أَحْمَدَ کِران، ابن إبراهیم (ح 912–949هـ/ 1506–1543م)، الفاتح المسلم للحبشة، المقلب بـ «صاحب الفتح» و «الغازي». کما أطلق علیه الأمهریون الأحباش لقب کرانیه الذي یعني بلغتهم الأعسر (عارف، 88؛EI2).

کان أحمد من أصل صومالي و ابن قسیس مسیحي یدعی أیجو. ولد في منطقة هوبه التابعة لولایة عَدَل، ثم التحق بجراد آبون زعیم الثوار الصومالیین، و تسلم زعامة المعارضة بعد وفاة آبون، و هزم الحاکم الصومالي السلطان أبابکر محمد، و دعا نفسه إماماً (البستاني؛ عرب فقیه، 7، 17؛ EI2, III/ 176). و قد أدی امتناعه عن دفع الخراج للنجاشي (نغوس) لبنادِنغَل إمبراطور الحبشة إلی أن تنشب الحرب، و یستولي أحمدعلی بعض مناطق تلک البلاد. وفي 934هـ/ 1528م بادر الأتراک العثمانیون إلی تثبیت أقدامهم في الیمن و باب المندب و شق أفریقیا، و حشدوا سفنهم في میناء زیلع علی خلیج عدن. و بعد عقد اتفاقیة اتحاد مع أحمد، حرّضوه علی مهاجمة الحبشة (حسن، 120–121). بدأت الحرب مستهدفة الهیمنة علی الحبشة بأسرها، فبادر أحمد إلی التقدم بینما کان لبنادنغل یهرب من منطقة إلی أخری، إثر الهزائم المتلاحقة التي مني بها سنة 935هـ/ 1529م (عارف، ن ص). و قد حقق أحمد في نفس السنة انتصاراً مهماً في شمبر اکُره (البستاني؛ عرب فقیه، 62 -63). وفي 937هـ/ 1531م أخضع داوارو وشوآ لهیمنته. ثم دمر مناطق کسالة و مازاغا سنة 940هـ/ 1533م (البستاني، عارف، ن صص). ثم استولی في نفس السنة علی بلاد أمهارا ولاستا و من ثم بالي و هدیة و غنز ووجّ ورب و فطجار و أفات في الحبشة (ن ص؛ عرب فقیه، 304).

وفي 941هـ/ 1534م انضم أحمد إلی ملک بلاد مَزَجة التي کانت ولایة یسکنها المسلمون، لکنها تحت وصایة الحبشة (آرنولد، 113؛ عرب فقیه، 324). و استولی في نفس السنة علی میناء تیغرة شمالي الحبشة (عارف، ن ص). و أخیراً و بعد عدة سنوات من القتال سیطر أحمدعلی القسم الأکبر من الحبشة، سرح بعدها عدداً کبیراً من قواته، و أعاد التجهیزات العسکریة إلی الأتراک العثمانیین. لهذا بادر الأحباش إلی أعداد أنفسهم مرة أخری (م ن، 88–89). و قد استعان لبنادنغل بالبرتغالیین لمواجهة أحمد. وفي 948هـ/ 1541م وصل میناء مصوع عن طریق البحر 450 جندیاً من القوات البرتغالیة، بقیادة کریستوفادي غاما مع معدات حربیة (م ن، 89)، لکن لبنادنغل کان قد توفي قبل سنة من وصول القوات البرتغالیة، فاستقبلهم ابنه کلادیوس (حکـ 947–966هـ/ 1540–1559م).

و من جانب آخر، أدی عدم انسجام بعض و حداث جیش أحمد الذي کان مکوناً من البدو، و إخفافة في مواجهة التقدم الأولي للبرتغالیین، إلی أن یطلب المعونة من ملک زبید في الیمن. و قد تمکن أحمد بمعونتهم من إلحاق الهزیمة بالبرتغالیین، و قتل کریستو فادي غاما الذي کان قد أَسر في هذه المعرکة (السبتاني، EI2). و أخیراً قام کلادیوس أمبراطور الحبشة الجدید مع 200 فرد مما بقي من القوات البرتغالیة بهجوم مباغت علی جیش أحمد، و حقق النصر الحاسم في زانتِرا سنة 949هـ/ 1543م (البستاني؛ EI2)، و قتل أحمد في نفس المعرکة بمنطقة فینادغا (بریتانیکا، VI,1009؛ البستاني؛ آرنولد، 116). و بموته تمکن الأحباش من حکم بلادهم مرة أخری (عارف، 90)، لکن حروبه الطویلة ضد الأحباش، و بسطه هیمنته علیهم، یُعدّ م أسباب انتشار الإسلام بسرعة في الحبشة (ظ: آرنولد، 115).

المصادر

البستاني: حسن، حسن إبراهیم، انتشار الإسلام و العروبة فیمایلي الصحراء الکبری، معهد الدراسات العربیة العالیة، 1957م؛ عارف، ممتاز، الأحباش بین مأرب و أکسوم، بیروت/ صیدا، 1975م؛ عرب فقیه، أحمد، تحفة‌الزمان، تقـ: فهیم محمد شلتوت، جیبوتي، المکتبة الإسلامیة؛ و أیضاً:

Arnod, T. W., Preaching of Islam, Delhi, 1984; Britannica; EI2.

 حیدربوذر جمهر/ هـ.