الصفحة الرئیسیة / المقالات / الاقرار /

فهرس الموضوعات

الاقرار


تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/9 ۰۸:۵۷:۲۲ تاریخ تألیف المقالة

اَلْإقْرار، مصطلح فقهي وقانوني وهو عبارة عن الإخبار بحقٍّ على نفسه لشخص آخر. والإقرار في كتب اللغة يعني الإذعان والاعتراف بالحق (الجوهري، 2 / 790؛ القاموس، مادة قرر)، ورأى الخليل بن أحمد أنه الاعتراف بالشيء (5 / 22). وعدّه الراغب الأصفهاني (ص 600) إثبات الشيء (قا: الحج / 22 / 5). والمعنى الاصطلاحي للإقرار هو الآخر قريب جداً من معناه اللغوي (ظ: المحقق الحلي، 3 / 143؛ الشهيد الأول، الدروس ... ، «كتاب الإقرار»؛ الزيلعي، 5 / 2؛ قانون مدني، المادة 1259).
وفي تعريف الإقرار وماهيته القانونية توجد عدة نقاط مهمة: 
1. الإقرار نوع من الإخبار والمقر يخبر أن بذمته حقاً لشخص آخر ولما كان قصده هو الإخبار وليس الإنشاء، فإن الإقرار ليس عملاً قانونياً (عقداً، أو إيقاعاً)، بل هو واقعة قانونية (الشهيد الأول، القواعد ... ، 1 / 164؛ مجددي، 60). 
2. إن الحق الذي هو موضوع الإقرار في هذا التعريف استخدم بالمعنى الأعم ويشمل العين والمنفعة والحق بالمعنى الأخص مثل حق الشفعة وحق الانتفاع وحق الارتفاق وحق القصاص. وموضوع الإقرار يمكن أن يكون من القضايا المدنية والقضايا الجزائية (الخميني، 2 / 50؛ السماكية، 351-352؛ جعفري، دائرة المعارف ... ، 1 / 259). 
3. يختلف الإقرار عن الدعوى والشهادة (البينة)، ذلك أن الدعوى عبارة عن الإخبار بحق لصالح المخبر وبضرر شخص آخر، والشهـادة إخبار بحق لصالح شخص ثان وبضرر شخص ثالـث، بينما الإقرار ــ كمـا أسلفنا ــ إخبار بحق لصالح شخص آخر وبضرر المخبر (التهانـوي، 2 / 1183؛ العاملي، 9 / 212؛ الزيلعـي، 5 / 2-3). 
4. ليس للإقرار دائماً جانب إيجابي وإثباتي، بل هو سلبي أحياناً، كما لو أن أحداً أقرّ بأن لا حق له في ذمة شخص آخر. ولهذا، عرّف البعض الإقرار على النحو التالي: «الإخبار بحق لازم على المخبر، أو بنفي حق له» (الأصفهاني، 2 / 229؛ الخوئي، 2 / 193). 
5. ينبغي للمخبر أن يخبر بشكل جازم وبدون ترديد وتعليق، وإلا بطل الإقرار. لهذا ذكر البعض «الإخبار الجازم» في تعريفه الإقرار ( الشهيد الأول، الدروس، ن.ص؛ الخميني، 2 / 49). 
6. في بعض الحالات يكون إخبار من ينوب عن شخص بضرره، معتداً به ويعدّ إقراراً؛ مثل إقرار الوكيل بما كان له وكالة في أدائه، كما لو أقر الوكيل في البيع ببيع مال الموكِّل. ولهذا قال بعض الفقهاء في تعريف الإقرار: «إخبار المكلف عن نفسه، أو عن موكله بحقّ لازم» (ابن مفتاح، 4 / 157؛ البطاشي، 8 / 180؛ السماكية، 449-451).
7. في الإقرار يتحدث المخبر عن حق سابق، وعلى هذا، فإن الاعتراف بحق في المستقبل لمصلحة آخر يعدّ وعداً وليس إقراراً. وبغية إخراج الوعد من تعريف الإقرار ذكر بعض الفقهاء أن موضوعه «الحق السابق» (الشهيد الثاني، الروضة ... ، 6 / 380).
مع أخذ الأمور السالفة بنظر الاعتبار، يمكن تقديم تعريف أكثر كمالاً للإقرار: «الإقرار عبارة عن الإخبار الجازم من شخص، أو من ينوب عنه بحق سابق لشخص آخر بضرر نفسه، أو بنفي حق له». 
و المُقِر ملزَم بإقراره، فلو أن شخصاً أقر بأنه مدين بمبلغ لشخص آخر، فسيكون ملزماً بدفعه؛ أو أن متهماً اعترف بقتل، أو سرقة مال، فإن جرمه يثبت عليه (ظ: ابن رشد، 2 / 471؛ سنگلجي، 74).

أركان الإقرار

للإقرار أربعة أركان: المقِر، المنتفع بالإقرار، أو المقـر له، موضوع الإقرار، أو المقَر به، صيغة الإقـرار، أو لفظه. 

المقِر

المقر هو من يخبر عن شيء بضرر نفسه و بنفع شخص آخر، وينبغي أن تتوفر فيه الشروط التالية: 

ألف ـ البلوغ

فإقرار الصغير وإن كان مميزاً لايعتد به حتى ولو كان بإذن الولي (العلامة الحلي، تحرير ... ، 114). وبطبيعة الحال، فإن الفقهاء يرون أن وصية الصغير، أو وقفه إذا عُدّ نافذاً، فإن إقراره أيضاً بشأن الوصية، أو الوقف سيكون نافذاً بحسب قاعدة «من ملك شيئاً ملك الإقرار به» (ظ: م.ن، قواعد ... ، 1 / 277؛ الشهيد الثاني، ن.م، 6 / 385؛ أيضاً الروحاني، 16 / 119). وقد عدّت المادة 1262 من قانون مدني بلوغ المقر شرطاً (للاطلاع على الحالات الخاصة في إقرار الصغير المميز، ظ: ن.م، المادة 1212؛ إمامي، 6 / 30-31). 

ب‌ ـ العقل

يجب أن يكـون المقرّ عاقلـاً ( قانـون مدني، المادة 1262)، وعلى هذا، فإقرار المجنون ليس نافذاً. وفي حالة كون المقر مصاباً بالجنون ذي الدور وأقرّ في حال الإفاقه والسلامة النفسية، فسيكون إقراره نافذاً (الشهيد الثاني، ن.م، 6 / 386؛ الروحاني، ن.ص؛ دولتشاهي، 39 وما بعدها). 

ج ـ الرشد

فمن مُنع من التصرف في أمواله وحقوقه المالية بسبب السفه، فإن إقراره في هذا الأمر لايعتدّ به، ذلك أنه وفقاً للمادة 1263 من قانون مدني الإيراني: إن إقرار السفيه في الأمور المالية لايعتد به؛ وبطبيعة الحال، فإن إقرار السفيه في الأمور التي ليس لها صفة مالية نافذ، فمثلاً إقرار السفيه بارتكاب جرم يستوجب الحد، أو القصاص، أو التعزير، أو إقراره بالطلاق والنسب، معتدّ به (الخميني، 2 / 52؛ أيضاً ظ: الحصيني، 1 / 235؛ بحر العلوم، 428). وفي حالة إقرار السفيه بأمر له جانب مالي وجانب غير مالي، فإن إقراره نافذ في الجانب غير المالي فقط، فمثلاً إذا أقر السفيه بالسرقة، فإن الحدّ يقام عليه، لكنه لايلزم بدفع المال (الطوسي، المبسوط، 3 / 3-4؛ الشهيد الثاني، ن.م، 6 / 387؛ الأصفهاني، 2 / 232). 

د‌ ـ القصد

يبنغي أن يكون المقر يقصد الإخبار عند الإقرار، وإن الألفاظ، أو الإشارات التي تؤدى دون قصد ليس لها أثر قانوني؛ إذن، فإقرار الشخص النائم، أو فاقد الوعي، أو السكران، وكذلك الإقرار في مقام الاستهزاء، أو بيان مثال، لايعتدّ به (ظ: العلامـة الحلي، قواعـد، ن.ص؛ الشربينـي، 2 / 238؛ شيخ نيـا، 74). 

ه‍ ـ الاختيار

يجب أن يقر المقر وهو في حالة اختيار من غير أي إكراه، وإلا، فلن يكون إقراره في القضايا المدنية، أو الجزائية، نافذاً ( قانون مدني، المادة 1262؛ باز، شرح المادة 1575؛ عبد الملك، 1 / 113). وقد روي في حديث عن الإمام علي (ع): «ومن أقرعند الحبس، أو التخويف، أو التهديد لم يلزم» (الحر العاملي، وسائل ... ، 16 / 111). وفي حالة تعريض المتهم بالسرقة، أو القتل وأمثال ذلك للضرب والشتم بغية الإقرار، فلن يكون إقراره معتدّاً به، كما أنه إذا تم الإقرار بعد التعذيب والمتهم يعلم إذا لم يقرّ سوف يعذب من جديد، فمثل هذا الإقرار لايتمتع بتأثير (الشربيني، 2 / 240-241). يقول قانون أساسي جمهوري إسلامي إيران بهذا الشأن: «جميع أنواع التعذيب الذي يمارس لأخذ الإقرار، أو الحصول على المعلومات، ممنوعة. وإن إكراه شخص على الشهادة، أو الإقرار، أو القسم غير مسموح به، وإن مثل هذه الشهادة والإقرار والقسم لاقيمة له ولايُعتد به ...» (الأصل 38). 
وللمقَرّ له والمقَرّ به أيضاً وضعت في المصادر الفقهية شروط. فينبغي أن يكون المقَرّ له، أو المنتفع من الإقرار أولاً شخصاً معلوماً، وثانياً أن يتمتع بأهلية التمتع (ظ: الطوسي، الخلاف، 3 / 371؛ العلامة الحلي، تحرير، 115؛ ملاخسرو، 2 / 362؛ أيضاً قانون مدني، المادتان 956-957). كما أن موضوع الإقرار، أو المقر به له شروط عُدّ «كونه مشروعاً» من بينها بشكل خاص (ظ: الشهيد الثاني، مسالك ... ، 2 / 169؛ الخميني، 2 / 50؛ أيضاً قانون مدني، المادة 654). 

صيغة، أو لفظ الإقرار

يصح الإقرار إذا ما أُعلن بواسطة شيء يدل عليه، ولايُعدّ القصد الباطني من غير الكاشف الخارجي إقراراً. ويُعلن عن الإقرار عادة بواسطة اللفظ. ولايشترط في الإقرار لفظ خاص، كما يمكن أن يقع الإقرار بأية لغة كانت (ظ: المحقق الحلي، 3 / 143؛ الفيض الكاشاني، 3 / 157). وتنص المادة 1260 من قانون مدني الإيراني على ما يلي: يقع الإقرار بأي لفظ يدل عليه. وإن من لايقدر على الكلام تحلّ إشارته محل اللفظ شريطة أن تدل على معنى الإقرار بشكل صريح (ظ: المراغي، عنوان إقرار العقلاء ... ؛ السماكية، 161- 168). 
والكتابة أيضاً ــ شأنهـا شأن اللفظ ــ وسيلة للإقرار؛ فـإذا ادعى أحد بأنه له بذمة غيره مبلغاً معيناً وأبرز كتابة بخط المدعى عليه تدل على إقراره بهذا الدين، وأيد المدعى عليه أيضاً نسبة الكتابة إلى نفسه، حُكِم لمصلحة المدعي، حتى لو أنكر المدعى عليه الدَّين لفظاً (ظ: ابن المرتضى، 6 / 7؛ أيضاً قانون مدني، المادة 1280). 
والسكوت أمام الادعاء ليس إقراراً، ذلك أن السكوت لايمكن أن يدل على إرادة الشخص بالإخبار عن وجود حق، إلا أن تدل عليه قرائن جازمة (قائم مقامي، 5؛ أيضاً أبو زهرة، 22 / 12، 64). 
وينبغي للإقرار أن يكون عن جزم وقطع وأن لايبدي المقِرُّ الترديد، لهذا استخدم بعض الفقهاء عبارة «الإخبار الجازم» لدى تعريفهم الإقرار (الخميني، 2 / 49؛ أيضاً ظ: الأصفهاني، 2 / 229). 

إقرار المريض

إن إقرار المريض ــ في حالة عدم كونه في مرض الموت ــ نافذ، سواء أكان الإقرار لمصلحة أحد ورثة المقر، أم لمصلحة شخص آخر، وسواء أكان بمقدار ثلث المال، أم كان أكثر من ذلك. أما في الإقرار خلال مرض الموت، فرأى فقهاء الإمامية أن إقرار المقر إن كان في معرض اتهام، نافذ إلى حد ثلث ماله، وعدّوا النسبة التي تزيد على ذلك رهناً بإذن الورثة (المحقق الحلي، 3 / 152؛ العلامة الحلي، تذكرة ... ، 2 / 147- 148؛ الشهيد الأول، الدروس، «كتاب الإقرار»؛ الحر العاملي، بداية ... ، 2 / 292). والقول غير المشهور في فقه الإمامية بهذا الشأن والذي اختاره علماء مثل الشيخ المفيد والشيخ الطوسي وابن إدريس هو أن إقرار المريـض بحـق الـوارث والأجنبـي ــ بشكل مطلـق ــ نافـذ (ظ: المفيد، 662؛ أيضاً العاملي، 9 / 233-234؛ عن اختلافات المذاهب الإسلامية، ظ: أبو زهرة، 22 / 11 وما بعدها؛ أيضاً ظ: الكاساني، 7 / 224؛ الغنيمي، 2 / 85). 

الإقرار بالمجهول

إن العلم بموضوع الإقرار ليس شرطاً في صحته. وفي حالة كون موضوع الإقرار مجهولاً برمته، يكون الإقرار صحيحاً ويلزم المقِرّ بأن يفسر المقَرَّ به ويزيل عنه الغموض (ظ: الشهيد الأول، ن.ص؛ ابن قدامة، 5 / 313 وما بعدها). وتنص المادة 464 من «القانون المدني العراقي» ضمن بيانها أن موضوع الإقرار يمكن أن يكون مجهولاً على ما يلي: لو أقرّ أحد بتسلّمه، أو سرقته، أو غصبه مالاً مجهولاً، طلب إليه أن يحدد ذلك المال، لكن إن أقرّ بأنه باع مالاً مجهولاً، أو أجَّره، فإن إقراراً كهذا ليس صحيحاً، ذلك أن الإقرار تمّ بعقود يؤدي الجهل بالموضوع فيها إلى بطلانها (ظ: السنهوري، 2 / 491، الهامش). بينما يتم القبول في حالة كون تفسير المقر منسجماً مع درك العرف للإقرار السابق، ويلزم الشخص بمضمون إقراره (ابن رجب، 234 وما بعدها؛ ابن فهد، 318؛ الحصيني، 1 / 235-236؛ صاحب الجواهر، 35 / 32 وما بعدها). فإن لم ‌يكن موضوع الإقرار مجهولاً كلياً ويمكن الحصول على قدر متيقن منه، فلا حاجة إلى التفسير ويؤخذ المقِر بذلك القدر المتيقن (ظ: أبو إسحاق، 275؛ العلامة الحلي، تحرير، 116؛ الغنيمي، 2 / 77). كذلك إذا كان موضوع الإقرار مردداً بين أمرين، فعلى المقِر أن يفسره ويزيل عنه الغموض. 

تكذيب المقَرّ له

إن قبول وتصديق المقَر له ليس شرطاً لصحة الإقرار، لكن الإقرار إنما يكون نافذاً ومعتداً به إذا لم يقم المقَرّ له بتكذيب المقِر (ظ: باز، شرح المادة 1580). وقد أورد بعض الفقهاء عدم تكذيب الإقرار من قِبل المقَر له في عداد شروط المقَر له (العلامة الحلي، قواعد، 1 / 279؛ الشهيد الثاني، الروضة، 6 / 377). وذكره البعض الآخر بشكل منفصل وبصفته شرطاً لصحة الإقرار، أو نفاذه (ابن حمزة، 283؛ صاحب الجواهر، 35 / 60، 120). كما أن قانون مدني الإيراني وفي شروط الإقرار عدّ تكذيب المقَر له موجباً لعدم نفاذ الإقرار، ونص على أن تصديق المقَر له ليس شرطاً في صحة الإقرار، لكن إذا كذّب مضمون الإقرار، فلن يكون للإقرار المذكور أثر في حقه (المادة 1272). 
وبعد تكذيب المقَر له يبقى المال في يد المقِر، على الرغم من أن البعض يرون أن القاضي مخير في أن يأخذ المال منه ويحتفظ به، أو أن يتركه في يد المقِر (ظ: العاملي، 9 / 251؛ المحقق الكركي، جامع ... ، 9 / 230-231؛ صاحب الجواهر، 35 / 58-59). يقول الإمام الخميني في إيضاح هذا الأمر: «لو كذب المقر له المقِر في إقراره، فإن كان المقر به ديناً، أو حقاً لم يطالب به المقِر، وفرغت ذمته في الظاهر، وإن كان عيناً كانت مجهولة المالك بحسب الظاهر، فتبقى في يد المقِر، أو الحاكم إلى أن يتبين مالكها، هذا بحسب الظاهر، وأما بحسب الواقع، فعلى المقر بينه وبين الله تعالى تفريغ ذمته من الدين، وتخليص نفسه من العين بالإيصال إلى المالك» (2 / 53). 
وفي حالة رجوع المقَر له عن تكذيبه وإنكاره للإقرار، وتصديقه الإقرار يُقبل منه إنكاره الأخير ويكون الإقرار نافذاً. وبالنتيجة، يسلّم إليه المال الذي كان مثلاً موضوع الإقرار؛ ذلك أنه يحتمل أن يكون المقَر له قد نسي أثناء الإنكار أن موضوع الإقرار هو ملك له، أو أن المال المقصود قد أصبح ملكاً له فيما بعد عن طريق الإرث وأمثاله، وعلى أساس مبدأ الحمل على صحة أفعال المسلم وأقواله، ففي مثل هذه الحالات التي تحتمل الصحة ينبغي قبول إنكاره (العاملي، 9 / 252). فضلاً عن ذلك، فإن مالاً كهذا ليس موضع ادعاء أحد وأقر صاحب اليد بملكيته لمصلحة المقَر له، وبالتصديق التالي للمقَر له يزول أثر التكذيب والإنكار السابقين. وبالنتيجة، لايكون للإقرار معارض، فيكون نافذاً (ن.ص؛ المحقق الكركي، ن.م، 9 / 232). 

أقسام الإقرار

قسم الإقرار بحسب اعتبارات شتى: باعتبار اللفظ والصيغة حيناً، وباعتبار محل الإقرار حيناً، وفي حين آخر باعتبار موضوع الإقرار: 

ألف‌ ـ الإقرار المنجَّز والإقرار المعلَّق

الإقرار المنجز هو الإقرار الذي لم يعلَّق على شرط، أو صفة. وإن إقراراً كهذا نافذ بإجماع الفقهاء. والإقرار المعلق هو أن يُعلَّق الإقرار على أمر بغض النظر عن كون تحققه مشكوكاً فيه، أم قطعياً، وإقرار كهذا غير نافذ بإجماع الفقهاء. ذلك أن حقيقة الإقرار تتنافى مع التعليق، حيث إن الإقرار إخبار جازم بثبوت أمر بعهدة المقِرّ، وإن ثبوت أمر في السابق لايمكن أن يُعلق على أمر (ابن قدامة، 5 / 349-350؛ العلامة الحلي، تحرير، 117؛ الحصيني، 1 / 236؛ الغنيمي، 2 / 79؛ البجنوردي، 3 / 55؛ الدردير، 3 / 530-531). 

ب‌ ـ الإقرار الصريح والإقرار الضمني

الإقرار الصريح هو أن يقبل شخص بواسطة اللفظ وبشكل واضح ادعاء الطرف الآخر؛ والإقرار الضمني هو أن يعترف الشخص بأمر يستلزم التصديق على حق للمدعي (ظ: صاحب الجواهر، 35 / 79 وما بعدها). ومتى ما قُبل الإقرار الضمني بصفته إقراراً، فستكون له آثار الإقرار الصريح نفسها، كما أعطى قانون مدني الإيراني في المادة 1161 للإقرارين الصريح والضمني نفس القيمة. 

ج‌ ـ الإقرار في المحكمة والإقرار خارجها

من وجهة النظر الفقهية يكون الإقرار معتداً به، سواء أتمّ بحضور القاضي، أم بعدم حضوره. ويعتقد البعض متمسكين بقيد «عند الإمام» الذي ورد في بعض الروايات أن المتهم في «حقوق الله» ينبغي أن يقر بحضور القاضي، وفي حقوق كهذه لايرون الإقرار بحضور غير القاضي معتداً به. ولايبدو هذا الاستدلال صحيحاً، حيث إن: أولاً لقد تم الاستدلال هنا بمفهوم اللقب وهو ما لايعتد به، ثانياً إن أدلة الاعتداد بالإقرار ومنها «بناء العقلاء»، ترى الإقرار بشكل مطلق حجة. وعبارة «عند الإمام» في مثل هذه الروايات ليست بسبب أن الإقرار عند القاضي له خصوصية، بل لكون الإقرار كان يقع عند الإمام والقاضي غالباً في زمان صدور الرواية (ظ: المرعشي، 37- 38). 
وفي القانون الفرنسي قسم الإقرار إلى نوعين إقرار قضائي (إقرار في المحكمة)، وإقرار غير قضائي (إقرار خارج المحكمة) («القانون المدني»، المادة 1354)، وعُرِّف الإقرار القضائي بإقرار الشخص، أو ممثله في المحكمة (ن.م، المادة 1356). وقد انبرى «القانون المدني الفرنسي» لتبيان قيمة الإقرار في المحكمة وكونه غير قابل للتجزئة وعدم إمكانية الرجوع عنه، إلا في الخطأ الحُكمي (ن.ص)، لكنه التزم الصمت عن تبيان الإقرار خارج المحكمة، حيث يمكن القول إنه ترك أحكامه للقواعد العامة، وعلى القاضي أن يشخص ــ مع الأخذ بنظر الاعتبار الأوضاع والظروف ــ درجة اعتباره وإمكانية تجزئته، أو الرجوع عنه (عبد الملك، 1 / 118 وما بعدها). وفي النظام القانوني الأنجلوسكسوني أيضاً قسم الإقرار إلى نوعين قضائي وغير قضائي (ظ: بلك ... ، مادة إقرار). 
وفي قوانين بعض البلدان العربية مثل «أصول المحاكمات المدنية» اللبناني (المادة 210) و «القانون المدني» الليبي (المادة 398)، و«قانون البينات» السوري (المادتان، 94، 102)، أشير إلى هذين النوعين من الإقرار، وفي البعض الآخر مثل «القانون المدني» المصري (المادة 408)، و«القانون المدني» العراقي (المادة 461)، وعلى الرغم من أن هذا التقسيم لم يذكر، لكن «الحضور في المحكمة» دُوّن في تعريف الإقرار. ولم تتناول قوانين هذه البلدان لشرح أحكام الإقرار غير القضائي إلا أنه وكما قرر في «قانون البينات» السوري (المادة 102)، فإن تقييم الإقرار غير القضائي، يرجع للقاضي، ويجب أن يتم إثباته استناداً إلى القواعد العامة المختصة بالإثبات (ظ: السنهوري، 2 / 479-482). 

 

الصفحة 1 من2

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: