الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / الأصلح /

فهرس الموضوعات

الأصلح


المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/10/7 ۰۹:۱۵:۵۸ تاریخ تألیف المقالة

اَلْأَصْلَح، مصطلـح في علـم الكلام يـرى أغلب المعتزلـة ــ استناداً إليه ــ أن أداء أصلح الأعمال وأجدرها بحق العباد، واجب على الله وتكمن أهمية هذا المصطلح في أن بحوثاً مثل العدل الإلٰهي والصفات الإلٰهية والتكليف ترتبط به بشكل من الأشكال. 
و إن اختلاف المتكلمين في هذا البحث ناجم عن اختلاف وجهات نظرهم بشأن مسألتي العدل والصفات الإلٰهية. ويرى العدلية أن ترك الأصلح قبيح على الله؛ وبإزاء ذلك، فإن أهل السنة والأشاعرة الذين يقيمون بحوثهم على أساس قدرة الله وإرادته المطلقة، لايتناقشون في كيفيات أفعاله. و من هنا ينشأ أيضاً البحث في القول بوجوب شيء على الله. و يرى الفريق الأول أن بعض الأفعال واجبة على الله (القاضي عبد الجبار، 13 / 7- 8)؛ لكن الفريق الثاني يرى أن لاواجب على الله شيء، ذلك أنه لايثبت حكم، إلا بالشرع، و لا وجود لحاكم وراء الشرع. إذن لاشيء واجب على الله (فخر الدين، 341-342).

رأي المعتزلة

إن الاعتقاد بوجوب رعاية الأصلح، شأنه شأن أصلي «المنزلة بين المنزلتين» و «الوعد والوعيد»، هو من الآراء الخاصـة بالمعتزلة. ويعتقـد روّاد هـذا القـول، أي إبراهيم بـن سيّـار النظـام (تـ ح 231ه‍ / 846م) وأصحابـه وعلي الأسـواري (تـ 240ه‍ / 854م) والجـاحـظ (تـ 255ه‍ / 869م) أن الله غير قادر على الظلم، أو الكذب، و لايمكنه ترك الأصلح والقيام بما ليس الأصلح (ظ: الأشعري، 1 / 208-209). و هم يعتقدون أنه ليس في الأفعـال الإلٰهية سوى الخير والصلاح ويجب علـى الله ــ انطلاقاً من حكمته الكاملة ــ أن يراعي مصالح جميع العباد. ورأى بعض المعتزلة أن سبب فعل الله للأصلح هو عدم بخله على العباد؛ ورأى هؤلاء أنه يجب على الله أن يفعل للعبد ما فيه صلاحه، وكان دليلهم هو أن الله إذا لم يفعل ذلك، فقد بخل عليهم (ظ: الإسفراييني، 43؛ التفتازاني، 2 / 166). 
ويعتقد البعض أن النظّام اقتبس عقيدة «الأصلح» من اللاهوت المسيحي، لأن رجال الكنيسة أيضاً كانوا يعتقدون بالأصلح، خاصة و أن يحيى الدمشقي انبرى للبحث فيه (جار الله، 103). ويرى بعض المؤلفين المعاصرين أن المعتزلة أخذوا هذا المعتقد من الأفكار اليونانية (شاخت، 29)، حيث يشير شاخت في مبحث مبدأ القول بالأصلح إلى ترجمة آثار يونانية مثل «فائدة الأجزاء» لجالينوس الذي يروم إثبات كون جميع الأعضاء والأجزاء نافعة ومن خلال الاستدلال الكلامي، يريد إثبات عقلانية أفعال الخالق وكذلك كون أفعال الخالق هادفة إلى الخير (ن.ص). كما رأى البعض أن النظّام متأثر بآراء أرسطو في هذه النظرية بالتحديد (عثمان، 401). 
و قد عَدَّ معتزلة بغداد نطاق شمول وجوب فعل الأصلح هو الدين والدنيا، بينما رأى معتزلة البصرة أنه الدين فقط (الجويني، 287-289؛ التفتازاني، ن.ص). واستدلال البغداديين هو أنه لايوجد مانع لفعل الله، ولذا، فإن فعل الأصلح في الدنيا والدين واجب عليه. كما أن الداعي إلى الفعل، أي اشتمال الفعل على المصلحة، موجود، و لايوجد صارف، أي قبح في ذلك. أما استدلال معارضي هذا الرأي فهو: إذا كان الأصلح في الدنيا واجباً على الله، فسيظهر إخلال في هذا الوجوب بذاته، لأن الله قادر على فعل الأمور اللامتناهية، و كل نعمة أفاضها يمكن أن يفيضها أكثر من ذلك أيضاً، و لايتصور حد لذلك (م.ن، 2 / 167). 

رأي الأشاعرة

خلافاً للمعتزلة، عَدّ علماء الكلام الأشاعرة كلَّ قول بوجوب شيء على الله ــ و من ذلك وجوب كون فعله أصلح تجاه العباد ــ ضلالاً وخطيئة (الأشعري، 1 / 209). وترى هذه المجموعة أنه لايجب على الله شيء، لأن أفعال الله ليست معلَّلة بالأغراض و لايمكن أن يُعَدّ فعل من أفعاله قبيحاً بسبب افتقاره للغرض (عضد الدين، 8 / 202-203). و هم خلافاً لأبي القاسم البلخي و معتزلة بغداد، يعتقدون أنه ليس واجباً على الله أن يفعل أصلح الأمور بحق دين العباد و دنياهم، واستدلوا على ذلك بأنه لوكان كذلك، لوجب عليه أن ينقذ أهل النار من العذاب، أو يوصل أهل الجنة إلى منزلة الأنبياء، ذلك أن الأصلح لهؤلاء هو هذا (أبو يعلى، 116).
ويعتقد أبو حامد الغزالي (تـ 505ه‍ / 1111م) أن الله يفعل بعباده كلما يريد وليس واجباً عليه مراعاة الأصلح بحق عباده، ذلك أنه لايمكـن فـرض شيء علـى الله، و أن وجوباً كهـذا ليس عقلانياً ( قواعد...، 205-206، أيضاً ظ: الاقتصاد...، 115). واستدلال الغزالي على صحة رأيه هو أننا نعدّ كل ما لا يتفق والمصلحة قبيحاً؛ أي «أن القبيح ما لايوافق الغرض» ( قواعد، 205-207). وعلى هذا، فإن أشخاصاً بأغراض متباينة سيعدّون أشياء مختلفة، قبيحة. ويعتقد الغزالي أنه إذا كان ما نقصده بالقبيح هو الشيء الذي لايتفق وغرض الباري، فإن تصوراً كهذا مستحيل، لأن الله لاغرض له، وإذا كان ما نقصده بالقبيح هو عدم اتفاقه مع غرض الغير، فلايمكن أن نعدّ شيئاً كهذا محالاً عليه (ن.م، 208). كذلك كان يرى أننا نصادف في أفعال الله أفعالاً لا يلاحظ فيها أي صلاح للعباد ( الاقتصاد، ن.ص). 

رأي الإمامية

كان لعلماء الكلام الإمامية آراء مختلفة ومتعارضة. فقد كان فريق مثل المعتزلة يعتقدون أن الله لايجري على عباده سوى الأصلح واستندوا في قولهم هذا إلى روايات شتى (ابن بابويه، 398-405؛ الفيض، 1 / 211-212). يقول الشيخ المفيد (تـ413ه‍ / 1022م): «إن الله تعالـى لايفعل بعباده مادامـوا مكلّفين إلا أصلح الأشياء لهم في دينهم و دنياهم، و إنه لا يدّخر لهم صلاحاً و لا نفعاً، و إن مَن أغناه، فقد فَعل به الأصلح في التدبير، وكذلك من أفقره و من أصحّه و من أمرضه، فالقول فيه كذلك» (ص 25-26). واستناداً إليه، فإن كثيراً من المرجئة والزيدية هم على نفس هذا الرأي (ص 26). و في دفاعه عن غيبة الإمام المهدي (ع) أيضاً يستفيد المفيد من نظرية الأصلح (ظ: مكدرموت، 177). وهذا الفريق هو كمعتزلة بغداد، يعتقد بأن الأصلح واجب في الدنيا، ذلك أنه لامانع من وجوده، و أن تركه بخل، و أن عدم تحققه سيؤدي إلى حدوث نقص في حقيقة القدرة الإلٰهية (العلامة الحلي، 156). 
وكان فريق آخر من الإمامية ــ كما هو حال بعض المعتزلـة ــ يعتقد أن تلك المجموعة من الأمور التي هي الأصلح والتي لا تُرجع إلى الدين، ليست واجبة على الله (الشريف المرتضى، 201). ويرى هذا الفريق أن «الأصلح في باب الدنيا هو الأنفع الألذ الذي لايتعلق به لطفٌ، فإنه لايجب على الله تعالى، لأنه لووجب ذلك لأدّى إلـى وجوب فعل ما لايتناهى وذلك محال؛ أو إلى أن لاينفك القديم تعالى من الإخلال بالواجب، وذلك فاسد» (الطوسي، 140). 

واتفق فريق آخر من علماء الكلام الشيعة مع الأشاعرة في عقيدتهم، فلم يعتبروا شيئاً واجباً على الله؛ و لم يتخذ هذا الفريق من وجود الأصلح أساساً، وكانوا يرونه واجباً في حالة وجود المصلحة وانعدام المفسدة، و «الأصلح قد يجب لوجود الداعي وانتفاء الصارف» (نصير الدين، 372). ويرى نصير الدين الطوسي (تـ 672ه‍ / 1273م) خلافاً للأشاعرة أن فعل الله معلل بأغراض، وعلى النقيض من المعتزلة يرى أن الله قادر على القبيح (ص 331). 
و قد نشأت بحوث شتى انطلاقاً من مسألة الأصلح. فقد أصبح بحث «إرادة الفاعل على الفعل» التي يُقصد بها الله في أوساط علماء الكلام تدريجياً، بحثاً مستقلاً، ويستنتج علماء الكلام المسلمون من العلم بالرجحان وتصور الفاعل على أن الفعل مفيد، أو مكمل، إرادتَه عليه. كما أن البحث عن «المصلحة» هو بحث متأثر بالبحوث المتعلقة بالأصلح في علم الكلام، بحيث لايعدونه كاملاً من دون افتراض الكمال والنقص. والبحث الآخر هو علم الباري، حيث يطرح علماء الكلام المسلمون، علم الباري قبل الإيجاد والخَلق، مقيَّداً بالعلم بالمصالح والمفاسد. كما أن برهان النظم، أو الاستدلال عن طريق النظام الأحسن على وجود الله أيضاً يستند إلى تصور الأصلح. و في الأدلة على إثبات وجود الله، كان علماء الكلام يبحثون من خلال افتراض التبوء بوجوب الأصلح كانوا يبحثون عن شواهده العينية في العالم والإنسان، ويعـدّون هذه الشواهد مدعِّمة لوجود خالق ذي قدرة وعلم مطلقين. 

المصادر

 ابن بابويه، محمد، التوحيد، تق‍ : هاشم الحسيني، طهران، 1387ه‍ / 1967م؛ أبو يعلى، محمد، المعتمد في أصول الدين، تق‍ : وديع زيدان حداد، بيروت، 1986م؛ الإسفراييني، شاهفور، التبصير في الدين، القاهرة، 1359ه‍ / 1940م؛ الأشعري، علي، مقالات الإسلاميين، تق‍ : محمد محيي الدين عبد الحميد، القاهرة، 1369ه‍ / 1950م؛ التفتازاني، مسعود، شرح المقاصد، إستانبول، 1305ه‍ ‍؛ جارالله، زهدي حسن، المعتزلة، القاهرة، 1366ه‍ / 1947م؛ الجويني، عبدالملك، الإرشاد، تق‍ : محمد يوسف موسى وعلي عبد المنعم عبد الحميد، القاهرة، 1369ه‍ / 1950م؛ الشريف المرتضى، علي، الذخيرة، تق‍ : أحمد الحسيني، قم، 1411ه‍ ؛ الطوسي، محمد، الاقتصاد، بيروت، 1406ه‍ / 1986م؛ عثمان، عبدالكريم، نظرية التكليف، بيروت، 1391ه‍ / 1971م؛ عضد‌الدين الإيجي، عبد الرحمان، «المواقف»، ضمن شرح المواقف، تق‍ : محمد بدر الدين النعساني، القاهرة، 1325ه‍ / 1907م؛ العلامـة الحلي، الحسن، أنوار الملكوت، تق‍ : محمد نجمي الزنجاني، طهران، 1338ش؛ الغزالي، محمد، الاقتصاد في الاعتقاد، بيروت، 1403ه‍ / 1983م؛ م.ن، قواعد العقائد، تق‍ : موسى محمد علي، بيروت، 1405ه‍ / 1985م؛ فخر الدين الرازي، «المحصل»، مع تلخيص المحصل لنصير الدين الطوسي، بيروت، 1405ه‍ / 1985م؛ الفيض الكاشاني، محسن، علم اليقين، قم، 1358ش؛ القاضي عبدالجبار، المغني، تق‍ : أبو العلاء عفيفي وآخرون، القاهرة، 1382ه‍ / 1962م؛ المفيد، محمد، أوائل المقالات، تق‍ : واعظ چرندابي، تبريز، مطبعة حقيقت؛ مكدرموت، مارتين، أنديشه‌هاي كلامي شيخ مفيد، تج‍ : أحمد آرام، طهران، 1363ش؛ نصير الدين الطوسي، «تجريد الاعتقاد»، مع كشف المراد للعلامة الحلي، تق‍ : إبراهيم الموسوي الزنجاني، بيروت، مؤسسة الأعلمي؛ وأيضاً:

Schacht, J., «New Sources for the History of Muhammadan Theology», Studia Islamica, Paris, 1953, vol. I.
مجيد محمدي / ه‍

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: