الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / القانون / الأحوال الشخصیة /

فهرس الموضوعات

الأحوال الشخصیة

الأحوال الشخصیة

تاریخ آخر التحدیث : 1443/2/19 ۱۴:۳۶:۳۹ تاریخ تألیف المقالة

اَلْأَحْوالُ الشَّخصیَّة، مصطلح قانوني یعني مجموعة الصفات و الخصائص التي تحدد وضع و هویة الشخص و حقوقه و واجباته في الأسرة و في المجتمع (کاتوزیان، 2/ 4).

والأحوال الشخصیة من مصطلاحات القانون المعاصر المقتبسة من القانون الفرنسي و التي أحدث کتّاب کُدسیویل، أي مجموعة القوانین المدنیة الفرنسیة بوضعها تحولاً في القانون الفرنسي و قوانین بقیة الدول. و کانت الأحوال الشخصیة في فرنسا قبل ذلک تعتبر تابعة لقانون محل الإقامة، بل إن مجموعة من القانونیین الفرنسیین و للحیولة دون حدوث تغییر مبالغ فیه في القانون، کانوا یعتبرون محل الإقامة الأصلي هو المعیار المعتمد علیه و لیس محل الإقامة الحالي. و قد انتقل التحول الذي أحدثه کدسیویل (القانون المدني الفرنسي) إلی البلدان الأخری أیضاً و تمت الموافقة في قسم کبیر من أوروبا و قسم من أمیرکا اللاتینیة علی أصل اعتماد القانون الوطني فیما یتعلق بالأحوال الشخصیة، لکن في إنجلترا، و بشکل عام في القانون البریطاني – الأمیرکي، بقیت قاعدة اعتماد قانون محل الإقامة علی حالها. و قد تمت المصادقة علی أصل تطبیق القانون الوطني في الأحوال الشخصیة بواسطة مؤسسة القانون الدولي في الجلسات التي عقدت في النصف الثاني من القرن 19م، و وُفِق علیها في الاتفاقیات السیاسیة المتعددة الجوانب في 1902 و 1905م بلاهاي (نصیري، 197–198).

و الحالات التي تنطیق علیها قوانین الأحوال الشخصیة في جمیع البلدان لیست متمائلة، إلا أنها بصورة مبدئیة هي الموضوعات التي وضعت للاهتمام بشخصیة الفرد و تشمل عادة قضایا مثل النکاح و الطلاق و فسخ النکاح و الحضانة و القیمومة و الولایة و الأهلیة و نفقة الأقارب و النسب و ماشابه.

و إزاء القوانین المتعلقة بالأحوال الشخصیة، توجد القوانین الخاصة بالأموال و التي وضعت باعتبار طبیعة المال و موضوعها المال مثل الملکیة و التصرف؛ و رغم أن المال یمکن أن یُعتبر في الأحوال الشخصیة أیضاً بشکل تبعي (إمامي، 4/ 99–100؛ الزحیلي، و هبة، 7/ 6).

و توجد بین مفهومي الأحوال الشخصیة و الأهلیة علاقة متینة، ذلک أن کلا الاثنین هما من عناصر الشخصیة و یأخذان بنظر الاعتبار حقوق و واجبات البشر، لکن الترابط بین هذین المفهومین لاینبغي أن یعتبر دلیل وحدتهما (ظ: کاتوزیان، ن. ص)، ذلک أن الأهلیة هي جدارة الشخص للتملک، أو تطبیق حق، بینما لاتُلحظ الأهلیة في الأحوال الشخصیة. و الأمر الآخر أن الأحوال الشخصیة تؤثر أحیاناً في الأهلیة، بینما لاتؤثر الأهلیة في الأحوال الشخصیة علی الإطلاق. فمثلاً السنّ الذي هو من الأحوال الشخصیة یؤثر في الأهلیة، لکن الجنون الذي هو من الأمور ذات العلاقة بالأهلیة لایؤثر في الأحوال الشخصیة. و فضلاً عن ذلک، فإن کل شخص له أحوال شخصیة لا محالة، بینما یمکن أن یکون شخص قد فقد جزءاً من أهلیته (شایگان، 195). و علی هذا فالأحوال الشخصیة بالمعنی الأخص لا تشمل الأهلیة (جعفري، ترمینولوژي....، 17).

و استناداً إلی المبادي العامة ففي القضایا المتعلقة بالأحوال الشخصیة للأجانب یتم النظر فیها طبقاً لأعرافهم و قوانینهم. غیر أن هذا المبدأ العام، له استثناءات: 1. فیما یتعلق بالنظام العام، أي أنه متی ما کانت الأعراف المتعلقة بالأحوال الشخصیة للأجنبي تتعارض و النظام العام للبلاد (محل إقامة الأجنبي)، لایحق للأجنبي التمتع بقوانینه المعمول بها في وطنه (ظ: نصیري، 198–199). و علی هذا، فإذا کان تطبیق القوانین الأجنبیة لایمکن العمل به في النظام القانوني لبلد القاضي فإنه سیمتنع عن تنفیذ ذلک القانون استناداً إلی النظام العام، مثل الزواج بین المحارم الذي لو أجازه قانون بلد أجنبي، و أراد أحد الأجانب أن یتزوج بأحدی محارمه ممن یمنع الزواج بها طبقاً للقانون الإیراني، فسیُحکم ببطلان هذا الزواج، حتی لو کان صحیحاً في قانون دولة الزوجین (ظ: ألماسي: 125–126)؛ 2. في الحالة التي ترتبط فیها التابعیة نفسها بالأحوال الشخصیة مثل أن یکون أمر التابعیة رهناً بصحة النسب، ففي هذه الحالة لا یمکن تطبیق القانون الوطني، و لتجنب الوقوع في حالة «الدَّور المنطقي» یطبق قانون «مقرّ المحکمة». کذلک إذا کان أمر التابعیة مرتبطاً بصحة عمل شخص کانت أهلیته محل نزاع، ففي هذه الحالة أیضاً یطبق قانون مقرّ المحکمة؛ 3. فیما یتعلق بالذین لاتابعیة لهم، ذلک أن هؤلاء لیس لدیهم قانون وطني لیبت في أحوالهم الشخصیة؛ 4. في حالة وقوع تضارب بین عدة قوانین وطنیة، و یحصل ذلک عندما یطرح في دعوا أمر وضع و أهلیة عدة أشخاص تتباین تابعیاتهم؛ 5. في الإحالة، أي في الحالات التي یُرجع فیها القانون الأجنبي أحواله الشخصیة إلی قانون آخر، مثلاً قانون إیران. ففي هذه الحالة تطبق المحکمة الإیرانیة القانون الإیراني (لمزید من الاطلاع، ظ: نصیري، 198–200).

و لیس لمصطلح الأحوال الشخصیة سابقة في الفقه الإسلامي، و کما قیل آنفاً فإنه دخل في قوانین البلدان الأسلامیة قادماً في القرون الأخیرة من قوانین البلدان الغریبة. و مع دخول هذا المصطلح نطاق قوانین البلدان الإسلامیة و ضرورة تدوین القوانین المتعلقة به، حظي الموضوع بشکل مستقل بدراسة الفقهاء و الحقوقیین الإسلامیین، و أصبح موضوعاً لعشرات الکتب و المقالات. و رغم ذلک، فإن هذا لایعني أن مصادیق الأحوال الشخصیة هي الأخری لم یکن لها سابقة في الفقه الإسلامي، فموضوعات مثل الزواج و الطلاق و الحجر و الأهلیة و بقیة الأمور ذات العلاقة بالأحوال الشخصیة هي من أهم موضوعات الفقه الإسلامي. کما کانت ضرورة مراعاة الحقوق المتعلقة بالأحوال الشخصیة لغیر المسلمین موضع اهتمام المسلمین منذ القدم، کما حدث خلال خلافة عمر و فتح مصر علی ید عمر و بن العاص عندما قُسِّمت إلی عدة أقسام عُیِّن علی کل واحد منها قاض قبطي یفصل في الدعاوی الدینیة و المدنیة لغیر المسلمین وفقاً لأَحکام شریعتهم. و حتی في الحالات التي یحدث نزاع بین قبطي و عربي، کان یُنظر بدعواهما في مجلس مؤلف من قضاة الطرفین (مشرفة، 12). وفي ذلک العصر اعتبرت أرواح و أموال المسیحیین و أماکنهم المقدسة مصونة من الاعتداء وفق معاهدة وُقّعت مع بطریرک بیت‌المقدس (مالک، 39).

وفي تعریف مصطلح الأحوال الشخصیة لایوجد خلاف ذوبال في الرأي بین القانونیین المسلمین (کمثال، ظ: شلبي، أحکام...، 12، المدخل...، 37؛ أبوزهرة، موسوعة...، 1/ 68؛ الزحیلي، محمد، 1(2)/ 11؛ الزحیلي، و هبة، 7/ 6؛ الدجوي، 1/ ب؛ بحرالعلوم، 20)، إلا أن هناک خلافاً في تعیین مصادیقه خاصة فیما یتعلق بالوقف والهبة، حیث یعتبرهما البعض منهم جزءاً من الأحوال الشخصیة (ظ: ن. صص).

وفي فقه الإمامیة، یستشف من أحادیث مثل خبر محمد بن مسلم عن الإمام محمدالباقر (ع): «یجوز علی أهل کل ذوي دینٍ ما یستحلّون» (الحر العاملي، 17/ 484)، ضرورة مراعاة الأحوال الشخصیة للأقلیات الدینیة. کما أن نتیجة تطبیق قاعدة «الإلزام» فیما یتعلق بمصادیق الأحوال الشخصیة یمکن أن یترتب علیه مراعاة الأحوال الشخصیة لسائر المذاهب الإسلامیة. فاستناداً إلی هذه القاعدة التي هي من القواعد الفقهیة الخاصة بالإمامیة یستطیع الشیعة أن یعملوا بالضوابط الفقهیة لجمیع الفرق الإسلامیة حین یکون تطبیقها في مصلحتهم (ظ: البجنوردي، 3/ 154 و ما بعدها). و واضح أن الموضوعات التي تشملها قاعدة الإلزام عامة و تشمل مصادیق الأحوال الشخصیة أیضاً.

 

الأحوال الشخصیة في القانون الإیراني المعاصر

إن قانون أساسي مشروطة [الدستور الصادر علی عهد الحرکة الدستوریة] و ملحقه (المصادق علیه في 1324 و 1325هـ) و بوصفه أهم و أحد أقدم القوانین المدونة في إیران بأسلوب معاصر، لم‌یکن یتضمن ضوابط خاصة لکیفیة التعامل مع الأحوال الشخصیة للأجانب، أو الأقلیات الدینیة، و اکتُفي في الأصل 6 منه بالإشارة إلی صیانة أرواح و أموال الأجانب المقیمین في إیران. وفي الفقرة الثالثة من الأصل 27 من ملحق الدستور المذکور، أُخذ بنظر الاعتبار تشکیل نوعین من المحاکم: شرعیة و عرفیة، مما لم‌یکن بطبیعة الحال خاصاً بالأقلیات الدینیة و الأجانب.

و بالمصادقة علی قانون المحاکم الشرعیة في 9 آذر 1310 ش (29/ 11/ 1931م) عُینت في القانون واجبات و صلاحیات المحاکم الشرعیة. فاستناداً إلی المادة 7 من هذا القانون فإن قسماً من القضایا المتعلقة بالأمور الشرعیة مثل الزواج و الطلاق و الحالات التي لایمکن البتّ فیها إلا بإقامة البینة، أو أداء الیمین، أو القضایا الأخری مثل تعیین القیّم، أو الوصي، أو المشرف، أو الأمین، أصبح من صلاحیات هذه الماحکم. و مع ذلک، فإنه فیما یتعلق بالأحوال الشخصیة للأقلیات المذهبیة «والدینیة» و إلی ما قبل المصادقة علی الجزء الثاني من القانون المدني، کانت المحاکم تصدر أحکامها في قضایا الأحوال الشخصیة طبقاً لقوانین المذهب الجعفري، ولأجل تحقیق هذا الهدف کانت فتاوی علماء الإمامیة تستنبط من الکتب الفقهیة و یتبع فیها الآراء المشهورة؛ و یعتبر مذهب الإمامیة مراعاة القوانین الدینیة لأتباع الدیانات السماویة الأخری في القضایا المتعلقة بالأحوال الشخصیة و حقوق الأرث، أمراض إلزامیاً.

و اتّباعاً لقانون الإمامیة فقد صودق في 31 تیر 1312ش (21 تموز 1933م) علی مادة واحدة «قانون الإذن بمراعاة الأحوال الشخصیة للإیرانیین غیر الشیعة في المحاکم»، و التي نصها: «فیما یتعلق بالأحوال الشخصیة و حقوق الإرث و الوصیة لدی الإیرانیین غیر الشیعة المعترف بمذاهبهم بشکل رسمي، یجب علی المحاکم أن تلتزم القواعد و العادات في مذاهبهم – إلا في الحالات التي تکون فیها ضوابط القانون تابعة للنظام العام – بالشکل التالي: 1. في القضایا المتعلقة بالنکاح و الطلاق تراعي العادات و الأصول المسلّم بها و المرعیة في مذهب الزوج؛ 2. القضایا المتعلقة بالإرث و الوصیة تراعی الأصول العادات المسلّم بها و المرعیة في مذهب المتوفی؛ 3. في القضایا المتعلقة بالتبني، تراعی العادات و الأصول المسلّم بها و المرعیة في المذهب الذي یعتنقه الأب المتبني، أو الأم المتبنیة (ظ: إمامي، 4/ 132–133؛ لمزید من الاطلاع علی القوانین المتعلقة بالأحوال الشخصیة للمذهبین الشافعي و الحنبلي والدیانتین الیهودیة و الزرادشتیة و شتی الفرق المسیحیة، ظ: کمانگر، 319 و ما بعدها). و بعد المصادقة علی هذه المادة الواحدة، تمت المصادقة تدریجیاً علی الجزء الثاني من القانون المدني للأحوال الشخصیة منذ 6 بهمن 1312 إلی 1 مهر 1314ش (25/ 1/ 1934–22/ 9/ 1935م)، لکن لم یتم إلغاء تلک المادة الواحدة و بقیت ساریة المفعول.

و قد تضمن قانون أساسي [دستور] جمهوري إسلامي إیران في «الأصل» 12 منه عند ذکره المذهب الرسمي للبلاد، موضوع مراعاة الحقوق المتعلقة بالأحوال الشخصیة للمذاهب الأربعة و المذهب الزیدي. فاستناداً إلی الأصل 13 من هذا القانون أیضاً فإن الزرادشتیین و الیهود و المسیحیین الإیرانیین، أقلیات دینیة أحرار في أداء مراسیمهم الدینیة ضمن حدود القانون لیتصرفوا في أحوالهم الشخصیة و تعالیمهم الدینیة طبق ماتقضیه دیاناتهم.

و قد روعي موضوع الأحوال الشخصیة للأجانب بشکل صریح في المادة 7 من القانون المدني المصادق علیه في 1307ش (1928م) حیث ورد مایلي: «سیکون الأجانب المقیمون علی الأراضي الإیرانیة خاضعین لقوانین و قرارات دولهم من حیث القضایا المتعلقة بالأحوال الشخصیة و أهلیتهم و کذلک في الحقوق المتعلقة بالإرث ضمن حدود المعاهدات». فبموجب هذه المادة فإن الجهات الإیرانیة ذات الصلاحیة تراعي الأحوال الشخصیة و حقوق الإرث في الدولة الأجنبیة بحق رعایاها في حدود المعادات و القوانین. و استناداً إلی المادة 5 من القانون المدني، فإن الأصل هو تطبیق القانون الإیراني بحق جمیع الساکنین فیها (سواء أکانوا إیرانیین، أم أجانب)، لکن «المجاملة الدولیة» تستلزم أنه في حالة عدم وجود اتفاقیة بین دولة إیران و الدولة الأجنبیة، یجب أن تراعی قوانین الدولة الأجنبیة الخاصة بالأحوال الشخصیة بحق رعایا تلک الدولة، و ذلک في حالة کون العمل المذکور یتم في الدولة الأجنبیة بحق رعایا إیران (المعاملة بالمثل)، و إلا فلن یکون هناک مجال لمراعاة المجاملة الدولیة (إمامي، 4/ 102- 103).

ولم یتم إحصاء مصادیق الأحوال الشخصیة بشکل کامل في القانون الإیراني. فقد عُدّ الزواج و الطلاق و الإرث و الوصیة و الأهلیة من مصادیق الأحوال الشخصیة في المادتین 6 و 7 من القانون المدني و الأصلین 12 و 13 من القانون الأساسي، وفي المادة الواحدة الخاصة بمراعاة الأحوال الشخصیة بحق الإیرانیین من غیر الشیعة، فقد اعتبر تبني الأولاد أیضاً من مصادیق الأحوال الشخصیة. و فضلاً عن ذلک، فإن المعاهدات المقعودة بین إیران و کافة ابلدان والتي هي بمثابة القانون – استناداً إلی المادة 9 من القانون المدني – هي من المصادر المهمة لقانون الأحوال الشخصیة، و کمثال علی ذلک اعتبرت اتفاقیة الإقامة المعقودة بین إیران و سویسرا المصادق علیها في 1313ش (1934م) الأحوال الشخصیة متضمنة لهذه الحالات: الزواج و تنظیم ملکیة الزوجین و الطلاق و التفرقة و البائنة و الأبوة و النسب والتبني و الأهلیة القانونیة و البلوغ و الولایة و القیمومة و الحجر و حق الإرث بموجب وصیة، أو بدونها، تقسیم الترکات، أو الأموال و القضایا المتعلقة بحقوق الأسرة (مجموعۀ قوانین...، 1313ش [1934م)، 115). وفي المادة 5 من البروتوکول الملحق بمعاهدة الصداقة و الإقامة و التجارة بین إیران و الیونان المصادق علیها في 1310ش (1931م) حُددت مصادیق الأحول الشخصیة بالشکل التالي: الزواج و تنظیم ملکیة الزوجین و الطلاق و التفرقة و البائنة و الأبوة و النسب و التبني و الأهلیة و البلوغ و القیمومة و الولایة و الحجر و حق الإرث بوصیة، أو بدونها، و تصفیة الإرث، أو الملکیة و بشکل عام جمیع القضایا المتعلقة بحقوق الأسرة و جمیع القضایا المتعلقة بوضع الأشخاص (ظ: مجموعۀ قوانین، 1311ش [1932م]، 79).

إن مجموعة الأحکام الصادرة عن المحاکم و نظریات علماء القانون هي من المصادر المهمة للأحوال الشخصیة. و کمثال علی ذلک فقد شُکک في الأحکام التمییزیة المرقمة 588 و المؤرخة في 1316ش (1937م) الصادرة عن الشعبي الثالثة، و المرقمة 2363 و المؤرخة في 1319ش (1940م) الصادرة عن الشعبة الأولی لمحکمة النقض و الإبرام، في أن یکون المهر من مصادیق الأحوال الشخصیة (جعفري، دانشنامه...، 1/ 286). و یری بعض علماء القانون أن قضایا الإرث و الوصیة و الأهلیة لیست من مصادیق الأحوال الشخصیة بالمعنی الأخص (ن. م، 1/ 285؛ م. ن، ترمینولوژي، 17؛ إمامي، 4/ 134).

 

تاریخ الأحوال الشخصیة في بعض البلدان الإسلامیة

 

الدولة العثمانیة

یعود تاریخ تدوین القوانین في الإمبراطوریة العثمانیة إلی 1836م. فقد افتتحت في هذه السنة دائرة المفتي الأکبر و شُکل عقب ذلک في 1837م مجلس القضاء. وفي 1840 و 1850 م دوّن قانونا العقوبات و التجارة و طبع في 1856م «خط همایون» الذي أقر المساواة بین جمیع سکان الإمبراطوریة. وفي 1861و 1863 م صودق علی قوانین التجارة و المعاملات التجاریة. وفي الفترة الواقعة بین 1869 و 1876م دونت مجموعة قوانین جدیدة بعنوان المجلة في 16 مجلداً ظلت ساریة المفعول حتی 1926م، و کانت هذا المجموعة من القوانین التي کان أحمد جودت باشا (تـ 1312هـ/ 1895م) المؤرخ و القانوني العثماني، قد سعی إلی تدوینها أکثر من غیره، قائمة علی أحکام الفقه الحنفي (فوسینیج، 41–42)؛ غیر أن هذا القانون و القوانین التي سبقته کانت تبدو ناقصة من حیث تناولها لقضایا الأحوال الشخصیة (بدران، 1/ 3). ولذا فقد صودق في 1917م علی أول قانون للأسرة في الحکومة العثمانیة، و رغم أنه لم‌یکن یتضمن جمیع موضوعات الأحوال الشخصیة، لکنه یقلل إلی حدّما من النقص الحاصل في المجلة. ولم یکن هذا القانون یخص المسلمین فحسب، بل کان یشمل أیضاً أتباع شتی الطوائف المسیحیة و الیهودیة أیضاً، و کان في القسم المتعلق بالمسلمین أیضاً لا یستند فقط إلی الفقه الحنفي، بل استفاد أیضاً من فقه بقیة مذاهب أهل السنة. و قد طبق هذا القانون في سوریا و لبنان أیضاً رغم انفصالهما عن الدولة العثمانیة (شلبي، أحکام، 17–18).

 

مصر

رغم أن الدولة العثمانیة صادقت في 1917م علی أول قانون للأحوال الشخصیة، لکن مصر کانت قد سبقتها من حیث محاولتها إیجاد نظام قانوني للقضایا المتعلقة بالأحوال الشخصیة. في 1915م بادر فریق من علماء المذاهب الأربعة إلی تدوین قوانین بهذا الشأن، إلا أن الاحتجاجات الکثیرة من جهة، و اندلاع الحرب العالمیة الأولی من جهة أخری أدت إلی إخفاق تلکم الجهود (أبوزهرة، الأحوال....، 10؛ شلبي، ن. م، 20). في 1920م صودق علی قانون ذي 13 مادة قائم علی الفقه المالکي. و کانت في هذا القانون ضوابط تتعلق بنفقة الزوجة و إعطاء النساء حق فسخ النکاح و غیبة الزوج (ن. صص). وفي 1923م صودق علی القانون المتعلق بسن النکاح المکون من مادتین (أبوزهرة، ن. م، 12). وفي تشرین الأول 1926 دوّن فریق من علماء مصر کان من بینهم تلامیذ محمد عبده أیضاً، قانوناً خاصاً بالزواج و الطلاق روعیت فیه شروط ضمن العقد مثل اشتراط الامتناع عن الزواج بثانیة. و قد وضع هذا القانون علی أساس فقه المذاهب الأربعة و بعض فتاوی ابن تیمیة و ابن القیم، و کان یتضمن أیضاً آراء محمد عبده الفقهیة، إلا أن تغییرات طرأت علیه في 1929م و عُدّلت أحکامه لتستند فحسب إلی آراء فقهاء المذاهب الأربعة (ن. م، 13–15). وفي 1936 م صودق علی قانون آخر یضم أحکاماً تنتاول العلاقات الأسریة تنظیم شؤون أفرادها المالیة. وفي 1943و 1946و 1952م سُنّت قوانین خاصة بالإرث و الوصیة و الوقف، إلی أن طرأت في 1956م تغییرات جذریة في القوانین المصریة و منها القوانین الخاصة بالأحوال الشخصیة (ن. م، 15–16).

 

لبنان

استناداً إلی قانون المحاکم الشرعیة الذي صودق علیه في 1942م اعتبرت کل طائفة تابعة للقوانین الخاصة بها في الأمور المتعلقة بالأحوال الشخصیة، و واصلت المحاکم الشرعیة التي کانت تذکاراً لعهد الهیمنة العثمانیة، أعمالها. و قد تکامل قانون المحاکم الشرعیة خلال السنوات 1946 و 1952 و 1953م. و وفقاً لهذه القوانین یکون النظر في القضایا المتعلقة بالزواج و الطلاق و فسخ العقد و الخطبة والحضانة و النفقة و النسب و الولایة و الحجر و الوقف و تنظیم الوکالة، من صلاحیات محاکم الشرع. و قد قسمت هذه المحاکم في لبنان إلی قسمین سني و شیعي، کما أن الطائفة الدرزیة لها قانون و محکمة خاصة بأحوالها الشخصیة، و قد صودق علی ذلک في 1948م (بدران، 1/ 4–5؛ لمزید من الاطلاع علی الأحوال الشخصیة للدروز، ظ: الأعور، مخـ).

 

سوریة

کان قانون 1917م العثماني ساري المفعول حتی 1953م رغم انفصال سوریة عن الدولة العثمانیة، ثم صودق في هذه السنة علی قانون للأحوال الشخصیة ألغی ذلک القانون (شلبي، ن م، 18؛ مالک، 37).

 

الأردن

حتی عام 1927م عندما صودق علی قانون الأسرة، کان الأردن أیضاً یطبق قانون الأحوال الشخصیة العثماني المصادق علیه في 1917م. ثم صودق في 1951م علی القانون الجدید الذي کان مقتبساً من قوانین مصر لعامي 1920و 1929م، و کان قد روعي في هذا القانون أن یرجع إلی القول الأرجح في المذهب الحنفي عند عدم وجود نص في أحد موضوعات الأحوال الشخصیة (شلبي، ن م، 18، الهامش).

 

العراق

کان هذا البلد أیضاً من البلدان التي ظلت و إلی فترة طویلة بعد سقوط الدولة العثمانیة، تطبق فیها قوانین مجلة الأحکام العثمانیة، و ظلت المحاکم الشرعیة تواصل عملها حتی قیام النظام الجمهوري في العراق. و کانت مهمة هذه المحاکم النظر في الأحوال الشخصیة و الدعاوی الخاصة بها علی أساس قوانین مجلة الأحکام. وفي 1951م صودق علی القانون المدني العراقي، فألغیت عملیاً قوانین مجلة الأحکام. وفي 1959م صودق علی قوانین خاصة بالأحوال الشخصیة قوبلت باحتجاج العلماء. ثم في 1963م أدخلت تعدیلات علی هذا القانون و من بینهما تعدیل المادة 13 الخاصة بمنع الزواج الثاني دو إذن المحکمة، بینما ألغیت المادة 74 الخاصة بالأرث (بحر العلوم، 6–8، 33).

 

المصادر

أبوزهرة، محمد، الأحوال الشخصیة، القاهرة، 1369هـ/ 1950م؛ م. ن، موسوعة الفقه الإسلامي، القاهرة، 1385هـ/ 1965م؛ الأعور، سجیع یوسف، الأحوال الشخصیة الدرزیة، بیروت، 1983م؛ ألماسي، نجاد علي، تعارض قوانین، طهران، 1370ش؛ إمامي، حسن، حقوق مدني، طهران، 1363ش؛ بجنوردي، حسن، القواعد الفقهیة، قم، دارالکتب العلمیة؛ بحرالعلوم، محمد، أضواء علی قانون الأحوال الشخصیة العراقي، النجف، 1383هـ/ 1963م؛ بدران، بدران أبوالعینین، الفقه المقارن للأحوال الشخصیة، بیروت، دار النهضة العربیة؛ جعفري لنگرودي، محمد جعفر، ترمینولوژي حقوق، طهران، 1370ش؛ م. ن، دانشنامۀ حقوقي، طهران، 1348ش؛ الحرالعاملي، محمد، رسائل‌الشیعة، بیروت، دار إحیاء التراث العربي؛ الدجوي، محمد، الأحوال الشخصیة للمصریین المسلمین، القاهرة، 1392هـ؛ الزجیلي، محمد مصطفی، وسائل الإثبات في الشریعة الإسلامیة، دمشق، مکتبة دارالبیان؛ الزحیلي، وهبة، الفقه الإسلامي و أدلته، دمشق، دارالفکر؛ شایگان، علي، حقوق مدني إیران، طهران، 1331ش؛ شلبي، محمد مصطفي، أحکام الأسرة في الإسلام، بیروت، 1397هـ/ 1977م؛ م. ن، المدخل في التعریف بالفقه الإسلامي، بیروت، 1403هـ/ 1983م؛ فوسینیج، فین، تاریخ إمپراتوري عثماني، تجـ: سهیل آذري، طهران، 1346ش؛ قانون أساسي جمهوري إسلامي إیران؛ قانون أساسي مشروطة و متمم آن؛ قانون مدني إیران؛ کاتوزیان، ناصر، قواعد عمومي قراردادها، طهران، 1366ش؛ کمانگر، أحمد، قوانین أحوالات شخصیة، طهران، نشر جاویدان؛ مالک، حنا، الأحوال الشخصیة و محاکمها، بیروت، 1978م؛ مجموعۀ قوانین سالهاي 1310، 1311، 1313ش؛ مشرفة، عطیة مصطفی، القضاء في الإسلام، بیروت، 1966م؛ نصیري، محمد، حقوق بین‌الملل خصوصي، تقـ: مرتضی کاخي و مرتضی نصیري، طهران، 1372ش.

حمید گوینده/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: