الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / الأخباریون /

فهرس الموضوعات

الأخباریون

الأخباریون

تاریخ آخر التحدیث : 1443/2/19 ۱۸:۱۹:۵۳ تاریخ تألیف المقالة

اَلْأَخْباریّون، تسمیة تطلق في الفقه الإمامي المتأخر علی فریق یعتقدون باتّباع الأخبار و الأحادیث و یرفضون الأسالیب الاجتهادیة و أصول الفقه. ویقف في الطرف المقابل لهم الفقهاء المؤیدون للاجتهاد الذین یعرفون بـ «الأصولیین». و بغض النظر عن تمسیتي «الأخباري» و «الأصولي»، فإن التعارض بین هاتین النظرتین تعود جذوره للفقه الإمامي في القرون الإسلامیة الأولی. و لدی دراسة تیارات المدارس الفقهیة للإمامیة خلال القرون الثلاثة الأولی یمکننا التعرّف إلی التیارات التي کانت تمارس مراتب من الاجتهاد و الاستنباط إزاء أتباع النصوص الروائیة.

و یمکن اعتبار القرن 4هـ/ 10م، القرن الذي بلغت فیه مدرسة الحدیث بقم أوج قدرتها، بشکل کان معه الفقهاء من أهل الاستنباط مثل ابن أبي عقیل العماني و ابن الجنید الإسکافي یصبحون في عداد الأقلیة. و من مشاهیر فقهاء مدرسة الحدیث خلال تلک الفترة یمکن أن نذکر محمد بن یعقوب الکلیني (تـ328، أو 329هـ/ 940، أو 941) و علي ابن بابویه القمي (تـ329هـ) و ابن قولویه (تـ 368، أو 369هـ/ 979، أو 980م) و محمد ابن بابویه القمي (تـ 381هـ/ 991م)، الذین کان لهم دور بارز في تألیف أقدم المجامیع الفقهیة – الحدیثیة (ظ: ن. د، الاجتهاد؛ أیضاً مدرسي الطباطبائي، 34 و ما بعدها). و من جانب آخر و مع ظهور الشیخ المفید (تـ 413هـ/ 1022م) و علی إثره الشریف المرتضی (تـ 436هـ/ 1044م) و الشیخ الطوسي (تـ 460هـ/ 1068م) و تألیف الآثار الأولی في أصول فقه الإمامیة، ظهرت حرکة جدیدة في الفقه الإمامي جعلت اتجاه اللفقهاء إلی الاستنباط یتفوق و لقرونٍ علی مدرسة الحدیث. و مهما یکن، فإن تعارض هذین الاتجاهین یلاحظ في شتی المواضع من آثار العلماء المذکورین. و قد عُبِّر مراراً في أوائل المقالات للشیخ المفید عن الفقهاء من أهل الاستنباط بتعبیر «الفقهاء» بشکل مطلق و عن أهل الحدیث بتعابیر «أهل النقل» و «أصحاب الآثار» و ما شابه ذلک (ظ: ص 19، 23، مخـ). وفي رسالة للشریف المرتضی، استخدم تعبیر فقهاء «أصحاب الحدیث»، مقابل الفقهاء من ذوي الأسلوب الأصولي الذین کان الشریف المرتضی یؤیدهم (ص 18).

و یلاحظ استخدام مصطلح «الأخباري» بحق أتباع نصوص الروایات و الأخبار، لأول مرة في النصف الأول من القرن 6هـ/ 12م في الملل و النحل للشهرستاني (1/ 147)، و من بعده في کتاب النقض لعبدالجلیل القزویني الرازي من علماء الإمامیة في القرن 6هـ/ 12م، وضع مصطلحا «الأخباري» و «الأصولي» في مقابل بعضهما (ص 256، 300–310). و قد حافظت مدرسة فقهاء أهل الحدیث التي کانت قد ضعفت في أواخر القرن 4هـ/ 10 م و النصف الأول من القرن 5هـ/ 11م بسبب جهود الفقهاء الأصولیین، علی وجودها المحدود في الأوساط الفقهیة الإمامیة، إلی أن طُرحت مرة أخری أوائل القرن 11هـ/ 17م في قالب جدید بواسطة محمدأمین الذسترابادي (تـ 1036هـ/ 1627م) (ظ: مدرسي الطباطبائي، 57)، الذي وجه سهام هجومه العنیف إلی أتباع الاتجاه السائد في الفقه الإمامي، أي تیار الأصولیین. و ینبغي أیضاً الإشارة إلی أن البعض یعتقد بکون ابن أبي جمهور الأحسائي (کان حیاً في 904هـ/ 1499م) من بین الذین مهدوا السبیل للأخباریین، و کان قد انبری في رسالة بعنوان العمل بأخبار أصحابنا لإقامة أدلة في هذا المضمار (ظ: الحر العاملي، أمل...، 2/ 253؛ الخوانساري، 7/ 33).

و مع ملاحظة تاریخ الأخباریة، نجد أن شیوع تسمیة الأخباریة و إطلاقها علی فریق معین و بالمعنی المحدد المعاصر، بدأ في الحقیقة منذ القرن 11هـ/ 17م مع ظهور إمام الحرکة الأخباریة الحدیثة، أي محمدأمین الإسترابادي الذي وصف البعض بـ «الأخباري الصلب» (البحراني، 117). و قد قیل عنه بوصفه مؤسس المدرسة الأخباریة بین الشیعة المتأخرین: کان أول من فتح باب الطعن بالمجتهدین و قسّم الإمامیة إلی قسمین أخباریة و مجتهدین (= أصولیین) (الکشمیري، 41؛ التنکابني، 321؛ البحراني، ن.ص).

کان الإسترآبادي في البدء ضمن المجتهدین و قد أخذ الإجازة من صاحب المدارک و صاحب المعالم، و ظل لفترة ینبع طریقتهما، لکن لم یمض طویل وقت حتی أعرض عن أسلوب أستاذیه و هب لمعارضة فریق المجتهدین (ظ: الإسترآبادي، 2؛ أیضاً الخوانساري، 1/ 120). و یعقتد البعض أن جمیع الخطوات التي خطاها کانت نتیجة تأثیر أفکار أستاذه المیرزا محمد الإسترابادي فیه (ن.ص؛ أیضاً: ظ: الإسترابادي، 11، مخـ).

دوّن محمد أمین تعالیمه في کتاب بعنوان الفوائد المدنیة، و هو أثر بارز بین آثاره، و یعد من أهم المصادر في معرفة آرائه و الأخباریة بشکل عام.

و فضلاً عن محمدأمین الإسترابادي، ینبغي أن نذکر من أتباع المدرسة الأخباریة في القرن 11هـ/ 17م من المتطرفین المتعصبین عبدالله بن صالح بن جمعة المساهیجي البحراني صاحب منیة الممارسین الذي اشتهر بکثرة طعنه في المجتهدین (الخوانساري، 4/ 247؛ التنکابني، 310). و قد عدّه الشیخ یوسف البحراني من الأخباریین و قال إنه کان یقول کلاماً مقذعاً بحق أهل الاجتهاد، بینما کان أبوه الملّا صالح من أهل الاجتهاد (ص 98).

و من بقیة أئمة الأخباریین المتطرفین کان أبو أحمد جمال‌الدین محمد بن عبدالنبي، المحدث النیسابوري الإسترابادي (مقـ 1232هـ/ 1817)، المعروف بالمیرزا محمد الأخباري الذي کان یشنع مجتهدین أصولیین معروفین مثل المیرزا أبی القاسم القمي و الشیخ جعفر النجفي کاشف الغطاء و میر سید علي الطباطبائي و السید محمد باقر حجة الإسلام الأصفهاني و محمد إبراهیم الکلباسي، و یظهر لهم العداء بشکل سافر (الخوانساري، 7/ 127 و ما بعدها؛ نفیسي، 250).

لم‌یکن المیرزا محمد لیتورع إطلاقاً عن إظهار معارضته بشکل علني لعلماء الأصول، سواء في القول، أو الکتابة، و هذا ما أدی إلی أن یُؤیَّد أمر قتله من قبل مشاهیر العلماء و المجتهدین آنذاک مثل السید محمد مجاهد، نجل میر سید علي الطباطبائي و الشیخ موسی، نجل الشیخ جعفر کاشف الغطاء و السید عبدالله شبر و کذلک الشیخ أسدالله الکاظمي (ظ: ن.د، الأخباري).

و من بین الذین أعجبوا بأسلوب محمدأمین الإسترابادي و اتجهوا نحو الأخباریین، یمکن أن نجد فقهاء کبار معتدلین في نفس الوقت الذي کانوا یعتقدون فیه بالمذهب الأخباري، و یتجنبون تخاصم الأخباریین المتطرفین، و لهجتهم الشدیدة، و یجدر أن نذکر من بینهم الشیخ یوسف البحراني (تـ 1186هـ/ 1772م). و رغم کونه و هو الذي اشتهر بـ «صاحب الحدائق» بسبب تألیف کتابه الحدائق الناضرة، أخباریاً – علی ما یبدو – باتفاق المصادر، إلا أنه لم یکن متعصباً و لامتطرفاً، و کانت طریقته الفقیهیة خطاً وسطاً بین الأخباریین و الأصولیین (الکشمیري، 279؛ التنکابني، 271؛ مدرس، 3/ 360). و کان البحراني یصرع أنه علی طریقة محمدتقي المجلسي في أسلوبه الفقهي الذي هو حدّ وسط بین الأخباریة و الأصولیة (ظ: الکشمیري، 283). و خلال ذلک، لم‌یکن الوحید البهبهاني، یتورع عن معارضة الشیخ یوسف البحراني، و کان ینهی الناس عن الصلاة خلفه، بینما کان صاحب الحدائق قد أفتی بصحة الصلاة خلف الوحید البهبهاني. و لما أُبلغ الشیخ یوسف بما یقوله الوحید بشأنه قال: إن تکلیفه الشرعي ذاک و تکلیفي الشرعي هذا، فکل منا یعمل بما کلفه الله تعالی به (ظ: المامقانيف 2/ 85).

و خلال عصر الشیخ یوسف البحراني و بسبب نفوذ الأخباریین، قلما کان یُذکر أحد من العلماء الأصولیین في النجف الأشرف و کافة مدن العراق. و من جانب آخر، فقد تمادی الأخباریون في تطرفهم إلی الحد الذي جعلوا معه إمامهم الشیخ یوسف البحراني - و کلما وجد الظرف مناسباً – یحذرهم من الاستمرار في هذا النهج غیرالمقبول الذي یؤدي إلی بروز انقسامات بین الشیعة أنفسهم و صراعات بین العلماء الأصولیین و الأخباریین.

و من الأخباریین المعتدلین الآخرین، السید نعمة الله الجزائري التستري (تـ 1112هـ/ 1700م) الذي قیل إنه و رغم کونه أخباریاً، کان یرکز جهده علی مؤازرة المجتهدین و مؤیدیهم و احترام آرائهم (مدرس، 3/ 113).

و جدیر بالذکر أن البعض أورد الملامحسن الفیض الکاشاني (تـ 1091هـ/ 1680م) أیضاً في عداد الأخباریین (مثلاً الخوانساري، 6/ 85). و یقول الفیض الکاشاني نفسه: أنا أتبع القرآن و الحدیث، و أنا غریب عما سوی القرآن و الحدیث (ص 196). و ربما أمکن اعتبار کلام الفیض هذا دلیلاً علی نزوعه إلی الأخباریة. و کان یعتقد أیضاً أن عقول الناس العادیین ناقصة لایمکن الرکون إلیها و هي مفتقرة إلی الحجیة (الفیض الکاشاني، 169–170).

و کان محمدتقي المجلسي (تـ 1070هـ/ 1660م) أیضاً من أتباع المدرسة الأخباریة المعتدلین، و کما قیل کان یؤید بشکل علني تعالیم محمدأمین الإسترابادي (EI2, S, 57).

و من بقیة الأخباریین المعتدلین یمکن أن نذکر الملا خلیل بن غازي القزویني (تـ 1089هـ/ 1678م) الذي کان من معاصري الشیخ الحرالعاملي و محمدباقر المجلسي و الملا محسن الفیض الکاشاني و من تلامذة الشیخ البهائي و المیرداماد و الذي کان یعارض الاجتهاد تماماً و ینفیه (الخوانساري، 3/ 270؛ التنکابني، 263)؛ و محمد طاهر القمي (تـ1098هـ/ 1687م) (مدرس، 4/ 489)؛ و الشیخ الحر العاملي (تـ 1104هـ/ 1693م) الذي أشار هو نفسه في خاتمة کتابه وسائل الشیعة إلی کونه أخباریاً و أورد أدلة بهذا الشأن (20/ 105–112).

تحول الصراع بین الأصولیین و الأخباریین الذي بدأ منذ القرن 11هـ/ 17م و استمر بسبب تطرف الأخباریین، في نهایة المطاف و علی أیدي المجتهدین وفي مقدمتهم الوحید البهبهاني (تـ 1205هـ/ 1791م) إلی صراع جاد و منظم ضد الأخباریة (صالحي، 1/ 25؛ مدرسي الطباطبائي، 60). و کانت مدن العراق – خاصة کربلاء و النجف – علی عصر الوحید البهبهاني، قواعد للأخباریین، و کانت زعامتهم آنذاک بید الشیخ یوسف البحراني. وفي نفس الوقت کان أتباع علم الأصول و الاجتهاد قد أصبحوا في عزلة قاسیة ذلی أن هاجر الوحید إلی کربلاء (الخوانساري، 2/ 94، 95) و انبری لخوض حرب شعواء ضد الأخباریة. و إلی جانب بحوثه و أدلته العلمیة في دحض الأخباریة و إثبات صحة طریقة الاجتهاد و ضرورة استخدام علم الأصول في استنباط الأحکام الشرعیة، لم‌یکن یتخلی أیضاً عن المواجهة العملیة علی طریق مجابهة الأخباریة. و قد حرم کما قلنا أقامة الصلاة بإمامة الشیخ یوسف البحراني إمام الأخباریین (ظ: المامقاني، ن.ص).

و إثر الإجراءات التي اتخذها الوحید البهبهاني و بقیة الفقهاء الأصولیین البارزین آنذاک، خرج الأصولیون من عزلتهم و أصبحوا أقویاء في مواجهة الأخباریین، و من الکتب التي ألفها الوحید في الرد علی الأخباریین و الدفاع عن المجتهدین، رسالة الاجتهاد و الأخبار. اعتبر الوحید البهبهاني مروّج المذهب و سند الطائفة الشیعیة و القاعدة الراسخة للشریعة في القرن 13هـ/ 19م، و کذلک مجدد المذهب و مروج طریقة الاجتهاد، و ذلک بسبب مقاومته النظریة و العملیة العنیدة و الطویلة الأمد للأخباریین (ظ: الخوانساري، 2/ 94).

و من بعد الوحید البهبهاني ینبغي اعتبار الشیخ مرتضی الأنصاري (تـ 1281هـ/ 1864م) مؤسس علم الأصول. و قد روي عنه قوله لو أن أمین الإسترابادي کان حیاً لقبل هذه الأصول (اعتماد السلطنة، 137؛ مدرس، 1/ 191–192؛ مدرسي الطباطبائي، 61).

و من المناضلین الآخرین ضد الأخباریین، الشیخ جعفر النجفي کاشف الغطاء (تـ 1227هـ/ 1812، أو 1813م) الذي کان من معارضي المیرزا محمد الأخباري و ألف في هذا المضمار رسالة بعنوان کشف الغطاء عن معائب میرزا محمد عدوّ العلماء و قد أرسلها إلی فتح علي شاه القاجاري کي یتخلی عن دعم المیرزا محمد (الخوانساري، 2/ 202؛ أیضاً: ن.د، الأخباري).

و کان رواج الأخباریة خلال القرون 11 -13هـ/ 17–19م قد تم بشکل أکبر في الحواضر الدینیة للعراق و إیران و کذلک في البحرین و الهند (حائري، 86). و من المدن التي کانت تعدّ قاعدة مهمة لأتباع هذه المدرسة في إیران، مدینة قزوین، ذلک أن غالبیة القسم الغربي من هذه المدینة کان في عصر رواج الأخباریة، مقراً للأخباریین ممن کانوا یعتبرون من تلامیذ و مریدي الملا خلیل القزویني (تـ 1089هـ/ 1678م) (صالحي، 1/ 26). إلا أن نطاق نفوذ هذه المدرسة أصبح هو الآخر محدوداً بعد الصراع الذي خاضه الأصولیون ضد الأخباریین و ضعف الأخباریة المتزاید. و الیوم فإن المکان الوحید الذي تلاحظ فیه آثار الأخباریة بشکل واضح هو بعض مناطق خوزستان (خاصة خرمشهر و آبادان).

و قد أورد السید نعمة الله الجزائري في منبع الحیاة، و الملارضی القزویني في لسان الخواص، الفوارق الرئیسة بین الأخباریین و الأصولیین، کما عدّد عبدالله بن صالح السماهیجي البحراني في منیة الممارسین، 40 فرقاً بین الأخباریین و الأصولیین، و بحث الشیخ جعفر کاشف الغطاء أیضاً في الحق المبین الفروق بین الأخباریین و الأصولیین؛ و أشار المیرزا محمد الأخباري في کتاب الطهر الفاصل إلی 59 فرقاً. و أوصل السید محمد الدزفولي القرون إلی 86 في فاروق الحق، و انبری الحرالعاملي هو الآخر في الفائدة 92 من الفوائد الطوسیة لذکر الاختلافات بین الفریقین.

و نشیر هنا إلی بعض أهم هذه الفوارق: یعتبر الأخباریون الاجتهاد حراماً، بینما یراه الأصولیون واجباً کفائیاً، بل و یعتبره بعضهم واجباً عینیاً. فالملا محمدأمین الإسترابادي في کتابه الفوائد المدنیة نفی ضرورة الاجتهاد و قال إن أسلوب العلماء المتقدمین لم یکن اجتهادیاً (ص 40)؛ یعتبر الأخباریون الأدلة مقتصرة علی ما في الکتاب و السنة ولا یعدّون – خلافاً للأصولیین – الإجماعَشش و العقلَ حجةً؛ منع الأخباریون استنباط الأحکام عن طریق «الظن»، ولایرون – خلافاً للمجتهدین – سوی العلم حجة؛ و الأحادیث لدی الأخباریین علی نوعین: صحیح و ضعیف، لکنها تقسم في آثار المجتهدین علی أربعة أقسام: صحیح و موثق و حسن و ضعیف؛ یقسم الأصولیون الناس إلی فریقین: مجتهد و مقلِّد، أما الأخباریون فیعدون جمیع الناس مقلِّدین للمعصوم ولا یجیزون تقلید غیر المعصوم؛ یعتبر الأصولیون ظاهر القرآن حجة و یرجحونه علی ظاهر الخبر، بینما الأخباریون التمسک بظاهر الکتاب فقط في حالة وجود تفسیر له عن المعصوم؛ یعتبر الأخباریون جمیع الأخبار في الکتب الأربعة صحیحة و قطعیة الصدور، بینما لا یعتبر الأصولیون جمیع هذه الأحادیث صحیحة؛ یقبل الأخباریون بالحسن و القبح العقلیین، إلا أنهم - خلافاً للأصولیین – لایعدون الأحکام العقلیة المستقلة حجة شرعیة؛ یعتبر الأصولیون إصالة البراءة قائمة في شبهة الحکمیة التحریمیة وفي شبهة الحکمیة الوجوبیة، بینما یؤیدهم الأخباریون في الحالة الثانیة فقط؛ لا یجیز الأخباریون – خلافاً للأصولیین – الترجیحَ بالتمسک بالبراءة الأصلیة عند تعارض الأخبار، حیث یقول الإسترابادي في الفوائد المدنیة: أعتقد أن التمسک بالبراءة الأصلیة بشکل عام کان صحیحاً إلی ما قبل إکمال الدین، إلا أنه لم یبقَ مجال للبراءة المذکورة بعد أن بلغ حدّ الکمال، ذلک أن الأخبار المتواترة عن الأئمه في کل واقعة یحتاجها الناس قد وصلتهم، و حقائق الموضوعات أصبحت ثابتة إلی یوم القیامة، کما عُیِّن حکم لأيّ خلاف بین شخصین (ص 106)؛ اعتبر الأخباریون أشکالاً من القیاس مثل قیاس الأولویة و قیاس منصوص العلة و کذلک تنقیح المناط مما یعتدّ به الأصولیون، في عداد القیاسات التي نهي عنها في الأحادیث و رأوها باطلة (الدزفولي، 3 و ما بعدها؛ الخوانساري، 1/ 127–130؛ أیضاً ظ: الأمین، 3/ 223).

توجد آراء مختلفة بشأن علاقة طریقة الشیخیة بالأخباریة، فرغم أن کبار الشیخیة أنفسهم ینکرون أیة علاقه لهم بالأخباریین، إلا أن معارضیهم یدعون وجود شکل من العلاقة الجذریة بین الشیخیة و الأخباریة، و یعتقدون أن ظهور المدرسة الشیخیة کان متأثراً بأفکار الأخباریة (الرازي، 1/ 168). کما یعتقد البعض أن الشیخیة لیسوا أتباعاً للأصولیین بشکل کامل ولا للأخباریین، بل کانت مدرستهم طریقاً بین الأصولیة و الأخباریة (ظ: ن.د، الشیخیة).

و جدیر بالذکر أن الدراسات بشأن الأخباریین ازدادت بشکل کبیر حوالي النصف الثاني من القرن 20 م و حظي الأخباریون و إلی جانبهم الأصولیون باهتمام الباحثین الأوروبیین. ففي 1958م تناول سکارتشا في مقالة تحت عنوان «حول النقاشات بین الأخباریین و الأصولیین الإمامیة في إیران» آراء الفریقین بالبحث و النقد بشکل واف، و انبری لإیضاح بعض الفروق بینهما. و بعده وفي 1980م انبری ما دیلونغ في مقالة بـ «تکملة دائرة المعارف الإسلامیة» للتعریف بهذه الفرقة ضمن بحثه (ظ: EI2, S). کتب کولبرغ أیضاً في 1985م مقالة بعنوان «الأخباریون» (إیرانیکا).

 

المصادر

الإسترابادي، محمدأمین، الفوائد المدینة، ط حجریة؛ إعتماد السلطنة، محمد حسن، المآثر و الآثار، ط حجریة، مکتبة سنائي؛ الأمین، محسن، أعیان الشیعة، تقـ: حسن الأمین، بیروت، 1403هـ؛ البحراني، یوسف، لؤلؤة البحرین، تقـ محمدصادق بحرالعلوم، قم، مؤسسه آل البیت؛ التنکابني، محمد، قصص العلماء، طهران، 1369هـ؛ حائري، عبدالهادي، تشیع و مشروطیت در إیران، طهران، 1360ش؛ الحرالعاملي، محمد، أمل الآمل، تقـ: أحمد الحسیني، النجف، 1385هـ؛ م.ن، وسائل الشیعة، بیروت، 1389هـ؛ الخوانساري، محمدباقر، روضات الجنات، قم، 1391هـ؛ الدزفولي، فرج‌الله، «فاروق الحق»، بحاشیة حق المبین؛ الرازي، محمد، آثار الحجة، قم، 1332هـ؛ الشریف المرتضی، علي، «رسالة في الرد علی أصحاب العدد»، رسائل الشریف المرتضی، قم، 1405هـ، ج2؛ الشهرستاني، محمد، الملل و النحل، تقـ: محمد بن فتح‌الله بدران، القاهرة، 1357هـ/ 1936م؛ الشیخ المفید، محمد، أوائل المقالات، قم، 1413هـ؛ صالحي، عبدالحسین، مقدمة غنیمة المعاد في شرح الإرشاد (موسوعة) للبرغاني، طهران، مطبعة أحمدي؛ الفیض الکاشاني، محسن، ده رسالة، تقـ: رسول جعفریان، أصفهان، 1371ش؛ القزویني الرازي، عبدالجلیل، النقض، تقـ: جلال‌الدین المحدث الأرموي، طهران، 1331ش؛ الکشمیري، محمدعلي، نجوم السماء، مطبعة جعفري، 1303هـ؛ المامقاني، عبدالله، تنقیح المقال، النجف، 1350هـ؛ مدرس، محمدعلي، ریحانة الأدب، تبریز، 1346ش؛ مدرسي الطباطبائي، حسین، مقدمة إي برفقه شیعة، تجـ: محمد آصف فکرت، مشهد، 1368ش؛ نفیسي، سعید، تاریخ اجتماعي و سیاسي إیران در دورۀ معاصر، طهران، 1335ش؛ و أیضاً:

EI2, S; Iranica.

إحسان قیصري/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: