الأخیضر
cgietitle
1443/2/28 ۰۸:۰۶:۵۲
https://cgie.org.ir/ar/article/237036
1446/4/9 ۰۲:۴۴:۰۲
نشرت
6
اَلْأُخَیضِر، بناء تاریخي یضم قلعة و قصراً و مسجداً، یقع في صحراء وادي عبید بالعراق علی بعد 40 کم جنوب غربي کربلاء، و حوالي 193کم جنوبي بغداد. ومجموعة أبنیة أنشئت باتجاه الشمال، یقع القسم السکني منها داخل السور
والسور الخارجي للبناء مستطیل الشکل أبعاده 175×169 متراً، یوجد وسط کل واحد من جدرانه باب للدخول، و في کل زاویة من زوایاه الأربع برج مراقبة مدور، وفي الفواصل الواقعة بینها 10 أبراج صغیرة مدوري أنشئ کل منها بإیوانین مغلقین. کما یقع في کلا طرفي کل بوابة أبراج خارجیة تختلف عن برج المراقبة. و کان السور الخارجي من طبقتین یغطي الطبقة العلیا غطاء بشبه المهد. وارتفاعه الحالي 17 متراً، و کان یبلغ علی الأقل 19 متراً إذا ما احتسبنا الأعمدة المهدمة. وقد زینت کلتا الواجهتین الخارجیة و الداخلیة للسور بطیقان مغلقة، أو کوی تقع في أعلی دعامات مستطیلة الشکل، ویبلغ سمک السور 6/ 2 متراً، إلا أن هذا السمک یبلغ 6/ 4 أمتار في مواضع أسس الدعامات.
وفي الواجهة الخارجیة للسور بنیت تجاویف یبلغ متوسط عرضها 140 سنتیمتراً و عمقها 50 سنتیمتراً، یفضي أحد هذه لاتجاویف الخمسة إلی الغرفة المدورة الواقعة أعلی البرج، بینما کانت التجاویف الباقیة تستخدم في الرمایة فکما حفر علی طول حافتها الخارجیة شق بعرض 17 سنتیمتراً یفتح في أعلی تفویس التجاویف، ومن هناک أیضاً کانت تطلق القذائف نحو المهاجمین الکامنین أسفل السور. و إن حالة تأهب شاملة کهذه للرمایة من جمیع الجهات و علی طول الدهلیز الدعلی هي من الفنون القتالیة، أو الدفاعیة التي لمتعهدها أوروبا قبل القرن 14 م (کرسویل، «تقریر...»، EI1; 192-193؛ الجنابي، 339). وقد ظل الحائط الشمالي محافظاً علی وضعه أکثر من بقیة الأجزاء، ویظهر أن القسم الدعلی منه کان مزیناً بطیقان مغلقة علی شکل حذوة الحصان. و کان بالإمکان الوصول إلی الدهلیز الدعلی عن طریق مجموعتین من السلالم. وقد حفظ إلی حد ما السلم الجنوبي الشرقي من السلالم الحلزونیة الواقعة في کل زاویة من زوایا السور الأربع. وما تزال السلالم المزدوجة في طرفي البوابات الشرقیة و الغربیة و الجنوبیة أیضاً قابلة للاستخدام إلی حدما (کرسویل، ن.ص). و قد أنشئت وسط کل واحد من الأضلاع الثلاثة الشرقیة و الغربیة و الجنوبیة بوابة للدخول، و هذه البوابات موحدة الشکل. ومدخل کل بوابة هو قوس سعة فتحته 3 أمتار یقع علی برجین کل منهما ربع دائرة. لکن أسس الدعامتین في البوابة الجنوبیة مستطیلة. و یلاحظ في الجانبین الأیمن و الدیسر شق بعرض 20 سنتیمتراً و عمق 30 سنتیمتراً یدل علی أنه کانت هناک باب مغلقة فیما مضی. و خلف طاق المدخل هذا، یقع علی بعد 95/ 1 متراً طاق آخر سعة فتحته 85/ 1 متراً. و بذلک تکونت فسحة مستطیلة أبعادها 3×95/ 1 متراً بین هذین الطاقین أوجدت في سقفها الشبیه بالمهد 3 شقوق، کل منها بعرض 17 سنتیمتراً. و تمتد هذه الشقوق من جدار إلی آخر بحیث إذا هو جمت القلعة، أبقی الحراس الباب المعلق بمساعدة عجلة مرفوعاً إلی الأعلی، فإذا مادخل العدو هذه الفسحة و حاول فتح الباب الثاني، عندها و بإشارة من الحراس الذین یراقبون الوضع من شقوق السقف، تطلق الأبواب المعلقة و ترمی السهام و یسکب الرصاص المذاب و الزیت الساخن علی رؤوس المجموعة التي وقعت في الفخ. ولایفضي أي من هذه الأبواب إلی القسم السکني (کرسویل، ن.م، 193-194؛ فیلون، 251).
وتقع البوابة الرئیسة للأخیضر في السور الشمالي. وتدل الشواهد المعاریة علی أنه لدی التخطیط الأولي للبناء قد وضعت في الاعتبار ثلاث بوابات أخری، إلا أن المهندس غیّر رأیه بعد أن بلغ ارتفاع السور الرئیس ثلاثة أمتار، و أضاف إلی السور الشمالي، البوابةَ الحالیة بعد إلغاء عدة أعمدة قلیلة الارتفاع. و تشکل هذه البوابة نتوءاً یشبه البرج بسعة 9/ 15متراً. ومدخلها في الواجهة الخارجیة و تخطیط أقسامها الداخلیة علی شکل صلیب. ویقع أولاً ممر طویل و ضیق بأبعاد 3×8/ 5 أمتار سقفه یشبه المهد. وعلی جانبي الممر غرفتان من غیر فتحات للإنارة، و یُلاحظ في کل من الغرفتین جزء من جدار منحنٍ هو بقایا الأبراج الخارجیة الملغاة لأجل إنشاء البوابة الأصلیة. و الغطاء الشبیه بالمهد لهذا الممر مکون من 7 فردات طیقان بعرض 65 سنتیمتراً لها کوی باتجاه الغرفة العلیا. وکانت هذه الکوی أیضاً قد خُطط لها للاستفادة منها في سکب الرصاص العمذاب و الزیت الساخن علی رؤوس المهاجمین. و قد تهدم القسم الوسطي من هذه الطیقان، و یمکن مشاهدة الغرفة العلیا من الأسفل. ثم تقع غرفة مستطیلة الشکل طولها 15/ 4 أمتار و عرضها 3 أمتار تحولت إلی مربع بواسطة فردة طاق لتبنی فوقه قبة علی شکل خیارة. إن قاعدة هذه القبة قطع مثلثة الشکل مسطحة و علی جانبي هذه الغرفة دهلیزان مسقوفان بأبعاد 35×45/ 3 أمتار کانت تفضي إلی السور الخارجي، ولاتقع بوابتا الدخول إلی هذین الدهلیزین في محوره، بل إلی الجنوب منه. و کان هذا القسم إصطبلاً و ماتزال بقایا المعالف تلاحظ في الجدار الشمالي. وإلی جنوبي الغرفة المربعة دهلیز مسقوف آخر طوله 5/ 15 متراً و عرضه 7 أمتار و ارتفاعه 33/ 10 أمتار، وکانت تقع إلی الجهة الیمنی غرف علی جانبي الفناء (کرسویل، «تقریر»، 195-196).
یقع بناء المسجد إلی الیسار من مجموعة الأخیضر، وللمسجد مأخلان یتقاطعان في القسم الغربي من الممر، اتضحت خارطته بعد عملیة رفع الأنقاض التي قامت بها مدیریة الآثار العراقیة. و مساحته الکلیة 20/ 24×65/ 15 متراً، وأبعاد صحنه 20/ 16×30/ 10 أمتار. و في البدء کان قد أنشئ الرواق الجنوبي فحسب، ثم أضیف إلیه الرواقان الشرقي و الغربي. أما الضلع الشمالي فبدون رواق. وللرواق الجنوبي خمسة فتحات للطیقان، تقوم علی دعامات أسطوانیة مصنوعة من الحصی. وکان سقف الرواق یشبه المهد، و لکن بسبب الحفر التي أوجدها تآکل الأعمدة الخشبیة الحاملة، اندثرت فتحات الطیقان في الأروقة الثلاثة. أما المحراب الواقع تقریباً وسط الجدار الجنوبي فهو بشکل تجویف مستطیل أبعاده 105×52 سنتیمتراً. وتوجد في أعلاه نصف قبة قائمة علی عوارض أفقیة. وإن المحاریب المستطیلة الشکل هي من المعالم المعماریة البارزة في إیران و العراق خلال القرون الإسلامیة الأولی علی غرار التاریخانه في دامغان و المسجد الجامع في نائین و جامعي سامراء و أبي دلف.
ومسجد مجموعة الأخیضر هو النموذج الوحید لمساجد العراق الأولی ذات السقوف الشبیهیة بالمهد. فسقفا جامعي سامراء و أبي دلف مسطحان (ظ: ن.د، أبودلف، جامع). و قد بقیت الخارطة الأولیة لهذا المسجد علی حالها (ن.م، 196؛ بل، 18).
وخلال التنقیبات التي جرت سنة 1965م، تم اکتشاف حمام أیضاً إلی جانب المسجد (غرابار، 154). ویوجد في نهایة الضلع المشالي الشرقي وإلی جانب السور بناء صغیر لمیعرف الغرض من إنشائه، إلا أن أهل المنطقة یسمونه الحمام، و یشمل البناء غرفة رئیسة بأبعاد 7/ 10×35/ 5 أمتار و غرفة أصغر بأبعاد 2/ 3×2/ 2 متراً ذات سقف یشبه المهد، تهدم القسم الأکبر منه. والأمر الملفت للنظر في هندسته و الذي لمیتکرر في بقیة أقسام الأخیضر هو أنه و منعاً لانجراف التربة تم مدّ الطاق من فوق الدعامات الخارجیة للأعمدة (م.ن، 37؛ کرسویل، «الهندسة المعماریة القدیمة...»، II/ 85).
و مدخل بهو الاستقبال غرفة مربعة سقفها علی شکل قبة تقع في نهایة قاعة الدخول الکبری. و یخرج من الجانبین الأیمن و الأیسر لهذه الغرفة ممران مسقوفان بعرض 5/ 3-6/ 3 أمتار، و یفضي الباب الجنوبي للغرفة المربعة إلی بهو الاستقبال (بأبعاد 27×7/ 32 متراً). أما جدران فناء الاستقبال فیوجد فیها طیقان مغلقة أو مسرجة. و في القسمین الشمالي و الجنوبي تقع 6 طیقان، و في الشرق والغرب 9 طیقان بعرض 6 و عمق 74/ 10 أمتار إلی الجنوب من فناء الإیوان المرکزي. وقد بنیت خلف الإیوان غرفة مربعة ذات سقف علی شکل قبة. و رغم أن سقفها متهدم، إلا أنه کان دون شک أکثر ارتفاعاً بکثیر مما هو علیه في الجانبین، و کان یحده إطار مستطیل. ویلاحظ في مجموعة الأبنیة هذه دول نماذج الطیقان الأمامیة، أو المداخل مما هو من الظواهر البارزة في الهندسة الإیرانیة. والطیقان الواقعة علیجانبي المدخل لها مظلات علی کل نصف قبة قلیلة العمق رصفت بالاجر والنقوش الهندسیة المتداخلة (م.ن، «تقریر»، الصورة 39a). وعلی کل جانب من جانبي الإیوان الکبیر بنیت حجیرتان صغیرتان تفضیان إلی الإیوان الکبیر، وحجرتا الجانب الأیمن تزینهما نقوش جبسیة. ولاشک في أن هذا الجناح کان یشکل قاعات للاستقبال العام و الخاص. و تقع غرف الانتظار خلفها. وقسم التشریفات محاط بممر مسقوف أبعاده 2/ 31×82/ 70 متراً لیفصله عن بقیة الأقسام المأهولة (ن.م، 197-196، أیضاً الصورتان 39a و 39b).
وفي الهندسة المعماریة للأخیضر یعتبر القصر و حدة مستقلة داخل المجموعة، و قد قسم القصر إلی أجنحة أصغر، وفي الأطراف أنشئت أفنیة متعددة، إلا أن القسم المرکزي کان علی الدوام یتمتع بأهمیة أکبر. وهذا التقسیم الذي کان له تاریخ طویل في الهندسة المعماریة الساسانیة، یلاحظ في قصر فیروزآباد و قصر شیرین أیضاً. ویمکن تفسیر تخطیط معقد کهذا بتعقید احتیاجات الاستخدام التي أدت إلی إبداع نماذج جدیدة و ظهورها (غرابار، 147-148).
وألحقت فیما بعد بالقصر بنایة سکنیة أخری إلی الجنوب من الممر المسقوف کان الطریق إلیها یمر عبر هذا الممر فحسب. و في هذه البنایة أیضاً کانت الغرف تقع في الجوانب الثلاثة من الفناء، لکنها – علی العکس من البیوت الرباعیة – لیست متقارنة. وفي إحدی الغرف الشرقیة الصغیرة یوجد سلم لبلوغ السطح (بل، ن.ص).
إلی الشرق من المجموعة و الغرب منها بنیت أربعة بیوت متشابهة منفصلة مستقلة عن بعضها، یضم کل بیت منها فناء مرکزیاً و مجموعتین من الغرف ذات سقف یشبه المهد، تقعان إلی الشمال والجنوب من الفناء. أما الغرف المواجهة للجهة الشمالیة، فقد کانت مخصصة للإقامة السفیة، بینما خصصت الجنوبیة للإقامة الشتویة. ولایوجد أي اتصال بین هذه البیوت، ولایمکن الدخول إلیها، إلا عن طریق الباب الواقع في الممر المسقوف العام. و البیت الواقع إلی الجنوب الشرقي لوحده له باب إضافي یفضي إلی السور الخارجي. و علی الجدار المقابل للممر المسقوف لکل بیت أنشئ طاق مغلق ذو خمسة أقواس، کانت فتحة القوس الأوسط أکثر اتساعاً و مخصصة للمدخل، أما سائر الأقواس فمغلقة. وإلی الجدار المقابل داخل الفناء أنشئ رواق علی طوله بعرض 8/ 2 متراً ذو خمس فتحات قائمة علی أربع دعامات، و سقف یشبه المهد. أما البیتان الشمالي الغربي و الشرقي فیشتمل کل منهما علی رواق ذي ثلاثة طیقان في مقدمة البناء،ثم علی ثلاث غرف متوازیة تشتمل علی صُفّة للاستقبال و حُجَیرتین. کل حجیرة منهما لها بابان یفضي أحدهما إلی الصفة والآخر إلی الرواق. و خلف هذه المجموعة توجد غرفة مستطیلة أبعادها 5/ 3×6/ 17 متراً سقفها مکون من مهدین منفصلین. ویغلب علی الظن أن هذه الغرفة کانت مطبخاً توقد فیه النیران، ذلک أن مدخنتین من الآجر أیضاً تصبتا قرب الحائط علی الطاق الشبیه بالمهد.و یفضي هذا المطبخ إلی الفناء بواسطة ممر منفصل. أما البیوت الجنوبیة، فالفرق الوحید بینها و بین البیوت الشمالیة هي أنها تخلو من الرواق. و بذلک فإن الغرف تتمتع بعمق أکبر. وکان قد وضع في الاعتبار أیضاً بناء سلم إلی جانب البناء للوصول إلی السقف (کرسویل، «تقریر»، 197-198).
وتخطیط بیوت الأخیضر السکنیة التي یحیط فیها الرواقُ الأماميُّ والإیوانُ، الغرفَ بشکل حرف T، هو من التصامیم التي کان لها – مع قلیل من التفاوت – سابقة في أفنیة قصر فیروزآباد و قصر شیرین، ثم تکررت في بیوت سامراء (غرابار، 147؛ مارسیه، 37). ثم أضیف فیما بعد بناء آخر في الضلع الشرقي بین البناء المرکزي و السور الخارجي مما لمیکن متصلاً بالجدار الخارجي للقصر و سوره الدفاعي، بل تم مدّ الجدار الشمالي له بحیث اتصل بالسورین، مما أدی إلی ظهور أفنیة في الشمال و المشرق والمغرب. و الخارط الأصلیة للبناء شبیهة بصالة تشریفات، و ربما کان استخدامها واحداً، تشتمل علی إیوان أبعاده 75/ 10×32/ 5 أمتار و صُفّة علی کل جانب من جانبیه، ثم غرفة مربعة الشکل سقفها یشبه المهد. و بعدها یأتي رواق ثم الفناء و الغرف الجانبیة. وفي الضلع الشمالي الشرقي توجد باحة صغیرة تشتمل علی سلالم للنزول إلی السرداب. و یضم هذا السرداب جمیع المساحة التي تقع تحت الإیوان الکبیر والغرفة المربعة (کرسویل، «الهندسة المعماریة القدیمة»، II/ 81).
أنشئ بناء الأخیضر من الحصی الناعم و الآجر والملاط الجصي الکثیف، واستخدم – بحسب الطراز الساساني – صغار الحصی للجدران، والآجر لتنفیذ الأقواس والطیقان والقباب والسقوف الشبیهة بالمهد، علی غرار قصر سروستان (زماني، 65).
وفي الأسوار الخارجیة و الداخلیة وضع بعد کل صف من الحصی، جذع نخلة، أصبحت مکانها الان حفر بسبب تأکلها، أو استخراجها من قبل البدو لاستخدامها وقوداً. وتدل هذه احفر علی أن جذعاً واحداً کان قد وضع بعد کل ثلاثة صفوف. وفي البناء الرئیس کانت هذه الجذوع من الطول بحیث کانت تصل بین رأس الجدار حتی نهایته، لکنها کانت أقصر في الجدران الخارجیة (کرسویل، ن.م، II/ 54). وملاط الجص الکثیف في هذا البناء هو سبب بقائه. أما السطح الداخلي لجدران الغرف فقد کان مطلیاً بالجص، و یمکن الاطلاع من جدید علی استخداماته التزیینیة التي ماتزال ماثلة في بعض النقاط مثل الزخارف الجصیة المحیة بشبابیک صالة التشریفات (م.ن، «تقریر»، الصورة 39b).
والاستخدام التزییني للآجر متنوع في هذا البناء. ویلاحظ في مقدمة الطیقان المغلقة الأسلوب الإیراني المسمی «هزارباف» (ن.م، الصورة 39a). وأسلوب رصف الآجر هذا الذي یقوم علی أساس وضع الآجر بشکل عمودي وأفقي من أجل تشکیل نقوش هندسیة، هو من السمات البارزة للهندسة المعماریة في إیران و العراق (ن.م، 197).
أما تزیین طاق الرواق الجنوبي للمسجد فهو ترکیب بارع من النقوش الجصیة و رصف الاجر. وفي هذا الموضع دُعّم الطاق الشبیه بالمهد بـ 9 أقواس تزیینیة عرضیة. وفي بناء هذه الأقواس صنع نقش لوزي من خلال الإرجاع التدریجي للآجر. وفي مرکز النقش اللوزي أیضاً صنعت وردة کوکبیة الشکل بعد إرجاع الدوائر ذات المرکز الواحد (م.ن، «الهندسة المعماریة القدیمة»، ج II، التصاویر 40,46, 53, 57, 58, 59, 67).
ولم یعثر في الأخیضر علی لوحة مکتوبة لتکون وثیقة تؤخ للبناء. ففي القرون الهجریة الأولی لمیکن وضع لوحات التأسیس أمراً متداولاً، وإذا کانت هناک لوحة أعدت لهذا القصر، فقد کانت محفورة علی الجص واندثرت الآن تماماً (بل، 161). ومع ذلک فإنه توجد آراء متباینة بشأن تاریخه، إذ یعتبره کل من دیولافوا و ماسینیون قصراً شتویاً یعود إلی ما قبل الإسلام علی غرار قصر الحیرة الذي کان قد بناه مهندس إیراني لأمراء الحیرة العرب، و یحتملان أیضاً أن یکون هذا البناء هو نفسه قصر السدیر الذي أشاد به الشعراء العرب (EI1). وترجح بل أنه دومة الحیرة (ن.ص)، بینما یری موسیل (ص 366، الهامش) أنه دار الهجرة الذي بناه المتمردون القرامطة سنة 277هـ. وربما کان القرامطة قد رمموا القصر واستخدموه، ذلک أنهم لمتکن لدیهم علی الإطلاق القدرة علی إنشاء بناء کهذا. وبصورة عامة فإن إنشاء ملاجئ کهذه لمیکن من تقالیدهم (أیضاً ظ: EI1).
ونظریة کرسویل القائمة علی أسس هندسیة معماریة، حظیت بالقبول بشکل أکبر، فهو یعتقد أن وجود مسجد ذي محراب مقعر ینبئ بأن تاریخه ینبغي أن لایتجاوز سنة 90هـ/ 709م ذلک أن محاریب المساجد کانت وإلی ماقبل هذا التاریخ مستطیلة و بدون عمق (مثل تاریخانة دامغان و جامع نائین و جامع سامراء و جامع أبي دلف). ویضیف أن الطاق الکشکولي الذي استخدم 8 مرات في البهو الکبیر، والنقش الهندسي المسمی «هزار باف» الذي استخدم في التزیین الآجري في القسم الجنوبي من صالة التشریفات، لمیکن له سابقة في الهندسة المعماریة الساسانیة، لکنه حدث في باب الرقة ببغداد و لمیحدث بشکل کامل في انتهاء القوس المنکسر بالشکل الذي یلاحظ في ملویة سامراء. ولهذا ینبغي أن یکون تاریخ الأخیضر قبل 221هـ/ 836م («تقریر»، 201).
ویعتبر کرسویل (ن.م، 203) مستنداً إلی روایة تاریخ الطبري (8/ 124-128) أن الشخصیة القدیرة عیسی بن موسی (تـ 167هـ/ 783م) ابن أخ الخلیفتین العباسیین الأولین، هو الذي بنی القصر. و یعتقد أ«ه بتسلمه مبلغاً ضخماً تنازل للمهدي عن حقه في الخلافة، و بادر بذلک المبلغ إلی إنشاء هذا البناء. و یدحض کاسکل (ص 36) نظریة کرسویل مسنداً إلی عبارة لیاقوت (ظک 4/ 121-122) عن قصر مقاتل التي تقول إن عیسی بن علي قد هدمه و أقام علیه بناء جدیداً. ویدعي أن عیسی بن عليعم الخلیفتین العباسیین الأولین شرع بترمیم قصر الأخیضر الذي کان یدعی قبل ذلک قصر مقاتل. وهذا الترمیم الذي تحول القصر علی أثره إلی قلعة عسکریة، تم بهدف حمایة مدینة الکوفة غیر المحصنة. وینبغي ربط الدافع إلی ذلک بثورة علي بن إرایم بن عبدالله في نهایة شعبان 145هـ/ 22 تشرین الثاني 762م بالبصرة، واعتباره متزامناً معه.
ولمیرد اسم الأخیضر في آثار المؤرخین و الجغرافیین المسلمین. و یعتقد رویتر و ماسینیون أن هذه الکلمة مستقاة من اسم إسماعیل بن یوسف بن الأخیضر من أهل الیمامة والذي عُین من قبل القرامطة حاکماً علی الکوفة،ي 315هـ/ 927م بعد فتحهم إیاها. و قد ذکر کل من الرحالة الإیطالي پیترو دلافاله و الرحالة الفرنسي تافرنیه في رحلتیهما، الأخیضرَ بهذا الاسم. وقد نشرت سنة 1912م نتائج الدراسةالعلمیة والدقیقة لهذا البناء مع خارطة و مشاریع إعادة بنائه و تفاصیل هندسته المعماریة و نقوش زینته، بواسطة أوسکار رویتر (ظ: کرسویل، «الهندسة المعماریة القدیمة»، 51-52، أیضاً الخرائط المرقمة 35-69، الهامش).
ومنذ 1938م شرعت مدیریة الآثار العراقیة بتنفیذ خطة منظمة لصیانة هذا الأثر توقفت بسبب اندلاع الحرب العالمیة الثانیة. و خلال هذه الفترة تمت عملیة رفع الأنقاض و إعادة بناء السور الشمالي وصالة التشریفات ذات الأبواب الرئیسة الثلاثة مع اثنین من بیوت السکن و قسم من تزیین السور الشمالي. وفي 1960م استؤنف العمل بخطة إعادة البناء واستمرت علی أربعة أسس: التقویة و الترسیخ، إزالة الأنقاض، إعادة الانتفاع بالبناء، تجدید البناء في جمیع الأقسام (پالیرو، 197, 210).
ومجموعة الأخیضر لیست ظاهرة مقتصرة علی الهندسة المعماریة الإسلامیة، إذ أنها واحدة من مجموعة الجواسق المتناثرة علی الأطراف الغربیة لبادیة الشام بأحجام مختلفة و بخصائص مشترکة، إلا أن الأخیضر هو لابناء الوحید المعروف علی الحافة الشرقیة و أقدم بناء سکني من العصر العباسي. و هذا البناء الذي هو الحصیلة الطبیعیة للفترة الثقافیة الانتقالیة من حیاة الأمراء العرب في البادیة إلی حیاة المدن. فالسقوف المستعرضة الشبیهة بالمهد المدعمة بأقواس مضاعفة مزینة بشتی أسالیب التزیین، والقباب المشطّرة، والأقواس المحیطة بجمیع الأبواب والدهالیز، والتزیینات التي تشبه حدوة الحصان للطیقان المغلقة، والشرفات المخروطیة الشکل المستخدمة علی نطاق واسع وبشکل بسیط، أضفت علی المجموعة هیبة من نوع خاص. فهذه الأطلال المنعزلة وسط الصحراء تحدثت عن عزیمةبناتها علی مر الأجیال (بل، 55؛ مارسیه، 37؛ غروبیه، 38).
الجنابي، طارق، «الصیانة الأثریة في الأخیضر، 1968-1969»، سومر، بغداد، 1970م، ج 26، عد 1-2؛ زماني،عباس، تأثیر هنر ساساني برهنر إسلامي، طهران، 1355ش؛ الطبري، تاریخ؛ یاقوت، البلدان؛ وأیضاً:
Bell, G. L., Palace and Mosque at Ukhaidir, Oxford, 1914; Caskel, W., «Al-Uḫaiḍer», Der Islam, Brlin, 1964; Creswell, K. A. C., Early Muslim Architecture, New York, 1979; id, A Short Account of Early Muslim Architecture, Beirut, 1968; EI1; Grabar, O., The Formation of Islamic Art, London, 1973; Grube, E.J., The World of Islam, London, 1967; Marçais, G., L’Art de l’Islam, Paris, 1946; Musil, A., Arabia Deserta, New York, 1927; Pagliero, R. et al., «Uḫay-dir, an Instance of Monument Restoration», Mesopotamia, Torino, 1967, vol. II; Philon, H., «Iraq», Architecture of the Islamic World, London, 1978.
نوشیندخت نفیسي/ هـ/
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode