الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / الأحوال /

فهرس الموضوعات

الأحوال

الأحوال

تاریخ آخر التحدیث : 1443/2/19 ۱۴:۲۱:۵۹ تاریخ تألیف المقالة

اَلْأَحْوال، نظریة کلامیة – فلسفیة، طرحها أبوهاشم الجبّائي (ن.ع)، المتکلم المعتزلي المعروف خلال القرنین 3 و 4 هـ و التي أثارت زوبعة من قبول بعض المتکلمین و رفض البعض الآخرلها.

و رغم أن أباهاشم کان من مؤسسي مدرسة المعتزلة و صاحب آراء کلامیة مهمة، إلا أنه لایوجد له أثر مدون، بل نقلت جمیع آرائه بواسطة تلامیذه، أو مؤیدیه، أو معارضیه، و نظریة الأحوال هي الأخری غیر مستثناة من هذه القاعدة، فلا مناص من الرجوع إلی آثار و نقول الآخرین لاستجلاء حقیقة هذه النظریة. و قد بادر أبوهاشم أولاً، إلی دراسة نظریة «المعاني» لمعمّر (تـ 220هـ/ 835م) ولما رأی أنها غیر کافیة للإجابة علی السؤال الذي تبادر ذهنه و ذهن معمر، فقد اتجه إلی وضع أسس نظریة أخری و هي نظریة الأحوال (البغدادي، ....، 117). کان السؤال المشترک لمعمر و أبي هاشم هو هو: أي شيء یجعل الأشیاء تتمایز عن بعضها مما یجعلها تتصف بصفات معینة و کیف یمکن تبیان ذلک؟ و کان هذا السؤال بالنسبة لمعمر مسألة فلسفیة، بینما کان في رأي أبي‌هاشم ذا علاقة بصفات الله و کان یرید أن یجد جواباً للسؤال التالي: کیف یمکن لذات الله أن تتمتع بصفات حقیقة؟ و قد طرح أبوهاشم في الحقیقة نظریة الأحوال لفهم صفات الله بشکل صحیح و الذي کان واحداً من المسائل العقائدیة المهمة في الإسلام. لهذا أثارت هذه النظریة نقاشات جادة في أوساط المتکلمین. و قد بلغ رفض معارضیها لها حدا، أن اعتبروا الاعتقاد بها مدعاة للکفر (ن. ص).

و کما مرّ آنفاً، فإن السؤال الذي کان قد تبادر إلی ذهن معمر هو: من أي شيء یحدث اختلاف الصفات الذي یُلاححظ بین الأشیاء و کیف یمکن إدارکه؟ فمثلاً ما هو مصدر الاختلاف بین جسمین، ساکن و متحرک، أو أسوده و أبیض، أو میت وحي من حیث السکون و الحرکة، أو اللون، أو وجود الحیاة و عدمها؟ و حین یکون هناک جسمان ساکنان إلی جانب بعضهما و یبدأ أحدهما بالتحرک و یسمی متحرکاً و یبقی الآخر في حالة السکون و یسمی ساکناً، یظهر فرق بین هذین الجسمین من ناحیة هذه الصفات، فإلی أي شيء ینبغي أن یُنسب ظهور هذا الفرق؟ کان معمر یطرح هذا السؤال بشأن الحرکات التي کانت تعتبر آنذاک صادرة من داخل الجسم، و یُعبّر عنها بـ «الکون و الفساد»، أو الحرکة الطبیعیة لجسم نحو الأعلی، أو الأسفل و غیر ذلک.

و کان الجواب الذي قدمه معمر علی هذا السؤال هو أن ظهور هذه التغیرات (التمایزات) ینبغي أن یکون بسبب «معنی» موجود في جسم معین و غیر موجود في جسم آخر، إلا أنه لم‌یکن یعتقد أن الإجابة یمکن أن تقف عند هذا الحد، ذلک أن هذا السؤال یطرأ علی الذهن و هو: لماذا یوجد « معنی معین» في جسم، بینما لا یوجد في جسم آخر؟ فمثلاً إذا کان ظهور الحرکة في أحد الجسمین الساکنین منسوباً إلی المعنی الموجود في ذلک الجسم المتحرک، یمکن التساؤل عن سبب وجود ذلک المعنی في ذلک الجسم المتحرک و عدم وجوده في الجسم الآخر؟ فلا مناص من القول، إن وجود المعنی المذکور في الجسم المتحرک یستند بذاته إلی معنی آخر (معنی ثانٍ)، و مرة أخری یمکن أن نسأل إلی أي شيء یستند هذا المعنی الثاني؟ و نجیب أنه أیضاً یستند إلی معنی آخر (معنی ثالث)، ولما کان بإمکاننا مواصلة طرح هذا السؤال إلی مالانهایة و السؤال عن مصدر کل معنی جدید، ینبغي القول إن تبیان ظهور کل تمایز و صفة لکل شيء و کل موجود أمر ممکن فحسب بالقول بمعان غیر معدودة. و ینبغي الإدعان إلی أن في کل شيء، أو موجود، سلسلة لا متناهیة من المعاني، و أن اختلاف الأشیاء و الموجودات عن بعضها یصبح ممکناً من خلال هذه المعاني اللامتناهیة فحسب (الخیاط، 55؛ الأشعری، 2/ 55؛ الشهرستاني، الملل....، 1/ 67). و هذه المعاني التي لا حصر لها و التي کان معمر قد بلغها بتحلیله، سمیت بـ «نظریة المعاني».

و کما لا حظنا فإن الهدف الرئیس من تناولها کان معرفة مصدر الصفات في الأشیاء و الموجودات.

و کان مهماً لأبی هاشم أیضاً معرفة مصدر الصفات في الأشیاء و الموجودات، لکن ما کان یثیر تفکیره أکثر من اتصاف کل موجود بصفاته، الخاصة، هو اتصاف الله بصفات مثل القدرة و العلم و الحیاة و التکلم و.. قد کان في الحقیقة یرید حلّ هذه المشکلة وهي: کیف یمکن لذات الله المجردة من أي ترکیب أن تتصف بصفات حقیقیة و ما هو مصدر هذه الصفات؟

کات توجد نظریتان في عصر أبي‌هاشم بشأن صفات الله: الأولی نظریة «الصفاتیة»، و الثانیة نظریة أبي علي الجبائي المعتزلي و أتباعه. و کان الصفاتیة یعتقدون أن صفات الله أمور واقعیة و واقعیتها غیر واقعیة ذات الله، بشکل یمکن معه تصور ذات بدون صفات، من حیث المفهوم و من حیث الواقع، لکن في نفس الوقت، لایوجد للصفات وجود مستقل عن وجود الذات. و استناداً إلی هذه النظریة، فإن الواقعیة لا تعادل الوجود القائم بذاته و علی هذان فإن صفات الله رغم کونها أموراً واقعیة، لیس لها وجود قائم بذاته. بینما کان أبوعلي الجبائي و أتباعه یعتقدون أن صفات الله و ذاته هما وجود واحد و واقع واحد. بشکل لایمکن معه تصور الذات، من حیث المفهوم و من حیث کونها واقعاً، من غیر صفات (ظ: مانکدیم، 182–221). کان أبوهاشم یری أن نظریة الصفاتیة، رغم کونها منسجمة مع ظواهر آیات القرآن، إلا أنها تتعارض و المبادئ العقلیة؛ ذلک أنها تستلزم تعدد الذات و الصفات من حیث المفهوم و الواقع، و کذلک ترکیب الذات و الصفات. وفي هذا الحالة فعندما یقال إن الله، عالم، قادر، متکلم و....، فینبغي أن یفهم من ذلک أن الله ذات مرکبة من هذه الصفات. و واضح أن معی کهذا محال عقلاً بحق‌الله. و من جهة أخری، فإن نظریة أبي علي الجبائي و رغم عدم وجود محاذیر عقلیة کهذه فیها علی مایبدو، إلا أنها تتعارض و ظواهر القرآن الذي یصف الله ذاتاً متصفة بصفات عدیدة و مختلفة، و إن اتحاد الذات و الصفات، هو في الواقع نفي للوجود الواقعي للصفات.

و قد توصل أبوهاشم الذي کان قد أمعن النظر في کلتا النظریتین و وجد فیهما إشکالاً، إلی نتیجة مفادها أن الإشکال حدث في النظریتین بسبب المبالغة التي فیهما، فإذا أزیلت المبالغة نتجت نظریة ثالثة خالیة من هذا الإشکال. یری أبوهاشم أن أصحاب نظریة تعدد الذات و الصفات یقعون في المبالغة عند تصورهم معنی «الواقعیة» للصفات، بینما یقع القائلون باتحاد الذات و الصفات في تصور «نفي» هذه الواقعیة. و مبالغة الفریق الأول إنما هي في اعتبارهم الصفات، واقعیات منفصلة عن الذات، بینما مبالغة الفریق الثاني هي في عدم اعتقادهم بوجود أي شکل أو معنی واقعي للصفات. والحل هو أن تُتصور صفات الله بهذا الحال للذات أوذاک (الحال).

کان أبوهاشم یرفض الرأي القائل إنه لایمکن تصور واقعیة أخری، سوی الجوهر و العرض و الوجود و العدم، و یعتقد أنه استناداً إلی هذا، لا یوجد حل للحصول علی تصور صحیح عن صفات الله: إذا کانت ذات الله جواهراً و صفاته عرضاً، ففي هذه الحالة فإن الذات المتصفة بصفات الله ینبغي أن تکون مرکبة من وجودین جوهري و عرضي، و هذا أمر محال عقلاً، و إذا لم تکن صفات الله أعراضاً مضافة إلی وجود الذات، عندها لاتکون الصفات أموراً، واقعیة، و هذا یعني نفي الصفات. ولأجل أن ینجو أبوهاشم من هذا التصور الضیق، فقد وصع إطار تفکیره و تحدث عن مفهوم آخر غیر الجوهر و العرض و وجودهما و عدمهما و اعتبره واقعیاً.

وقد سمی هذا المفهوم «حالاً». و یحسب رأیه فإن الحال لیس جوهراً ولا عرضاً، ولیس موجوداً ولا معدوماً. فالحال هو کون الجوهر بهذا الشکل أو ذاک و کیفیة تحققه. وفي نفس الوقت الذي یکون فیه الحال أمراً واقعیاً، فإنه لیس له وجود قائم بذاته، بل هو مدین بواقعیته للوجود الواقعي للجوهر. و إن مایؤدي إلی اختلاف الإشیاء و الموجودات عن بعضها هو الأحوال التي لاتتساوی مع الجواهر ولامع الأعراض (القاضي عبدالجبار، 222؛ الشهرستاني، نهایة.....، 133).

انبری أبوهاشم لحل مسألة صفات الله مستفیداً من هذه القاعدة العامة. و قد قال إن صفات الله أي العلم و القدرة و الحیاة و الإرادة و التکلم و غیرها لیست جواهر ولا أعرضاً، لیست موجودة ولا معدومة، فهذه الصفات أحوال. وهي أمور واقعیة، لکنها تدین بواقعیتها لوجود الله. ویری أبوهاشم أنه لاتوجد في نظریة الأحوال مشکلة ترکیب الذات ولا مشکلة نفي الصفات الواقعیة. فمن جهة فإن ذات الله لیست مرکبة، لإن الصفات هي أعراض زائدة علی ذاته، و لیس لها وجود قائم بذاته. و من جهة أخری فإن صفاته هي أمور واقعیة، ذلک أن کونه تعالی عالماً قدیراً متکلماً و غیر ذلک لیس أمراً خیالیاً، بل أمر حقیقي.

جدیر بالذکر أن نظریة الأحوال لاتختص بصفات الله. فاستناداً إلیها، فإن جمیع صفات الأشیاء و الموجودات التي تمیزها عن غیرها، هي أحوال.

و رغم أن نظریة الأحوال وجدت لها مؤیدین (الشهرستاني، ن. م، 167)، إلا أنها و منذ البدایة، أثارت اعتراضات حادة من قبل آخرین. فهذه النظریة عُدّت غریبة حتی في أوساط أغلبیة المتکلمین المعتزلة. وقد عارض أبوعلي الجبائي الذي کان معارضاً لنظریات ابنه أبي‌هاشم الکلامیة، نظریة الأحوال أیضاً (القاضي عبدالجبار، 223)، و اعتبر بعض متکلمي المتعزلة الاعتقاد بهذه النظریة مدعاة للکفر (البغدادي، الفرق، 117). یقول الشهرستاني: إن المتکلمین کانوا مختلفین في نظریة الأحوال، و دحضها والد أبي هاشم؛ و قبلها القاضي أبوبکر الباقلاني، لکن لیس علی أساس أدلة أبي‌هاشم؛ و رفضها أبوالحسن الأشعري و أصحابه. بینما کان إمام الحرمین الجویني قد قبلها في البدایة، لکنه عارضها فیما بعد (ن. م، 131). وادعی بعض المتکلمین أن نظریة الأحوال لأبي هاشم لا تتعارض مع البساطة الشاملة و النزاهة المطلقة لذات الله فحسب، بل إنها نظریة غامضة تماماً و متناقضة. و کان الشیخ المفید المتکلم الشیعي المعروف (تـ413هـ/ 1022م) یعتقد أنه توجد ثلاث نظریات کلامیة لیس فیها أي معنی واضح و قابل للفهم: نظریة اتحاد الأقانیم الثلاثة في المسیحیة؛ نظریة کسب الإنسان للأفعال التي قال بها «النجاریة»؛ نظریة الأحوال التي قال بها أتباع أبي‌هاشم (ظ: الحسني، 167).

و إن ما جعل نظریة الأحوال تظهر بشکل غامض و متناقض أکثر من أي شيء آخر لبعض المتکلمین، هو تصور «أمر واقعي» غیر موجود ولا معدوم. و کان الإشکال الرئیس لهؤلاء المعارضین هو أنه لایمکن تصور «واسطة» بین الموجود و المعدوم، إلا عند حصول التناقض. فمن وجهة نظر المعارضین، فإن الحال، کان یعد واسطة بین الموجود و المعدوم (البغدادي، ن. م، 117–118، أصول الدین، 92؛ الشهرستاني، نهایة، 131 و ما بعدها). و یمکن أن ندرک بالنحو التالي بأنه إذا کان المفترض أن یُنظر إلی العالم في إطار النظرة الأرسطیة – البحث و الفحص في أحوال و أحکام «الموجودات» من حیث إنها «موجودة»، علی أساس علاقة الذهن و العین – فسیظل الغموض و التناقض الذي طرحه المتکمون و الفلاسفة بشأن نظریة الأحوال، قائماً؛ لکن إذا قبلنا نظرة الفلاسفة الوجودیین المتأخرین الذین وضعوا جانباً النموذج المعرفي القائم علی الذهن و العین، و البحث في الأحوال و الأحکام الموجودة من حیث إنها «موجودة»، و طرحوا المسألة برؤیة أخری، یمکن عندها النظر إلی نظریة الأحوال من منظار آخر. وفي هذه الحالة لن تکون هذه النظریة عرضه لإشکال التناقض، إضافة إلی أن اقترابها من الفسلفة الوجودیة سیکون جدیراً بالاهتمام أیضاً.

 

المصادر

الأشعري، علي، مقالات الإسلامیین، تقـ: محمد محیي‌الدین عبدالحمید، القاهرة، 1369هـ/ 1950م؛ البغدادي، عبدالقاهر، أصول الدین، إستانبول، 1346هـ/ 1928م؛ م. ن، الفرق بین الفرق، تقـ: محمد زاهد الکوثري، القاهرة، 1367هـ/ 1948م؛ الحسني، هاشم معروف، الشیعة بین الأشاعرة و المعتزلة، بیروت، دارالقلم؛ الخیاط، عبدالرحیم، الانتصار، تقـ: نیبرغ، القاهرة، 1344هـ/ 1925م؛ الشهرستاني، محمد، الملل و النحل، تقـ: عبدالعزیز محمد الوکیل، القاهرة، 1387هـ/ 1968م؛ م. ن، نهایة الأقدام، تقـ: ألفرد غیوم، لندن، 1934م؛ القاضي عبدالجبار، فرق و طبقات المعتزلة، تقـ: علي سامي النشار و عصام‌الدین محمدعلي، [الإسکندریة]، 1972م؛ مانکدیم، أحمد، [تعلیق] شرح الأصول الخمسة، تقـ: عبدالکریم عثمان، القاهرة، 1384هـ/ 1965م.

محمد مجتهد شبستري/ هـ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: