الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادیان و التصوف / أصحاب السبت /

فهرس الموضوعات

أصحاب السبت


تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/28 ۱۳:۵۳:۳۸ تاریخ تألیف المقالة

أَصْحابُ السَّبْت، قوم من بني إسرائيل ذُكروا في القرآن الكريم بأنهم أعرضوا عن الشريعة الإلٰهية، فابتُلوا بعذاب الله. وردت قصة أصحاب السبت بشكل مختصر في القرآن، بينما فُصلت بشكل وافٍ في الأخبار و الروايات. 
و استناداً إلى ما ورد في 5 آيات من القرآن، فإن أصحاب السبت كانوا فريقاً من بني إسرائيل يعيشون في مدينة ساحلية، ولما لم‌يصونوا حرمة يوم السبت و أحكامه و شرائعه و بادروا بصيد السمك في ذلك اليوم، فقد حلّ عليهم غضب الله و مُسخوا و أصبحوا قردة (البقرة / 2 / 65؛ النساء / 4 / 47، 154؛ الأعراف / 7 / 163؛ النحل / 16 / 124). 

إن كلمة السبت التي تعني في اللغة العربية الاستراحة و ترك العمل، دخيلة من اللغات السامية القديمة. و لدى بحثهم في جذور هذه الكلمة و مع الالتفات إلى الجذر «شبت»، وجد الباحثون أن أصلها في اللغة الأشورية هو «شباتو»، و في اللغتين الآرامية والسريانية «شبتا»، و في العبرية القديمة «شابت»، (غزنيوس، 991؛ مشكور، 1 / 351). و على هذا الأساس و بعد دراسات لغوية وتاريخية يرى أغلب الباحثين أن هذه الكلمة دخلت اللغة العربية من اللغة الآرامية و ربما العبرية (ظ: جفري، 161).
و جدير بالذكر أن كلمة السبت كانت تستخدم منذ القدم بين العبرانيين فضلاً عن استخدامها العادي وفقاً لمفهومها اللغوي بمعنى يوم السبت و بكلمة «عِرِب» بمعنى ليلة يوم السبت (ظ: غرونباوم، 584؛ مشكور، 1 / 352).

السبت لدى اليهود

السبت هو أحد الأيام الدينية عند اليهود و يحظى لديهم بقداسة و حرمة خاصتين. و استناداً إلى ما ورد في سفر التكوين من العهد القديم، فإن الله و بعد خلقه العالم في ستة أيام ترك العمل و «استراح» في اليوم السابع. و لذا، فإن لذلك اليوم قداسة (2: 1-3). و قد وردت قداسة يوم السبت في الوصية الرابعة من الوصايا العشر لموسى (ع)، و ذكرت بوصفها إحدى شرائع الديانة اليهودية (سفر الخروج، 20: 8-9). 
و يمكن البحث عن جذور أهمية يوم السبت و تقدسه في الخلفية التاريخية لشعوب بلاد ما بين النهرين، و قد قدم الباحثون آراء شتى بهذا الشأن. فاستناداً إلى الرأي القائم بشكل خاص على ما عثر عليه في لُقى علم الآثار من الألواح البابلية مثلاً، فإن هذه الكلمة أخذت من كلمة «شبتوم» البابلية التي كانت تستخدم بمعنى اليوم الخامس عشر من الشهر القمري (حين يكون القمر بدراً) و التي تتمتع بحسب رأيهم بميزة خاصة، بل إن هذا اليوم ذُكر في أحد الألواح البابلية بوصفه «اليوم الباعث لاطمئنان القلب» (بباوي، 4 / 330-331). و من جهة أخرى و لما تزامن يوم الراحة عند خلق العالم مع اليوم السابع لأيام الخلق، ارتبط يوم السبت أيضاً بعلاقة خاصة بالعدد الرمزي 7، مما حدا بالبعض إلى أن يروا جذور هذا الاعتقاد في الكواكب السبعة لدى البابليين (ن.ص؛ ريتشاردسون، 205؛ إيشروت، I / 131-133). 
و مهما يكن، فإن السبت يُعدّ علامة و آية إلٰهية و نوعاً من العلاقة المقدسة بين يهوه و بني إسرائيل (أبراهمز، 891)، و لكونه اليوم السابع في الأسبوع، فإن المحافظة على أحكامه الشرعية تحظى بمكانة خاصة لدى اليهود. و قد وردت الأحكام الخاصة بهذا اليوم في مواضع شتى من العهد القديم، و استناداً إليها، فإنه يجب على كل فرد من بني إسرائيل أن يترك أعماله اليومية في هذا اليوم الذي عُدَّ «سبت يهوه» و ينهمك في العبادة فقط (سفر الخروج، 20: 9-10؛ سفر اللاويين، 23: 1-3؛ سفر التثنية، 5: 12-15). ولهذا الأمر من الأهمية أن رُجم شخص على عهد موسى (ع) بسبب نقضه أحكام هذا اليوم، كما ورد في سفر العدد من العهد القديم (سفر العدد، 15: 32-36؛ أيضاً ظ: سفر نحميا، 13: 15-22). 
و قد وردت أحكام السبت بشكل أكثر وضوحاً و تفصيلاً في هلاخا اليهود أيضاً . و فضلاً عن أن موضوع السبت جرى تناوله في مواضع شتی  من التلمود (مثلاً ظ: براكوت، 57b؛ تعانيت، 27b)، فإن أحد أكثر رسائل «أحكام الأعياد» (أحد الفصول الستة من التلمود) تفصيلاً، هي رسالة بعنوان السبت خصصت لشرح أحكام هذا اليوم المقدس، طرحت فيها قدسية السبت و حرمة أداء أعمال مثل التجارة و صيد الأسماك و الطيور و غيرها و شتى أنواع الأعمال غير العبادية فيه، و عقوبة عدم صيانة الأحكام (مثلاً ظ: 106b ff.؛ للاطلاع على بعض أدلة قدسية السبت لدى اليهود، ظ: ابن ميمون، 2 / 391-392، 3 / 654). 

أصحاب السبت في الآثار الإسلامية

انبرى مفسرو القرآن الكريم لشرح روايات من القصص الخاص بأصحاب السبت ضمن تفسيرهم الآيات الخاصة بهم. و استناداً إلى تلك الروايات، فإنه على عهد النبي داود (ع) أمرَ الله القومَ الذين كانوا يعيشون على ساحل البحر أن يمتنعوا عن صيد الأسماك و أكلها في يوم السبت. فلم‌يعبأ فريق منهم بهذا الأمر و فكروا في حيلة (ظ: الطبري، 1 / 236؛ تفسير، 268). فيقال إنهم حفروا على ساحل البحر حفراً، ثم شقوا قناة من البحر إلى تلك الحفر، ليدخل الماء مع الموج و ما فيه من أسماك إليها أيام السبت، فلا يمكن للأسماك الخروج منها. و بذلك فإنهم برغم كونهم لم‌يصيدوا يوم السبت بشكل عملي، لكن المصائد كانت تؤدي عملها بشكل طبيعي. ثم إنهم كانوا يأتون يوم الأحد إلى تلك الحفر، فيصطادون الأسماك المحتجزة فيها. وبعد فترة و لما تفاقم تكرار هذا العمل، آثر البعض السكوت برغم علمهم بخطأ هذا التصرف، بينما انبرى فريق آخر لإسداء النصح و نهوا العاصين عن القيام بعمل كهذا (الكليني، 8 / 158؛ فخرالدين، 15 / 38-39؛ ابن طاووس، 119)، لكنهم لم‌يأبهوا لتلك النصائح؛ أما المؤمنون الذين كانوا يعلمون أن جزاء هذا العمل ليس سوى العذاب الإلٰهي، فقد عزموا على الانفصال عن العاصين؛ واستناداً إلى رواية، فإنهم غادروا تلك المدينة مهاجرين إلى قرية قريبة منها، و بحسب رواية أخرى، فإنهم بنوا جداراً عزلوا به العاصين. و بعد مدة و حين ذهب الناصحون إلى الشطر الخاص بالعاصين لتقصي أوضاعهم، وجدوهم و قد أصبحوا جميعاً قردة (ظ: الإيضاح، 19؛ الدميري، 2 / 32). و يقال إن الممسوخين كانوا يعرفون أولئك الذين كانوا يعيشون بين ظهرانيهم فيما مضى، لكنهم لم‌يكونوا يُعرفون. و قد ورد في الخبر أنهم هلكوا 
بعد 3 أيام (أو 7 أيام). و الجدير بالذكر أن هذه القصة قد دخلت إلى الروايات بنفس القالب الأصلي، لكن بأشكال مختلفة (تفسير، 268-270؛ القمي، 1 / 244-245؛ الطبري، 1 / 262-263؛ الطوسي، 1 / 264؛ الزمخشري، 1 / 147). 
و في رواية لقتادة ورد أن الشباب من أصحاب السبت أصبحوا قردة، و الشيوخ أصبحوا خنازير (الثعلبي، 289؛ القرطبي، 1 / 440). و قد حظي موضع مدينة أصحاب السبت باهتمام كبير في الأخبار المختلفة. فرأى البعض ــ استناداً إلى الآية الكريمة التـي ذكرتها ساحل البحـر ــ أنها مدينة أيلة (المقدسي، 178؛ الطبري، 4 / 756؛ فخرالدين، 3 / 109-110؛ ياقوت، مادة أيلة)، كما يـلاحظ فـي بعض الروايـات اسمـا مدينتـي مديـن و طبريـة (ظ: فخرالدين، 15 / 36؛ القرطبي، 7 / 305؛ ابن كثير، 2 / 121). والجدير ذكره أنه و في رواية عن الإمام الباقر (ع) وضمن اعتبار أصحاب السبت من قوم ثمود، عُدّت أيلة مدينتهم، بينما ورد في مخطوطة تفسير القمي أن تلك المدينة هي الأيكة (ظ: القمي، 1 / 244؛ ابن طاووس، 118-119؛ أيضاً المجلسي، 14 / 52-53، حيث ورد اسم المدينة هناك بشكل الأُبلّة). 
و يقال إن كل نبي أُمر من الله بهداية قومه كان يبجّل يوم الجمعة الذي كان يتمتع في السماوات و لدى الملائكة أيضاً بمكانة خاصة. و قد أطلع موسى (ع) أيضاً بدوره بني إسرائيل في رسالته على حرمة يوم الجمعة، لكنهم أعرضوا عنه و عدّوا السبت أفضل الأيام، و كانت تلك فاتحة عصيانهم (المسعودي، 49-50؛ الطوسي، 6 / 438؛ الزمخشري، ن.ص). و إلى جانب هذه الروايات و لتفسير الآية 124 من سورة النحل بشأن الخلاف حول السبت، ذكر البعض عدم مراعاة حرمة يوم الجمعة من قبل بني إسرائيل، بينما رآه البعض متعلقاً بالخلاف بين اليهود و المسيحيين. و هذا يعني أن بني إسرائيل استخفّوا بحكم الجمعة و بجّلوا السبت، كما أن أتبـاع عيسى (ع) كرّمـوا يـوم الأحـد بــدلاً مـن الجمعـة (ظ: الطبرسي،6 / 603-604؛ فخرالدين، 19 / 137). 
و من بين الآراء المختلفة التي قُدمت في تفسير مسخ العاصين إلى قردة، تسترعي الانتباه الرواية التي نقلها ابن أبي نجيح عن مجاهد، فاستناداً إلى هذه الرواية، فإن مسخ أصحاب السبت الوارد في القرآن الكريم لم‌يكن المقصود به تحوّلهم إلى جنس آخر، بل هو من باب التمثيل. و في طريق آخر لهذه الرواية، فقد كان تحولهم هو مسخ قلوبهم إلى قلوب قردة. و الجدير ذكره أن آراء مجاهد هذه قد انتقدت من قبل المفسرين (ظ: الطبري، 1 / 263؛ فخر الدين، 3 / 111-112؛ أيضاً للاطلاع على آراء كلامية بهذا الشأن، ظ: ن.ص؛ السيوطي، 1 / 184-185). 
و في الختام ينبغي القول إنه لما كان حدوث قصة أصحاب السبت يُرجع غالباً إلى عهد النبي داود (ع)، فقد تم الربط في بعض الروايات الخاصة بهذه القصة بما ورد من لعن النبي داود والنبي عيسى (ع) لقومهما (المائدة / 5 / 78). و في إيضاح هذه الآية ورد أن هؤلاء القومين ابتليا ــ بطلب من هذين النبيين إلى الله ــ بعذاب أصبح القوم الأولي فيه خنازير، ثم مسخ القوم الثاني إلى قردة (الكليني، 8 / 200؛ الطبرسي، 3 / 231). و مهما يكن، فللإجابة على تساؤل بشأن العلاقة بين هؤلاء القوم و بين أصحاب السبت قُدِّمت آراء في إثبات القرابة بين هاتين القصتين و نفيها (ن.ص؛ للمقارنة بين العذاب الذي حل بأصحاب السبت و بين العذاب المعدّ لقتلة الإمام الحسين (ع)، ظ: تفسير، 270-271). 

المصادر

ابن طاووس، علي، سعد السعود، النجف، 1369ه‍ / 1950م؛ ابن كثير، البداية؛ ابن ميمون، موسى، دلالة الحائرين، تق‍ : حسين آتاي، أنقرة، 1974م؛ الإيضاح، المنسوب للفضل بن شاذان، بيروت، 1402ه‍ / 1982م؛ بباوي، وليم وهبة، دائرة المعارف الكتابية، بيروت، دار الثقافة؛ تفسير القرآن، المنسوب للإمام الحسن العسكري (ع)، قم، 1409ه‍ ؛ الثعلبي، أحمد، عرائس المجالس، بيروت، 1401ه‍ / 1981م؛ الدميري، محمد، حياة الحيوان الكبرى، بيروت، دار إحياء التراث العربي؛ الزمخشري، محمود، الكشاف، القاهرة، 1366ه‍ / 1947م؛ السيوطي، الدر المنثور، بيروت، 1403ه‍ / 1983م؛ الطبرسي، الفضل، مجمع البيان، تق‍ : هاشم الرسولي المحلاتي و فضل الله اليزدي الطباطبائـي، بيـروت، 1408ه‍ / 1988م؛ الطبري، تفسير؛ الطوسي، محمد، التبيان، تق‍ : أحمد حبيب قصير العاملي، بيروت، دار إحياء التراث العربي؛ العهد القديم؛ فخرالدين الرازي، التفسير الكبير، القاهرة، 1313ه‍ ؛ القرآن الكريم؛ القرطبي، محمد، الجامع لأحكام القرآن، بيروت، 1965م؛ القمي، علي، تفسير، تق‍ : طيب الموسوي الجزائري، بيروت، 1387ه‍ ؛ الكليني، محمد، الكافي، تق‍ : علي أكبر الغفاري، طهران، 1391ه‍ ؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، 1403ه‍ / 1983م؛ المسعودي، علي، إثبات الوصية، النجف، المكتبة الحيدرية؛ مشكور، محمد جواد، فرهنگ تطبيقي عربي با زبانهاي سامي و إيراني، طهران، 1357ش؛ المقدسي، محمد، أحسن التقاسيم، تق‍ : دي خويه، ليدن، 1906م؛ ياقوت، البلدان؛ و أيضاً:

Abrahams, I., «Sabbath, Jewish», ERE, vol. X; Berakoth, ed. I. Epstein, London, 1990; Eichrodt, W., Theology of the Old Testament, London, SCM Press; Gesenius, W., A Hebrew and English Lexicon of the Old Testament, ed. F. Brown, Cambridge, 1906; Grünbaum, M.,«Über Schem Hammephorasch als Nachbildung eines aramäischen Ausdrucks…», ZDMG, 1885, vol. XXXIX; Jeffery, A., The Foreign Vocabulary of the Qur’ān, Baroda, 1938; Richardson, A., A Theological Wordbook of the Bible, London, 1977; Shabbath, ed. I. Epstein, London, 1987; Taʿanith, ed. id, London, 1990.

.فرامرزحاج منوچهري / ه‍

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: