الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفلسفة / الاعراض /

فهرس الموضوعات

الاعراض


المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/10/18 ۱۰:۳۱:۴۵ تاریخ تألیف المقالة

اَلْإعْراض، مصطلح فقهي وقانوني، بمعنى عمل قانوني وحيد الطرف، أو إيقاع بمثابة الإعراض عن الملكية من غير التمليك، أو إباحة الانتفاع من جانب المالك. 
و في نظرة قانونية عامة، واستناداً إلى احترام سلطة المالك على أمواله، فإن تحقق الإعراض يمكن فحسب، عندما يقصد المالك ذلك ويريده؛ وبنظرة أدق، قيل إن ذلك القصد هو بمعنى قصد إسقاط الملكية، لاقصد تصرف الغير (الشيخ الأنصاري، النكاح، 35-36). وفضلاً عن ذلك وبغية إحراز قصد الإعراض، فهناك اختلاف في هل أن العلم بحد اليقين لازم، أم أن الظن بالموضوع كافٍ (ظ: صاحب الجواهر، 24 / 52؛ البحراني، 19 / 311؛ أيضاً الشربيني، 2 / 414). 
وينبغي البحث في الخلفية التاريخية لتناول الإعراض، سواء في قوانين عصر ما قبل الإسلام، أو فيما بعده، بشكل أكبر خلال بحث موضوع الأموال المفقودة (كمثال، ظ: جوستينين، 71). وجدير بالذكر أن الفصل بين الأموال المفقودة (اللقطة) و بين الأموال المتروكة يلاحظ في عدد قليل من المصادر (ظ: ابن حمزة، 277؛ البطاشي، 7 / 143، 157).
وبدراسة المصاديق التاريخية للإعراض، وكمثال قديم على مواضع الخلاف، تجدر الإشارة إلى إلقاء البضائع التي بداخل السفينة إلى البحر عند حدوث عاصفة؛ فهنا كان فقدان قصد الإعراض يؤدي إلى أن تبقى البضائع المذكورة، سواء ما يقذف به الموج إلى الساحل، أو ما يغوص في قعر البحر، مملوكة لأصحابها (ظ: جوستينين، ن.ص). و قد قُبل هذا الرأي في العصر المتقدم للفقه، من قبل علماء من أصحاب الحديث مثل مالك والشافعي (ابن القاسم، 6 / 178؛ ابن قدامة، 6 / 357)، و من بعدهم أيضاً قُبل في أوساط الفقهين الحنبلي والظاهري (ن.ص؛ ابن حزم، 8 / 240)؛ وعلى الرغم من أن بعض الفقهاء الحنابلة وبتشبيههم هذه الحالة بإعراض المالك عن المال، يسقطون الملكية عن أصحاب البضاعة (ظ: ابن قدامة، 6 / 356؛ البهوتي، 4 / 210). 
وإلى جانب هذه المسألة القديمة، كانت ملكية بضائع السفينة الغارقة هي الأخرى موضوع بحث آخر يرتبط بشكل ما بمسألة الإعراض؛ و في القرن الأول الهجري تجدر الإشارة إلى رأي منقول عن الإمام علي (ع) الذي أصبح نهجاً لبعض الفقهاء من التابعين وتلامذتهم أيضاً (ظ: الحر العاملي، 25 / 455؛ ابن أبي شيبة، 7 / 307؛ ابن المنذر، 1 / 295؛ ابن حزم، 8 / 240-241)؛ وبموجب هذا الرأي، فإن البضائع التي كانت أمواج البحر تلقي بها إلى الساحل هي لأصحابها، أما ما يتم العثور عليه بواسطة الغوص مما تركه أصحابه، فكان لمن استخرجه. و في هذه الحالة، أدت معارضة ملكية من عثر على البضاعة لأصل حرمة الأموال، إلى تطبيق ذلك على إعراض المالك (ظ: البحراني، 12 / 345). وعلى هذا الأساس، فإن المادة 178 من قانون مدني الإيراني أيضاً ترى أن البضاعة الغارقة في البحر في حالة إعراض المالك، تكون ملكاً لمن يستخرجها. 
والدابة التي تُركت من قبل المالك في فلاة لاماء فيها و لاكلأ بسبب العجز عن تعليفها، أو أية علة أخرى، هي من الأمثلة التاريخيـة الأخرى بهذا الشأن التـي حكم فيها بالملكية للـذي عثر على الدابة ورعاها، وتلاحظ نماذج لطرح هذه المسألة في السنة النبوية وآثار الصحابة والتابعين (ظ: ابن أبي شيبة، 7 / 75؛ البيهقي، 6 / 198؛ أيضاً الحر العاملي، 25 / 457- 458)؛ لكن الروايات المتحدثة عن ملكية الشخص الراعي، لم يتقبلها بعض الفقهاء مثل مالك والشافعي (ظ: ابن المنذر، 1 / 294؛ ابن قدامة، 6 / 354؛ للاطلاع على بعض التفاصيل الفقهية الدقيقة للإمام الصادق (ع) وآخرين، ظ: الحر العاملي، 25 / 458؛ ابن المنذر، ن.ص). 
ويمكن لملكية الأموال غير المنقولة أن تزول بإعراض المالك بحسب نظر بعض الفقهاء (ظ: السمرقندي، 3 / 321، 322؛ المحقق الكركي، 3 / 405)؛ فضلاً عن أن ملكية بعض مصاديق اللقطة مثل الأشياء قليلة القيمة أيضاً يمكن أن تطرح ضمن بحث الإعراض (ظ: الشربيني، ن.ص). و في القرون المتأخرة، كانت بعض الحالات مثل النثار في مجالس الأفراح (ظ: الشيخ الأنصاري، النكاح، 35؛ البهوتي، 4 / 197)، وقُراضة ذهب الصاغة، و بشكل خاص في فقه الإمامية (ظ: المحقق الكركي، 4 / 188؛ صاحب الجواهر، 24 / 49-50)، كانت قد طُرحت كمصاديق للإعراض (لحالات أخرى، ظ: العلامة الحلي، 2 / 269؛ البهوتي، ن.ص؛ البطاشي، 7 / 158، 161). 
وفي نظرة عامة لمسألة زوال الملكية بالإعراض (ظ: الشربيني، ن.ص؛ الحسيني، 169 و ما بعدها؛ محقق داماد، 2 / 242 و ما بعدها)، من وجهة نظر بعض الفقهاء، فإن الإعراض عن «ملك الملك»، أو «الملك الضعيف» يوجب زواله (ظ: الزركشي، 3 / 239؛ الشهيد الأول، 1 / 350، أيضاً، 2 / 268؛ المحقق الكركي، 3 / 406، 409). واستناداً إلى النظر الغالب في فقه الإمامية وكذلك لدى الحنابلة، فإن تملك المال المعرَض عنه جائز (ظ: صاحب الجواهر، 24 / 52؛ أيضاً ابن قدامة، 6 / 355)، و إن المال المعرَض عنه يُلحق بالمباحات الأصلية (ظ: الشيخ الأنصاري، ن.ص)؛ على الرغم من أن هذا النظر شكّك به بعض فقهاء الإمامية (ظ: الطباطبائي، السيد علي، 5 / 225). وفضلاً عن ذلك، فإن البعض قالوا بإباحة الانتفاع بالمال المعرَض عنه (ظ: المحقق الكركي، 3 / 405، أيضاً 4 / 188؛ في الفقه الحنفي، ظ: السرخسي، 11 / 2). ومهما يكن، ففي القرون الأخيرة اتسع نطاق الفروع الخاصة بالإعراض في فقه الإمامية بشكل ملحوظ (كمثال، ظ: المحقق الكركي، 3 / 408؛ الشيخ الأنصاري، المكاسب، 1 / 290؛ الميرزا القمي، 3 / 451).
وفيما يتعلق بالإعراض عن المنافع، ينبغي القول إن حكم المسألة بحسب نظر بعض العلماء يختلف عن الإعراض عن العين (ظ: الطباطبائـي، محمـد كاظـم، 319). فاستنـاداً إلى هذا الـرأي ــ الذي تتضح حصيلته في بحث الإجارة ــ فإن المستأجر متى ما أعرض عن الانتفاع بالعين المستأجرة قبل انقضاء مدة الإجارة، كان لمالك العين وحده حق التصرف في منافعها. و قد طرحت هذه المسألة في بعض المصادر القانونية تحت عنوان تعارض قاعدة التبعية (منافع العين) مع قاعدة الإعراض (ظ: جعفري لنگرودي، 374).
و في القرن 14ه‍ ، بحث علي بـن الحسين الإيرواني النجفي (تـ 1353ه‍( في رسالة مستقلة بعنوان «جمان السلك في الإعراض عن الملك» (ظ: مدرسي طباطبائي، 171) بشكل وافٍ مسألة زوال الملكية بالإعراض. 

المصادر

ابن أبي شيبة، عبدالله، المصنف، تق‍ : مختار أحمد ندوي، بومباي، 1400ه‍ / 1980م؛ ابن حزم، علي، المحلى، بيروت، دار الآفاق الجديدة؛ ابن حمزة، محمـد، الوسيلة، تق‍ : محمد الحسون، قم، 1408ه‍ ؛ ابـن القاسم، عبدالرحمـان، المدونة الكبرى، القاهرة، 1323ه‍ ؛ ابن قدامة، عبد الرحمان، «الشرح الكبير»، مع المغني، بيروت، 1404ه‍ / 1984م؛ ابن المنذر، محمد، الإشراف، تق‍ : محمد نجيب سراج الدين، 1406ه‍ / 1986م؛ البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة، تق‍ : محمد تقي الإيرواني، قم، جماعة المدرسين؛ البطاشي، محمد، غاية المأمول، عُمان، 1406ه‍ / 1986م؛ البهوتي، منصور، كشاف القناع عن متن الإقناع، تق‍ : هلال مصيلحي مصطفى هلال، بيروت، 1402ه‍ / 1982م؛ البيهقي، أحمد، السنن الكبرى، حيدرآباد الدكن، 1355ه‍ ؛ جعفري لنگرودي، محمد جعفر، حقوق أموال، طهران، 1370ش؛ جوستينين، مدونـة جوستينيان في الفقه الرومانـي، تج‍ : عبدالعزيز فهمي، القاهرة، 1946م؛ الحر العاملي، محمد، وسائل الشيعة، قم 1412ه‍ ؛ الحسيني الشيرازي، محمد، القواعد الفقهية، 1414ه‍ ؛ الزركشي، محمد، المنثور في القواعد، تق‍ : تيسير فائق أحمد محمود، الكويت، 1402ه‍ / 1982م؛ السرخسي، محمد، المبسوط، القاهرة، مطبعة الاستقامة؛ السمرقندي، محمد، تحفة الفقهاء، بيروت، 1405ه‍ / 1984م؛ الشربيني، محمد، مغني المحتاج، القاهرة، 1352ه‍ ؛ الشهيد الأول، محمد، القواعد والفوائـد، تق‍ : عبد الهادي الحكيم، قم، مكتبة المفيد؛ الشيخ الأنصاري، مرتضى، المكاسـب، تق‍ : محمد كلانتر، بيروت، 1410ه‍ / 1990م؛ م.ن، النكاح، قم، 1415ه‍ ؛ صاحب الجواهر، محمد حسن، جواهر الكلام، تق‍ : علي آخوندي، بيروت، 1981م؛ الطباطبائي، السيد علي، رياض المسائل، بيروت، 1412ه‍ / 1992م؛ الطباطبائي اليزدي، محمد كاظم، سؤال وجواب، تق‍ : مصطفى محقق داماد، طهران، 1376ش؛ العلامة الحلي، الحسن، تذكرة الفقهاء، طهران، المكتبة المرتضوية؛ قانون مدني؛ محقق داماد، مصطفى، قواعد فقه، طهران، 1374ش؛ المحقق الكركي، علي، جامع المقاصد، قم، 1408ه‍ ؛ الميرزا القمي، أبوالقاسم، جامع الشتات، تق‍ : مرتضى الرضوي، طهران، 1371ش؛ وأيضاً:

Modarressi Tabātabā’i, H., An Introduction to Shīʿī Law, London, 1984.
علي تولّائي / ه‍

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: