الصفحة الرئیسیة / المقالات / الأفلاج /

فهرس الموضوعات

الأفلاج


المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/12/3 ۰۹:۳۰:۳۷ تاریخ تألیف المقالة

اَلْأَفْلاج، منطقة شاسعة في جنوب بلاد نجد. كانت تدعى في الماضي فلجاً (إبراهيم الحربي، 541؛ ابن خرداذبه، 153؛ الهمداني، 81؛ ياقوت، البلدان، 3 / 908). وتعد الأفلاج اليوم من توابع منطقة عارض (حمزة، 74-75). ويحدها من الشمال منطقة البرك، ومن الجنوب المقرَن ومن الشرق سهل البياض، ومن الغرب منطقة الدحي الرملية (EI2). وفلج لغة تعني الماء الجاري والساقية ورأى البعض أنها النهر (ياقوت، ن.ص). ويقول الهمداني إن هذه المنطقة سميت فلجاً بسبب انفلاجها بالماء (ص 272). وهذه المفردة هي مصطلح يطلق اليوم في عمان أيضاً على القناة (EI2).
رأى الجغرافيون القدماء أن هذه المنطقة تقع على خط العرض 18° وخط الطول 5 / 115 (الهمداني، 81) في الطريق بين اليمامة واليمن بعد مناطق الخرج، نبعة، المجازة، المعدن، الشفق والثور (ابن خرداذبه، 193). كما ذكر ياقوت الأفلاج بوصفها منطقة في بلاد اليمامة (ن.ص؛ أيضاً ظ: حمد الله، 263؛ أبو عبيد، معجم ... ، 1029). ويبلغ طول الأفلاج من الشمال الشرقي نحو الجنوب الغربي حوالي 80كم («المعجم الجغرافي العربي»، 129). وذكرت المصادر القديمة أن المسافة بين الفلج وهَجر مسير 6 أيام، وبين الفلج ومكة 9 أيام (أبوعبيد، المسالك ... ، 337؛ ابن عبد المنعم، 441). ووصف ناصرخسرو الفلج بأنها منطقة واسعة وسط البادية يفصلها عن مكة 180 فرسخاً (ص 143). والطريق بين مغينة والأفلاج كان مساراً للقوافل التي كانت تتردد في منطقة الربع الخالي خلال العصر الجاهلي وتمارس التجارة. وفيما بعد أصبحت هذه الطرق جزءاً من طريق الحج (من عمان إلى مكة)؛ لكن القوافل كانت تطوي طريق الحج من الحدود الشمالية لهذه المنطقة وأي من واحة الجوا إلى الأفلاج فضلاً عن طريق الربع الخالي (حمزة، 400-401).
تنبع مياه الفلج من جبال جُلَّفار (الدمشقي، 115). يقول ياقوت: تذهب مياه العارض إلى الفلج، كما أن الفلج هي مصب مياه العارض (ن.ص). كذلك تذهب مياه الأفلاج الجوفية إلى واحة البريمي (كلي، 52)، كما تستفيد صعنبىٰ التي هي ناحية في اليمامة، من مياه الفلج (ياقوت، المشترك، 283-284). وعدّ الهمداني سوق الفلج المركز الرئيس لأنشطة قبيلة جعدة وكان له أبواب الحديد وسمك سورها 30 ذراعاً وفيه 400 حانوت؛ ويحيط بذلك السور خندق وفيه260 بئراً للماء، ماؤها عذب فرات يشاكل ماء السماء (ص 272-273). كما أن ناصرخسرو تحدث في كتابه سفرنامه عن 4 قنوات في الفلج كانت تروي مزارع النخيل فيه (ص 144). وتقع الأفلاج على سفح جبل طويق وتجري مياه طويق من الغرب نحو الجنوب وتدخل الوشم وتصل إلى الخرج والأفلاج وتشكل هناك عدة بحيرات (الريحاني، 2 / 117). وتجري مياه الفلج نحو الشرق والجنوب في منطقة سهلية. وتعدّ هذه المنطقة من أخصب الأراضي الزراعية وأفضل المناطق المسكونة («المعجم الجغرافي العربي»، ن.ص). وإن الآثار الباقية من تصريف المياه في الفترات السابقة تدل على انخفاض مناسيب المياه الجوفية بمعدل 9 أمتار («الشرق الأوسط ..»، 92).
كان أول من سكن الأفلاج هم أصحاب الرس الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم (أبوعبيد، المسالك، 377؛ ابن عبد المنعم، ن.ص). كما ورد نقلاً عن الزجاج وقتادة أن الرس اسم قرية في اليمامة يقال لها الفلج (الطبري، 19 / 10؛ ابن خلكان، 6 / 373)؛ لكن عكرمة يذكر أن أصحاب الرس الذين كانوا يسكنون الفلج هم أصحاب ياسين (ظ: الطبري، ن.ص؛ ابن كثير، 
1 / 227). ويـرى ياقوت أن الفلـج هي الموطـن القديـم لقـوم عـاد ( البلدان، 3 / 910).
ويرى الهمداني في القرن 4ه‍ أن هذه البلاد ملك لجعدة وقُشير وحَريش أبناء كعب، ويتحدث عن تفوق جعدة على بقية السكان (ص 272؛ أيضاً ظ: ياقوت، ن.م، 3 / 909). وفي القرن التالي تضاءل تفوق قبيلة جعدة شيئاً فشيئاً وحلت قبيلتا قشير وحريش محلها. وأخيراً تمتعت قبيلة جميلة التي هي رهط من عنزة في القرون التالية بقدرة أكبر في هذه المنطقة. ويذكر الريحاني أن موطن آل خليفة الذين هم من بني عتبة (= العتوب) هو الأفلاج وأن بني عتبة أنفسهم فرع من قبيلة جميلة؛ وفيما بعد هاجر آل خليفة من هذه المنطقة إلى الكويت (2 / 276). ويقول مؤنس أيضاً إنه منذ النصف الثاني للقرن 17م اتجه أحد أرهاط قبيلة عنزة الذي يسمى العتوب نحو جنوب نجد إلى منطقة الأفلاج ومركزها الهدار، ثم ذهب من الهدار إلى وادي الدواسر، واتجه بعد ذلك شمالاً وسكن قطر (ص 213). ويبدو أن هذه الهجرات حدثت بسبب تفوق قوة حكم الدواسر في هذه المنطقة. وسكان الأفلاج اليوم من الإقطاعيين والملّاك الدواسر والفلاحين من قبيلة بني خضير، لكن يسكن فيها أيضاً أفراد من قبائل الفضول والسهول وسبيع وبني تميم وعنزة وبعض القبائل الأصغر، كما يقطنها عدد كبير من السود والخلاسيين («المعجم الجغرافي العربي»، 129؛ «المعجم الجغرافي للخليج الفارسي ...»، 1355). كما أن الأفلاج هو موطن الجذيمات (إحدى عشائر عنزة) وقبائل الفضول وآل مغيرة والوصيلة من بني هاجر (حمزة، 186، 195، 209). كما يسكن هذه المنطقة حوالي 000,2 نسمة من بني كتّاب وهم من أهل السنة (مايلز، 428).
قُدر عدد سكان الأفلاج بـ 22 ألف نسمة في 1979م / 1399ه‍ وجميعهم من الوهابيين («المعجم الجغرافي العربي»، ن.ص). وتضم الأفلاج قرى ومدناً عديدة منها ليلا، البديع، الروضة، الهدار، السيح، خَرفة، شطبة، غيل، مروان وحمر (حمزة، 75؛ «المعجم الجغرافي العربي»،130-131). وليلا أكثر مناطق الأفلاج ازدحاماً بالسكان وهي قاعدتها. 
وقصر العادي هو من أبنية هذه المنطقة ويرجع تاريخه ــ كما يقول الهمداني ــ إلى عهد طسم وجديس (ص 273). ويبدو أن الأبنية المشهورة اليوم بقصيرات عاد في جنوب السيح هي بقايا أطلال قصر العادي (EI2).
ولدى ظهور الدين الإسلامي كانت قبيلة جعدة تحكم الأفلاج، كما حافظت على سلطتها في تلك المنطقة إلى قرون تلت. وقد اعتنقت هذه القبيلة، الإسلام في 9ه‍ (ن.ص). وبعد مقتل الوليد بن يزيد في 126ه‍ نشبت في هذه المنطقة حربان تعدان من أيام 
العرب. وبعد أن أصبح عبدالله بن النعمان حاكماً على اليمامة، عيّن المندلث بن إدريس الحنفي على الفلج، لكن أهالي الفلج، أي بني عامر بن صعصعة وحلفاءهم بني كعب بن ربيعة وقشيراً وبني عقيل لم يكونوا راضين عن هذا التعيين، فدخلوا حرباً مع المندلث ابن إدريس. وفي هذه المعركة، قتل المندلث بن إدريس وابن الطثرية (ن.ع) واشتهرت هذه الواقعة في تاريخ العرب بيوم الفلج الأول. وعندما تناهى إلى سمع عبد الله بن النعمان نبأ مقتل المندلث، جمع 000,1 مقاتل من بني حنيفة للثأر لدمه، وهبّ لمقاتلة أهالي الفلج وألحق ببني جعدة هزيمة نكراء وسميت هذه المعركة بيوم الفلج الثاني (ابن الأثير، 5 / 298-300؛ ظ: ابن خلكان، 6 / 372، الذي أشار إلى مقتل المندلث بن إدريس الحنفي وابن الطثرية في 126ه‍ في حرب الفلج؛ أيضاً ظ: ابن خلدون، 3 / 234).
وصف ناصرخسرو أهل الفلج بأنهم أناس جياع مملقون وقال إنه كانت بينهم دائماً عداوات، بحيث إنهم كانوا يجلبون معهم أسلحتهم إلى الصلاة (ص143-145). وفي 1199ه‍ على عهد عبد العزيز بن سعود (حك‍ 1179- 1218ه‍( أعلن سكان الأفلاج ولاءهم له (ابن غنّام، 162؛ فيلبي، 240). وبعد أن رسخ عبد العزيز حكمه في الرياض والمناطق المحيطة بها، وبغية توسيع رقعة البلاد الخاضعة له، استولى على مناطق الخرج والأفلاج والحوطة والحريق ووادي الدواسر الواقع جنوبي الرياض والذي كان تحت سلطة آل رشيد (حمزة، 370؛ الزركلي، 30). 
ومقارنـة بالمناطق الشمالية لنجد، فإن الأفلاج أكثر تخلفـاً. ولم ‌يكن لهذه البلاد دور مهم في القضايا السياسية للمنطقة. والقرى السهلية العامرة مثل البديع، خزمة، ليلا، الروضة والسيح، هي تحت تصرف من يُدعون هناك بالأمراء. وفي مناطق التلال، فإن كل قرية مستقلة عن القرى الأخرى ويديرها شيخ القرية. وقرية الوسيط هي الوحيدة غير المستقلة ويديرها شيخ قرية حمر. وتقدر الضرائب السنوية للأفلاج بحوالي 20 ألف دولار تدفع للأمير الوهابي، حيث يدفع سكان الصحراء ثلثها، بينما يدفع القرويون الثلثين الآخرين («المعجم الجغرافي العربي»، 129). 
وذكر الهمداني أنواع تمور الأفلاج ورأى أن الصُفري أفضل أنواعها (ص 274). ويرى ناصرخسرو أن تمور الأفلاج أجود من تمور البصرة والمناطق الأخرى (ص 144). واليوم، فإن محاصيل الأفلاج هي التمور والقمح والشعير والبرسيم والذرة والدخن («المعجم الجغرافي العربي»، ن.ص). وبساتين النخيل في الأفلاج وفيرة المحصول وتمورها دقيقة ورفيعة («المعجم الجغرافي للخليج الفارسي»، 1354). ويعتمد سقي بساتين النخيل والأراضي الزراعية على مياه الآبار («الشرق الأوسط»، 92). ويُصدر السمن من الأفلاج إلى بقية المناطق (الريحاني، 2 / 31). والخيل هي إحدى بهائم هذه المنطقة، حيث تقوم بسياستها قبائل الصحراء وترسلها إلى قبيلتي عنزة وبريدة في القصيم. ومن الحيوانات الأليفة الأخرى في هذه المنطقة كما هو حال بقية مناطق نجد الجنوبية، الجمال، البغال، الأبقار، النعاج والماعز. وتمتاز جمال هذه المنطقة بأنها ذات لون غامق إذا ما قورنت بجمال جبل شَمَّر ذات اللون التمري («المعجم الجغرافي العربي»، «المعجم الجغرافي للخليج الفارسي»، ن.صص). 

المصادر

إبراهيم الحربي، المناسك وأماكن طرق الحج ومعالم الجزيرة، تق‍ : حمد الجاسر، الرياض، 1401ه‍ / 1981م؛ ابن الأثير، الكامل؛ ابن خرداذبه، عبيدالله، المسالك والممالك، تق‍ : دي‌خويه، ليدن، 1307ه‍ / 1889م؛ ابن خلدون، العبر؛ ابن خلكـان، وفيات؛ ابن عبد المنعم الحميـري، محمد، الروض المعطـار، تق‍ : إحسـان عباس، بيروت، 1975م؛ ابن غنام، حسين، تاريخ نجد،تق‍ : ناصرالدين الأسد، بيروت، 1405ه‍ / 1985م؛ ابن كثير، البداية؛ أبوعبيد البكري، عبد الله، المسالك والممالك، تق‍ : أدريـان فان ليوفن وأندري فيـري، تونس، 1992م؛ م.ن، معجم ما استعجـم، تق‍ : مصطفـى السقا، بيروت، 1403ه‍ / 1983م؛ حمـد الله المستوفي، نزهة القلـوب، تق‍ : لسترنج، ليدن، 1331ه‍ / 1913م؛ حمزة، فؤاد، قلب جزيرة العرب، الرياض، 1388ه‍ / 1968م؛ الدمشقي، محمد، نخبة الدهر، تق‍ : مرن، لايبزك، 1281ه‍ / 1865م؛ الريحاني، أمين، ملوك العرب، بيروت، 1967م؛ الزركلي، خير الدين، الوجيز في سيرة الملك عبد العزيز، بيروت، 1984م؛ الطبري، تفسير؛ كلي، ج.ب.، الحدود الشرقية لشبه الجزيرة العربية، تج‍ : خيري حماد، بيروت، 1971م؛ مؤنس، حسين، إيضاحات على أطلس تاريخ الإسلام، القاهرة، 1407ه‍ / 1987م؛ ناصرخسرو، سفرنامه، تق‍ : محمد دبير سياقي، طهران، 1355ش؛ الهمداني، الحسن، صفة جزيرة العرب، تق‍ : محمد الأكوع، بيروت، 1403ه‍ / 1983م؛ ياقوت، البلدان؛ م.ن، المشترك، بيروت، 1406ه‍ / 1986م؛ وأيضاً:

EI2; Gazetteer of Arabia, Graz, 1979; Gazetteer of the Persian Gulf, Omān and Central Arabia, Farnborough, 1970; The Middle East, a Geographical Study, London, 1988; Miles, S. B., The Countries and Tribes of the Persian Gulf, London, 1966; Philby, J., Saªudi Arabia, Beirut, 1968.
زهرا خسروي / م


 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: