أفامیة

أَفامية، مدينة أثرية تقع في غرب سورية والتي كانت قد بنيت بأمر من سلوقس نيكاتور (الظافر)، مؤسس السلالة السلوقية (حك‍ 312-280 ق.م) باسم زوجته الإيرانية أَپَما على الشاطئ الأيمن لنهر أورونتس (نهر العاصي)، بين حمص وأنطاكية بشكل قلعة حصينة (ماير، 47؛ ظ: شپيغل، III / 25؛ قا: سترابون، الكتاب XII، 15: 8). وهذه المدينة التي كانت حتى هيمنة العرب على سورية تسمى أپمئيه، ورد اسمها في آثار الجغرافيين المسلمين بشكل فامية وأفامية (المسعودي، مروج ... ،1 / 291، التنبيه ... ، 48؛ البلعمي، 2 / 1040؛ ابن حوقل، 1 / 166؛ ياقوت، 1 / 171، 323؛ قا: سترابون، ن.ص).
وكانت أفامية في معبر الفرات الرئيس، قرب زوغما مع كونها تمتلك القاعدة العسكرية الكبيرة التي تستخدمها للتدريب على القتال والقيادة العسكرية، مركز القدرة السلوقية. وكان سلوقس يحتفظ في هذه المدينة بـ 500 فيل و 30 ألف فرس و 300 حصان (م.ن، الكتاب XVI، 10: 2؛ ماير، 30). واستناداً إلى نقش موثوق به، فإن أفامية كان يسكنها أيام ازدهارها 117 ألف نسمة (پاولي، I(2) / 2663-2664)،ويحتمل أن يكون هذا العدد يضم القرى المجاورة أيضاً (عن موقعها الجغرافي، تحصيناتها ومنتوجاتها، ظ: سترابون، ن.ص؛ أميانوس، الكتاب XXIV ، 12: 3). 
واستناداً إلى سترابون (الكتاب XII،(8:18، فإن أفامية تهدمت إثر الزلازل المتتالية وأن مهرداد (يبدو أنه مهرداد السادس الپونتي، 121-63 ق.م) عندما هاجم أفامية ووجدها مهدمة، أنفق 100 تالان لإعادة إعمارها. كما أن تاسيتوس (الكتاب XII، الفقرة 58) أشار إلى وقوع زلزلة شديدة وأضاف أن سكان أفامية أُعفوا من دفع الخراج لمدة 5 سنوات بطلب من نيرون إمبراطور روما. 
وخلال حروبهم ضد الروم، هاجم الساسانيون أفامية عدة مرات واحتلوها. ففي المرة الأولى غادرها كسرى أنوشروان (531-579م) في 540م بعد احتلالها وحصوله على غنائم كثيرة (پروكوپيوس، الكتاب II، الفصل 11) ومرة أخرى وفي حربه مع الروم في 573م هدّم أنوشروان أفامية وأحرقها (شپيغل، III / 456-457). ويبدو أن إشارة اليعقوبي (1 / 164-165) والطبري (2 / 149) إلى خراب أفامية بأمر من أنوشروان تتعلق بهذا الهجوم. أما الهجوم الكبير الآخر على أفامية، فقد حدث على عهد كسرى أبرويز (590- 628م). وفي هذا الهجوم التهمت النيران أفامية، فدمرتها بشكل كامل (پاولي،I(2) / 2664). 
وعلى الرغم من هذا الدمار وعقب هيمنة العرب على سورية، فقد كان اسم أفامية قد أصبح معروفاً ولقرون في ثغور العالم الإسلامي والروم. وفي 500ه‍ / 1107م ومع تدهور سلطة السلاجقة، قام إسماعيلية ألموت الذين كانوا يرون في أفامية قاعدة مناسبة لهم، باحتلال قلعة المدينة بمساعدة الناس الذين كانوا يناصرونهم (ابن‌ القلانسي، 149-150؛ ابن الأثير، 10 / 408؛ لويس، 146-147)، وقتلوا خلف بن ملاعب، حاكمها الشيعي الذي كان يحكمها من قبل الفاطميين بمصر منذ 489ه‍. ، وبعد فترة وبتحريض من مصبح بن ملاعب شن ملك صقلية والأمير الصليبي لأنطاكية، تانكرد هجوماً على أفامية واحتلها وأسند حكمها لأحد الإفرنج. ومنذ ذلك الحين خاضت أفامية عدة مرات حروباً صليبية، وأخيراً دُمرت تماماً بزلزلة شديدة في 547ه‍ / 1152م وفقدت أهميتها. وإن ما بقي منها اليوم هو قرية صغيرة إلى جانب أطلال المدينة التاريخية التي تدعى قلعة المضيق (پاولي، ن.ص). 

المصادر

ابن الأثير، الكامل؛ ابن حوقل، محمد، صورة الأرض، ليدن، 1938م؛ ابن القلانـسي، حمـزة، ذيل تاريخ دمشق، بيـروت، 1908م؛ البلعمي، محمـد، تاريـخ، تق‍ : محمد تقي بهار، طهران، 1353ش؛ الطبري، تاريخ؛ لويس، برنارد، فدائيان إسماعيلي، تج‍ : فريدون بدرئي، طهران، 1348ش؛ المسعودي، علي، التنبيه والإشراف، تق‍ : عبد الله إسماعيل الصاوي، بغداد، 1357ه‍ / 1938م؛ م.ن، مروج الذهب، تق‍ : يوسف أسعد داغر، بيروت، 1385ه‍ / 1965م؛ ياقوت، البلدان؛ اليعقوبي، أحمد، تاريخ، 1379ه‍ / 1960م؛ وأيضاً:

Ammianus Marcellinus, Rerum gestarum libri, tr. J. C. Rolfe, London, 1972; Meyer, E., «Blüte und Niedergang», Der Hellenismus in Mittelasien, ed. F. Altheim and J. Rehork, Darmstadt, 1969; Pauly ; Procopius, History of the Wars, tr. H. B. Dewing, London, 1954; Spiegel, F., Erânische Alterthumskunde, Amsterdam, 1971; Strabo, The Geography, tr. H. L. Jones, London, 1969; Tacitus, The Annals, tr. J. Jackson, London,1970.

پرويز رجبي / م