الصفحة الرئیسیة / المقالات / الاعتکاف /

فهرس الموضوعات

الاعتکاف


تاریخ آخر التحدیث : 1442/10/17 ۱۴:۰۰:۴۳ تاریخ تألیف المقالة

اَلِاعْتِكاف، أحد الأعمال العبادية المستحبة في الإسلام، يصبح واجباً بالنذر واليمين والعهد وأمثال ذلك، و لم يقدّر له زمن خاص. 
والاعتكاف من مادة عكف يعني في اللغة الإقبال على الشيء وملازمته على سبيل التعظيم له (الراغب، 355)، استخدم في القرآن الكريم مراراً بهذا المعنى (ظ: البقرة / 2 / 125؛ الأعراف / 7 / 138؛ طه / 20 / 97؛ الشعراء / 26 / 71). و من هذه المادة أيضاً استخدم في القرآن لفظ «العاكف» بمعنى الساكن والمقيم (الحج / 22 / 25)، وكذلك «المعكوف» بمعنى الممنوع (الفتح / 48 / 25).
والاعتكاف في الشرع هو الاحتباس في المسجد واللبث فيه على سبيل القربة (الراغب، ن.ص). والتعريف الجامع له هو اللبث في المسجد ثلاثة أيام على الأقل للعبادة مع مراعاة الشروط اللازمة. و في مصطلحات المتصوفة والسالكين، فهو يعني تسليم النفس إلى المولى وتفريغ القلب عن شغل الدنيا وقيل إن الاعتكاف والعكوف هو الإقامة ومعناه: لا أبرح عن بابك حتى تغفرلي (الجرجاني، 25).
وبرغم أن المسلمين تعلموا طريقة الاعتكاف من سنة النبي (ص) (مالك، 1 / 314)، فقد كان في الأديان التي سبقت الإسلام ومنها في أوساط العرب، طقوس قريبة من الاعتكاف؛ و من بينها يمكن الإشارة إلى رواية بهذا المضمون: قال عمر بن الخطاب للنبي (ص): إنه كان عليه نذر ليلة في الجاهلية يعتكفها، فسأل النبي (ص)، فأمره أن يعتكف (البخاري، 3 / 105، 110؛ ابن ماجة، 1 / 563).
و لاتتوفر معلومات عن أن النبي (ص) قد اعتكف في المسجد الحرام قبل الهجرة، لكن كان يعتكف في المسجد في المدينة المنورة في العشر الأول من شهر رمضان في البدء، و في العشر الأوسط من السنة التالية، وبعدها في العشر الأواخر، وينصب للنبي (ص) خباء من شعر في المسجد (الكليني، 4 / 175). لذا عُدّ شهر رمضان وخاصة الأيام العشر الأواخر منه أفضل وقت للاعتكاف، و عُدّ مستحباً مؤكداً (مثلاً ظ: الشهيد الثاني، 2 / 149؛ الجزيري، 1 / 582)، على الرغم من أنه مستحب في الأوقات الأخرى أيضاً. والذي مازال سائداً بين الشيعة هو الاعتكاف في الأيام 13، 14و 15 من شهر رجب أيضاً. 
و في شروط الاعتكاف ــ وكما هو الحال في بقية العبادات ــ يجري الحديث أولاً عن الإسلام والتكليف والنية. وفضلاً عن ذلك، فإن الصوم لدى بعض المذاهب مثل الإمامية والمالكية واجب على المعتكف (مالك، 1 / 315؛ المحقق، 1 / 215). والرأي المشهور بين الحنفية أيضاً هو أن الاعتكاف لايتحقق من غير الصوم، لكن استناداً إلى قول آخر، لايُعدّ الصوم شرطاً في الاعتكاف المستحب (ظ: السمرقندي، 2 / 372؛ الفتاوى...، 1 / 211). إن الشافعي وكذلك أحمد في الرواية الأشهر عنه، لايعدان الصوم واجباً في الاعتكاف (ظ: الشافعي، 2 / 107؛ ابن هبيرة، 1 / 170؛ أيضاً ظ: المروزي، 75).
ومدة الاعتكاف لدى الإمامية ينبغي أن لاتقل عن 3 أيام، وإذا كان الاعتكاف مندوباً، يستطيع المعتكف الرجوع عنه، إلا في نهاية اليوم الثاني إذ عليه أن يعتكف الثالث (المحقق، 1 / 216). والمقصود بثلاثة أيام هو من طلوع فجر اليوم الأول حتى غروب اليوم الثالث. و في رأي مالك (1 / 314) والشافعي (2 / 105)، فإنه ينبغي للمعتكف أن يحضر في موضع الاعتكاف قبل غروب الشمس ليكون هناك منذ بداية الليل. وآراء أئمة السنة والجماعة حول مدة الاعتكاف مختلفة عادة. و في رأي أغلب الفقهاء، ‌فإنه لايوجد حد أقل للاعتكاف (ابن رشد، 1 / 314). 
ولدى الحديث عن مكان الاعتكاف في فقه أهل السنة، فإن المشهور هو أنه يمكن الاعتكاف في أي مسجد؛ و قد خصّ بعض الفقهاء فحسب مثل أحمد هذا الأمر بالمسجد الذي تقام فيه صلاة الجماعة (مثلاً ظ: م.ن، 1 / 313؛ ابن هبيرة، ن.ص)، لكن الآراء متفاوتة بهذا الشأن في فقه الإمامية. فقد ورد في الروايات مراراً أن الاعتكاف خاص بالمسجد الحرام ومسجد النبي (ص) في المدينة ومسجدي الكوفة والبصرة، لكن توجد أيضاً روايات عُدّ فيها الاعتكاف في المسجد الجامع، أو المسجد الذي يؤدي فيه إمام عادل صلاة الجمعة، أو الجماعة، أمراً مقبولاً (الكليني، 4 / 176؛ قا: المفيد، 363). و في الأوساط الفقهية الإمامية ولدى الفقهاء المتقدمين، غلب حصر مكان الاعتكاف في المساجد الأربعة، وأضاف البعض مثل ابن بابويه فحسب مسجد المدائن أيضاً إلى المساجد الأربعة المذكورة (ظ: ص 18؛ أيضاً ظ: الشريف المرتضى، 72؛ الطوسي، 2 / 272)؛ لكن في القرون اللاحقة، أصبح هذا الحصر مثاراً للشك، بحيث إن الشهيد الأول والشهيد الثاني (2 / 150) عدّا حصر الاعتكاف بالمساجد الأربعة ضعيفاً، كما أجاز البعض الاعتكاف في غير المساجد الأربعة بقصد الرجاء واحتمال المطلوبية بشكل عام (الخميني، 1 / 305).
وخلال فترة الاعتكاف يكون الخروج من المسجد جائزاً فقط لأجل أداء الأعمال الضرورية، حيث عُدّت المصالح العامة مثل إقامة صلاة الجمعة وتشييع الجنازة وإقامة الشهادة وعيادة المريض، أو الاحتياجات الخاصة مثل توفير الطعام اللازم وقضاء الحاجة من مصاديق هذه الاستثناءات. ومهما يكن، فعلى المعتكف في الحالات المجازة أيضاً أن لايجلس في مكان و أن لايمشي في الظلال قدر المستطاع (الكليني، 4 / 178؛ ابن رشد، 1 / 317؛ المحقق، 1 / 217).
كما يحرم على المعتكف ممارسة عدة أمور مثل مباشرة النساء، بل وحتى التقبيل، وكذلك شم الطيب والبيع والشراء، إلا للضرورة وكذلك المماراة والجدال في الأمور الدنيوية. و إن ارتكـاب بعض المحـرمـات يستـوجـب ــ فضـلاً عـن إبطـالـه الاعتكـاف ــ الكفـارة أيضاً (ابن هبيرة، 1 / 171؛ المحقق، 1 / 219-220؛ الجزيري، 1 / 585-587). 
أصبح الاعتكاف بوصفه أحد البحوث المهمة في فقه العبادات، أحياناً موضوعاً لمؤلفات مستقلة أيضاً. وتلاحظ بين الآثار الفقهية لشخصيات متقدمة مثل الشافعي وداود الأصفهاني مؤلفات تحمل عنوان الاعتكاف (ظ: ابن النديم، 264،271)؛ كما كان للفقهاء الإمامية القدماء مثل أبي الفضل الصابوني وأبي جعفر ابن بابويه مؤلفات بهذا العنوان (ظ: النجاشي، 375، 389). و في فقه الإمامية في العصرين الوسيط والمتأخر أيضاً يمكن الإشارة إلى المؤلفات المستقلة بهذا الشأن ومنها: 1. الاعتكافية، لمعين الدين سالم بن بدران البصري (كان حياً في 626ه‍( الذي يلاحظ إشارات إليه في المصادر (ظ: آقا بزرگ، 2 / 230)؛ 2. الاعتكافية، أو ماء الحياة وصافـي الفرات للشيـخ لطف الله الميسي الأصفهانـي (تـ 1033ه‍( الذي طبع بقم في المجلد الأول من مجموعة ميراث إسلامي إيران (ص 311-337) في 1373ش بتحقيق رسول جعفريان؛ 3. الكفاف في مسائل الاعتكاف، للمولى محمد جعفر شريعت مدار الإسترابادي (تـ 1263ه‍(، توجد مخطوطة منه محفوظة في مكتبة آيـة الله المرعشـي (ظ: آقـا بـزرگ، 2 / 229؛ مـدرسـي، 338)؛ 4. الاعتكافية، للسيد محمد علي الشهرستاني (تـ 1290ه‍(، تحدث آقا بزرگ الطهراني عن وجود نسخ منه في بعض المكتبات الخاصة (2 / 229-230).

المصادر

آقا بزرگ، الذريعة؛ ابن بابويه، محمد، «المقنع»، الجوامع الفقهية، قم، 1404ه‍ ؛ ابن رشد، محمد، بداية المجتهد، بيروت، 1406ه‍ / 1986م؛ ابن ماجة، محمد، سنن، تق‍ : محمد فؤاد عبد الباقي، القاهرة، 1952-1953م؛ ابن النديم، الفهرست؛ ابن هبيرة، يحيى، الإفصاح، تق‍ : محمد راغب الطباخ، حلب، 1366ه‍ / 1947م؛ البخاري، محمد، صحيح، القاهرة، إدارة الطباعة المنيرية؛ الجرجاني، علي، التعريفات، القاهرة، 1357ه‍ / 1938م؛ الجزيري، عبد الرحمان، الفقه على المذاهب الأربعة، بيروت، 1406ه‍ / 1986م؛ الخميني، روح الله، تحرير الوسيلة، النجف، مطبعة الآداب؛ الراغب الأصفهاني، الحسين، مفردات ألفاظ القرآن، تق‍ : نديم مرعشلي، القاهرة، 1392ه‍ ؛ السمرقندي، محمد، تحفة الفقهاء، بيروت، 1405ه‍ / 1985م؛ الشافعي، محمد، الأم، تق‍ : محمد زهري النجار، بيروت، دار المعرفـة؛ الشريف المرتضى، علـي، الانتصار، تق‍ : محمد رضـا الخرسان، النجـف، 1391ه‍ / 1971م؛ الشهيد الثاني، زين الدين، الروضة البهية، تق‍ : محمد كلانتر، بيروت، 1403ه‍ / 1983م؛ الطوسي، محمد، الخلاف، قم، 1407ه‍ ؛ الفتاوى الهندية (الفتـاوى العالمكيرية)، القاهرة، 1323ه‍ ؛ القرآن الكريم؛ الكليني، محمد، الكافـي، تق‍ : علي أكبر الغفاري، بيروت، 1401ه‍ ؛ مالك بن أنس، الموطأ، تق‍ : محمد فؤاد عبد الباقـي، بيـروت، 1406ه‍ / 1985م؛ المحقـق الحلـي، جعفـر، شرائـع الإسـلام، تق‍ : عبدالحسيـن محمد علي، النجـف، 1389ه‍ / 1969م؛ مـدرسي طباطبائي، حسيـن، مقدمه إي بر فقه شيعة، تج‍ : محمد آصف فكرت، مشهد، 1368ش؛ المروزي، محمد، اختلاف العلماء، تق‍ : صبحي السامرائي، بيروت، 1406ه‍ / 1986م؛ المفيد، محمد، المقنعة، قم، 1410ه‍ ؛ النجاشي، أحمد، رجال، تق‍ : موسى الشبيري الزنجاني، قم، 1407ه‍.             

 عبد الأمير سليم / م 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: