الاصطخاب

اَلاِصْطِخاب، مصطلح في‌موسيقى العصر الإسلامي بإيران. والاصطخاب من مادة «صخب» يعني اجتماع الأصوات (الزوزني،486)، واختلاط الأصوات (الزمخشري، 349).
وبرغم أن فنانين كباراً مثل الفارابي في الموسيقى الكبير وصفي الدين الأرموي في الأدوار، أشارا إلى الاصطخاب إشارة عابرة، إلا أن عبد القادر المراغي أورد هذا المصطلح مراراً في آثاره، بل استخدم كلمات من نفس الاشتقاق مثل مصطخب وكذلك إصطخابات (جامع الألحان، 360، 385، الفهرست، أيضاً شرح أدوار، 439، 454، الفهرست). و في بعض المصادر مثل قسم الموسيقى في درة التاج، طبعة مشكان طبسي وبعض مخطوطات الأدوار والموسيقى الكبير (ط القاهرة)، تُلاحظ كلمة اصطحاب بالحاء (ح) بدلاً من اصطخاب وبنفس المعنى مما ينبغي حمله على التساهل. 

ويستشف من الإيضاح الذي قدمه صفي الدين الأرموي في الأدوار تحت عنوان «الاصطخاب الغير المعهود» (الورقة 20)، وبحثه عبد القادر المراغي بشكل أكثر تفصيلاً في شرح أدوار (ص 239-247)، أن كليهما استخدم الاصطخاب بمعنى اجتماع الأصوات، أو الانسجام، مما يمكن أن يطلق على «اجتماع صوتين، أو عدة أصوات تعزف مع بعضها» (ظ: بركشلي، 19؛ أيضاً ظ: فارمر، I / 12). وبالتوسع في المعنى يمكن التعبير عن الاصطخاب بمعنى «كوك» الفارسية أيضاً، ذلك أنه لما كان الأرموي والمراغي يقولان بنوعين من الاصطخاب المعهود والغير المعهود، فيتضح أنهما كانا يقصدان الاصطخاب العادي والاصطخاب الغير العادي في الآلة. وعلى هذا و لدى المقارنة يمكن احتمال أن الاصطخاب المعهود كـان نظير «راست كوك» (= تسوية أصوات البم) و «چپ كوك» (= تسوية أصوات الزير) و «كوك تفنني» الحالي. 
وبرغم أن الاصطخاب استخدم في آثار صفي الدين الأرموي وعبد القادر المراغي للعُود بشكل أكبر، لكنه كان مفهوماً عاماً لجميع الآلات، أو بعبارة أصحّ لجميع الأوتار على ما يبدو. وربما كان الاهتمام الأكبر بالعود هو لكونه يعدّ الآلة المثالية و العملية في ذلك العصر.
 وكان الاصطخاب المعهود على النحو التالي وذلك بأن تكون مطلقات أوتار كل وتر مع التي فوقها بنسبة ذي الأربع (فاصلة  ) (صفي الدين، ن.ص). و في هذه الحالة إذا افترضنا أن نغمة الوتر الأول، أو ما تحته هو «دو»، فإن نغمة الوتر الذي فوقه ستكون «فا» التي‌تكون بحسب النظام‌ الأبجدي القديم «ألف» و«ح»؛ وكما يقول المراغي فقد كانت الاصطخابات الغير المعهودة كثيرة الأنواع (ن.م، 242)، وبرغم أنه كان يقول بوجود 1001 شدّ (ن.ص)، لكنه اكتفى في جدول الاصطخابات الغير المعهودة بذكر 617 نوعاً فحسب (ن.م، 245-247). وكمثال للاصطخاب يذكر صفي الدين الأرموي (ن.ص) «دور العشّاق» الذي كان أول دور من الأدوار الأربعة والثمانين وأحد الألحان المعروفة آنذاك للوترين على النحو التالي (ظ: الشكل السابق). 
 وبرغم أنه لايمكن الركون بشكل تام إلى تطابق مفهومي الاصطخاب المعهود و الغير المعهود القديمين مع «راست كوك» و«چپ كوك» الفارسيتين الحاليتين، إلا أنه لاينبغي تجاهل القيمة الفنية لكوك چپ. و إن راست كوك كما تدل الكلمة المعهودة هو اصطخاب عام ومتداول، وربما بتعبير أبسط وأكثر عملياً، يستطيع المبتدئون تعلّمه بسهولة، ويمكن تنفيذه بسهولة أيضاً للعازفين حديثي العهد، بينما يحتاج كوك چپ و كوك تفنني إلى مهارة وخبرة أكبر، وسيكون العزف والغناء في هذه النغمة أكثر صعوبة و فنية بطبيعة الحال. 

و في نهاية السلم السابق وكمثال فإن «شور راست كوك» جـيء به للوتـر؛ برغم أن المقامـات الموسيقية الإيرانيـة ــ و من خلال استخدام الفن والذوق لدى أساتذتها ــ لها مفاتيح متنوعة. 

المصادر

بركشلي، مهدي، موسيقي دورۀ ساساني، طهران، 1326ش؛ الزمخشري، محمـود، أسـاس البلاغة، بيـروت، 1399ه‍ / 1979م؛ الزوزنـي، الحسين، المصـادر، تق‍ : تقي بينش، مشهد، 1345ش؛ صفي الدين الأرموي، الأدوار، النسخة المصورة الموجودة في مكتبة المركز؛ المراغي، عبدالقادر، جامع الألحان، تق‍ : تقي بينش، طهران، 1366ش؛ م.ن، شرح أدوار، تق‍ : تقي بينش، طهران، 1370ش؛ وأيضاً:

Farmer, H. G., Studies in Oriental Music, Frankfurt, 1968.

تقي بينش / ه‍