الأفضل الأیوبي
cgietitle
1442/12/1 ۱۰:۳۲:۰۴
https://cgie.org.ir/ar/article/236460
1446/11/4 ۰۴:۵۶:۲۴
اَلْأَفْضَلُ الْأَيّوبيّ، أبو الحسن نور الدين علي (565-622ه / 1170-1225م)، الابن الأكبر لصلاح الدين الأيوبي وخليفته، الملقب بالملك الأفضل والذي حكم مناطق من الشام ومصر لفترة، لكنه ــ شأنه شأن بقية أبناء صلاح الدين ــ لم يقتدر ولم يوفق في الحكم كثيراً. كان من أهل الفضل والأدب ودرس العلم على علماء بارزين في مصر والشام ومنهم أبوالطاهر إسماعيل بن مكي بن عوف الزهري وأبو محمد عبد الله بن بري النحوي و أبوالحسين أحمد ابن حمزة بن علي السلمي وأبو القاسم هبة الله بن علي بن مسعود. وقيل إنه كان يتحلى بكثير من الخصال العلمية والأخلاقية ويجيد الخط، كما كان له نصيب في الشعر. وقد وردت في كثير من المصادر، الأشعار التي كتبها إلى الخليفة العباسي الناصر يشكو فيها أخاه و عمه. وقد ذكّر في هذه الأشعار ــ التي عدّتها بعض المصادر دليلاً على تشيعه ــ الخلافات السياسية في صدر الإسلام، وتحدث بأسلوب ظريف عن أحقية علي (ع). توفي في قلعة سُميساط مقر حكمه في بلاد الشام ودُفن في حلب (ابن خلكان، 3 / 419-421؛ ابن سعيد، 199-203؛ الذهبي، 21 / 295-296؛ أيضاً ظ: أبو شامة، 145؛ المقريزي، 1(1) / 216). يمكن تقسيم حياة الأفضل إلى مرحلتين: ماقبل وفاة أبيه وما بعدها. فعلى عهد أبيه صلاح الدين تولى حكم مصر، لكنه لما كان صغير السن، فقد عيّن صلاح الدين ابن أخيه، تقي الدين المظفر نائباً عنه. وفي 582ه / 1186م وبسبب الخلافات التي ظهرت بين الأفضل وتقي الدين، فقد دعاه صلاح الدين إليه في دمشق وأسند مصر إلى ابنه الآخر العزيز (ابن الأثير، 11 / 523؛ أبو الفداء، 5 / 94؛ المقريزي، 1(1) / 91). وقد شارك الأفضل منذ ذلك الحين وإلى وفاة صلاح الدين في كثير من هجماته وحروبه مع الصليبيين بوصفه ولياً للعهد وذاع صيته في تاريخ الحروب الصليبية. وكانت معركة حطّين (583ه( أول معركة شارك فيها. وإن رواية ابن الأثير (11 / 536) حول هذه المعركة قائمة على روايات الأفضل نفسه. وفي نفس السنة وعقب معركة حطين، شارك الأفضل في فتح مدينة عكا على أيدي المسلمين. وبعد فتحها، سلمه صلاح الدين إياها، فبالغ ــ وهو الـذي اشتهر بالكرم والجود ــ بالسخاء في تقسيم الغنائم (م.ن، 11 / 539-540). وبعد ذلك أيضاً شارك في حروب متفرقة أخرى وردت تفاصيلها في تواريخ عصر الحروب الصليبية، سواء في المصادر الشرقية، أو الغربية. وفي 588ه وإثر وفاة تقي الدين المظفر طلب ابنه، ناصر الدين محمد إلى صلاح الدين أن يمنحه حكم البلدان التي كانت تحت سلطة أبيه؛ فامتنع صلاح الدين عن ذلك، وبطلب من الأفضل منحه تلك البلدان، فتوجه الأفضل برفقة جيش إلى حلب، لكن إلحاح ناصر الدين محمد و وساطة العادل، شقيق السلطان صلاح الدين أديا إلى أن يُستدعى الأفضل إلى دمشق وهو في منتصف الطريق (م.ن، 12 / 82-83؛ ابن الفرات، 4(2) / 42-45، 59-62).وبعد وفاة صلاح الدين (589ه ( تسنم الأفضل عرش الحكم في دمشق، بينما كان أخوه، العزيز يحكم مصر وأخوه الآخر، الظاهر يحكم حلب وعمه، أبو بكر العادل يحكم الكرك وبلدان شرقي الشام (ابن الأثير، 12 / 97- 98؛ أبو الفداء، 5 / 114؛ ابن واصل، 3 / 3-4). وقيل إن أمراء الدولة الأيوبية كانوا عند الأفضل في دمشق، وقادة الجيش والغلمان الخاصون بالأيوبيين مثل الفرق المعروفة بالصلاحية والأسدية وكذلك الأكراد يقيمون في مصر عند العزيز (م.ن، 3 / 5). ولم يمض طويل وقت حتى نشب الخلاف بين الإخوة. وحدثت أول مواجهة بين الأفضل وأخيه العزيز في 590ه. وقد رأت بعض المصادر أن سبب هذا الخلاف هو ضياء الدين ابن الأثير الجزري، مؤلف المثل السائر وأخو المؤرخ الشهير، عز الدين ابن الأثير صاحب الكامل في التاريخ والذي كان الملك الأفضل قد انتدبه للوزارة. وقيل إن السياسات الخاطئة لابن الأثير الجزري ومعاملته غير اللائقة لأمراء صلاح الدين وأنصاره جعلهم ينفضون من حول الأفضل، وألجأهم طوعاً، أو كرهاً إلى بلاطي أخويه العزيز في مصر والظاهر في حلب. وسرعان ما خلا بلاط الأفضل من الشخصيات المهمة والتي يمكن الاعتماد عليها من أهل العلم والسياسة والحرب (م.ن، 3 / 10-11، 27، 39). ومن جهة أخرى، فإن الأفضل الذي كان وباقتراح من وزيره، ضياء الدين قد سلّم مدينة القدس لأخيه، العزيز بغية كسب ودّه والتخلص من نفقاتها الباهظة، عدل حينذاك عن قراره وذلك بتحريض من حاكم القدس الذي كان يخشى ــ و بسبب الخيانات المالية ــ من تسليم القدس للعزيز. وهذا ما آلم العزيز، فاتجهت العلاقات بين الأخوين إلى الفتور (م.ن، 3 / 14-15). وقد أدى تجمع أمراء الدولة الأيوبية عند العزيز واحتفاؤه بهم إلى أن يطالب بالسلطنة ويحاصر دمشق بجيش؛ فكتب الأفضل رسائل إلى عمه العادل وأخيه الظاهر وابن عمه الملك المنصور ودعاهم إلى دمشق، وتم الصلح في دمشق بين الأخوين بحضور هؤلاء (أبو الفداء، 5 / 118؛ ابن واصل، 3 / 28-37). ويرى عز الدين ابن الأثير الذي كان بنفسه في دمشق آنذاك والذي أبلغ عن هذه الواقعة، أن اتفاق العادل والظاهر وبقية حكام المناطق الخاضعة للأيوبيين على إبقاء دمشق بيد الأفضل كان بسبب علمهم أن العزيز إذا ما استولى على دمشق، فسيستولي على بلدانهم أيضاً الواحد تلو الآخر، لكن على أية حال، فقد تمت اتفاقات بشأن بعض مناطق رقعة حكم الأفضل (12 / 109-110). وبعد سنة وفي 591ه هاجم العزيز دمشق مرة أخرى، لكن بعض قادة الجيش وغلمان العسكر المعروفين بالأسدية والذين كانوا قد رأوا الجفاء من العزيز، ثاروا عليه هذه المرة وانضموا إلى الأفضل. وأما الأفضل الذي كان قد طلب العون من عمه العادل أيضاً، فقد لاحق العزيز برفقة عمه لفتح مصر، وكان الاتفاق أن يبقى فيها بعد فتحها ويسلم دمشق إلى عمه العادل (ظ: ابن واصل، 3 / 51، الذي شرح هذا الاتفاق بشكل آخر)، لكن العادل وخلال الطريق توجس خيفة من الأفضل وفكر في أن الأفضل إذا استولى على مصر بمساعدته، فربما يمتنع عن تسليمه دمشق؛ لذا، فقد أجرى سراً اتصالات مع العزيز في مصر من جهة ودعاه إلى نصرته، ومن جهة أخرى، منع الأفضل من الحرب بذريعة أن مصر تحت تصرفه عملياً ولاحاجة إلى الحرب وإراقة الدماء. وأخيراً وبوساطة القاضي الفاضل الذي كان يتمتع باحترام كبير لدى صلاح الدين وأفراد أسرته، تم الصلح بين الأخوين وعاد الأفضل إلى دمشق، بينما أصبحت مناطق من فلسطين كان قد خسرها في السنـة الماضية وكذلك مناطق طبرية والأردن خاضعة لحكمه (ابن الأثير، 12 / 119-120؛ ابن واصل، 3 / 46- 48، 50-54؛ ابن الفرات، 4(2) / 118؛ أبو الفداء، 5 / 119). وقيل إن عدم جدارة ضياء الدين ابن الأثير، وزير الأفضل الذي كانت مقاليد الأمور بيده، أدى إلى سخط الناس واضطراب الأوضاع الداخلية في رقعة حكم الأفضل، \ وهذا ما أعطى ذريعة للعزيز والعادل للهجوم على دمشق والاستيلاء عليها. وقد أدت خيانة بعض أمراء الأفضل وتوافقهم وتعاضدهم مع العادل إلى أن يهيمن هذان الاثنان على دمشق ويضطر الأفضل إلى الاكتفاء بحكومة صرخد. ويبدو أنه في ذلك الوقت بادر إلى الشكوى من أخيه وعمه في رسالة بعثها إلى الناصر العباسي. وفي خضم هذه الحوادث، غادر ضياء الدين ابن الأثير أيضاً المدينة سراً في صندوق خوفاً على حياته. وقد أورد البعض أنه خلال سقوط دمشق، طلب العزيز من الأفضل سراً أن يرفض تسليم المدينة، إلا أن يوافق العادل على استبدال الخطبة والسكة باسم العزيز. وكان العزيز يهدف من وراء ذلك إلى كفّ يد العادل عن حكم دمشق، لكن الأفضل الذي لم يكن يدرك الأمور جيداً أطلع العادل على نية العزيز وغيّر مجرى الأمور وجعل العزيز في وضع طارئ، بحيث ترك دمشق بأيدي العادل. وقد حكم الأفضل دمشق لما مجموعه 3 سنوات وشهر (ابن الأثير، 12 / 121-123؛ ابن واصل، 3 / 55-69؛ ابن الفرات، 4(2) / 144؛ أبو الفداء، 5 / 120-121؛ المقريزي، 1(1) / 134-136). وعلى الرغم من أن بعض المصادر عدّت السياسات الخاطئة لضياء الدين ابن الأثير السبب الرئيس في إخفاقات الأفضل (ظ: ابن واصل، 3 / 10-14، 38-39)، فإن عز الديـن ابن الأثير رأى أن ثقة الأفضل العمياء بعمه، العادل الـذي لم يكن يريد له خيراً هي أهم سبب لإخفاقه (12 / 121-122؛ ظ: ابن واصل، 3 / 41-42، الذي رأى هذه الثقة واستشارة العادل هي بإشارة من ضياء الدين فيما يبدو). وعلى أية حال، فإنه فضلاً عن هذه العوامل لايمكن تجاهل دور الأمراء وقادة الجيش أيضاً. فهذا الفريق الذي كان قد اكتسب بسبب تواجده في الحروب الصليبية قوة ومكانة، كان له دور فاعل في انتقال السلطة والإخلال بالتوازن السياسي.وبموت الملك العزيز في 595ه ، ظهر الصراع بين الأمراء على خلافته في مصر. فقد دعا فريق الأسدية والأكراد وزعيمهم سيف الدين يازكش (ظ: ابن الفرات، 4(2) / 113: أيازكوش، أيضاً 4(2) / 149: ياركوج)، الأفضل الذي كانوا يرغبون فيه من قبل، إلى مصر برسائل وكتب، أما فريق الصلاحية، فقد كانوا يرغبون في محمد نجل العزيز الذي لم يكن سوى طفل صغير. وأخيراً وبوساطة القاضي الفاضل، أُسند حكم مصر رسمياً إلى نجل العزيز، وذهب الأفضل إلى مصر بمنصب نائب له واستقر هناك. وعلى الرغم من أنه كان ناجحاً في إدارة الأمور، لكنه لم يتمكن من استمالة قلوب الصلاحية، فانضم هؤلاء الذين كانوا قد أضمروا له الحقد، إلى العادل (ابن واصل، 3 / 87-90؛ ابن الفرات، 4(2) / 147-157؛ ابن الأثير، 12 / 140-142؛ أبو الفداء، 5 / 124). وعقب استقرار الأفضل في مصر، حرضه أخوه الظاهر، حاكم حلب وابن عمه، أسد الدين شيركوه، حاكم حمص على احتلال دمشق. وقد أدت وعودهما بمساعدته وغيبة العادل عن دمشق بالأفضل إلى مغادرة مصر بقصد الاستيلاء على دمشق، لكن العادل الذي كان منهمكاً بحصار ماردين عاد على وجه السرعة ووصل دمشق قبل الأفضل. وعلى الرغم من أن جيشي الظاهر وأسد الدين شيركوه هرعا لنصرة الأفضل، لكن العادل وبمساعدة ابنه الكامل وفريق الصلاحية دحروهم (ابن الأثير، 12 / 143-145؛ ابن واصل، 3 / 93- 108؛ ابن الفرات، 4(2) / 158-163، 169-172؛ سبط ابن الجوزي، 8(2) / 463؛ أبوالفداء، 5 / 124-125؛ المقريزي، 1(1) / 148-149). عاد الأفضل إلى مصر، لكن العادل لاحقه بجيشه، ففشل الأفضل في جمع الجيش والدفاع عن مصر، حيث أسند حكمها إلى عمه العادل، وأخذ بدلاً منها بلاد ميافارقين وحاني وجبل جور وعاد إلى صرخد (ابن واصل، 3 / 108، 109، 116؛ ابن الفرات، 4(2) / 172-175؛ ابن الأثير، 12 / 155-156؛ المقريزي، 1(1) / 150-151). أما العادل، فقد جعل الخطبة باسمه في مصر وطرد محمد ابن العزيز من الحكم. وقد أدى هذا الأمر الذي كان قد حدث إثر مساعي فريق الأسدية على ما يبدو، إلى اضطراب الأمراء وكبار الشخصيات الأيوبية وخاصة الصلاحية منهم، فاتجهوا جميعاً نحو الأفضل وحرضوه على احتلال مصر؛ لكن العادل الذي علم بنواياهم، سبقهم، فأرسل مجموعة من دمشق ومناطق أخرى لمحاصرة صرخد. وقد جعل ظهور الخلاف بين جنوده والتحالف المجدد بين الظاهر والأفضل في حلب، دمشق مرة أخرى تحت حصار أبناء صلاح الدين. وفي هذه المرة أيضاً، أدى انفصال الصلاحية عن العادل في ميدان القتال إلى اختلال التوازن وعزز التحالف ضد العادل، بحيث شارفت دمشق على السقوط. وكان أبناء صلاح الدين قد اتفقوا على أنهم وبعد الاستيلاء على دمشق، يسلمونها إلى الأفضل ويذهبون معاً إلى مصر وبعد الاستيلاء عليها، تسند دمشق إلى الظاهر لتكون الشام بأسرها تحت حكمه ويبقى الأفضل في مصر. لكن الظاهر الذي كان يتمتع بالحزم والحذر ويرى سقوط دمشق أمراً وشيكاً، أرسل رسالة إلى الأفضل يبلغه فيها أنه سيبقى في دمشق بعد الاستيلاء عليها ويرسل الجيش معه إلى مصر. فرفض الأفضل، وقد أدى هذا الخلاف إلى الهزيمة وظلت دمشق كما كانت حلماً مستحيل التحقيق على الأفضل. وفي معاهدة الصلح التي أبرمت، أسندت سميساط وعدة مناطق أخرى إلى الأفضل. فذهب إلى سميساط وظل فيها إلى نهاية عمره، وسوى سميساط، فقد استعاد العادل وكذلك الظاهر بقية رقعة حكمه منه في 599ه. وبدوره وبإزاء ذلك، فقد أرسل مبعوثاً إلى ركن الدين سليمان بن قليچ أرسلان، الحاكم السلجوقي لملطية وقونية وأعلن عن إطاعته له وجعل الخطبة والسكة باسمه (ابن واصل، 3 / 117-120، 123-129، 150-152؛ ابن الفرات، 4(2) / 193- 198، 201-206، 258-259؛ ابن الأثير، 12 / 160-163، 182-183؛ المقريزي، 1(1) / 151-152، 154-162).
ابن الأثير، الكامل؛ ابن خلكان، وفيات؛ ابن سعيد المغربي، علي، النجوم الزاهرة، تق : حسين نصار، القاهرة، 1970م؛ ابن الفرات، محمد، تاريخ، تق : حسن محمـد الشمـاع، البصـرة، 1389ه / 1969م؛ ابـن واصـل، محمـد، مفرج الكـروب، تق : جمال الدين الشيال، القاهرة، 1960م؛ أبو شامة، عبد الرحمان، الذيل على الروضتين (تراجم الرجال)، تق : محمد زاهد الكوثري، القاهرة، 1366ه / 1947م؛ أبو الفداء، المختصر في أخبار البشر، بيروت، 1380ه / 1960م؛ الذهبي، محمد، سير أعلام النبلاء، تق : بشار عواد معروف ومحيي هلال السرحان، بيروت، 1404ه / 1984م؛ سبط ابن الجوزي، يوسف، مرآة الزمان، حيدرآباد الدكن، 1371ه / 1952م؛ المقريزي، أحمد، السلوك، تق : محمد مصطفى زيادة، القاهرة، 1376ه / 1956م.
مسعود حبيبي مظاهري / م
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode