الاعلال
cgietitle
1442/12/9 ۱۳:۵۷:۵۲
https://cgie.org.ir/ar/article/236417
1446/11/6 ۲۲:۴۱:۲۵
نشرت
8
اَلْإعْلال، مجموعة التغييرات التي يمكن أن تطرأ على حروف العلة، أي حرفي العلة الواو و الياء (wو(y، أو المصوتات الثلاثة الطويلة ī,ū,ā (التي تكتب بأشكال ا، آ، ىٰ، و، ي)، أو المصوتات الثلاثة القصيرة ـَـ ، ـِـ ، ـُـ (u,i,a).ولإيضاح كيفية حدوث هذه التغييرات ينبغي دراسة تعيين خصائص حروف العلة. و قد قام بهذه المهمة عدد من الباحثين (بروكلمان في «الصرف والنحو العربيان»، وكانتينو في «دراسة علم اللغة العربية»، وفليش في «رسالة فقه اللغة العربية»)، واتضح الموضوع إلى حد لائق؛ إلا أن المعضلة في رواية هذه الظاهرة ينبع من أن علماء الصرف والنحو سلكوا لدى تعريفهم وتسميتهم ووصفهم لهذه الفونيمات طرقاً عجيبة وأحياناً غير منطقية وغير واقعية، وأخيراً استنبطوا منها قواعد عديدة لانهاية لها تتمتع بتركيبة منطقية أيضاً. وقلّما تستند هذه القواعد إلى حقائق علم اللغة وعلم الأصوات، لذا، فإنها إنما يمكن فهمها عندما نكون قد تقبّلنا مسبقاً النظريات الأساسية للنحاة. وبعبارة أخرى، إن النحاة قد تركوا معلومات قيمة جداً في إيضاح الظواهر الإعلالية، لكنهم لم يصلوا في النهاية إلى نظرية شاملة تضم موضوع الإعلال. وتشكل ثلاثة أصول هي الحذف والقلب والتسكين أساس الإعلال. وهذه التغييرات بدورها تحدث في مجالين: أحدهما تاريخي والآخر شائع مطرد. والمراد بالمجال التاريخي هو الأحوال التي كانت موجودة في اللغة العربية منذ القدم وكانت وليدة تحول وتطور ليس اللغة العربية فحسب، بل اللغات السامية الأكثر قدماً. والأنموذج البارز لهذه الظاهرة هو الأفعال التي يكون الحرف الأول فيها أحد حروف العلة (مثل وَرِثَ)، وعندما تصبح فعلاً مضارعاً لاتدخل ضمن قوالب الأفعال الثلاثية السالمة ويحذف حرف العلة من جميعها تقريباً (يَرِثُ). لكن النحاة ولتسويغ أساليبهم، جعلوا القالب المفروض أصلياً وحقيقياً، وأعلنوا أن إعلالاً بالحذف قد حدث فيه. والحالة الثانية أيضاً ظاهرة تاريخية، فمثلاً ما كان يمكن في الأصل أن يكون بحسب النموذج «حرف علة + مصوت قصير»، تحوّل عملياً ــ بشكل دائم تقريباً ــ إلى المصوت الطويل آ (ā) (* قَوَلَ > قال). ودعا النحاة آخذين بنظر الاعتبار حرف العلة الأصلي و الشكل السائد (بالمصوت الطويل آ)، ظاهرة الإعلال هذه الإعلال بالقلب. والحالة الثالثة بشكل عام هي ظاهرة صوتية لاتنسجم مع اللغة العربية (مصوت طويل + مصوت قصير). لهذا اكتفوا دوماً بالمصوت الطويل مثل * يمشيُ > يمشي. و قد سميت هذه الظاهرة بالتسكين. و أضافوا نوعاً رابعاً إلى هذه الأصول وسمّوه إعلالاً بالنقل، مثل * يَصْوُمُ < يَصُومُ. إلا أن أسلوب الاستنتاج هذا أيضاً لايتطابق أحياناً مع حقيقة تغييرات علم الصوت، على الرغم من أنه لايخلو في بيان الظواهر من المنطق. و إن الاختـلاف بين القدمـاء والمعاصرين ــ وبشكل خـاص المستشرقين ــ في تبيان هذه الحالات اختلاف كبير جداً. وهنا وبغية عرض التضاد بين هذين الأسلوبين وأحياناً نقدهما، نورد رأي كل واحد بشكل موجز مع غض النظر عن الاستثناءات: إن ما وصل النحاة الأكثر تأخراً والمعاصرين عن سيبويه وبشكل خاص عن ابن جني، إذا لم يقسم بحسب نوع الإعلال (القلب، الحذف،...)، فهو يوضع بشكل عام في 16 قاعدة عامة: 1. تُقلب الواو والياء المتحركة (بحركة أصلية) التي ما قبلها مفتوح ألفاً: * دَعَوَ > دعا، و * رَمَيَ > رَمى. 2. تقلب الواو الساكنة التي ما قبلها مكسور ياء : * مِوْعاد > ميعاد. 3. تقلب الياء الساكنة التي ما قبلها مضموم واواً: * مُيْسِر > مُوْسِر. 4. عندما تقع الواو والياء إلى جانب بعضهما وتكون الأولى ساكنة، تقلب الواو ياء: * مَقْضَوْي ، مَقْضيّ و * سَيْوِد > سَيّد، وأيضاً في الإضافة: * مُعَلِّمُويَ > مُعَلِّمِيَّ. 5. في نهاية الكلمة، تفقد الواو و الياء اللتان ما قبلهما متحرك حركتهما: * تدعُوُ > تدعُوْ، و * قاضِيُ > قاضِيْ.6. متى ما أصبح حرفُ علة متحرك عين الفعل و كان الحرف الذي قبله ساكناً، نُقلت حركته لذلك الساكن: * يَقْوُلُ > يَقُوْلُ، * يَبْيِعُ > يَبيْعُ. وإذا كان حرف العلة لايتجانس مع تلك الحركة، فيُقلب اضطراراً إلى حرف يتجانس معه: * أقْوَمَ > أقَاْمَ (الألف تتجانس مع الفتحة). و قد جعلت هذه القاعدة، النحاة يواجهون مصاعب جمة، ذلك أن عدداً من الأفعال التي بقيت منذ العصر القديم (نامَ يَنامُ ونامَ يَنُومُ)، وكذلك بعض النماذج الحرفية لاتطاوع هذا القانون، ولهذا اضطر النحاة إلى أن يضيفوا إلى هذه القاعدة حشداً من الاستثناءات ويعدّوا أفعل التفضيل وأفعل التعجب وأفعل الصفة المشبهة (أَقْوَمُ، لا * أقامُ؛ أبْيَنُ، لا * أبينُ؛ أبْيَضُ، لا * أباض)، وكذلك أسماء الآلة في 3 أوزان مِفْعَل (مِقوَد)، مِفْعال (مِقوال)، مِفعلة (مروحة)، مستثناة من ذلك، و أن يقولوا بنقل الحركة في أشكال مثل مَقُول بدلاً من * مَقْوُول. 7. إذا جاءت ضمة للضرورة قبل الألف، قُلبت تلك الألف واواً: شاهَدَ > شوهِدَ.8. إذا وقع حرفُ العلة قبل ساكن، حُذِفَ: * قُوْمْ > قُمْ و * بِيْعْ > بِعْ. 9. إذا بدأ الفعل بواو وكان مضارعه على وزن يَفْعِلُ، حُذفت الواو في المضارع: وَعَدَ > * يَوْعِدُ < يَعِدُ. لكن كان للبعض بشأن بعض الكلمات مثل عِدة رأي عجيب، طبقوه على كلمات مثل «اسم» و «ابن» (ن.ع.ع)، ذلك أنهم قالوا إن الواو أنما حذفت من أول الكلمة لأن «ة» وضعت آخر الكلمة بدلاً منها. 10. تقلـب الواو التي مـا قبلها مكسور فـي آخر الكلمـة ياء: * قَوِوَ > قَوِيَ. 11. تقلب الألف بعد الياء التي تأتي للتصغير ياء مكسورة، ثم تدغم في ياء التصغير: كتاب > * كُتَيْيِب > كُتَيِّب. 12. تقلب الألف في بداية الكلمات التي تصبح مصغرة، أو جمعاً للجمع، واواً: آدم ← أُوادِم، أُوَيْدِم.13. إذا استلزم الأمر أن تأتي قبل الألف كسرة، قلبت تلك الألف ياء، مثل مصابيح التي هي جمع مصباح. 14. في الكلمات المكونة من أربعة حروف، أو أكثر، تقلب الألف التي في آخر الكلمة ياء لدى اتصالها بلواحق مختلفة (علامة التثنية، علامة الجمع،...)، مثل يرضى يرضيان ومستشفى مستشفيان. فهذه الألف حتى في الأفعال الثلاثية تتغير لدى اتصالها بلاحقة وتعود إلى حرف العلة الأصلي، مثل (غَزَوَ) غزا غزوا، و(رَمَي) رمى رميا.15-16. كما أن الهمزة دخلت في هذه القائمة، ذلك أنه متى ما وقعت همزتان، أولاهما متحركة والأخرى ساكنة إلى جانب بعضهما، أُبدلت الثانية حرف مدّ يتجانس مع الحركة الأولى، مثل * أَأْمَنَ آمن، و * أُأْمِنَ أُوْمِنَ، و * إئْمان إيمان. كما قيل إن الهمزة الساكنة يمكن لفظها أحياناً مخففة (بتأثير لهجة الحجاز)، مثل رأس راس وبئر بير؛ ولما كانت الهمزة قد أُبدلت هنا بصوت طويل، أي حرف ساكن، فلا مناص من تعليل ذلك، لذا قيل: تستبدل الهمزة بحرف يتجانس مع الحركة التي سبقتها (سيبويه، 4 / 358-369؛ ابن جني، الخصائص، 1 / 89-90، المنصف، 1 / 280-324، مخ ؛ الزمخشري، 177 وما بعدها؛ أيضاً ظ: لطفي، 179-185؛ يعقوب، 1 / 177-180؛ قبش، 299-303). و قد حاول رايت ــ في توضيحه مسائل الإعلال ــ المحافظة على التبويب الذي بوّبه النحاة. و هو في بيانه أسباب الإعلال أيضاً لم يبتعد كثيراً عن أسلوب النحاة (I / 88-98).غير أن صعوبة العمل تنبع من كيفية استنتاج النحاة وتسميتهم: في الخطوط السامية وبشكل خاص الخط النبطي الذي أنتج الخط العربي خلال القرون 4-6م، كانت المصوتات تكتب غالباً بشكل حرفي العلة و، ي، وتكتب الألف دائماً في نهاية الكلمات تقريباً. وشيئاً فشيئاً عمَّ استعمال حرفي علة بدلاً من مصوت طويل، وظلت الألف كما هي قليلة الاستعمال. وهذه الحالات مشهودة تماماً في النسخ الأولى من القرآن. لكن النحاة نظروا إلى أشكال و ، ي، ا، بوصفها قيماً صوتية واحدة، أي أنهم لم يقولوا بفرق بين حرفي العلة wوy والمصوتين الطويلين ī,ū وبين تركيب «مصوت قصير + حرف علة»؛ ولما كانوا يستشعرون الفرق بين تينك الحالتين، اضطروا إلى أن يعدّوا المصوتات الطويلة الثلاثة ā ، ū ، ī ، حروفاً ساكنة، غير أنهم رأوا أن وجود مصوت قصير من هذه الزمرة قبل هذه السواكن ضروري؛ وبالنتيجة شكلوا مثلاً الأشكال ما (mā)، مو (mū)، مي (mī) التي ليست في حقيقتها بحاجة إلى أي شكل وحركة على النحو التالي: مَاْ ، مُوْ، مِيْ. وبإزاء ذلك، عَدّوا الفونيمتين و ، ي (w وy) التي يمكن أن ندعوها صامتة كاملة، حرفاً كاملاً لايمكن بحثه من غير حركة وسكون لامحالة (يبدو أن الحرف والحركة في فهم النحاة ليس لهما استقلال ويجب أن يدمجا ببعضهما لينتجا وحدة صوتية معقولة). وهكذا، ففي مثال «و يبيعون»(wa yabīªūna) لايوجد اختلاف بين اسم الحرفين و، ي (wوy) وبين المصوتين الطويلين ū و آ، إلا في وصفهما، أي أن الحروف الأربعة حروف في مجموعتين ثنائيتين، لكن في المجموعة الأولى يكون حرفا (wوy) متحركين، و في المجموعة الثانية يكون حرفا (ūو (īساكنين. ثم إذا صادفا مصوتات مركبة (في العربية القديمة يوجد فحسب المصوتان المركبان awوay)، دُعيت حروف العلة فيهما الحروف الساكنة التي ما قبلها مفتوح. وليس معلوماً السبب في الإصرار بهذا الشكل على اعتبار المصوتات الطويلة حروفاً ساكنة. ألم يكن ذلك لأنهم (النحاة) أرادوا تطبيق قاعدة التقاء الساكنين في كل موضع؟ فهذه القاعدة التي هي أهم قواعد الإعلال، تسمح بتغيير مثل «يقول (yaqūlu) ← لم يَقُلْ (yaqul...)» أن يقال: لما أصبحت اللام ساكنة في الشكل الثاني وكانت الواو التي قبلها ساكنة، فلا مناص من ظهور وضع لايقبله العرب، لذا، فقد حذفوا الحرف الساكن ومنحوا نيابة عن ذلك الحرفَ الذي يسبقه ضمة (القاف المضمومة + الحرف الساكن). أدى استنتاج النحاة المزدوج للمصوتات الطويلة والقصيرة إلى ظهور تعقيدات لاحصرلها في التعاليل الصرفية. فهم إذا قالوا باستقلال نسبي لحروف العلة، جرّدوا الحركات (المصوتات القصيرة) من أي شكل من أشكال الاستقلال وعدّوها تابعة للمحل، أي حروفاً أصليـة. ذلك أن الحركـة ــ بحسـب رأي ابن جنـي ــ لاتتحقق من غير الحرف (سر...، 1 / 32؛ أيضاً ظ: عبد التواب، 450).لكن منذ القرن 4ه / 10م و ما بعده، كان قد أصبح معلوماً أن المصوتات الطويلة والقصيرة لاتختلف عن بعضها، إلا في الامتداد، ذلك أن ابن جني يقول إن الحركة ليست سوى أبعاض حروف العلة (ن.م، 1 / 17). ويعلن ابن سينا أن المصوت الطويل هو ضعف المصوت القصير (ص 22؛ قا: كانتينو، 94). لكن لما لم يحظَ هذا الأمر باهتمام علماء الصرف، فقد تحول تسويغ «الإعلال بالحذف» اضطراراً إلى تسويغات معقدة أحياناً في كثير من المواضع، حيث إن السبب الرئيس فيها أيضاً كان الخط العربي. فمثلاً نستطيع القول في تسويغ يرمي ← لم يرمِ (yarmi... > yarmī)، لما كان ينبغي بحسب القاعدة حذف مصوت قصير من الفعل المجزوم، فلابد أن ننصف المصوت الطويل ī (الذي يعادل مصوتين قصيرين)، فنحذف نصفاً منه، وهكذا تتحول mī إلى mi؛ لكن لما كان تكتب ي في الخط العربي، وليس للحركة داخل الخط رمز، و عُدّت في الأصل متعلقة بالحرف، اضطر النحاة للقول: يحذف ذلك المصوت الطويل، ثم تنتقل حركة حرف العلة إلى ما قبلها. صحيح أن النتيجة العملية لكلا البيانين ستكون واحدة، لكن في البيان النحوي تغدو حقائق اللغة مهجورة. و الآن ــ وعلى أساس القيمة الواقعية لكل واحد من الحروف و ، ي ، ا ــ يمكن اختصار الإعلال كله في الجدول التالي، وبطبيعة الحال، فإنه ينبغي الانتباه إلى أن هذه التغييرات إما أن تكون ظواهر تاريخية (مثل * قول > قال)، أو وليدة إجبارية جاءت نتيجة تراكيب صوتية وظهور أوضاع غير قابلة للتلفظ، أو ثقيلة جداً: 1. * قَوَلَ > قال ؛ * دَعَوَ > دعا؛ * بَيَعَ > باعa+w / y <ā 2. * مِوْعاد > ميعاد i+w<ī 3. * يُيْسِرُ > يُوسِرُ u+y<ū 4. * مَقْضُويْ > مَقْضِيّ؛ مُعلِّمُويَ > مُعَلِّميَّ ū+y<īy 5. * سَيْوِد > سَيّد ī+w<īy 6. *قاضِيُ >قاضِيِ > القاضِي y+u / i<ī 7. * تدعُوُ > تدعُو w+u<ū 8. * يَقْوُلُ > يَقُولُ w+u<ū 9. *يَبْيِعُ > يَبيعُ y+i<ī 10. * أَقْوَمَ > أقامَ w+a<ā 11. * مَخْوِف > مَخيف w+i<ī 12. *شاهَدَ >شُوهِدَ u+ā<ū 13. * همزة + همزة = ā (ظ: فليش، I / 122-123).وبغية أن لاندع هذه التغييرات من غير ذكر السبب، ولأجل أن نتمكن أيضاً من وضعها في إطار تعليمي معقول، فمن الأفضل أن نعتمد على مبدأين وننبري بموجبهما لتحليل التغييرات الصوتية وتسويغها. وأحد هذين المبدأين العثور على الهجاءات المتداولة في اللغة العربية الكلاسيكية، والآخر مبدأ ثقل بعض الأصوات في مواضع معينة. وبمعونة هذين المبدأين و إن لم يمكن إيضاح باب الإعلال بأسره، فعلى الأقل يمكن تيسير أسلوب تعليمه: ألف ـ العثور على الهجاءات: 1. تبدأ الهجاءات العربية على الدوام بصامت (واحد فقط). و لهذا، فإن كل مجموعة تقسم الصامتين داخل الكلمات إلى قسمين، فتمنح كل صامت لأحد الهجاءين الجانبيين؛ لذا تقسم مجموعة ŧr هجائياً في «قطرةُ» على النحو التالي: قَطْ / رَ / تُ (qaŧ / ra / tu)؛ 2. تختم الهجاءات العربية الكلاسيكية دوماً بمصوت (طويل، أو قصير)، أو صامت (واحد فقط) (كانتينو، 118). إذن يوجد في اللغة العربية 3 هجاءات: قصير مفتوح (ba ، bi ، bu)، طويل مفتوح (bā ، bī ، bū)، طويل مغلق (bab ، bib ، bub).وإذا تجاوزنا هذه الأنواع الثلاثة من الهجاءات، فلايمكننا العثور على أي نوع آخر تقريباً من الهجاء في اللغة العربية؛ إلا أنه تجتمع أحياناً في الأفعال وردود الأفعال الصرفية، أو تراكيب الكلمات، شروط تظهر فيها في العربية هجاءات شاذة (أساس قضية الإعلال). واللغة العربية تتجنب هذه الهجاءات غير المستساغة بأساليب سنبينها فيما يلي (عن الهجاء في اللغة العربية الكلاسيكية واللهجات العامية، ظ: م.ن، 194 و ما بعدها). وأهم الهجاءات التي تظهر بهذه الطريقة هي: 1. الهجاء الذي يُختـم بصامتيـن مغلقيـن dast (فـي نهايـة الكلمة، أو داخلهـا)؛ 2. الهجـاء الطويل المغلق الذي يقـع المصوت الطويـل فـي وسطـه (= الهجاء الممتد): بَاغْ bāġ ، قالْ qāl (سُمي هذان الاثنان التقاء ساكنين).وطريق الخلاص من هذه الهجاءات غير المستساغة، أو مآزق علم الأصوات، هو طريق سهل وقاعدة عامة: في الشكل الأول (اجتماع صامتين)، لامناص من تفكيك الصامتين. فإذا كان هذان الاثنان واقعين في نهاية الكلمة، بقي أحدهما في هجاء الكلمة والتحق الثاني بهجاء الإعراب. إذن فـ « دَسْتْ» تُتهجي على النحو التالي: das / tan. و في داخل الكلمة، حيث لايمكن القيام بعمل كهذا، يضاف إلى الكلمة هجاء جديد بمساعدة مصوت قصير، ولذلك تصبح كلمة دستبان dast / bān (= قفّاز، و هى كلمة معرَّبة في العصر العباسي) بالشكل التالي: das / ta / bā / nun. و في الحالة الثانية (الهجاء الممتد)، إما أن تستخدم الطريقة السابقة، أي أن يُستبدل لفظ باغ bāġ (الذي هو هجاء ممتد)، وبمعونة الإعراب إلى هجاءين bā / ġun أو أن يقصر امتداد المصوت الطويل. ويشكل هذا الأمر القسم الأكبر من باب الإعلال، ذلك أن جميع الأفعال المعتلة وخاصة تلك التي يكون عين الفعل فيها مصوت طويل تضم اضطراراً في عدة مواضع هجاء ممتداً ولغرض تجنب ذلك الهجاء، لايبقى طريق، سوى تقصير المصوت الطويل. وكذلك لما كان المصوتان القصير والطويل لايختلفان عن بعضهما سوى بالامتداد، يبدو الانتقال من أحدهما إلى الآخر عملية طبيعية تمامـاً، مثلاً يقوْلُ *> لم يَقُوْلْ > لم يَقُـلْ (qul... < qūl...)؛ يبيـعُ * > لم يبيْعْ > لم يَبِعْ (biª...< bīª...)؛ يخافُ > * لم يَخاْفْ > لم يخَفْ (xaf... < xāf ...). وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأشكال الصرفية مثل * يَقُوْلْنَ > يَقُلْنَ. و في الأفعال الماضية نصادف ظاهرة طريفة، لكنها مألوفة وسائدة و هي تبديل المصوت: فاستناداً إلى القاعدة المذكورة، فإن فعلاً مثل قالَ وبمجرد حصوله على هجاء ممتد (* قالْتُ)، يجب إبدال المصوت الطويل فيه بآخر قصير، إذن قاْلتُ > * قَلْتُ. لكن الأمر ليس كذلك، لأن الإحساس اللغوي والصوتي غلبَ على الدوام على هذا التحول الظاهري وأدى إلى أن يضع الذوق العربي بدل المصوت القصير a الذي كان وليد ā (الذي هو بدوره وليد تحوّل كهذا)، مصوتاً قصيراً يكون انعكاساً للصوت الأصلي للجذر؛ وهكذا تحولت * قَلْتُ إلى قُلْتُ (qultu)، و * كَنْتُ إلى كُنْتُ (kuntu) (من جذري ق و ل و ك و ن)، أو باع > * باعْتُ > * بعتُ > بِعْتُ (من الجذر ب ي ع). كما أن تركيب مصوتين طويلين ليس ممكناً في العربية (قاعدة التقاء الساكنين). و في أحوال كهذه، فإن التغيير السائد هو أن يظهر من المصوتين مصوت مركب واحد؛ لكن لما لميكن في العربية القديمة وجود لمصوت مركب، سوى awوay، فلا مناص من أن يكون المصوت الطويل الأول ā قطعاً. رمى (ramā) + و ا (ū) (علامة الجمع المذكر) > * رماوا > رَمَوْا (ramaw)؛ تَخشى (taxšā) + ينَ (īna) > * تخشايْنَ > تَخْشَين (taxšayna).و الآن إذا خُتم الفعل بأحد المصوتين ī، أو ū واتصل بإحدى العلامات الصائتة (مثل يَرمي (yarmī) + ونَ (ūna) > * يَرمِيْوْنَ (yarmīūna)؛ (يدعو yadªū) + ونَ (ūna) > * يدعوْوْنَ (yadªūūna)، فلا يبقى سبيل سوى حذف أحد المصوتين الطويلين، وهنا تجب المحافظة على الفونيمة المكونة للمعنى ونحذف التي لاتلحق ضرراً بالمعنى: يَرمُون (yar / mū / na) (حذف ي من جذر الفعل)؛ وهذه الحالة نفسها تظهر في تركيب الأسماء أيضاً: ذو الــحـمـار (ԯū-l-ħimār * > ԯu-l-ħimār)، أو فـي + الـ (fī-l * > fi-l-). ب ـ الثقل الصوتي: كان هذا الأمر دائماً من الظواهر التي حظيت باهتمام النحاة، فغدت أساساً لكثير من التغييرات الصوتية. ويمكن تقديم فهرست بالتراكيب الصوتية التي بدت شاذة لدى العرب وتجنبوها (ظ: الجدول السابق). فنظراً للجدول، يلاحظ أن كثيراً من هذه التراكيب ليست شاذة كثيراً، بحيث تؤدي إلى نفور المتكلم العربي منها، ذلك أنه في حالة ما إذا أدت هذه التراكيب إلى ظهور قوالب مكونة للمعنى وخيف اللبس، استُخدمت فيها هذه الأصوات: ما أَقْوَمَ (التعجب)، أبيض، أسود (صفة مشبهة)، مِقْوال، مِقْوَد (اسم آلة). كذلك تظهر في بعض التراكيب، هجاءات ممتدة ــ حتى تلك التي قلنا إنها غير موجـودة في العربية الكلاسيكية ــ لكن بقاءها هو دوماً في حالة خاصة، أو له سبب خاص: 1. يبقى الهجاء الممتد عادة في المثنى الذي أضيف إلى ألف ولام، مثل... tāl ... في «حلقتا البِطاني»، ذلك أنها إذا لفظت بشكل ...ħalqata-l-، ستصبح عينَ مفردِها. لكن حين يُلفظ هذا التركيب، يمكن أن تظهر a واحدة بشكل مخفف جداً بعد المصوت الطويل (... tā’l...). ويمكن الإحساس بهذا المصوت المخفف في «مِن حلقتَي الـ ...». 2. الهجاء الممتد (دائماً بـ ā تقريباً) يبقى قبل الحرف المشدَّد، مثل ...Đāll ... في «ولا الضالين»، ... dābb في دابّة، و fārr ... في إِصفارَّ. 3. الهجاء الممتد يبقى عند وقف بعض الكلمات، مثل الهجاء الأخير لـ «للمتقين» (ظ: كانتينو، 94). من البديهي أن حشداً من التغييرات الجزئية الأخرى في اللغة تظهرخاصة في صرف الأفعال المعتلة وعند اتصالها بعلامات الفعل. فمثلاً في تثنية الفعل المنتهي بـ ū (يدعو) لامناص من أن يقع المصوت الطويل ā في «انِ»: يدعوانِ yadªūāni *. فلابد لهذا التـركيـب من أن يسـتبـدل بـ ... uwā... (yadªūwani). و أيـضـاً īānī...* التي تغير شكلها إلى īyāni... وللقوالب الصرفية تأثير جازم في تعيين أشكال المصوتات، ذلك أنها تضم على الدوام فونيمة مكونة للمعنى. مثلاً في يُسْتَفْعَلُ، تشكل فتحة ع المكِّونة الأصلية للفعل المجهول، ولايمكن إطلاقاً استبدالها بصوت آخر، سوى شكلها الممتد. ولهذا استبـدلت بـ ā فـي يُستَعانُ (*يُستَعْوَنُ > يُستعانُ، أيضاً * يَسْتَعْوِنُ > يَسْتعينُ).و في كتاب آموزش زبان عربي وعلى أساس التسميات السائدة ومراعاة قوانين علم الأصوات عُرض موضوع الإعلال بشكل جديد (آذرنوش،ج1، الفقرات 51، 64، 68، ج2، الفقرتان 124، 154).
آذرنوش، آذرتاش، آموزش زبان عربي، طهران، 1367ش؛ ابن جني، عثمان، الخصائص، تق : محمد علي النجار، القاهرة، 1406ه / 1986م؛ م.ن، سرّ صناعة الإعراب، تق : حسن هنداوي، دمشق، 1413ه / 1993م؛ م.ن، المنصف، تق : إبراهيم مصطفـى وعبد اللـه أمين، القاهـرة، 1373ه / 1954م؛ ابن سينـا، مخارج الحـروف، تق : پرويـز ناتل خانلري، طهران، 1348ش؛ الزمخشري، محمود، المفصل في النحو، تق : ي. پ. بروخ، لايبزك / لندن، 1979م؛ سيبويه، عمرو، الكتاب، تق : عبد السلام محمد هارون، بيروت، 1403ه / 1983م؛ عبد التواب، رمضان، مباحثي در فقه اللغة وزبان شناسي عربي، تج : حميد رضا شيخي، طهران، 1367ش؛ قبش، أحمد، الكامل في النحو والصرف والإعراب، دمشق، 1982م؛ لطفي، منيف ومصطفى غلاييني، الدروس العربية، طهران، 1362ش؛ يعقوب، إميل بديع وميشال عاصي، المعجم المفصل في اللغة و الأدب، بيروت، 1987م؛ وأيضاً:
Cantineau, J., Etudes de linguistique arabe, Paris, 1960; Fleisch, H., Traité de philologie arabe, Beirut, 1990; Wright, W., A Grammar of the Arabic Language, Cambridge, 1991.
آذرتاش آذرنوش / ه
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode