الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / أصحاب الفیل /

فهرس الموضوعات

أصحاب الفیل


المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/28 ۱۴:۰۱:۳۶ تاریخ تألیف المقالة

أَصْحابُ الْفيل، اسم قوم ورد ذكرهم مرة واحدة فقط في سورة الفيل المكية، و أسندت قصتهم في الروايات و التفاسير إلى هجوم أبرهة على مكة. و في القرآن الكريم و من غير أي إيضـاح و تفسير بشـأن هـؤلاء القـوم، نجـد أن الله ــ و بسبـب كيـدهـم ــ أرسل عليهم طيوراً سُميت بأبابيل لتهلكهم برميها إياهم بحجارة من سجيل (الفيل / 105 / 1-5). و إن ما انعكس في الروايات كتفصيل، هو تناول قصصي لواقعة تاريخية كانت قد حدثت بفاصل زمني ليس ببعيد كثيراً عن ظهور الإسلام (ظ: ن.د، أبرهة). و رغم أن هذه الروايات تنسجم مع بعضها في إطار القصة، لكنها تختلف في التفاصيل. 
و في الروايات ذكر أصحاب الفيل بوصفهم قوماً هجموا على الحجاز من الجنوب بغية تهديم الكعبة، و كان قائدهم حاكم اليمن المسيحي، المدعو أبرهة. و في المصادر الروائية عُرِّف تدنيس، أو تهديم كنيسة القُلَيِّس التي كان أبرهة قد أسسها (ظ: ابن إسحاق، 60-61؛ الطبري، 30 / 193)، و أحياناً مقتل عامله على مكة، المدعو محمد بن خزاعي (ظ: م.ن، 30 / 194) بأنه كان الدافع لذلك الهجوم. و كان الجيش الرئيس لأصحاب الفيل متشكلاً من الجنود المهاجرين من الحبشة و مجموعة من اليمنيين، لكن و كما ورد في الروايات، فإن الكثير من أفراد قبائل المنطقة مثل الأشعريين وعكّ و خثعم، انضموا إليهم. 
ففي بداية القضية ذكر أن رجلاً يمنياً يدعى ذا نفر كان يعارض أهداف أبرهة، جمع فريقاً و انبرى للقتال، لكنه لم‌يلبث أن هُزم وأسر و تفرّق أنصاره، و إثر طلبه الأمان، تراجع أبرهة عن قتله وجعله ينضم إلى صفوف جيشه (ابن إسحاق، الطبري، ن.صص). وبعد أن توجه أصحاب الفيل إلى مكة مروا في طريقهم على مضارب خثعم (بين نجران و الطائف)، و هناك جوبهوا بمجموعة يقودها نفيل بن حبيب، فاشتبكوا معهم و هُزم الخثعميون، لكن أبرهة عفا عنهم، و انضم نفيل الذي كان زعيم قبيلتين مهمتين من خثعم هما شهران و ناهس إلى القادة الذين كانوا مع أبرهة (ابن‌هشام، 1 / 47-49؛ الطبري، ن.ص). 
و لدى وصول جيش أصحاب الفيل إلى الطائف، ذهب زعيم المدينة مسعود بن مُعَتِّب الثقفي إلى لقائهم و عرَّف سكان مدينته بأنهم عُبّاد اللات و أشار إلى كونهم من محبّي السلام، بل إنه وبغية إظهار حسن نواياه أرسل معهم رجلاً من أهل الطائف، يدعى أبا رغال (ن.ع) ليكون دليلاً للمهاجمين (ظ: ن.ص؛ قا: ابن‌إسحاق، 62، الذي ذكر أن الدليل كان نفيلاً). 
و عقب اجتيازه الطائف، وصل جيش أصحاب الفيل إلى المُغَمَّس و هو موضع قريب من مكة (ابن هشام، الطبري، ن.صص)، و خيّم هناك. فأرسل أبرهة إلى مكة مجموعة بقيادة الأسود بن مقصود الحبشي طليعة لجيشه و لدى عودة الأسود نهب في طريقه الكثير من المؤن و الماشية و جاء بها إلى المخيم، و من بين ما سرقه من الماشية مجموعة من إبل عبدالمطلب جد النبي (ص). ثم إن قائد أصحاب الفيل أرسل مرة أخرى سفيراً يدعى حناطة الحميري إلى عبد المطلب سيد المكيين و شريفهم ليطمئنه و أهله بأنهم سيكونون في أمان، و أن هدف المهاجمين هو هدم الكعبة فحسب، لكن عبد المطلب قال في رده على السفير إن الله هو الذي سيحمي الكعبة (ابن هشام، 1 / 49-50؛ الطبري، ن.ص). 
ثم إن عبد المطلب استدعى ذا نفر أحد أصدقائه القدماء والذي كان آنذاك ضمن جيش أبرهة، للتوسط لاستعادة إبله المنهوبة، فرشح ذونفر بدوره صديقه أنيساً سائق فيلة الجيش للتوسط لحل المشكلة، فرتب أنيس لقاءاً بين عبد المطلب و أبرهة، فأجلّ أبرهة عبد المطلب كثيراً و بدأ معه حواراً. فخاطب عبد المطلب و بثقة أبرهةَ متمسكاً بتعبير دقيق، حيث قال أنا ربّ الإبل و إن للبيت رباً سيمنعه (ظ: ابن هشام، 1 / 50-51؛ الطبري، 30 / 195؛ الثعلبي، 441-442؛ الراوندي، 1 / 114). و في بعض الروايات ورد أنه كان برفقة عبد المطلب في هذا اللقاء اثنان من زعماء بني كنانة و هذيل وهما يعمر بن نفاثة و خويلد بن واثلة، فبادر هذان اللذان لم‌يكونا يدركان على وجه الدقة هدف أبرهة من الهجوم، إلى اقتراح دفع ثلث أموال تهامة إليه ليعدل عن قراره و يترك مكة (ابن هشام، 1 / 51-52؛ الطبري، ن.ص). 
و لما لم يكن أهل مكة يجدون في أنفسهم القدرة على مقاومة جيش أصحاب الفيل ومواجهته، فقد لجأوا إلى الجبال المحيطة بها (ابن هشام، 1 / 35؛ الراوندي، 1 / 114). و خلال ذلك ظل عبدالمطلب في مكة و بادر إلى الابتهال في الكعبة ليحفظ الله المكيين من أذى المهاجمين (ابن هشام، 1 / 52؛ الحميري، 133). وفي الروايات نُسبت إلى عبد المطلب أيضاً أنشودة مضمونها يشبه الدعاء للتغلب على الأعداء، أوضح فيها من خلال الإشارة إلى الصليب كون أصحاب الفيل مسيحيين (ظ: ابن هشام، ن.ص). و ورد أن عبد المطلب هو الآخر غادر المدينة بعد ابتهاله و ارتقى جبلاً و انتظر الجميع ما سيفعله أبرهة (م.ن، 1 / 53). 
و بينما كان أصحاب الفيل يستعدون للهجوم، ذهب نفيل بن حبيب إلى أكبر الفيلة في الجيش و هـو المسمى محموداً الذي كان يعود لقائد الجيش. و في الروايات تتواصل الحكاية على الشكل التالي بأن خاطب نفيل الفيل مذكراً إياه بحرمة أرض مكة و منعه من نصرة المهاجمين (م.ن، 1 / 54؛ الطبري، 30 / 196). وورد في بعض الروايات أن الذي خاطب الفيل هو عبد المطلب و ذلك عند خروجه من لقاء أبرهة (الكليني، 1 / 447- 448؛ القمي، 2 / 442-443؛ أيضاً ظ: المسعودي، 89، الذي تحدث عن تواضع الفيل أمامه بسبب النور المحمدي). و عندما أراد أصحاب الفيل توجيه الفيلة نحو مكة بغية الهجوم عليها، لم‌يتمكنوا من تحريك ذلك الفيل الضخم و كذلك بقية الفيلة برغم محاولاتهم الحثيثة. و يقال إن ذلك الحيوان كان يتحرك في كل اتجاه عدا مكة (ابن إسحاق، 63؛ ابن هشام، الكليني، ن.صص). و تزامناً مع ذلك هاجمتهم من البحر طيور عُدّت هي نفسها أبابيل الواردة في القرآن الكريم. فاستناداً إلى الروايات، فإن كل واحد من تلك الطيور التي كان يحمل أحجاراً في مخالبه و حجراً في منقاره، هاجمت جيش أصحاب الفيل؛ و بتحليقها فوق رؤوس المهاجرين و إلقائها الحجارة ألحقت الهزيمة بذلك الجيش (ابن إسحاق، 63-64؛ الطبري، 30 / 193، 196). و قيل إنه كان مكتوباً على كل حجر من تلك الأحجار اسم شخص من أولئك المهاجمين، و كانت أجسامهم تتشقق عند إصابته لها (الثعلبي، 444؛ السيوطي، 8 / 633). و جدير بالذكر أن هذه الطيور و الأحجار، الأبابيل والسجيل قد وجدت لها عند المفسرين مجالاً للبحث انبروا فيه لوصفها و ذكر خصائصها (مثلاً ظ: م.ن، 8 / 631-633). 
و استناداً إلى الروايات، فإنه خلال هجوم الطيور، تمكن أبرهة من النجاة بجلده من الهلاك بعد أن أصيب بجراح، و عندما وصل اليمن و إثر الجراح التي أصابته تقطعت أوصاله و انشق صدره، ثم أسلم الروح بشكل مأساوي (ابن إسحاق، 64؛ ابن هشام، 1 / 55-56؛ الطبري، 30 / 196). و ورد في رواية أخرى أنه تمكن من النجاة و هرب إلى اليمن. و خلال ذلك ظل الطير المكلف بقتل أبرهة يتعقبه إلى أن وصل إلى النجاشي و بدأ يحدثه عن هلاك جيشه بواسطة تلك الطيور، و عندها ألقى عليه الطير المكلف بقتله حجراً أدى إلى موته، بينما كان النجاشي يشاهد ذلك (الثعلبي، 446). و على هذا أخفق جيش أصحاب الفيل الذين كانوا ينوون إزالة الكعبة من الوجود. و في بعض الروايات مثل رواية عكرمة و كذلك حديث عن الإمام الصادق (ع) عن موت أصحاب الفيل بعد الاصطدام بالصخور، لم‌يجرِ الحديث عن تشقق أبدانهم، بل عن إصابتهم بأمراض وبائية مثل الجدري و الحصبة، و رُبط الأمر بالأمراض المعدية التي كانت قد شاعت آنذاك في عام الفيل (ظ: ابن إسحاق، 65؛ الطبري، 30 / 193، 196؛ القمي، 2 / 444). 
و في روايات مختلفة و بسبب اعتبار ذلك الهجوم بداية للتأريخ و تسميته بعام الفيل، و نظراً للقرب الزمني لحدوث هذه الواقعة من ميلاد النبي (ص) و ظهور الإسلام، ذُكر ميلاده (ص) في عام الفيل، بل و عُدت هزيمة أصحاب الفيل بوصفها إحدى معجزاته (ابن إسحاق، 66؛ الكليني، 1 / 439؛ أبو نعيم، 1 / 144). غير أن البعض من أمثال مقاتل و هشام الكلبي و مع اعتقادهم بوجود فاصل زمني بين هاتين الواقعتين، قالوا إن ميلاد النبي (ص) حدث بعد عام الفيل بثلاثة و عشرين إلى أربعين عاماً (ظ: الثعلبي، ن.ص؛ القرطبي، 20 / 194). 

المصادر

ابن إسحاق، محمد، السير و المغازي، تق‍ : سهيل زكار، بيروت، 1398ه‍ / 1978م؛ ابن هشام، عبد الملك، السيرة النبوية، تق‍ : مصطفى السقا و آخرون، القاهرة، 1355ه‍ / 1936م؛ أبونعيم الأصفهاني، أحمد، دلائل النبوة،تق‍ : محمد رواس قلعه‌جي وعبدالبر عباس، بيروت، 1406ه‍ / 1986م؛ الثعلبي، أحمد، عرائس المجالس، بيروت، 1401ه‍ / 1981م؛ الحميري، عبد الله، قرب الإسناد، طهران، مكتبة نينوى الحديثة؛ الراوندي، سعيد، الخرائج و الجرائح، قم، 1409ه‍ ؛ السيوطي، الدر المنثور، بيروت، 1403ه‍ / 1983م؛ الطبري، تفسير؛ القرآن الكريم؛ القرطبي، محمد، الجامع لأحكام القرآن، بيروت، 1967م؛ القمي، علي، تفسير، تق‍ : طيب الموسوي الجزائري، النجف، 1387ه‍ ؛ الكليني، محمد، الكافي، تق‍ : علي أكبر الغفاري، طهران، 1388ه‍ ؛ المسعودي، علي، إثبات الوصية، النجف، المكتبة الحيدرية.

فرامرزحاج منوچهري / ه‍

 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: