الأصم
cgietitle
1442/10/7 ۱۲:۴۵:۱۳
https://cgie.org.ir/ar/article/236353
1446/12/12 ۰۷:۴۸:۵۵
نشرت
8
اَلْأَصَمّ، أبو بكر عبد الرحمان بن كيسان بن جرير الأموي (تـ 200، أو 201ه / 816، أو 817 م)، متكلم وفقيه ومفسر معتزلي. معلوماتنا عن حياته يسيرة. وبرغم أنه كان يعدّ أحد الوجوه الشهيرة و من زعماء المعتزلة، لكن بسبب آرائه الخاصة في باب الإمامة والأَعراض، فإن المعتزلة لايعتبرونه معتزلياً بحتاً وينظرون إليه كغريب (ابن النديم، 214؛ القاضي عبد الجبار، «فضل...»، 267). كان الأصم شخصية معروفة في عصره وكان المأمون يراسله، و مع ذلك، فقد كان يعيش في فاقة ويستنكف من التزلّف إلى بلاط الخليفة و يتخذ من الصبر على الفقر حرفةً له (ن.صص). وبرغم أن أبا الهذيل العلاف (ن.ع) لم يكن يرغب فيه وكان قد لقّبه بالمُكاري، لكنه ناظره مراراً (ظ: الملطي، 43). كما كانت له مناظرات مع هشام بن الحكم (القاضي عبد الجبار، ن.ص). و قد وُصف الأصم بأنه أورع رجال عصره (ظ: ن.ص). واستناداً إلى القاضي عبد الجبار، فإن الأصم كان له مسجد في البصرة وكان يصلي معه فيه 80 شيخاً. و من تلامذته يمكن أن نذكر ابنعلية (تـ 193ه ( )ن.ص).وكان للأصم مؤلفات جمة لم يكن لها نظير حتى ذلك الحين كما يقول الملطي (ن.ص). وللأسف، فإنه لم يبق أي من آثاره (للاطلاع على فهرست بآثاره، ظ: ابن النديم، ن.ص)، و لا نجد سوى خلاصة لآرائه في عبارات موجزة وبشكل متناثر في مصادر مختلفة. وسنوضح هنا آراءه بشكل مبوب ومنظم: المنزلة بين المنزلتين: كان أحد الأصول الخمسة لدى المعتزلة (ظ: ن.د، الأصول الخمسة) القول بأن مرتكب الكبيرة فاسق، ولميكونوا يعدّونه مؤمناً و لاكافراً. وخلافاً لكافة المعتزلة لم يكن الأصم يقبل هذا الأصل، وكان يرى أن الإيمان هو مجموع من كل الطاعات و أن مرتكب الكبيرة فاسق بسبب ذنبه، إلا أنه و لكونه يؤمن بالتوحيد ويطيع، فهو مؤمن و لايخرج عن دائرة الإيمان (الأشعري، 269-270). الوعد والوعيد: يعتقد المعتزلة بشكل عام أن مرتكب الكبيرة إذا غادر الدنيا دون توبة سيُخلد في النار. و عن رأي الأصم بهذا الأصل توجد روايتان متضادتان: بحسب رواية الأشعري (ص 278)، فإنه كان يعدّ الفاسق عدواً لله و من أهل النار؛ لكن ابنحزم (4 / 80) يقول إنه كان يعتقد بأن جميع المؤمنين في الجنة، و إن ارتكبوا الكثير من الكبائر. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: يتفق جميع المعتزلة على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد واللسان وحتى بالسيف، واجب عند القدرة والاستطاعة. وبعبارة أخرى، فإنه متى ما أمكن القضاء على أهل البغي وإقامة الحق بالسلاح، فإن عملاً كهذا واجب. لكن الأصم له رأي آخر، حيث يقول: إذا قبل الناس بشخص عادل إماماً وأطاعوه، فإن القيام على أهل البغي واجب؛ غير أنه إذا لم يتحقق أمر كهذا، فلايجب القيام (الأشعري، 278، 451). الإمامة والسياسة: لايشكك أيّ من المتكلمين في أن الإمامة أمر ضروري، لكن الأصم له رأي خاص بهذا الشأن، حيث يقول إذا راعى الناس حال بعضهم البعض و لم يغمطوا حقوق غيرهم، فلاحاجة عندها لوجود الإمام (م.ن، 460). والأصم هو من المتكلمين الذين يقبلون إمامة المفضول على الفاضل. وبطبيعة الحال، فإن دليل اعتقاده بجواز إمامة المفضول يختلف عن أدلة جميع المعتقدين بهذا الأمر. ودليله هو: افترض أن الناس اختاروا في زمن خاص إماماً كان من وجهة نظرهم أفضل من الآخرين عند مبايعته، إلا أنه يمكن أن يظهر فيما بعد شخص في أوساط الأمة يكون أفضل منه. و إن الأفضلية على الآخرين ليست أمراً ثابتاً لأي شخص، ذلك أن الشخص يمكن أن يكون اليوم مفضولاً ويصبح غداً فاضلاً، أو أن يكون اليوم جاهلاً ويصبح غداً عالماً. ومن جهة أخرى، فإنه ليس من الممكن أيضاً أن يُخلع الإمام بمجرد ظهور شخص في أوساط الأمة أفضل من إمام زمانه وينصب مكانه، لأن في هذه الحالة ينبغي للناس على الدوام أن يخلعوا واحداً وينصبوا آخر. و إن هذا العمل فضلاً عن كونه يؤدي إلى الفوضى، فإنه لايحظى بتأييد الشريعة الإسلامية أيضاً. إذن، فإمامة المفضول جائزة لهذا السبب (جعفر بن حرب، 59-61).وحول الخلفاء الراشدين، يرى الأصم أن إمامة أبي بكر وعمر وعثمان كانت على حق. ولم يكن ــ خلافاً للمعتزلة ــ يرى إمامة علـي (ع) صحيحة، ذلك أن النـاس ــ فـي رأيـه ــ لم يكونـوا راضين عنها، و لم يكن هناك إجماع عليها. و من بعد علي (ع) كان يرى أن إمامة معاوية على حق ودليله هو أن المسلمين كانوا مجمعين على إمامته (الأشعري، 456؛ القاضي عبد الجبار، المغني، 20(2) / 60، 61). وبشأن حرب علي (ع) مع طلحة والزبير ومعاوية، يرى الأصم أنه إذا كان دافع علي (ع) هو أن يهيأ للناس ظروفاً ليختاروا شخصاً للإمامة، فقد قام بعمل حسن. و هو يبدي رأياً مماثلاً في محاربتهم لعلي (ع) أيضاً (الأشعري، 453، 457- 458). وهكذا نأى بنفسه عن الحكم على طرفي هذه الحروب و نسبتهما إلى الحق، أو الباطل (سعد بن عبد الله، 13؛ المفيد، 63). الطبيعيات: كان الأصم ينكر مبدئياً وجود الأَعراض ويقول إنه لايمكن إثبات أمر سوى الجسم الذي له طول وعرض وعمق. فالحركة والسكون والفعل والقيام والقعود والافتراق والاجتماع واللون والصوت والطعم والرائحة كلها ليست سوى جسم. ولأصحاب النظر في معتقد الأصم هذا تفسيران مختلفان: يعتقد البعض أنه يقبل بوجود الأعراض المذكورة، لكنه يراها ضرورية للجسم؛ إلا أن البعض الآخر يفسر قول الأصم هذا، بأنه لايقبل إطلاقاً أي عَرض (الأشعري، 343-344). وعلى هذا، لم يكن يرى الاستطاعة والعجز شيئاً سوى الشخص المستطيع والشخص العاجز (م.ن، 242؛ ابن حزم، 3 / 34). ورأيه في كلام الله ( القرآن) أيضاً ليس منفصلاً عن رأيه في الأعراض. فبحسب رأيه، فإن القرآن جسم و من المستحيل أن يكون القرآن عرضاً، ذلك أنه لايمكن أن يخلق الله، أو شخص آخر عرضاً (الأشعري، 588). ولاينبغي إهمال القول بأن الأصم ذو نظرة حسية؛ ولمعرفة هذه النظرة تجدر الاستعانة بجميع آرائه ومنها رأيه في الإنسان والروح والنفس. وأقصر عبارة تبين نظرته الحسية بشكل صريح هي قوله: لا أعرف إلا ما شاهدته بحواسي (ظ: ابن حزم، 5 / 201). وهكذا، فإن النفس هي البدن نفسه، وليست شيئاً سواه (ظ: الأشعري، 335)، و إن الإنسان ليس سوى هذا الجسد نفسه الذي له الطول والعرض والعمق، وإن الحياة والروح ليستا سوى الجسد. فالإنسان جوهر واحد، لاروح له (ظ: م.ن، 331، 335-336؛ ابن حزم، 4 / 122).
المصادر
ابن حزم، علي، الفصل، تق : محمد إبراهيم نصر وعبد الرحمان عميرة، الحجاز، 1402ه / 1982م؛ ابن النديم، الفهرست؛ الأشعري، علي، مقالات الإسلاميين، تق : هلمـوت ريتر، فيسبـادن، 1400ه / 1980م؛ جعفـر بـن حرب، مسائـل الإمامـة، تق : يوزف فان اس، بيروت، 1971م؛ سعد بن عبد الله الأشعري، المقالات والفرق، تق : محمد جواد مشكور، طهران، 1361ش؛ القاضي عبد الجبار، «فضل الاعتزال»، فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة، تق : فؤاد سيد، تونس، 1393ه / 1974م؛ م.ن، المغني، تق : عبد الحليم محمود وسليمان دنيا، القاهرة، الدار المصرية للتأليف والترجمة؛ المفيد، محمد، الجمل، تق : علي مير شريفي، قم، 1371ش؛ الملطي، محمد، التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع، تق : محمد زاهد الكوثري، القاهرة، 1368ه / 1949م.
فريبا جايدرپور / م
عزيزي المستخدم ، يرجى التسجيل لنشر التعليقات.
مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع
هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر
تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول
استبدال الرمز
الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:
هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول
الضغط علی زر التسجیل یفسر بأنک تقبل جمیع الضوابط و القوانین المختصة بموقع الویب
enterverifycode