أظهر التبریزي

أَظْهَرُ التَّبْريزيّ، خطاط شهير في الأقلام السبعة (كان حياً في 880ه‍ / 1475م). وكما ذكر أظهر هـو نفسه في تواقيعـه (ظ: آثاره)، وأشار إليه أغلب كتّاب التراجم أيضاً بأنه وليد تبريز (ابن الكربلائي، 1 / 371؛ عالي، 32؛ إيراني، 140). وربما كان السبب الذي دعا مير علي الهروي في رسالة «مداد الخطوط» (ص 370)، ومالك الديلمي في مقدمة مرقَّع أمير حسين بك إلى تلقيبه بالهروي هو عيشه في مدينة هراة لفترة طويلة (ظ: بياني، أحوال...، 1 / 70، 3 / 605). وأظهر في الخط هو تلميذ جعفر التبريزي المعروف بـ «بايسنقري» و من أتباع نهجه. و في رقعة من مرقع بهرام ميرزا، فإنه يصف جعفراً بقوله: «شيخي وقبلتي، مولانا كمال الملة والدين» (ن.م، 1 / 70). 
و مع كل الشهرة التي يتمتع بها أظهر، فباستثناء اسم مسقط رأسه وأستاذه، لانجد عن حياته في المصادر المعاصرة له وبعد مماته شيئاً يسترعلي الانتباه. يقول عبد الرزاق السمرقندي: إن أظهر ــ شأنه شأن الكثير مـن الفنانين الآخرين المعاصرين لـه ــ هو من المتربين على يد بايسنقر ميرزا التيموري (2(2) / 654-655). وعلى هذا، يمكن اعتباره من كتّاب مكتبة بايسنقر. و إن وجود مخطوطة لـكليات عماد الفقيه بين مخطوطاته يدعم هذا الأمر (ظ: آثاره، المخطوطات، رقم 2). وليس واضحاً زمن ذهاب أظهر إلى هراة وانضمامه إلى مكتبة بايسنقر ميرزا. والمؤكد أنه وإلى حين وفاة بايسنقر (837ه‍ / 1433م) كان في مكتبته بهراة وذهب بعد ذلك إلى مكتبة ابنه علاء الدولة وأصبح في كنفه. وبعد تغلب ألغ بك على علاء الدولة وفتح هراة (852ه‍ / 1448م)، نقله ألغ بك (وكافة من في المكتبة) إلى سمرقند وأحاطه برعايته، وأوكل إليهم مهمة كتابة تاريخ عصره (دوست محمد، 27- 28). وقـد وردت هذه الرواية في مقدمة مرقع بهرام ميرزا فحسـب، ولم يرد لها ذكر في المصادر الأخرى. ونظراً لوجود لوحة تحمل تاريخ 853ه‍ ، كُتبت في هراة، ينبغي أن يكون أظهر قد عاد من سمرقند إلى هراة بعد مقتل ألغ بك (في نفس السنة) (ظ: آثاره، اللوحات، رقم 2). 
ومنذ ذلك الحين ولمدة 9 سنوات لانملك له أثراً مؤرخاً. وفي 864ه‍ / 1460م كان أظهر يعيش في مدينة مشهد؛ ذلك أنه في نفس السنة أنهى مخطوطة من مقطعات ابن يمين الفريومدي باسم پير بوداق، الأمير المحب للفن ونجل جهانشاه الآق قويونلوي الذي كان قد جاء إلى خراسان برفقة أبيه للاستيلاء على هراة بعد مقتل بابر في 861ه‍ (ظ: آثاره، المخطوطات، رقم 3). 
وبعد تسنم أبي سعيد كوركان للحكم، عاد أظهر إلى سمرقند وعاش في كنف هذا السلطان القدير وأصبح من ملازميه (محمد حيدر، الورقة 149ب). و من آثار أظهر في هذه الفترة، أولاً: لوحة خطية ورد فيها اسم أبي سعيد بكامل ألقابه (ظ: آثاره، اللوحات، رقم 3)؛ ثانياً: مخطوطة لديوان عبد الرحمان الجامي بتوقيع «أظهر الكاتب السلطاني» (TS,240). و لأول مرة نجد لقب «السلطاني» في توقيع أظهر، في هذه المخطوطة. ويمكن استنتاج أن أظهر ألحق هذا اللقب إلى اسمه بسبب قربه، أو كما قال محمد حيدر «ملازمته» لأبي سعيد الذي حكم لفترة طويلة نسبياً (854-873ه‍(، والـذي يُعَدّ أكبر ملوك الأسـرة التيمورية بعد شاهـرخ (ظ: آثاره،المخطوطات، رقم 8). 
والدلالة الأخرى التي تدعم انضمام أظهر إلى بلاط أبي سعيد، وجود اللوحة التي كُتبت في شماخي بتاريخ 873ه‍ )ظ: آثاره، اللوحة رقم 4). وعقب مقتل جهانشاه القراقويونلوي، تحرك أبوسعيد في 872ه‍ / 1467م لمقاتلة أوزون حسن والاستيلاء على آذربايجـان. و قد تعـرض أبـو سعيد فـي هـذا الهجوم لزمهريـر و لم ‌يتمكن من الوصول إلى شروان، فأسر في رجب 873، ثم قتل (ظ: ن.د، أبوسعيد كوركان). و لايمكن أن نعتبر وجود لوحة مكتوبة بيد أظهر بنفس التاريخ في شماخي قاعدة شروان صدفة، بل يجدر القول إن هذا الخطاط وخلال هجوم أبي سعيد على آذربايجان كان في ركابه. ويستنبط من الآثار الباقية لأظهر أنه وبعد مقتل أبي سعيد في آذربايجان، عاش فترة في أصفهان، ثم ذهب إلى هراة (ظ: آثاره، المخطوطات، رقمان 6و7). وبعد ذلك الحين لايتوفر لدينا أثر يمكن أن ينسب إليه و يبدو أنه قد مات في هذه المدينة. لهذا تبدو رواية ميرزا سنگلاخ (1 / 165- 168) عن حياته وأسفاره البعيدة والطويلة إلى مدن إيران والعراق والحجاز والشام وكتابة نقش بطلب من شيخ الإسلام في حلب لجامـع تلك المدينـة، وأخيـراً سفـره إلـى القـدس ووفاته فيهـا، لا أساس لها. 

مكانة أظهر في الخط

كان أظهر أستاذاً لايُبارى في كتابة شتى الأقلام. فقد وصفه معاصره الكاتب عبد الرزاق السمرقندي بأنه لانظير له في زمانه (2(2) / 655). و إن دراسة الآثار التي خلفها تدعم رأي عبد الرزاق هذا. فقد كان يكتب «الخفي» أفضل من «الجلي» و«الخط» أفضل من «المشق»، ومن بين الأقلام الستة كان يخط الثلث بشكل أكثر‌مهارة (بياني، ‌أحوال، 1 / 73-74). 
و في كتابته قلم النستعليق، عُدّ أظهر ثالث أستاذ في هذا القلم بعد مير علي التبريزي (واضع) وجعفر. و قد كتب مير علي الهروي الذي هو من أكبر خطاطي النستعليق عن أظهر: برغم أن مولانـا أظهر كتب بشكل أجود مـن مولانا الحكيم جعفر، لكنـه لم يبلغ شأوه في الأصول (ص 370). و قد منحه عبد الرزاق المؤرخ الشهير في العصر التيموري لقب «ظهير الدين»، وتابعه على ذلك دوست محمد الكوشواني الهروي أيضاً. و من كتّاب التراجم المتأخرين منحه ميرزا سنگلاخ للمرة الأولى لقب أستاذ الأساتذة بسبب كونه أستاذاً لسلطان علي المشهدي والبعض الآخر من أساتذة قلم النستعليق (1 / 161)، وتابعه الآخرون أيضاً في ذلك (أيضاً ظ: إيراني، 140). 

تلامذة أظهر

فضلاً عن كون أظهر من أوائل أساتذة الكتابة بقلم النستعليق، فقد كان أستاذاً لعدد من مشاهير خطاطي النستعليق مثل سلطان علي المشهدي والشيخ بايزيد البوراني وسلطان علي القايني (محمد حيدر، الورقة، 149ب). وهذا الأمر بدوره كان من أسباب شهرته أيضاً. 

آثـاره

 ألف ـ المخطوطات

مخطوطة خسرو وشيرين لنظامي الگنجوي بقلم النستعليق وتوقيع «أظهر» وتاريخ 824ه‍ ، محفوظة في مكتبة جان رايلندز بما‌نشستر (بياني، ن.م، 1 / 73)؛ 2. كليات عماد الفقيه بقلم النستعليق الحسن مع توقيع وتاريخ «برسم خزانة الكتب السلطان الأعظم بايسنقر بهادر خان خلّد الله ملكه، أظهر ذو الحجة834» (ن.م، نستعليق كتابت، 1 / 72-73؛ م.ن، «أظهر...»، 85)؛ 3. مقطعات ابن يمين الفريومدي بقلم النستعليق الخفي الحسن، كُتبت لپيربوداق بتوقيع «أظهر» وتاريخ 4 رجب 864 «بمشهد الرضوية...»، محفوظة في متحف الآثار الإسلامية التركي بإستانبول (ن.ص)؛ 4. ست كراسات لمثنوي للمولوي بقلم النستعليق الخفي، وكتبت العناوين بقلم الرقاع من نصف دانقين بتوقيع وتاريخ «... العبد أظهر»، ربيع الأول سنة 872 موجودة ضمن مجموعة بياني (م.ن، أحوال،1 / 71)؛ 5. سفينة الأشعار التي نظمت في رثاء بايسنقر ميرزا بقلم النستعليق الحسن مع توقيع وتاريخ «الأحقر أظهر تبريزي» شهر رجب 877، ضمن مجموعة محمد النخجواني محفوظة في مكتبة تبريز الوطنية (النخجواني، 2 / 121-122). و قد قيل إنه يبدو أن هذه هي نفس «السفينة» التي نظمها شعراء بلاط شاهرخ و قدموها له بعنوان «تسليت نامه» للتعزية بوفاة بايسنقر ميرزا (ن.ص). و إن هذا الاحتمال مستحيل، ذلك أن هذه «السفينة» استناداً إلى تاريخها الصريح، كتبت بعد وفاة بايسنقر ميرزا بأربعين عاماً؛6. خمسة لنظامي وخمسة لأمير خسرو الدهلوي، بقلم النستعليق الحسن بتوقيع وتاريخ «... أظهر تبريزي» رجب 877 «در دار الأمان أصفهان»، محفوظة في مكتبة جامعة پنجاب بلاهور في باكستان (بياني، ن.م، 1 / 73؛ بشير حسين،1 / 109)؛ 7. مجموعة أشعار تضم 3 مقطوعات من الترجيع بند للعراقي و 3 مقطوعات أخرى من الترجيع بند للأوحدي المراغي والخواجو الكرماني وأمير النعيمي بقلم النستعليق الخفي، وبين السطور زخارف ملونة وصفحات مزينة، بتوقيع وتاريخ... شهر محرم الحرام 880 «... أظهر الكاتب في بلدة هراة» محفوظة بمكتبة جامعة عليكره في الهند، وكانت ملكية هذه المخطوطة عائدة لمكتبة نور الدين جهانگير و قد كُتبت على الكتاب بخطه مذكرة و هي «الله أكبر، پنجم آذر سنۀ 1، داخل كتابخانۀ إين نيازمند درگاه إلٰهي در دار الخلافة أگره حرره نور الديـن جهانگير ‌بن أكبر شاه» (حبيبي، 736-737)؛ 8. مخطوطة من ديوان عبد الرحمان الجامي بالقطع الوزيري (22×13 سنتيمتراً)، تضم 219 ورقة، في كل صفحة 3 أعمدة ذات 17 سطراً بقلم النستعليق الحسن وصفحتاه الأولى والأخيرة مذهبتان، قُطعت جبهتاهما)، غلافها من الجلد الضربي المذهب، بتوقيع «أظهر الكاتب السلطاني»، من غير تاريخ، محفوظة في طوب‌قابو سراي (TS,240).

ب ـ اللوحات

تحتفظ مكتبات ومتاحف إيران والعالم بما يقارب 40 لوحة من آثار أظهر. وهذه اللوحات كتبت بأقلام الثلث الممتاز والرقاع العالي والنستعليق الحسن، من 4 دوانق إلى الغبار. وبرغم أن اللوحات التي تحمل تاريخاً ومكان الكتابة، أو اسم من كتبت اللوحة له قليلة، لكن هذا العدد القليل أيضاً يساعد على التعرف إلى حياة أظهر؛ ومنها: 1. لوحة بقلم النستعليق لإبراهيم سلطان بن شاهرخ التيموري (تـ 838ه‍( و هو ما يدل على علاقة هذا الخطاط بالأمير التيموري (بياني، أحوال،1 / 72)؛ 2. لوحة بقلم النستعليق الحسن بتاريخ 853ه‍ وتوقيع «أظهر الكاتب» كتبت في «دار السلطنة هراة»، محفوظة بمكتبة جامعة إستانبول (م.ن، «أظهر»، 85)؛ 3. لوحة بقلم النستعليق بتوقيع وتاريخ «كتبه العبد أظهر... بدار الأمان سمرقند» وباسم «السلطان الأعظم سلطان أبوسعيد كوركان...» (م.ن، أحوال، ن.ص)؛ 4. لوحة بقلم النستعليق بتوقيع «أظهر» وتاريخ 873ه‍ كتبت في شماخي (ن.ص).

ج ـ الآثار المنسوبة

إن الشهرة الواسعة لهذا الخطاط، سواء في أيام حياته، أو بعد وفاته، أدت إلى أن يُنسب إليه عدد ملحوظ من الآثار عن طريق تزوير توقيعه. ويحمل بعض هذه الآثار تاريخ كتابة يتجاوز وفاة أظهر بقرن، و من حيث أسلوب الخط أيضاً كتبت أحياناً بشكل أكثر نضجاً من النستعليق في عصر أظهر. وهذه النماذج هي من تلك الآثار: 1. مخطوطة بوستان لسعدي بتوقيع «مشقه أظهر الكاتب 987»، محفوظة في مكتبة متحف كابل (سلجوقي، 33؛ بياني، ن.م، 1 / 73)؛ 2. مخطوطة هفت پيكر لنظامي بتوقيع «أظهر الكاتب» و تاريخ 988ه‍ ، محفوظة في متحف متروبوليتن للفنون في نيويورك (الجغتائي، 22)؛3. مخطوطة لديوان حافظ بقلم النستعليق الجلي العالي بتوقيع «أظهر الكاتب» من غير تاريخ. و خط المخطوطة أفضل كثيراً وأكمل من خط أظهر، و من المؤكد أنها كتبت بعد وفاته بما يزيد على نصف قرن (بياني، ن.ص)، محفوظة في مجموعة أصغر مهدوي بطهران؛ 4. مخطوطة لكليات الأوحدي المراغي بتوقيع «أظهر» المضاف إليها، والتي كانت محفوظة في مجموعة عالي تورك كلدي سفير تركيا في طهران (ن.ص). 

المصادر

 شيباني، زرين تاج، «بررسي و تحقيقي پيرامون برج علاء الدولة (علاء الدين)»، أثر، طهران، 1367ش، عد 15و16؛ مصطفوي، محمد تقي، هگمتانه، طهران، 1332ش؛ مهران، محمود، كارنامۀ ده سال خدمت سازمان ملي حفاظت آثار باستاني إيران، طهران، 1355ش؛ هيلنبراند، روبرت، «مقابر»، تج‍ : كرامت الله أفسر، معماري إيران دورۀ إسلامي، تق‍ : محمد يوسف كياني، طهران، 1366ش؛ دراسات ميدانية لكاتبة المقالة؛ وأيضاً:

Diez, E., «The Principles and Types», A Survey of Persian Art, ed. A. U. Pope, London , 1967; Godard, A., «Les Coupoles», Āthār-é Īrān, Paris, 1949; Hillenbrand, R.,Islamic Architecture, Edinburgh, 1994; Schroeder, E., «The Seljuq Period», A Survey of Persian Art, ed. A. U. Pope, London, 1967.
محمد حسن سمسار / م