الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / أحمد بن الحسن المیمندي /

فهرس الموضوعات

أحمد بن الحسن المیمندي

أحمد بن الحسن المیمندي

تاریخ آخر التحدیث : 1443/2/13 ۱۱:۵۷:۳۶ تاریخ تألیف المقالة

أَحْمَدُبْنُ الْحَسَنِ الْمَیمَنْديّ، أبوالقاسم (تـ 25 محرم 424هـ/ 31 کانون الأول 1032م)، الملقب بشمس الکفاة، رئیس دیوان السلطانین الغزنویین محمود و مسعود و وزیر هما المعروف. یعد تاریخ یمیني للعتبي أهم و أقدم المصادر المتوفرة حول حیاة المیمندي، و کذلک تاریخ البیهقي المعروف، و لأن العتبي الذي کتب أثره هذا في فترة وزارة المیمندي علی عهد حکم السلطان محمود، کان من ندماء المیمندي الخاصین، فقد انهال علیه في کتابه بالثناء المبالغ فیه. ولذلک یجب أن ننظر بعین التأمل في المعلومات التاریخیة الیسیرة التي قدمها عن حیاة الوزیر، خاصة و أنه نال منصباً بعد تقدیم الکتاب إلی المیمندي (ظ: المنیني، 2/ 356–357، 415). کما قدم البیهقي في تاریخه تفاصیل أکثر عن حیاة المیمندي في العهد الثاني من وزارته علی عهد السلطان مسعود. کما ذکر حول عزله عن منصب الوزارة في عهد السلطان محمود، معلومات مفصلة في أحد آثاره و یدعی مقامات أبونصر مشکان ویبدو أنه لم یتوفو الیوم، ولکن العقیلي نقل بعض النصوص منها بحذافیره.

و کما یبدو من نسبه المیمندي، إنه نشأ في میمند إحدی قری غزنة (یاقوت، 4/ 719). و علی قول العتبي (ص 337)، فقد کان الحسن والد أحمد عامل بُست في عهد سبکتکین والد محمود، و قتل أخیراً بوشایة الأعداء بأمر سبکتکین بتهمة اختلاس الأموال الحکومیة، ولکن سبکتکین مالبث أن اکتشف براءته، و ندم علی فعلته. کان المیمندي أخاً رضاعیاً لمحمود الغزنوي، و زمیله في الکتّاب (ناصرالدین، 41). ولذلک، من المحتمل أن یکون قد ولد هو أیضاً حوالي 361هـ/ 972م (سنة ولادة محمود، ظ: ابن خلکان، 5/ 181؛ ناظم، 34). و لأن المیمندي نشأ في أسرة دیوانیة، و کان أیضاً ملازماً لبلاط الغزنویین منذ الطفولة، فقد تعلم جیداً شؤون الکتابة و أمور الدیوان، و نال مناصب عدیدة. و قد بدأ الأعمال الدیوانیة منذ 384هـ/ 994م في دیوان محمود الغزنوي – الذي کان آنذاک قائد جیش خراسان من جانب السامانیین – و ولاه محمود رئاسة دیوان الرسائل، ثم رئاسة دیوان العرض و جمع ضرائب بُست و رخّج (العتبی، 343؛ العوفي، لباب...، 1/ 113). و فضلاً عن ذلک فإن من جملة الأعمال التي ذکرت له منصب جبابة ضرائب الممالک و حکم خراسان (ناصرالدین، ن ص).

وفي 384هـ/ 994م عندما تسنم أبوالعباس الإسفراییني (ن ع) الوزارة کأول وزیر لمحمود، کان العتبي یری ممدوحه المیمندي کفؤاً لهذا المنصب. و استناداً إلی قول هذا المؤرخ، فإن محموداً کان عازماً في البدء علی أن یولي المیمندي الوزارة، ولکنه «تبع رأي أبیه و تابع هواه، فولی أبا العباس الوزارة» لأن سبکتکین لم یکن ینظر إلیه بعین الارتیاح.

و مع کل ذلک، فقد ذکر العتبي بشکل مبالغ فیه أن القضاء القدر کانا یحفظان منصب الوزارة في خزانة الغیب للمیمندي (ظ: ص 337–338).

وفي 401هـ/ 1011 م غضب محمود علی أبي العباس الإسفراییني، فاضطر الوزیر إلی الاستقالة من منصبه، و حبس نفسه في قلعة. و علی قول العتبي فإن المیمندي توسط بین الوزیر و السلطان و سعی کثیراً لأن یعیده إلی منصبه، ولکن و لأنن المیمندي کان یعتبر منافساً للإسفراییني، ولأنه عمل أولاً علی تمشیة الأمور من قبل السلطان دون أن یکون وزیراً بعد هذه الحادثة، ثم تولی الوزارة رسمیاً بعد ذلک (م ن، 339، 343–344)، یجب أن نشک في أقوال العتبي، ذلک لاحتمال أنه یرید أن یبرئ ممدوحه من أن یکون له دخل في هذه الحادثة؛ رغم أن الحدیث لم یدرفي المصادر الأخری عن تدخل المیمندي فیما یتعلق بإسقاط الوزیر السابق (قا: إقبال، 159).

لایمکننا تعیین بدایة وزارة المیمندي بشکل دقیق. ویبدو مما ذکره العتبي أن السلطان أوکل في 401هـ زمام الأمور إلی المیمندي و ولاه بعد فترة الوزارة رسمیاً و ذلک بعد عزل الإسفراییني عن الوزارة، و قبل التوجه لفتح نارین في الهند (العتبي، ن ص). ویری بعض الکتّاب استناداً إلی إشارات العتبي الذي ذکر في هذه الأثناء عن مشارکة السلطان في الغزوات، و قال إنه عندما خع الوزارة علی أحمدبن الحسن أقبل علی الغزو، یری هؤلاء الکتّاب أن المراد من هذا الغزو الأخیر معرکة ناردین (نندنه) في الهند التي وقعت بعد حوالي 3 سنوات من معرکة نارین، أي في 404هـ، حیث تولی المیمندي الوزارة في نفس السنة، أو 405هـ (ناظم، 91,136؛ فلسفي، 91؛ دانشنامه؛ إیرانیکا)، في حین لایستفاد هذا المفهوم من عبارات العتبي، و من المحتمل أن یکون المیمندي قد تولی الوزارة في نفس سنة 401هـ قبل معرکة نارین.

أثنی المؤرخون کثیراً علی کفاءة و خبرة الوزیر الجدید في غیاب السلطان في جمع الضرائب، و تنظیم الشؤون الدیوانیة، و متابعة أحوال الرعایا. و قد کان یتشدد مع عمال الضرائب، و استطاع أن یسد الثغرات التي کانت قد حدثت بسبب سوء تدبیر الوزیر السابق في جبابة الضرائب و خاصة في خراسان، و بعد عودة السلطان من الهند، بعث أموالاً وفیرة من خراسان و هراة إلی الخزانة (العتبي، 344–345؛ قا: ناصرالدین، 41؛ بازورث، 87). ویبدو من أشعار الفرّخي (ص 156، 202) أن انتصارات و فتوحات السلطان محمود کانت بتدبیر أحمد بن الحسن المیمندي، و أن أباالعباس خوارزمشاه و الي خوارزم قرأ الخطبة في تلک المناطق باسم السلطان بفضل تدبیره (ظ: البیهقي، تاریخ، 910–914). کان محمود یعترف بجدارة المیمندي و کفاءته، و کان یقول: «إنه یریح خاطري في تسییر الأمور» (م ن، «مقامات....»، 160). و کان المیمندي بدوره یحفظ دائماً جانب السلطان (العوفي، جوامع....، 48؛ الفرخي، 24). و قد کانت جدیته و تشدده في الأمور الدیوانیة، و طاعةالدیوانیین لأوامره مشهورة (ظ: الأنوري، 773). و مع کل ذلک، فقد غضب السلطان محمود علیه في 416هـ/ 1025م، و حبسه بعد أن عزله عن الوزارة في قلعة کالنجر (الواقعة في جنوب کشمیر) (البیهقي، ن م، 178؛ ناظم، 136؛ قا: ابن الأثیر، 9/ 400).

و من الأعداء اللدودین للمیمندي والذین هیؤوا الأرضیة لسقوطه، خوارزمشاه ألتونتاش حاکم خوارزم، و حسنک میکال (ظ: ن د، آل میکال)، و أمیر الجند علي الحاجب، و أبوبکر الحصیري ندیم محمود، و الأمیر محمد ابن السلطان، و قد کان السبب في ذلک أن المیمندي کان یفضل رضا السلطان، و التشدد في الأمور الدیوانیة علی کسب اهتمام أمراء الدولة و عمالها (البیهقي، ن م، 156–158؛ العوفي، ن ص؛ ناصرالدین، 42–43). و کما قیل فعندما أراد ألتونتاش أن یغض النظر عن الضرائب البالغة 60 ألف دینار التي کان من المفترض أن یرسلها إلی خزانة الدولة الغزنویة بدلاً من قسم من الضریبة السنویة التي کانت تخصص لخوارزم، اعترض المیمندي بشدة علی هذا الاقتراح و کتب إلیه قائلاً: «إن مشارکة العبد لسیده في الملک یترتب علیها خطر عظیم» (نظام‌الملک، 259–260). و قد أدت تشدداته هذه إلی أن ینزعج أمراء الدولة و عمالها منه، بحیث إن الجمیع بادروا إلی الموافقة علی عزل الوزیر بمجرد أن استشارهم السلطان محمود في ذلک (البیهقي، ن م، 160). و من جهة أخری، فإن السلطان محموداً غضب علی الوزیر رغم إشادته بکفاءته و خبرته و ذلک لأسباب أخری: الأول أنه وجد المیمندي حریص علی جمع الأموال. فعندما سجن، صادروا 5 ملایین دینار من أمواله (ابن الأثیر، ن ص). و یشیر البیهقي (تاریخ، 681) إلی قصوره الملکیة في میمند، حتی قیل إنه «کان یبعث عشرة حمولات ذات ألف ألف درهم کدعم للخزانة» لکسب رضا السلطان بعد أن أحیط علماً بوشایة الأعداء. و لذلک فعندما استدعي المیمندي لاستجوابه قال له السلطان: «إن الوزیر الذي تتجاوز أمواله غیر المنقولة ثلاثین ألف ألف درهم لابد و أن یکون ملوثاً بفساد کبیر». فأجاب المیمندي بأنه کان عازماً علی أن یخصص هذه الأموال لهجوم السلطان علی الري، ولکن علیاً الحاجب الذي کان من ألد أعدائه اعتبر في نفس المجلس کلام الوزیر هذا کذباً (م ن، «مقامات»، 159، 176–178). و السبب الآخر أن السلطان نفسه کان قد قال لأبي نصر مشکان (ن ع) صاحب دیوان الرسائل: إنني أبدو في نظره [أي المیمندي] «قلیل الهیبة» رغم خبرته ذلک لأنه نشأ معي منذ الطفولة، و هو یحیط علماً بأحوالي و عاداتي (ن م، 160). و قد کان الوزیر بدوره ینقد بشکل مستمر أعمال محمود العسکریة والسیاسیة. و علی سبیل المثال، فعندما اعترض المیمندي و بعض آخر من أمراء الحکومة علی قرار السلطان القاضي بإسکان الترکمان في خراسان، و الهجوم علی خوارزم إثر قتل و الیها، أجاب السطان بأن الوزیر یرید أن لایکون لنا جیش و قد بلغ من سوءظن السلطان محمود بالوزیر أنه لام الوزیر علی عدم نصحهله حتی في معمعة الحرب ضد الخوارزمیین عندما انهزم جیشه في البدء، کما کان المیمندي قد توقع ذلک، رغم أن السلطان عاد أخیراً منتصراً من هذه الحرب (ن م، 161–171؛ أیضاً ظ: شبانکاره‌إي، 79–80). کما جاءت في کتاب آداب الحرب و الشجاعة حکایة (فخر مدبر، 132–133) تعبر عن مدی سوء ظن السلطان محمود بالمیمندي. و تفید هذه الحکایة بأن محموداً عندما جهز الجیوش بتشجیع من المیمندي إلی ماوراءالنهر لمواجهة الإیلکخانیة، داخله في البدء خوف شدید من کثرة جیش العدو، و هدد المیمندي بأنه هو الذي ورطه في هذا العمل الخطیر ، إلا أن محموداً انتصر في هذه الحرب رغم کل ذلک.

و بناء علی هذا، فقد أثار منصب المیمندي کوزیر ضلیع و مدبر، و جمعه للأموال الغریزة، و اعتراضه علی بعض سیاسات محمود، حسد و غضب السلطان الغزنوي الشهیر الذي کان هو نفسه یحرص أشد الحرص علی جمع الأموال ، و یعرف بالاستبداد في الرأي (ظ: البیهقي، تاریخ، 348)، بحیث إن مقولته بأن «الوزراء أعداء الملوک» اشتهرت فیما بعد (ظ: م ن، «مقامات»، 159؛ العوفي، جوامع، 49). و یتضح من تقریرات بعض المصادر أن الاختلافات بین السلطان و وزیره کانت تمتد جذورها إلی ماقبل ذلک. و قد کان المیمندي نفسه قد قال إنه کان یطفئ غضب السلطان في کل مرة بإرسال المال إلی خزانته (البیهقي، ن م، 156). کما أن محموداً کان قد قال ذات مرة «حتی متی یتمتع أحمد بهذه الحظوة» و کان یری أن قاضي شیراز أباالحسن علي یمکنه أن یحل محل المیمندي في الوزارة؛ ولکن البیهقي یقول: «إن هذا القاضي لا یعدل عُشر هذا الرجل المهیب و العظیم» (تاریخ، 349–350).

لم یکن المیمندي یتمتع بمؤیدین کثیرین في البلاط الغزنوي، و قد کان أبونصر مشکان صاحب دیوان الرسائل من بینهم حیث سعی من أجل أن یثني السلطان عن عزله و اعتقاله ولکنه لم ینجح (م ن، «مقامات»، 154–159). و أخیراً قبضوا علی المیمندي و طائفة من أفراد أسرته و أعوانه بأمر السلطان، و أوکلوا أمره إلی اثنین من أعدائه و هما سارغ و عبدالحمید کي یقتاده أحدهما إلی القلعة، و یحقق الآخر في أمواله (ن م، 171–173). و قد قیل إن السلطان ندم بعد عزله و حبسه للوزیر، و أوصی سارغ سراً بأن لا یقتله. کما أمر حارس قلعة کالنجر بأن لایوکل أمره إلی أي أحد؛ ولکن أعداء الوزیر کانوا یسعون لقتله، بحیث إن الأمیر محمد تعاون عندما تولی الحکم بعد موت محمود (421هـ/ 1030م) مع علي الحاجب لقتل المیمندي، ولکن حارس القلعة امتنع عن تسلیمه إلی رسولهما (ن م، 172–174، 178). و نقل البیهقي في روایة أخری أن السلطان محموداً کان قد أمر أباالقاسم ابن کثیر بأن یقتل المیمندي جزاء له علی الدماء التي کانت قد أریقت بأمره، ولکن أبا القاسم لم یفعل ذلک (تاریخ، 464–465). ولا نعلم بالضبط فیما إذا کان هذا الأمر قد صدر عندما کان المیمندي یتولی منصب الوزارة، أو عندما کان قابعاً في السجن.

خلع السلطان محمود في أواخر عمره ابنه مسعوداً عن ولایة العهد لیوکلها إلی ابنه الأصغر محمد، ولکن مسعوداً استطاع بعد وفاة محمود أن یکون خلیفة أبیه دون منازع بعد أن تغلب علی أخیه – الذي کان قد تولی الحکم لفترة – و قد أمر عندما توجه من هراة إلی بلخ في 421هـ أن یخرجوا المیمندي من قلعة کالنجر و یوفدوه إلیه. کما أمر بإطلاق سراح ابنه الخواجه عبدالرزاق الذي کان سجیناً في قلعة أخری (ن م، 72، 87–88، 181–182؛ الگردیزي، 424). ووصل المیمندي في أوائل السنة التالیة (422هـ) إلی بلخ، ورحب به السلطان، و أراد أن یوکل الوزارة إلیه (البیهقي، ن ص).

وفي هذه الفترة کان البلاط الغزنوي یعیش الصراع بین مؤیدي الابن (مؤیدي حکم مسعود)، و مؤیدي الأب (أتباع السلطان محمود و محمد). و علی هذا فقد کان باستطاعة المیمندي من خلال قبول منصب الوزارة أن ینتقم من أعدائه السابقین مثل خوارزمشاه ألتونتاش، و حسنک الوزیر و البعض الآخر من الحاشیة الذین کانوا من مؤیدي الأب، ولکنه أصبح الآن یخشی علی حیاته، ذلک لأنه، کما قال هو نفسه، کان قد وقع في التهلکة سابقاً بسبب وشایة غالبیة عمال الحکومة الغزنویة، فهو الآن یخشی التدخل في هذه الصراعات، والدخول في الأعمال الدیوانیة. ولذلک امتنع في البدء عن قبول منصب الوزارة، و قال لمسعود إنه أقسم علی أن لا یقبل العمل الدیواني، ولکنه رضخ أخیراً للوزارة بشروط إثر إلحاح السلطان الذي أخذ علی عاتقه دفع کفارة قسمه (ن م، 182–185). و قد ذکرت شروط الوزیر الجدیدة في اتفاق (ظ: ن م، 187) یعتبر من أهم الوثائق المتبقیة من العهد الغزنوي و حیث عرض بشکل وافٍ بعض القوانین الدیوانیة لهذه الأسرة الحاکمة، والعلاقات بین الوزیر و السلطان و عمال الحکومة الآخرین. و نقل العقیلي في آثار الوزراء (ص 180–186) نص هذا الاتفاق من کتاب مقامات أبونصر مشکان، کما جاءت خلاصتها في مجمل الفصیحي (فصیح، 2/ 151). و کما یبدو من مضمون هذا الاتفاق فقد کان المیمندي عازماً علی أن یطلع السلطان مسعود علی تفاصیل قوانین دیوان الوزراة، و أن یتعهد السلطان بتنفیذها بشکل کامل. و قد اشترط المیمندي في أحد فصول هذا الاتفاق أن الوزیر فیما إذا أخفیت علیه بعض الأخبار له أن یعلنها، و أن یحمیه السلطان من حساده و أعدائه. و في فصل آخر طالب الوزیر بالحد من نفوذ الأشخاص الوقحین الذین یتدخلون في الأمور المتعلقة بالخزانة مدفوعیین بأغراض مختلفة. کما قبل مسعود بأن یتم اختیار أصحاب دیوان العرض و دیوان الوکالة (إدارة الأملاک الخالصة، و الإشراف علی الأمور المالیة لحریم السلطان، ظ: بازورث، 68) من بین الوجهاء و المعروفین (البیهقي، «مقامات»، 181–183). و في فصل آخر طلب المیمندي من مسعود أن یسمح له باختیار رؤساء البرید و المشرفین من بین أعضاء الدیوان، و من یثق بهم، لأن الوزیر کان مسؤولاً عن جبابة الضرائب بشکل صحیح، و کان بإمکانه من خلال ذلک أن یشرف بشکل أفضل علی تصرف عمال الولایات. و وافق مسعود علی جمیع شروط المیمندي (ن م، 184–185؛ قا: فصیح، 2/ 155؛ بازورث، 72)، ذلک لأنه کان قد أدرک جیداً أن المیمندي و بفضل کفاءته و خبرته في أمور الوزارة هو الشخص الوحید الذي یستطیع أن ینظم الدیوان الغزنوي المنهار کما قال هو نفسه: «سوف أوکل جمیع الأمور إلیه سوی اللهو و الشراب و الصولجان و الحرب» (البیهقي، تاریخ، 186). و استناداً إلی قول البیهقي و بالتالي «استقر أمر الوزارة، و اهتزت القلوب، إذ لم یتول الأمور صغائر الرجال، و أهابه أولئک الذین آذوا الخواجه» (ن م، 188). استلم المیمندي مقالید الوزارة في صفر 422/ شباط 1031، و ولی الأمور الأشخاص الذین یثق بهم، و الأشخاص الذین خدموه سابقاً (ن م، 189–193). و في خلال وزارته قدمت إلیه هدایا کثیرة، لکنه أرسلها جمیعها إلی مسعود رغم أنه کان یعاني من العوز الشدید ذلک لأنه کان قد أدرک بالتجربة أن الحرص علی جمع المال کان أحد عوامل سقوطه، رغم أن الأمیر أعاد بعضاً من هذه الهدایا إلی الوزیر (ن م، 194). و استناداً إلی ما ذکره البیهقي «فقد بادر الخواجه للانتقام و السخط» (ن م، 196)، و مع کل ذلک، فإن المیمندي الذي عرف بذکائه و حکمته لم یکن یرید علی مایبدو أن یظهر في صورة سیئة لدی عمال حسني السمعة مثل أبي نصر مشکان رئیس دیوان الرسائل الذین کانوا یسعون لإنقاذ أتباع الأب من انتقام أتباع الابن، و یصبح موقفه خطیراً إثر الإجراءات الانتقامیة هذه. حتی إنه علی الرغم من عدم ارتیاحه من أبي سهل الزوزني (ن ع) الذي أصبح الآن مقرباً من مسعود و علی‌الرغم من أنه کان ینظر إلیه کمنافس له، و أنه قال ذات مرة لأبي نصر مشکان بعد تولیه منصب الوزارة: «علي أولاً أن أصیح برأس أبي سهل»، إلا أنه اقترح علی السلطان أن یتولی رئاسة دیوان العرض، و قد تولی هذا المنصب بالفعل (ن م، 186–187، 195).

و في السنة الأولی من وزارة المیمندي، عُد حسنک الوزیر الذي کان من أعدائه الألداء و نائباً له في عهد محمود، قرمطیاً و أُعدم شنقاً بأمر مسعود. ولکن المیمندي لم یکن راضیاً عن قتله، و أناح باللائمة علی أبي سهل الزوزني، رجل البلاط المتآمر و المتسبب الرئیس في مقتل حسنک، و «سیطر حزن شدید، ولم یجلس في الدیوان» بعد هذه الحادثة. و حتی إذا إذعنا إلی أن المیمندي کان قد نسي عداء خصمه السابق، أو اعتبره بریئاً، فیمکننا أن نفسر ردة فعله هذه بأنه لم یکن یرید أن ینضم إلی مجموعة قلیلة یقف في مقدمتها أبو سهل الزوزني الذي لم تکن تربطه به علاقات حسنة، لیخالف غالبیة رجال البلاط و الناس الذین کانوا قد تأثروا بهذه الحادثة (ظ: ن م، 224–227، 231–232، 236).

عارض المیمندي في فترة وزارته القصیرة نسبیاً لمسعود، سیاساته لمرات عدیدة، ولکن السلطان لم یکن یعیر اهتماماً لوصایا الوزیر، و کان یندم فقط علی التبعات الجسمیة لإجراءاته المتسرعة (ن م، 336–340، 348–349، 374–376).

وفي 423هـ حرض أبوسهل الزوزني السلطان علی إلقاء القبض علی خوارزمشاه ألتونتاش حاکم خوارزم، ولکن هذه المؤامراة سرعان ما انکشفت. و قد لام المیمندي السلطان لأنه أخفی نیته عنه، وسعی للحیلولة دون تحقق النتائج الجسیمة لمحاولة الاغتیال هذه. ذلک لأنه – و کما قال هو نفسه – کان یخشی بسبب العداوة القدیمة بینه و بین ألتونتاش من أن یعتبره حاکم خوارزم داعیها. و أخیراً ألقی السلطان أباسهل الزوزني في السجن بإشارة من المیمندي، کما کتب رسالة إلی ألتونتاش، و تظاهر بأنه أصدر الأمر بقتله و هو في حالة السکر. و إثر هذا الحدث تعهد السلطان للوزیر «بأن یستشیره في کل مایعن له في الملک و المال و التدابیر» (ن م، 402 و ما بعدها).

مرض المیمندي في 10 محرم 424، و قد بادر في هذه الأیام الأخیرة من عمره إلی التعسف مع عمال الدولة، وسعی للانتقام من عدو آخر من أعدائه القدامی و هو أبوالقاسم ابن کثیر صاحب دیوان خراسان. فأمر بضرب أبي القاسم بالسیاط بتهمة اختلاس أموال الدولة. ولکن مالبث أن تحول غضبه إلی رحمة، ذلک لأن أبا القاسم کشف عن رسالة من السلطان محمود کان قد أمر فیها أباالقاسم بقتل المیمندي، ولکنه لم یمتثل لهذا الأمر (ن م، 461–465؛ أیضاً ظ: ن د، أبوالقاسم ابن کثیر).

و أخیراً توفي أحمدبن الحسن المیندي بعد 15 یوماً من المرض في هراة. و بعد أن أحیط السلطان مسعود علماً بموته تأثر کثیراً و قال: «یا حسرة علی أحمد الذي کان وحید دهره، و یندر وجود أمثاله». و قد نظم أبو نصر مشکان شعراً في رثائه (البیهقي، تاریخ، 465–466؛ ابن الأثیر، 9/ 432؛ قا: الگردیزي، 427). و بعد موت المیمندي ظلت أسرته تتمتع بمناصب عالیة في بلاط الغزنویین، فکان ابنه الخواجه عبدالرزاق یتولی منصب الوزارة في حکومة السلطانین مودود و عبدالرشید. کما کان أحد أحفاد المیمندي و یدعی أبانصر، أو أبالمؤید المنصور بن أحمد بن الحسن یتولی قیادة الجیش في عهد إبراهیم (ناصرالدین، 45).

کان المیمندي ماهراً في الکتابة للغایة. و علی حد قول العتبي فقد کانت توقیعاته معروفة، و کان الکتّاب الآخرون یحتذون به (ظ: العتبي، 346). وقارنه الفرخي مع الصاحب بن عباد، و أثنی کثیراً علی مقدرته في الکتابة، بأنه بحرکة من قلمه «کان یغمد آلاف السیوف المشهورة» (ص 154). و قد بلغت مقدرة المیمندي في الکتابة حداً یحیث أضحت بعض کلماته مضرب الأمثال (نظامي، 19؛ أیضاً ظ: یوسفي، 104). کما تبقت أجزاء من حِکَمه و کلماته القصار التي تدل علی ذکائه و کیاسته، في إطار حکایات في بعض المصادر التاریخیة و الأدبیة (کمثال. ظ: سعدي، 130، 133؛ غفاري، 10). کما کانت له باع في الشعر، و کان ینظمه بالفارسیة و العربیة. و نقل العوفي (لباب، 1/ 63–64) أبیاتاً من أشعاره و قال إن الثعالبي ذکر أشعار المیمندي العربیة في کتابه یتیمة الدهر، ولکن لم یشاهد في هذا الأثر شعر للمیمندي. کما کان منقطع النظیر في الخطابة، و قد روی البیهقي (ن م، 383)، أنه «نطق بکلام بلیغ بالعربیة» في حضور رسول الخلیفة العباسي. کما کان مجلس المیمندي منتدی الشعراء الذین کانوا یمدحونه و یحظون برعایته (ناصرالدین، 41). و بُعد الفرخي السیستاني من أشهر شعراء العصر الغزنوي، و قد نظم قصائد کثیرة في مدح المیمندي و بعض أفراد أسرته (ص 23–24، 158–160، 333- 337، مخـ). و من مادحیه الآخرین: العنصري (ص 96–99، 169–172)، و أبوالفضل مسرور بن محمد الطالقاني (ظ: العوفي ن م، 2/ 42–44). و علی حد قول الفرخي (ص 154)، فقد کان الشعراء العرب أیضاً یمدحون المیمندي فضلاً عن الشعراء الإیرانیین (أیضاً ظ: الثعالبي، 49؛ الباخرزي، 2/ 1347).

و علی قول العتبي، فقد کان أبوالعباس الإسفراییني قلیل البضاعة في الأدب العربي، و حُولت الکتابة الدیوانیة في عهده إلی الفارسیة، و لذلک «کسد سوق الفضل، و تساوی العالم و الجاهل». و عندما تولی المیمندي الوزارة أمر بأن «یتجنب کتّاب الدولة الفارسیةَ، و أن یکتبوا المناشیر و الفرامین و الرسائل بالعربیة علی النهج السائد» (ص 345)، إلا أن ذلک یستحق التأمل لأن الکتّاب الإیرانیین کانوا یکتبون بالفارسیة منذ عهد السامانیین علی الأقل، و یجب اعتبار أبي العباس الإسسفراییني الناقل لأعراف الکتابة الدیوانیة في العصر الساماني إلی العصر الغزنوي. و من جهة أخری، و کما توحي به مصادر العصر الغزنوي و ما بعده، یبدو أن تغییراً لم یحدث في المراسلات الدیوانیة في عهد وزارة المیمندي، لأن الکثیر من المراسلات الدیوانیة ظلت تکتب بالفارسیة في هذه الفترة، رغم إشارات العتبي، و ذلک سوی الرسائل التي کانت تبعت إلی الخلیفة العباسي في بغداد (مثلاً ظ: البیهقي، تاریخ، 268–280، 391–402، 407، مخـ، «مقامات» ، 180–186؛ فصیح، 2/ 151).

و استناداً إلی ما ذکره نظامي العروضي في چهار مقاله، فإن الفردوسي عرض الشاهنامه علی السلطان محمود بفضل أحمد ابن الحسن المیمندي، ولکن أعداء المیمندي اعتبروا الفردوسي رافضیاً و معزلیاً، فعاد خائباً إلی غزنة، و هجا السلطان. و یضیف نظامي أن المیمندي قرأ علی السلطان محمود في فرصة مناسبة بیتاً من الشاهنامه، فندم محمود علی فعلته (ص 48–51). ولکن یجب القول إن الفردوسي نفسه مدح في أبیات أباالعباس الفضل بن أحمد الإسفراییني، منافس المیمندي، و قد کان یروم أحیاء اللغة الفارسیة، و اعتبره حامیه في بلاط السلطان (ظ: صفا، 1/ 186–190؛ أیضاً ظ: ن د، أبوالعباس الإسفراییني). و فضلاً عن ذلک، فإن المیمندي تعرض هو الآخر للهجو مع محمود في بعض مخطوطات قصیدة الهجاء المنسوبة إلی الفردوسي (ظ: الشیراني، 164–165؛ الشوشتري، 2/ 589). و هناک شکوک کثیرة تحوم حول نسبة هذه القصیدة الهجائیة إلی الفردوسي، و قیل إن الأبیات التي نظمت في هجاء أحمدبن الحسن المیمندي هي من وضع کاتب مقدمة الشاهنامه للبایسنقري (الشیراني، 165).

 

المصادر

ابن الأثیر، الکامل؛ ابن خلکان، وفیات؛ إقبال الآشتیاني، عباس، «أبوالعباس الفضل بن أحمد الإسفرایني»، یادگار، طهران، 1327 ش، س 5، عد 4 و 5؛ الأنوري، محمد، دیوان، تقـ: محمد تقي مدرس رضوي، طرهران، 1364 ش؛ الباخرزي، علي، دمیة القصر، تقـ: محمد التونجي، دمشق، 1391هـ؛ البیهقي، أبوالفضل، تاریخ، تقـ: علي‌أکبر فیاض، مشهد، 1350 ش؛ م ن، «مقامات أبو نصر مشکان»، مع آثار الوزراء (ظ: همـ، المقبلي)؛ الثعالبي، عبدالملک، تتمة الیتیمة، تقـ: عباس إقبال الآشتیاني، طهران، 1353هـ؛ دانشنامه؛ سعدي، گلستان، تقـ: غلامحسین یوسفي، طهران، 1368ش؛ شبانکاره‌إي، محمد، مجمع الأنساب، تقـ: هاشم محدث، طهران، 1363ش؛ الشوشتري، نورالله، مجالس المؤمنین، طهران، 1365ش؛ الشیراني، حافظ محمود، در شناخت فردوسي، تجـ: شاهد چوهدري، طهران، 1369ش؛ صفا، ذبیح‌الله، حماسه سرائي در إیران، طهران، 1363ش؛ العتبي، محمد، تاریخ یمیني، تجـ: جرفادقاني، تقـ: جعفر شعار، طهران، 1357 ش؛ العقیلی، حاجي بن نظام، آثار الوزراء، تقـ: جلال‌الدین محدث الأرموي، طهران، 1347 ش؛ العنصري، حسن، دیوان، تقـ: یحیی قریب، طهران، 1341 ش؛ العوفي، محمد، جوامع الحکایات، تقـ: محمد رمضاني، طهران، 1335ش؛ م ن لباب الألباب، تقـ: إدوارد براون، لیدن، 1906م؛ غفاري القزویني، أحمد، تاریخ نگارستان، تقـ: مرتضی مدرس گیلاني، طهران، 1906م؛ غفاري القزویني، أحمد، تاریخ نگارستان، تقـ: مرتضی مدرس گیلاني، طهران، 1340ش/ 1381هـ؛ فخر مدبر، محمد آداب الحرب و الشجاعة، تقـ: سهیلی خوانساري، طهران، 1346ش؛ الفرخي السیستاني، دیوان، تقـ: محمد دبیر سیاقي، طهران، 1363ش؛ فصیح الخوافي، أحمد، مجمل فصیحي، تقـ: محمود فرخ، مشهد، 1340ش؛ فلسفي، نصرالله، هشت مقاله، طهران، 1330ش؛ الگردیزي، عبدالحي، زین الأخبار، تقـ: عبدالحي حبیبي، طهران، 1363ش؛ المنیني، أحمد، شرح الیمیني (الفتح الوهبي)، القاهرة، 1286هـ؛ ناصرالدین المنشي الکرماني، نسائم الأسحار، تقـ: جلال‌الدین محدث الأرموي، طهران، 1364ش؛ نظام‌الملک، حسن، سیاستنامه، تقـ: محمد قزویني، طهران، 1344ش؛ نظامي العروضي، أحمد، چهار مقاله، تقـ: محمد قزویني، لیدن، 1327هـ/ 1909م؛ یاقوت، البلدان؛ یوسفي، غلامحسین، فرخي سیستاني، مشهد، 1341ش؛ و أیضاً:

Bosworth, C. E., The Ghaznavids, Beirut, 1973; Iranica; Nāzim, Muhammad, The Life and Times of Sultān Mahmūd of Ghazna, Delhi, 1971.

أبوالفضل خطیبي/ خ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: