضاً إلی تصور وتصدیق. ویشمل درجات الإدراک الأربع: الحسیة والخیالیة و لاوهمیة والعقلیة. وبحسب تعبیره، فإن الإدراک و العلم بالمعنی العام الذي هو عبارة عن حصول صورة الشيء عند النفس الناطقة، أو تمثیل حقیقة الشيء وحده منغیر حکم علیه بنفي، أو إثبات فهو تصور و مع الحکم بأحدهما فهو تصدیق (التعریفات، 6، 67، شرح...، 1/ 86؛ نصیرالدین، 522).

ب- التباین: المعنی الخاص للعلم هو إدراک الکلیات (= التعقل)، والمعنی الخاص للإدراک هو إدراک الجزئیات. فإذا قارنا بین العلم والإدراک بهذا المعنی فإن النسبة بینهما ستکون نسبة تباین. وإن ذلک الفریق من المتکلمین الذین یستخدمون الإدراک بمعنی الإحساس (= الإدراک الحسي) و یفرقون بینه و بین العلم، یستدلون علی ذلک بالشکل التالي: 1. یمکن أن ندرک بوضوح أن علمنا بحرارة النار (المفهوم الکلي للحرارة) مثلاً یختلف عن لمس النار. اللمس – الذي هو الإحساس بالنار، أو إدراکها – مؤلم و محرق. لکن العلم بالنار لیس مؤلماً ولامحرقاً؛ 2. لایمکن اعتبار کل مدرِک عالماً، إذ یمکن اعتبار الحیوانات مدرِکة بینما لایمکن اعتبارها عالمة. لکن علی العکس من ذلک یمکن اعتبار کل عالِم مدرِکاً. ویقول الخواجه نصیرالدین و العلامة الحلي ضمن ذکرهما هذا المعنی إن الإدراک و العلم بالمعنی الخاص هما نوعان مختلفان من جنس واحد، وذلک الجنس هو مطلق الإدراک (ظ: العلامة الحلي، 248-249؛ السیوري، إرشاد، 123-124، اللوامع، 58). واستناداً إلی هذا، فإن التفاوت بین الإدراک بالمعنی الخاص (الإحساس) والعلم بالمعنی الخاص (التعقل) هو في شیئین: 1. أداة المعرفة، بمعنی أن آلة المعرفة في الإدراک هي آلات النفس (الحواس الخمس)، وفي العلم هي النفس بذاتها (العقل)؛ 2. الإدراک (الإحساس) یختص بالجزئیات، بینما یختص العلم بالکلیات (م.ن، إرشاد، 124-125؛ اللاهیجي،30-31). وبحسب رأي نصیرالدین الطوسي، فإن الفرق بین العلم و الإدراک بهذا المعیار، هو الفرق بین نوعینمن جنس واحد، وذلک الجنس هنا هو مطلق الإدراک (ظ: العلامة الحلي،ن.ص).

ج- العموم و الخصوص المطلق: إذا أخذنا بنظر الاعتبار کل واحد من مصطلحي الإدراک و العلم بمعناه العام والآخر بمعناه الخاص، فإن العلاقة بین هذین الاثنین ستکون علاقة عموم وخصوص مطلق: 1. العلم بالمعنی العام، أي سواء أکان حسیاً، أم غیرحسي، والإدراک بالمعنی الخاص هو الإحساس: «کل إدراک علم»، «بعض أنواع العلم إدراک». 2. الإدراک بالمعنی العام یعني أنواعه الأدربعة سواء أکان إدراکاً جزئیاً، أم کلیاً، والعلم بالمعنی الخاص یعني إدراک الکلیات: «کل علم إدراک»، «بعض أنواع الإدراک علم».

ویصرح المتکلمون أن الإدراک بالمعنی العام، إنما یختلف عن العلم بالمعنی الخاص من حیث إنه لایمکن اعتبار کل مدرِک عالماً، کما أنه یمکن اعتبار الحیوانات مدرکة و لایمکن اعتبارها عالمة. واعتبر الخواجه نصیرالدین و العلامة الحلي أن الفرق بین العلم و الإدراک في هذا المعنی هو الفرق بین النوع و الجنس، فالنوع علم و الجنس إدراک (العلامة الحلي، اللاهیجي، ن.صص).

 

المصادر

ابن سینا، الشفاء، الطبیعیات، النفس، تقـ: ج. قنواتي و سعید زاید، قم، 1404هـ؛ التهانوي، محمد أعلی، کشاف اصطلاحات الفنون، تقـ: محمد وجیه وآخرون، کلکتا، 1862م؛ الجرجاني، علي، التعریفات، القاهرة، 1306هـ؛ م.ن، شرح المواقف، تقـ: محمد بدرالدین النعساني، القاهرة، 1325هـ/ 1907م؛ الجویني، عبدالملک، الإرشاد، تقـ: محمدیوسف موسی و علي عبدالمنعم عبدالحمیدي، القاهرة، 1369هـ/ 1950م؛ دهار، بدر محمد، دستور الإخوان، تقـ: سعید نجفي أسداللهي، طهران، 1350ش؛ الزوزني، الحسین، المصادر،تقـ: تقي بینش، مشهد، 1345ش؛ السیوري، مقداد، إرشاد الطالبین، تقـ: مهدي الرجائي، قم، 1405هـ؛ م.ن، اللوامع الإلهیة، تقـ: محمدعلي قاضي الطباطبائي، تبریز، 1396هـ؛ الشریف المرتضی، علي، «الحدود والحقائق»، الذکری الألفیة للشیخ الطوسي، مشهد، 1350ش/ 1391هـ؛ الشهرستاني، محمد، نهایة الأقدام، تقـ: ألفرد غیوم، لندن، 1934م؛ العلامة الحلي، الحسن، کشف المراد، تقـ: إبراهیم الموسوي الزنجاني، بیروت، 1399هـ/ 1979م؛ القوشجي، علي، شرح تجرید الاعتقاد، طبعة حجریة؛ اللاهیجي، عبدالرزاق، گوهر مراد، طهران، 1271هـ؛ نصیرالدین الطوسي، تلخیص المحصل، تقـ: عبدالله نوراني، طهران، 1359ش.

أصغر دادبه/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: