أَحْمَدُبْنُ نِظامِ الْمُلْک، أبونصر الوزیر (تـ 544هـ/ 1149م)، من أبناء الخواجه نظام الملک الطوسي الوزیر السلجوقي المعروف. کان یلقب بقوام الدین و صدر الإسلام و نظام‌الملک الثاني و ضیاء الملک. شغل لأربع سنوات (500- 504هـ) وزارة السلطان محمدبن ملکشاه (498–511هـ/ 1105–1117). و بعد انقطاع دام 12 سنة، تولی لمدة سنة أیضاً (516–517هـ) وزارة الخلیفة العباسي المسترشد بالله (512–529هـ/ 1118–1135م). لاتتوفر لدینا معلومات عن تاریخ ولادته، لکننا نعلم أنه ولد في بلخ و أمضی فترة بلوغه و شبابه في أصفهان (الحسیني، 83).

والأمر الجدیر بالاهتمام في الوضائف السیاسیة لأحمد و بقیة أفراد أسرته، هو أنه خلافاً لنظام الملک الأول الذي کانت مکانته و منعته مدینة بشکل کامل إلی جدارته و مواهبه الذاتیة، فإن أیاً من أبنائه و أحفاده من رجال الحکم، لم‌یکن یتمتع بتلک الصفات، و یمکن القول: إن کل واحد منهم قد بلغ الوزارة، أو المناصب الأخری بفضل نفوذ نظام الملک و شهرته، کما قبل: إن ملکشاه السلجوقي (حکـ 465–485/ هـ 1073–1092م) عندما عزل الخواجه نظام الملک، اتهمه بالتدخل في شؤون الحکم و إسناده جمیع المناصب الحکومیة المهمة لأقاربه و أعوانه. کما قالت ترکان خاتون زوجة ملکشاه في ذمها الخواجه: إنه قسم دولة السلطان بین أبنائه الأثني‌عشر، و هو یدیرها کإقطاع خاص به (خواندمیر، 165). وفي الحقیقة فإن 5 من أبناء الخواجه نظام‌الملک واثنین من أحفاده و واحداً من أبناء أحفاده تسلموا الوزارة، إلا أنه لم یبلغ أي منهم ما کان قد بلغه هو من القوة و المجد (لمتون، 264).

و حیاة أحمد السیاسیة بدورها دالة علی صحة هذا الرأي. فقد قیل: إنه و بعد مقتل أبیه في 485هـ/ 1092م، و الاضطرابات التي نجمت عن ذلک، تنحی عن العمل الحکومي و آثر السکن في همدان و بقي فیها حتی 500هـ/ 1106م (ابن‌الأثیر، 10/ 437–438؛ إقبال، 163). وفي تلک السنة، عیّن السلطان محمدبن ملکشاه – الذي کان قد قتل وزیرَه سعدالملک الآوي بتهمة صلته بالإسماعیلیة – أحمدَ لوزارته، بسبب المکانة المتمیزة لأسرة نظام الملک و هیبتها بین الناس، و کان أحمد قد قدم إلیه آنذاک للشکوی من حاکم همدان (البنداري، 94؛ ابن‌الأثیر، ن ص). لکن البنداري نقل عن أنوشروان بن خالد وزیر الخلیفة المسترشد الذي کان معاصراً لأحمد و یعرفه عن کثب أنه کان مدیناً بمنصبه لا نتسابه إلی الخواجه نظام‌الملکف لالکفاءته هو. و لهذا السبب أیضاً، أمضی 12 سنة في السجن بعد عزله من الوزارة إثر دسیسة منافسه خطیر الملک علی مایبدو (ص 98).

و کان من بین الحوادث الأولی لفترة وزارة أحمد، حکایة السید أبي هاشم الحسني صاحب همدان الذي ما أن غضب علیه السلطان محمد السلجوقي حتی طلب أحمد الذي کان یکنّ له العداء من قبل، إلی السلطان أن یسلمه إیاه لقاء مبلغ باهظ، غیر أن أباهاشم أعطی مقابل ذلک أموالاً طائلة للسلطان لیتخلی عن ذلک. وفي روایة لیسلّم الوزیرَ إلیه (الراوندي، 162–165؛ میرخواند، 4/ 308–309). و هذه الروایة هي الأخری شأنها شأن أغلب الروایات و الحوادث التاریخیة للعهد السلجوقي، نقلت بأشکال مختلفة. وفي الحقیقة، فإن هذه الروایات مختلفة مع بعضها إلی الحد الذي لایمکن معه إدراک حقیقة هذه الواقعة بشکل تام حتی من مجموع تلک الروایات؛ فمثلاً لایری البنداري علاقة بین سخط السلطان علی صاحب همدان و أحمد (ص 94–95). و کان الراوندي یعتقد أن حب المال لدی السلطان تغلّب علی حفظه حیاة الوزیر (ص 164). و من ناحیة أخری، فإن میرخواند (ن ص) و حمدالله المستوفي (ص 446–447) یعتقدان أن أحمد کان لأسباب – لم یرد في الآثار ذکر لأي منها – یکنّ عداوة لعلاء الدولة أبي هاشم الهمداني، و أن هذا الأمر هو الذي أدی إلی أثارة حفیظة السلطان ضده. لکن استناداً إلی ابن الأثیر فإن أحمد کان یتعرض لأذی من أبي هاشم خلال إقامته بهمدان (10/ 438).

و خلال وزارة أحمد، هزم جیش السلطان محمد جند الأمیر سیف‌الدولة صدقة المزیدي، المعروف بملک العرب في 501هـ/ 1108م، و استولی علی المناطق التي کانت تحت سیطرته. کما بادر الجند السلاجقة بقیادة أحمد في 503 هـ إلی القضاء علی الإسماعیلیة و احتلال قلعة أَلَموت، إلا أنهم اضطروا إلی التراجع بسبب الظروف الجویة و ظهور المجاعة. وفي نفس السنه، حاول الفدائیون الإسماعیلیون اغتیال أحمد، فجر حوه، لکنه نجا من الموت (م ن، 10/ 478). فبادر السلطان محمد إلی عزل أحمد في 504 هـ بسبب تحمیله مسؤولیة الإخفاق في القضاء علی الإسماعیلیة. و تلاحظ في هذا القسم من حیاة أحمد أیضاً اختلافات في التواریخ. فاستناداً إلی البنداري – و کما ذکر آنفاً – فإنه کان في السجن منذ ذلک الحین و إلی 12 سنة تلت، لکنه – کما یقول ابن الأثیر – أمضی هذه السنوات في داره ببغداد (10/ 602) إلی أن أصبح في 516هـ/ 1122 م وزیراً للمسترشد بالله، بدعم من أخیه شمس‌الملک وزیر محمودبن محمدبن ملکشاه.

و قد أخفق أحمد في وزارته الثانیة أیضاً و انتهت مع عزل شمس‌الملک (ابن‌الجوزي، 9/ 234–235؛ ابن الأثیر، 10/ 602، 614–615). و قد شارک أحمد في هذه الفترة من وزارته، الخلیفةَ في حربه مع دُبیس بن صدقة (م ن، 10/ 608). و أورد هندوشاه بن سنجر أن الخلیفة لما أراد استیفاء 15 ألف دینار من الناس لترمیم سور بغداد علی عهد وزارظ أحمد، دفع أحمد ذلک المبلغ من ماله الخاص و لم یدع الناس یتحملون مشقة دفعه، فلهج الناس بالثناء علیه (ص 301)، و ینسجم هذا مع رأي أنوشروان بن خالد الذي اعتبر أحمد وزیراً صالحاً. و مع کل ذلک، فقد کان یری أنه «لما لم تکن مباشرته للوزارة صائبة، و کانت الآمال في نجحه خائبة، لم تلق مدة ولایته تمکیناً... ولقي أضعاف کرامته هوناً، ولم یصادف من زمانه و إخوانه إلا خوناً» (ظ: البنداري، 98).

سکن أحمد منذ 517هـ/ 1123م، عندما عزل من الوزارة و إلی حین وفاته في المدرسة النظامیة ببغداد و عاش في عزلة. و من بین شعراء العصر السلجوقي، أثنی علیه بقصائد کل من الأبیوردي (1/ 562–567، 598–602)، و القاضي الأَرّجاني (ظ: إقبال، 166–168).

المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ ابن الجوزي، عبدالرحمان، المنتظم، حیدرآباد الدکن، 1359 هـ؛ الأبیوردي، محمد، دیوان، تقـ: عمر الأسعد، بیروت، 1407هـ/ 1987م؛ إقبال الآشتیاني، عباس وزارت در عهد سلاطین بزرگ سلجوقي، تقـ: محمد تقي دانش‌پژوه و یحیی ذکاء، طهران، 1338ش؛ البنداري الأصفهاني، الفتح، تاریخ دولة آل سلجوق (زیدة النصرة)، بیروت، 1400هـ/ 1980م؛ الحسیني، علي، أخبار الدولة السلجوقیة، تقـ: محمد إقبال، بیروت، 1404هـ/ 1984م؛ حمدالله المستوفي، تاریخ گزیده، تقـ: عبدالحسین نوائي، طهران، 1362ش؛ خواندمیر، غیاث‌الدین، دستور الوزراء، تقـ: سعید نفیسي، طهران، 1317ش؛ الراوندي، محمد، راحة الصدور، تقـ: محمد إقبال، طهران، 1333ش؛ میرخواند، محمد، روضة الصفا، طهران، 1339ش؛ هندوشاه بن سنجر، تجارب السلف، تقـ: عباس إقبال الآشتیاني، طهران، 1357ش؛ و أیضاً:

Lambton, A. K. S., «The Internal Structure of the Saljuq Empire», The Cambridge History of Iran, vol. V, ed. J. A. Boyle, Cambridge, 1968.

نگین یاوري / هـ.