أُخُوَّت، أَنْجُمَن (جمعیة الأخوّة)، أول تجمع منظم ظهر في إیران أواخر عهد ناصرالدین شاه تحت عنوان «أنجمن» [جمعیة]، وأصبحت تنظیماتها رسمیة و علنیة علی عهد مظفرالدین شاه. وکان مؤسس هذه الجمعیة علي خان ظهیرالدولة (1281-1342هـ/ 1864-1924م) وزیر تشریفات البلاط القاجاري، نجل محمدناصر خان ظهیرالدولة، أحد مریدي صفي علي‌شاه إمام و قطب الطریقة النعمة اللهیة.

وقد ظهرت فکرة تأسیس هذه الجمعیة عندما عاد صفي علي شاه سنة 1303هـ/ 1886م إلی إیران من رحلته إلی الهند و الحجاز و بقي في طهران (صفائي، رهبران...، 136-137)، وعقد جلسات متنظمة کان یشارک فیها عدد کبیر من الشخصیات و من عامة الناس. کما أن ظهیرالدولة انضم آنذاک إلی حلقة مریدي و أتباع صفي علي‌شاه، و سرعان ما أصبح أحد أقرب مریدي صفي علي‌شاه و نال منه لقب صفاعلي‌شاه و عیّنه صفي علي شاه فیما بعد خلیفة له (مدرسي، 153). وکان أعضاء الفریق المختار الذي تحلّق أعضاؤه حول صفي علي شاه و کانوا یعقدون جلساتهم في بیته، قد تشکل تدریجیاً و کوّن النواة الأولی لجمعیة الأخوة بشکل سري منذ 1305هـ/ 1888م. وفضلاً عن ظهیرالدولة، فقد استقطب إلیه معاون شرطة طهران، نظم الدولة الذي کان ناصرالدین شاه قد کلّفه بادئ الأمر بالإشراف علی أعمال وأنشطة صفي علي شاه، وأصبح في عداد مریدیه المقربین (نص؛ أمین الملک، 1/ السادسة و الستون؛ رائین، 3/ 487-488).

ومرة أخری، توجس ناصرالدین شاه خیفة من أنشطة مریدي صفي علي شاه و أصدر في 1313هـ/ 1895م أمراً بنفیه، إلا أنه قتل برصاص المیرزا رضا الکرماني قبل تنفیذ أمره هذا (أمین الملک، 1/ الثامنة والستون). ولهذا استمرت الجلسات السریة لجمعیة الأخوة في منزل صفي علي‌شاه بمشارکة عدة أشخاص من خواصه مثل سیف‌الدولة و المیرزا محمود الکرماني و ظهیرالدولة و المیرزا نصرالله خان دبیر الملک حتی وفاة صفي علي شاه في 24 من ذي القعدة 1316هـ/ 5 نیسان 1899م و عقب وفاته و طبقاً للمستند الذي عرضه دبیر الملک، فإن ولایة ورئاسة الفرقة النعمة اللهیة أصبحت علی عاتق ظهیرالدولة صفاعلي‌شاه (أفضل الملک، 372). ولما تولی ظهیرالدولة مقام الإرشاد ورغم کونه صهرالملک ووزیراً للتشریفات، إلا أنه لم‌یظهر للعیان منذ ذلک الحین بزي الوزارة الرسمي (سپهر، 95-96). وبعد مرور 7 أشهر علی وفاة صفي علي‌شاه، نال في 1317هـ/ 1899م موافقة مظفرالدین شاه علی تأسیس جمعیة الإخوة (أمین الملک، ن.ص؛ بامداد، 2/ 369). ثم خصص الجزء الشمالي من حدیقة منزله الواقع في شارع علاءالدولة (فردوسي) لیکون مقراً للجمعیة و وضع لها تنظیمات. وکان في ذلک المبنی صالة تعقد فیها جلسات الجمعیة ویتوسطها تمثال نصفي لصفي علي‌شاه. کما صنع ظهیر السلطان الابن الأکبر لظهیرالدولة الذي کان رساماً بارعاً و من مریدي الطریقة، لوحة لصفي علي شاه و أهداها للجمعیة، وقد ظلت هذه اللوحة لسنوات تزین مقر الجمعیة (معیر الممالک،110).

کان أعضاء الجمعیة الأساسیون في البدء 110 أشخاص انتخبهم ظهیرالدولة و کتب أسماءهم علی 110 کراسي متشابهة و کان کل عضو مکلفاً بالجلوس علی کرسیه المخصص له (عرفان، 504-505)، ثم بادرت الجمعیة إلی انتخاب أعضاء جدد و کانت تقبل لعضویتها الأشخاص ممن یعرّفهن شخصان بعد تقدیمهم طلباً یدعی «ورقۀ تَمَنّی» ویمنحونهم بطاقات هویة.

وضع ظهیرالدولة مسؤولیة إدارظ جمعیة الأخوة علی عاتق لجنة استشاریة مؤلفة من 11 شخصاً کان هو قد انتخب أعضاءها (أمین الملک، ن.ص؛ همایوني، 325). وکانت هذه اللجنة تدیر جمیع شؤون الجمعیة و ظلت رئاستها علی عاتق ظهیرالدولة نفسه حتی وفاته (علوي، 329)، کما کان للسید محمدخان انتظام السلطنة منصب النیابة فیها لسنوات (همایوني، 324). وقد وضع ظهیرالدولة للجمعیة شعاراً أیضاً کان یُطبع أعلی أوراقها، کما کان هذا الشعار بطبع عادة في مکان خاص علی ظهور أغلفة الکتب التي کانت الجمعیة تطبعها (م.ن، 325).

وکان ظهیرالدولة یسعی إلی ضم أمراء الأسرة المالکة و رجال الحکم إلی الجمعیة، وفضلاً عن أنه وضع أسساً لقبول الأعضاء الجدد، فقد کان یعاقب الأعضاء إذا بدر منهم خطأ، کما حدث عندما طرد من الجمعیة مظفرالملک حاکم همدان الذي عُرف بأنه المسبب لقتل السید جمال‌الدین الأصفهاني (أفشار، 1/ الستون). و لذا ینبغي القول إن الجمعیة رغم کونها مؤلفة من مریدي طریقة للتصوف، إلا أنها کانت أیضاً تتبنی آراء ظهیرالدولة السیاسیة الذي کان یری أن تقدیم الخدمات الاجتماعیة عن هذا الطریق یکون أسهل (م.ن، 1/ الخمسون). کما کان ظهیرالدولة قد دوّن لجمعیة الأخوة نظاماً داخلیاً، کان لدی کل عضو فیها نسخة منه (ظ: تتمة المقالة). وکان هؤلاء – فضلاً عن ضرورة مراعاتهم لمواد النظام الداخلي – ملزمین بعدم عرض هذا النظام علی أشخاص غیر أعضاء في الجمعیة (صفائي، رهبران، 138-139). وکانت العضویة في المجلس الاستشاري المکون من 11 شخصاً والذي یقود الجمعیة، عضویة مدی الحیاة. وفي حالة وفاة أحد هؤلاء الأعضاء کان ینتخب محله شخص آخر من بین بقیة الأعضاء (همایوني، ن.ص؛ مدرسي، 153-154). ومنذ ذلک الحین کانت شهرة جمعیة الأخوة تزداد یوماً بعد یوم، ورغب فریق کبیر من ذوي السمعة الحسنة و النجباء في الانتماء إلیها بشکل أقلق البلاط القاجاري و جعله یفکر بإبعاد ظهیرالدولة عن طهران، بحیث أصبح ظهیرالدولة حاکماً لهمدان رغم کونه رسمیاً وزیراً للتشریفات و ذلک في ربیع الثاني 1324 إبان ذروة اشتداد التحرکات المطالبة بالدستور. وقیل إن شخصاً کُلّف بمتابعته لیذهب إلی همدان بشکل أسرع (أفشار، 1/ الثامنة عشرة).

ورغم أن جمعیة الأخوة کانت تمنع أعضاءها من ممارسة أنشطة سیاسیة ضد الحکومة، إلا أن تحرکات الجمعیة لم‌تکن علی أیة حال لتروق للحکومة. وبعد مدة و خلال فترة «الاستبداد الصغیر» و بأمر من محمدعلي شاه هاجم الجنود القوزاق بقیادة لیاخون یوم الأربعاء 24جمادی الأولی 1326هـ/ 24 حزیران 1908م («وقایع...»، 268)،مقر الجمعیة و نهبوه (عرفان، 546). ورغم ماقیل من أن الملک کان قد أصدر أمراً بتفتیش مقر الجمعیة فحسب، إلا أن الأمر انتهی بنهب الجمعیة و تدمیرها. وخلال ذلک الهجوم تم نهب مکتبة ظهیرالدولة القیّمة و تمزیق الستائر النفیسة التي رسمتعلیها اللوحات (معیر الممالک، 112). وأصبحت الکتب من نصیب بالکونیک (لیاخوف) («وقایع»، ن.ص). و عقب انتهائهم من تدمیر مقر الجمعیة، أغار الجنود القوزاق علی منزل ظهیرالدولة الذي کان آنذاک غائباً في رشت و کانت زوجته المسماة «ملکة إیران» ابنة ناصرالدین شاه تسکن فیه. واستناداً إلی أحد الشهود العیان فإن حصیلة هذه الغارة حققت من الغنائم للناهبین ما یزید علی جمیع مانهبوه في غیرها من الهجمات و السرقات (شریف کاشاني، 192). وقد أوردت «ملکة إیران» قصة هذه الواقعة بشکل مفصل في الرسائل التي بعثت بها إلی ظهیرالدولة، و نشر النص الکامل لهذه الرسائل مراراً في مجموعة وثائق ظهیرالدولة.

ویبدو أن الذریعة للهجوم علی مقر جمعیة الأخوة کانت أن جنود القوزاق ادعوا إطلاق النار علیهم من مقر الجمعیة. و بطبیعة الحال فإن هذه الروایة مختلقة ولا أساس لها من الصحة و أنها اختلقت فحسب لتسویغ الهجوم (کسروي، 657). استغرق الهجوم علی الجمعیة 45 دقیقة، واستناداً إلی تقریر موظفي السفارة البریطانیة الذین کانوا قرب مکان الواقعة، فإن الهجوم لم‌یواجه مقاومة من قبل أنصار الجمعیة (معاصر، 2/ 768؛ کتاب آبي، 1/ 239-240). کما کان یقال إن قنابل تُخبّأ في الجمعیة، لکن هذه الروایة أیضاً لم‌تکن صحیحة وقد کذبها ظهیرالدولة (ظهیرالدولة، 1/ 365). وبطبیعة الحال فقد کانت تمارس في الجمعیة أنشطة أدبیة وفنیة لمصلحة المطالبین بالدستور. واستناداً إلی مترجم کتاب إنقلاب إیران فإنه قبل الهجوم علی الجمعیة کانت تعرض مسرحیة خیالیة في الجمعیة علی مدی عدة لیال، کان الشاه یُنتقد فیها تلمیحاً، وقد أوصل موقّر السلطنة – أحد أعضاء الجمعیة – تقریراً بتلک العروض إلی محمدعلي شاه و أثار حفیظته (پژوه، 451-453).

کما کان ظهیرالدولة نفسه یبدي أحیاناً جرأة فینتقد محمدعلي شاه نفسه. کما حدث عندما انتقد بشکل علني آخر أعمال الشاه آنذاک في الرسالة التي بعث بها إلیه في 10 جمادی الأولی 1326 والمدرجة في مجموعة وثائقه (1/ 332-333)، وأثار حقد الشاه علیه. ومع کل ذلک فإن محمدعلي‌شاه أعرب عن أسفه بعد نهب مقر الجمعیة و منزل ظهیرالدولة و تدمیرهما، واعتذر رسمیاً لـ «ملکة إیران» (م.ن، 1/ 366). وربما کان اعتذار الشاه بسبب خوفه من أن یعلن الدراویش و أعضاء الجمعیة العصیان بعد ذیوع نبأ الهجوم علی الجمعیة و یجعلوا الأوضاع إلی ماهو أسوأ؛ و کان یحذر شهیرالدولة أیضاً من احتمال حدوث تحرک کهذا (م.ن، 1/ 375-377). ورغم هذه الاعتذارات، لم‌یکن الشاه راضیاً عن کون ظهیرالدولة یؤید في السر و العلانیة المطالبین بالدستور (أفشار، 1/ الثانیة و العشرون).

وقد ظل بناء الجمعیة المهدّم علی حالته لعدة سنوات و أوقفت أنشطته موقتاً (علوي، 329-330)، إلا أن الجمعیة بعد مغادرة محمدعلي شاه البلاد و انتصار المطالبین بالدستور، افتتحت مرة أخری و أقیم حقل کبیر ابتهاجاً بذلک، واستمر هذا الحفل الذي سمي «حفل النصر الوطني» لعدة لیالٍ و أُنفق ریعه علی المرافق العامة. و في بدایة هذا الحفل أنشد أولاً نشید الجمعیة، ثم نشید النصر من قبل الفرقة الموسیقیة للجمعیة، وقد حضره فریق من الشخصیات کان من بینهم نایب السلطنة و قد أُثني علی أنشطة الجمعیة (صفائي، رهبران، 162-163؛ أفشار، 1/ السادسة والعشرون). ثم قامت جمعیة الأخوة بطبع قائمة بنفقات حقل النصر الوطني و عائداته بشکل کراس، وقد أعید طبعه فیما بعد ضمن مجموعة وثائق ظهیرالدولة (ظهیرالدولة، 1/ 443-448، 453 ومابعدها). وفي هذه الآونة أصبح محمدحسن میرزا، ولي العهد و بأمرٍ من أحمد شاه، أحد أعضاء الجمعیة وتسلم بطاقة هویة (أمین‌الملک، 1/ التاسعة و الستون).

وبعد فترة عین ظهیرالدولة حاکماً لمدینة کرمانشاه من قبل حکومة الحرکة الدستوریة و أقام في تلک المدینة أیضاً حفلاً بدار الحکومة في شعبان 1327 و خصص ریعه لجرحی المجاهدین و عوائل شهداء الحرکة الدستوریة، وأمر جمعیة الأخوة بطهران أن تنفقه في هذه المجالات (فرید الملک، 327). وکان ظهیرالدولة في السنة الأخیرة من حیاته یحضر في مرکز الجمعیة عدة مرات في الأسبوع و یلتقي هناک بالدراویش و الفقراء و ینظر في قضایاهم و مشکلاتهم (صفائي،ن.م، 167).

جعل ظهیرالدولة من جمعیة الأخوة مدرسة للتعالیم الأخلاقیة و مرکزاً للأخوة بتنظیم إداري دقیق، فقد کانت جمیع فئات المجتمع تقف في الجمعیة علی قدم المساواة، و کانت أسماء الأشخاص الذین یقبلون في عضویتها بتعریف من شخصین تدوّن في دفترف و کان هذا الدفتر الذي یعرّف بالأعضاء و عددهم موجوداً في الجمعیة حتی السنوات الأخیرة (همایوني، 325). واستناداً إلی روایة فإن عدد الأعضاء قد بلغ علی عهد ظهیرالدولة، 13,000 شخص في طهران و 800,000 شخص في کل إیران (سپهر، 95)،إلا أن هذا الإحصاء یبدو مبالغاً فیه. فاستناداً إلی روایة أصح کان عدد الأشخاص الذین أصدر لهم ظهیرالدولة بطاقات هویة بتوقیعه، 31,321 شخصاً في السنة الأخیرة من حیاته. کما أسس ظهیرالدولة مدرسة باسم «معرفت» إلی جوار مقر الجمعیة (صفائي، ده نفر...، 82؛ أفشار، 1/ الحادیة و الستون، ها 108).

وکان للجمعیة نشاط في المجالات الفنیة أیضاً، ینفق ریعها في خدمات المرافق العامة؛ ففي الحریق الکبیر الذي حدث في مدینة آمل سنة 1318هـ/ 1901م،نظمت الجمعیة برنامجاً فنیاً لجمع الذعانات و خصصت کل ریعه لبناء مادمره الحریق (رائین، 3/ 496). کان لظهیرالدولة خلال عهد رئاسته للجمعیة تأثیر کبیر علی أتباعه و دراویشه، و حاول أن ینتدبهم لأداء أعمال و عیّن الکثیر منهم في الحرف و وجد لآخرین أعمالاً مناسبة (أفضل الملک،377-378).

إدارة الجمعیة و نظامها الداخلي

کان للجمعیة نظام داخلي یتضمن أسلوب عملها و تفاصیل واجبات أعضائها، دوّنه ظهیرالدولة بنفسه وطبعه بطهران في کراس من 15 صفحة تحت عنوان «دستور ظاهري أنجمن أخوّت». ولم‌یکن مضمون هذا النظام الداخلي، سوی تعالیم أخلاقیة بسیطة و لایلاحظ فیه موضوع عن القضایا السیاسیة والاجتماعیة. یحتوي هذا النظام الداخلي علی 52 مادة و 6 فصول: تضمن الفصل الأول هدف الجمعیة بمبادئه الستة و هي: تعظیم أمر الله والردفة بخلق الله و خدمة أهل الله و بذل النفس في سبیل الله و کتمان سرالله و إطاعة ولي الله (صفائي، رهبران، 138-139)؛ بینما خصص الفصل الثاني للانتماء إلی الجمعیة؛ الفصل الثالث لإدارة الجمعیة ووظائفها؛ والفصل الرابع لفروع الجمعیة واستناداً إلی أحد مواد هذا الفصل، فإن مرکز الجمعیة سیأذن بتأسیس فرع لها في أیة مدینة یتفق علیها 11 شخصاً من الأتباع؛ وفي الفصل الخامس بحثت حقوق الجمعیة، بینما بحثت واجباتها في الفصل السادس، ووفقاً لمضمون هذا النظام الداخلي، فإن أعضاء الجمعیة لم‌یکونوا ملزمین بدفع إعانات (أفشار، 1/ 550-557). وکان کراس النظام الداخلي هذا یعطی فقط لمن هم أعضاء في الجمعیة. لذا فإنه لسنوات لم‌یکون لدی أحد معلومات دقیقة عن محتویاته، إلی أن أعید طبعه سنة 1327ش/ 1948م خلال حفل الذکری الخمسین لتأسیس الجمعیة (ن.ص). وفضلاً عن ذلک، فقد نظمت الجمعیة لإدارة أمورها الداخلیة لاتئحة وضعت فیها ضوابط شدیدة للأعضاء، وکل ذلک کان ظهیرالدولة یقرره و یدونه بنفسه (رائین، 3/ 496 ومابعدها). والشعار الذي ابتکره للجمعیة و بقي بوصفه العلامة الرسمیة لها عبارة عن فأسین متقاطعین عُلق في نقطة تقاطعهما کشکول، وفي أسفل الکشکول مسبحة تتصل بنهایتي الفأسین. وقد کتب أعلی الکشکول سنة 1317 [هـ]، ودوّن أعلاه الحرف «ص» الذي یرمز لصفا (مدرسي، 159).

جمعیة الأخوة والماسونیة

یری أغلب الباحثین الیوم أن جمعیة الأخوة کانت منذ البدء منتدی لمجموعة من الماسونیین الإیرانیین المنتعین إلی «المحفل الأکبر» الفرنسي، لکن کون دافع ظهیرالدولة إلی تأسیس الجمعیة هو إعجابه بالتعالیم الماسونیة، أمر یعتوره الشک، ولایمکن تقدیم دلیل موثّق علیه. ویقال إن ظهیر الدولة عندما کان في أوروبا انتمی إلی المحفل الماسوني و عندما عاد إلی إیران، أسس بإذن من مظفرالدین شاه جمعیة الأخوة علی غرار المحافل الماسونیة الفرنسیة واختار لها 110 أشخاص، بوصفهم أعضاء أساسیین کما هو الحال علیه في تلک المحافل (بامداد، 2/ 368-369).

ورغم وجود أوجه شبه بین المحافل الماسونیة و أسلوب جمعیة الأخوة من حیث سریة التنظیم و مراسم قبول الأعضاء الجدد، لکن أوجه الشبه هذه کما یقول حامد ألکار یمکن أن یکون لها دور في استعداد الإیرانیین للانتماء إلی الجمعیات الماسونیة، أو شبه الماسونیة وطبقاً لما یقوله فإن ظهیرالدولة عندما أسس جمعیة الأخوة، تعارضت تقالید الماسونیة مع تقالید التصوف، إلا أن المبادئ الأخلاقیة کانت تُفضّل علی مبادئ التصوف في جمعیة الأخوة (ص72).

وبغض النظر عن دوافع مؤسس جمعیة الأخوة، فإن هذه الجمعیة أصبحت فیما بعد مرکز محفل یقظة إیران (بامداد، 3/ 370). واستناداً إلی مصدر فرید فإنه خلال هجوم قوات القوزاق، قامت الجمعیة – التي کانت قد علمت بذلک من قبل – بنقل جمیع سجلاتها ووثائقها لیلاً إلی السفارة الفرنسیة (رائین، 3/ 499). ومن بین أعضاء الجمعیة الأساسیین فإن مَن کان أکثر من غیره موضع شک في تعاونه مع الماسونیین، هو المیرزا نصرالله خان دبیر الملک، الشخصیةالسیاسیة آنذاک والذي قیل إنه انتمی إلی الماسونیة في فرنسا، وبعد قبوله عضواً في الجمعیة، أصبح الرابط بینها وبین «المحفل الأکبر» الفرنسي (حائري، 50). کما أن ظهیرالدولة کان قد وضع في اعتباره المحافل الماسونیة الفرنسیة لدی تأسیسه جمعیة الأخوة. فهو الذي کان قد تعلم من تجربة ملکم وإخفاقه في تأسیس محافل متحررة، آثر العمل بأسلوب آخر (عرفان، 504). کما أن شعار جمعیة الأخوة لم‌یکن یخلو من شبه بشعار الفرجار و المثلث اللذین کان الماسونیون یضعونهما منفصلین حیناً و مع بعضهما مرکّبین حیناً آخر. فقد ابتکر ظهیرالدولة مستفیداً من شعارات الدراویش، التصمیم المذکور بشکل مثلث یشبه الشعارات الماسونیة (م.ن، 505). ومن بعد ظهیرالدولة، وکما کانت علاقة الجمعیة في ازدیاد مع المحافل الماسونیة، طرأت تغییرات أیضاً علی أسلوب إدارتها. فخلال تولي أمین الملک مرزبان زعامتها، قررت اللجنة الاستشاریة الفصل بین منصب رئیس اللجنة و بین الشخصیة التي یجب أن تساعد الدروایش کما یقول المتصوفة. لذا عیّنت اللجنة صفاء الملک فتح الله میرزا الذي کان شیخ ظهیرالدولة في سمنان لمساعدة الدراویش. و من بعده تولی هذا المنصب علي رضا میرزا خسرواني و من بعده محمد أخوت (همایوني، 335). وأبقت جمعیة الأخوة علی علاقاتها بالمحافل الفرنسیة، وکان مقر الجمعیة رسمیاً إدارة ذاتیة للمحفل الوطني المستقل الأکبر (مدرسي، 163).

فروع جمعیة الأخوة

في کل مدینة، بلغ عدد الأعضاء فیها 11 شخصاً علی الأقل، کان بالإمکان أن یؤسس فیها فرع لجمعیة الأخوة. وأول فرع لها افتتح في کرمانشاه خلال حکم ظهیرالدولة لها. وتولی رئاسة فرع الجمعیة في کرمانشاه الحاج عبدالله نعمتي المعروف بحاج داداش الکرمانشاهي الملقب بمستشار علي (صفائي، رهبران، 163؛ همایوني،ن.ص). وأصدرت جمعیة الأخوة بکرمانشاه مجلة بعنوان أخوت و کذلک صحیفة بعنوان کوکب غرب التي لم‌تکن لها نفس أهمیة مجلة أخوت. وقد توفي الحاج داداش في مهر 1327 ش/ تشرین الأول 1948م (مدرسي، 156-157).

ثم إن الجمعیة افتتحت لها فروعاً في عدة مدن مثل سمنان (معلم، 4/ 1389) وأنزلي (فخرائي، 114) وسنگسر و شهمیرزاد و ساري و شاهي و شیراز و خرم‌آباد و أصفهان، إلا أن فرعي الجمعیة في شاهي و کرمانشاه کانا یتمتعان بأهمیة أکبر، و کان لها تنظیمات و أبنیة جیدة (همایوني،337). و کان لأنصار ظهیرالدولة في مشهد أیضاً محفل ومجلس منتظم (معلم، ن.ص). و فیما عدا ذلک، کانت جمعیة الأخوة قد افتتحت لها فرعاً في بغداد أیضاً (شریف کاشاني، 328).

منشورات الجمعیة

کان للجمعیة في طهران و عدة مدن مجلات وصحف، کما کانت تصدر أحیاناً کتباً. وقد صدرت في طهران سنة 1323هـ/ 1905م أولاً، مجلة مجموعۀ أخلاق بإشراف ظهیرالدولة، حیث صدر منها مامجموعه 18 عدداً، کان مدیرها حتی العدد 16 المیرزا علي‌أکبرخان سروش، و کان رئیسها للعددین الباقیین المیرزا إبراهیم خان منشي (براون، 134؛ ناظم الإسلام، 1/ 411؛ أفشار، 1/ الحادیة والستون). وکانت هذه المجلة تصدر مرة کل 15 یوماً، وأوقف مدیرها الأخیر إصدارها دون سبب فجأة (ظ: ظهیرالدولة، 1/ 273). وقد سمّی ظهیرالدولة هذه المجلة جزوۀ أخلاق و کانت أغلب موضوعاتها في فضائل الإمام علي (ع)، کما کانت تطبع فیها آثار ظهیرالدولة (أفشار، ن.ص). وکانت هذه المجلة – شأنها شأن بثیة منشورات الجمعیة – تتجنب الخوض في المسائل السیاسیة و الدینیة (عرفان، 546).

وفي کرمانشاه أیضاً کانت مجلة أخوت تصدر علی مدی سنوات و کان أغلب مایطبع فیها الآثار العرفانیة لظهیرالدولة مثل مجمع الأطوار. و مجموعة «واردات» الشعریة. ثم صدرت مجموعة «واردات» بشکل مستقل (أفشار، 1/ الثانیة والأربعون – الثالثة والأربعون). وکان شعار المجلة الذي یذکر علی ظهر الغلاف و في أعلی الصفحة الأولی وتحت شعار الجمعیة هو أن المجلة غیرسیاسیة (صدر هاشمي، 1/ 76-78). کما أن فرع الجمعیة في شیراز کان یصدر هو الآخر أسبوعیاً صحیفة دخوت بإدارة عبدالکریم معروف علي سنة 1326هـ. و منذ العدد الثالث لهذه الصحیفة کان یلاحظ شعار الفأسین والکشکول إلی الأعلی من عنوان الصحیفة (براون، 47؛ صدر هاشمي، 1/ 80).

برامج جمعیة الأخوة و أنشظتها

عقب هزیمة محمدعلي شاه و هروبه،ازدهر حال الجمعیة مرة أخری، فانضم إلیها ولي العهد محمدحسن میرزا، وفي نفس الوقت احتفلت الجمعیة بمناسبة الذکری الثانیة عشرة لتأسیسها و نشاطها العلني، وأعلن ظهیرالدولة عن ابتهاجه بالأعمال التي تم إنجازها (همایوني، 328). وکانت أهمیة الجمعیة تکمن في الحقیقة في أنها استطاعت أن تجعل التصوف في خدمة القضایا الاجتماعیة ولاسیاسیة و تمنع حتی الدراویش من ارتداء زي الدروشة (صفائي، ن.م، 139). ورغم أن شعار الجمعیة و منشوراتها کانت تتحدث عن کون أنشطة الجمعیة غیرسیاسیة، إلا أن أعضاءها کان لهم عملیاً – کما کان یلاحظ – نشاط واسع لمصلحة المطالبین بالدستوریة. وقد تمکن ظهیرالدولة بمناصبه السیاسیة و شخصیته القویة أن یستقطب بتأسیسه الجمعیة الکثیرین من کبار الشخصیات إلی محفله. أما النشاط الآخر للجمعیة فقد کان الاهتمام بشتی الفروع الفنیة، حیث کانت تعرض في الجمعیة أحیاناً مسرحیات سیاسیة وأخلاقیة، وقد کتب ظهیرالدولة نفسه مسرحیة عرضت في مقر الجمعیة لعدة لیال، وکان یسبق عرضها عزف فرقة الجمعیة الموسیقیة نشیدَ الحریة (ن.م، 151-152). وکان تشکیل الفرقة الموسیقیة في إیران من ابتکارات الجمعیة أیضاً، ولم‌یکن متداولاً قبل ذلک في التجمعات الأخری (أمین الملک، التاسعة واستون).

وکانت الجمعیة تقیم سنویاً احتفالات بمناسبة میلاد النبي (ص) والإمام علي (ع) و لاسیما بمناسبة عیدالغدیر بشکل خاص. وفي شهر فروردین (آذار) من کل سنة، کان یقام في منطقة شمیران (شمالي طهران) حفل یدعی «جشن گل» [مهرجان الزهور]، ینشد فیه النشید الخاص الذي کان قد أعدّه المیرزا علي أکبر شیدا و ظهیرالدولة (همایوني، 326-327). کما کانت الجمعیة تنشط في مجال تشجیع الفنون و الفنون الجمیلة بحیث ذاغ صیت بنات صفي علي‌شاه و نظم‌الدولة في تطریز الحریر و صناعة المنمنمات، وتحتل الیوم نماذج من ذلک مکاناً في متاحف العالم المرموقة (أمین الملک، ن.ص). کماکان محمد ناصر ظهیرالسلطان الابن الأکبر لظهیرالدولة هو الآخر رساماً ماهراً و کان قد تعلم هذا لفن في فرنسا (أفشار، 1/ الثامنة و لاثلاثنون).

جمعیة الأخوة بعد ظهیرالدولة

کانت وفاة ظهیرالدولة متزامنة مع تولي رضاخان قائد الجیش و رئیس الوزراء السلطة، الذي ما أن تسلم الحکم حتی ألغی جمیع الأحزاب و أوقف الأنشطة السیاسیة، إلا أن جمعیة الأخوة واصلت نشاطاتها، وکانت جلساتها تعقد مرة کل أسبوع. و بعد ظهیرالدولة أصبح نائبه محمدخان انتظام السلطنة رئیس اللجنة الاستشاریة ومرشداً للجمیعیة، وظل یحتفظ بمنصبه هذا حتی وفاته في 1310ش/ 1931م. ومن بعده أسندت رئاسة اللجنة الاستشاریة إلی الدکتور إسماعیل مرزبان الملقب بأمین الملک، إلا أنصفاء الملک، أو فتح الله صفائي کان مرشداً للجمعیة (رائین، 3/ 502-503). ومن بین أعضاء الجمعیة البارزین في تلک الفترات کان الشاعر و الأدیب الشهیر وحید دستگردي، مؤسس مجلة أرمغان الذي انضم إلی الجمعیة بعد قدومه إلی طهران سنة 1337هـ/ 1919م (آرین‌پور، 2/ 424). وعلی عهد رئاسة مرزبان الطویلة للجمعیة تمت عملیات ترمیم جذریة في بنایة الجمعیة (مدرسي، 159). کما أقام حفل الذکری الخمسن لتأسیس جمعیة الأخوة في حدیقة اللواء فیروز سنة 1327ش/ 1948م، وألقی فیه کلمة وافیة تحدث فیها عن أنشطة لجمعیة وطبعت فیما بعد في رسالة (أمین الملک، 1/ الرابعة و الستون- التاسعة والستون).

وعقب مرزبان، أسندت رئاسة الجمعیة إلی الفریق فرج الله آق إولي. وعند ذاک ألغیت رتبة القطبیة و تولت اللجنة الاستشاریة المکونة من 11 شخصاً بأسرها، عملیة إرشاد الدراویش (همایوني، 336-337). أما منصب الإرشاد فقد أسند بعد صفاء الملک إلی علي رضا حکیم خسروي رئیس الجمعیة. وکان خسروي یلقي محاضرات بشکل منتظم، وکان من بین نشاطاته نشره کتاب تاریخ صحیح بي دروغ لظهیرالدولة. ومن بعده أصبح العقید أرسلان نادري (مسعودالملک) سکرتیراً للجمعیة (زنگنه‌پور، 472).

وعلی عهد الفریق آق إولي تمت عملیات ترمیم جذریة في بنایة جمعیة الأخوة وخانقاه صفي‌علي‌شاه، وأقیم في الخانقاه متحف (مدرسي، 158؛ صفائي، ده نفر، 80، ها 1). وبعد وفاة آق إولي تولی رئاسة اللجنة الاستشاریة في الجمعیة، عبدالله انتظام نجل انتظام السلطنة.

وکانت جمعیة الأخوة وإلی سنوات سبقت قیام الثورة الإسلامیة، تعقد في یومي الخمیس والجمعة من کل أسبوع جلسات یشارک فیها فقراء و دراویش الطریقة النعمة اللهیة، أما خلال الأیام التي کان فیها لمحافل مهر و آفتاب و صفا و وفا الماسونیة جلسات، فإن جلساتهم أیضاً کانت في صالون جمعیة الأخوة. وفضلاً عن ذلک، فإن کان لإدارة «المحفل الأکبر» الوطني المستقل کذلک،مکان في مقر الجمعیة (رائین، 2/ 172، 3/ 505).

المصادر

آرین‌پور، یحیی، أزصبا تا نیما، طهران، 1354ش؛ أفشار، إیرج، مقدمة خاطرات... (ظ: همـ، ظهیرالدولة)؛ أفضل الملک،غلام حسین، أفضل التواریخ، تقـ: منصورة إتحادیة و سیروس سعدوندیان، طهران، 1361ش؛ ألگار، حامد، شورش آقاخان محلاتي،تجـ: أبوالقاسم سري، طهران، 1370ش؛ أمین الملک مرزبان، إسماعیل،ملحق مقدمة خاطرات... (ظ: همـ ظهیرالدولة)؛ بامداد،مهدي، شرح حال رجال إیران، طهران، 1357ش؛ پژوه أحمد (مبشر همایون)، ترجمة و حواش علی إنقلاب إیران لإدوارد براون، طهران، 1338ش؛ تفرشي حسیني، أحمد، روزنامۀ أخبار مشروطیت، تقـ: إیرج أفشار، طهران، 1351ش؛ حائري، عبدالهادي، تاریخ جنبشها و تکاپوهاي فراماسونگري در کشورهاي إسلامي،مشهد، 1368ش؛ رائین، إسماعیل، فراموش‌خانه و فراماسونري در إیران، طهران، 1357ش؛ زنگنه‌پور، مهدي، «صفي علي شاه»ف مهر، طهران، 1343ش، س 10، عد 4؛ سپهر، عبدالحسین، مرآت الوقایع مظفري و یادداشتهاي ملک المؤرخین، تقـ: عبدالحسین نوائي، طهران، 1368ش؛ شریف کاشاني،محمدمهدي، واقعات إتفاقیة در روزگار، تقـ: منصورة إتحادیة و سیروس سعدوندیان، طهران، 1362ش؛ صدرهاشمي، محمد، تاریخ جراید وجلات إیران، أصفهان، 1363ش؛ صفائي، إبراهیم، ده نفر پیشتاز، طهران، 1357ش؛ م.ن، رهبران مشروطه، طهران، 1362ش؛ ظهیرالدولة، علي، خاطرات و أسناد،تقـ: إیرج أفشار، طهران، 1367ش؛ عرفان، محمود، «فراماسونها»، یغما، طهران، 1328ش، س 2، عد 11-12؛ علوي، أبوالحسن، «رجال صدر مشروطیت»، یغما، 1331ش، س 5. عد 7؛ فخرائي، إبراهیم، گیلان در جنبش مشروطیت، طهران، 1353ش؛ فریدالملک همداني، محمدعلي، خاطرات، فرید، تقـ: مسعود فرسد، طهران، 1354ش؛ کتاب آبي، تقـ: أحمد بشیري، طهران، 1363ش؛ کسروي، أحمد، تاریخ مشروطة إیران، طهران، 1364ش؛ مدرسي چهاردهي، نورالدین، سیري در تصوف، طهران، 1361ش؛ معاصر، حسن، تاریخ استقرار مشروطیت در إیران، طهران، 1353ش؛ معلم حبیب آبادي، محمدعلي، مکارم الآثار، أصفهان، 1352ش؛ معیر الممالک، دوست علي، رجال عصر ناصري، طهران، 1361ش؛ ناظم الإسلام کرماني، محمد،تاریخ بیداري إیرانیان، تقـ: سعیدي سیرجاني، طهران، 1346ش؛ همایوني، مسعود،تاریخ سلسله‌های طریقۀ نعمت اللهیه در إیران، طهران، 1358ش؛ «وقایع إستبداد صغیر»، مع روزنامۀ أخبار... (ظ: همـ تفرشي حسیني)؛ وأیضاً:

Browne, E.G., The Press and Poetry of Modern Persia, Los Angeles, 1983.

علي آل‌داود/ هـ.