الأشنهي

اَلْأُشْنُهيّ،   أو الأشنوي، تاج‌الدين محمود بن‌ حداد (أو خداداد، ظ: دانش‌پژوه، 50- 51؛ عابدي، 824؛ أنصاري، 770)، متصوف من القرنين 6و7ه‍/12و13م. و تكتب نسبته في المصادر بأشكال: الشنهي، الشنوي، الأشنوئي (السهروردي، 8، 98، 137؛ الواعظ، 37؛ الجامي، 360؛ أيضاً ظ: حمدالله، 673)، و غير ذلك (ظ: ياقوت، 1/285؛ السمعاني، 1/276). كما أورده البعض بشكل الأبشيهـي (كــوربـن، ‌24) الـذي لاشـك فـي كـونـه تصحيفـاً لـ «الأشنهـي». و كان ابنه صدرالديـن محمد يتخلّص في شعـره بـ «الشنوئي» و «الأشنهي» (ظ: مايل هروي، 15-16).
و تاريخ مولد الأشنهي و وفاته و كذلك تفاصيل حياته ليست معلومة لنا، لكن يستفاد من حصيلة المعلومات المتناثرة عنه أنه كان من مريدي شمس‌الدين محمد بن عبدالملك الديلمي؛ وبالاستناد إلى بعض الشواهد المتوفرة، يمكن القول إن وفاته حدثت بعد 589ه‍. كما وردت رواية يستفاد من مضمونها أنه عقب وفاة روزبهان البقلي (606ه‍/ 1209م) بقليل، عُدّ الأشنهي شيخاً مرشداً (شرف‌الدين، 27- 28). و قد ذكر حمدالله المستوفي أيضاً اسمه في عداد مشايخ العصر المغولي (ص 670، 673). و لذا يمكن القول إن ولادته حدثت في أواسط النصف الثاني للقرن 6ه‍. 
و يحتمل كثيراً ــ بالاستناد إلى نسبته ــ أنه قد ولد في أُشنُه (ظ: ن.د، أشنويـة)، إحدى قصبـات آذربايجـان القريبـة من أورمية (ياقوت، 1/284)، أو أن أجداده كانوا يعيشون في هذه المنطقة. واستناداً إلى رواية أوردها عبداللطيف نجل روزبهان الثاني في روح الجنان (ص 208) في باب كرامات الشيخ روزبهان البقلي، فإن الأشنهي كان يسكن في «قصبة أشنوه»، وكان له خانقاه فيها (قا: شرف‌الدين، ن.ص). 
كما كان للأشنهي مريدون منهم أبوالمعالي سيف‌الدين الباخرزي (تـ 646ه‍( من مشايخ التصوف في القرنين 6و7ه‍ الذي لبس في هراة الخرقة على يد الأشنهي (فصيح، 2/316)، و الآخر هو الخواجه إمام‌الدين داود بن محمد بن روزبهان فريد (تـ 671ه‍( الذي كان مريداً لنجم‌الدين الكبرى، و أخذ في نفس الوقت إجازة من الأشنهي بالدعوة و الذكر و الإرشاد (جنيد، 352)؛ كما كان الشيخ محمد الگهرزني من مشايخ القرن 7ه‍ من مريدي الأشنهي (ظ: الإسفراييني، 62). 
عُدّ الأشنهي من كبار مشايخ أوائل القرن 7ه‍ و المعاصر الأكثر شباباً لروزبهان البقلي. و مع الأخذ بنظر الاعتبار ما قيل بشأن مريديه، فمن المحتمل أن يكون قد توفي في هراة في النصف الأول للقرن 7ه‍ . كما أن قبره في هذه المدينة في مقبرة السلطان مجد‌الدين (الجامي، الواعظ، ن.صص). 

آثـاره

بقي من الأشنهي 3 رسائل في التصوف و كذلك مجموعة أشعار: 
1. رسالة غاية الإمكان في دراية المكان، أو غاية الإمكان في معرفة الزمان و المكان؛ وبحسب أقدم نسخة موجودة منه فإن عنوانه ورد بالشكل الأول، و إن كلمة «الزمان» قد أضيفت فيما بعد (مايل هروي، 18-19). و هذه الرسالة ــ كما هو واضح من عنوانها ــ تناولت بالبحث حقيقتي الزمان و المكان. كما نسب تأليفها إلى آخرين. فقد وُجد هذا الأثر ضمن مجموعة مخطوطة ترجع إلى القرن 9ه‍ إلى جانب تمهيدات عين القضاة، و لهذا السبب نُسب إلى عين‌القضاة (ظ: فرمنش، «ألف، ب، و ، ز»). و ورد في بعض نسخها أن اسم مؤلفها هو الشيخ محمود الشبستري (ظ: موحد، 11). كما أنه لدى طبع متن غاية الإمكان في طهران للمرة الأولى مع رسائل الشاه نعمة‌الله الولي في 1311ه‍ ، نسب ناشرُه عبدالحسين ذوالرئاستين، الكتابَ إلى الخواجه محمود بن محمد الدهدار العياني الأشنوي (آقابزرگ، 16 / 8؛ مشار، 2 / 1658، 2361؛ دانش‌پژوه، 51؛ مايل هروي، 19). و يبدو أن نسبة «الأشنوي» هنا هي التي أدت إلى هذا الخلط و الخطأ. و في 1401ه‍ طبع نذر صابري هذه الرسالة مع مقدمة باللغة الأردية في باكستان باسم تاج‌الدين الأشنوي. و في 1403ه‍ طبع لطيف‌الله هذه الرسالة مع ترجمة أردية و عزاها إلى عين القضاة (نوشاهي، 183-185). و آخر طبعة لها هي تلك التي حققها و أصدرها نجيب مايل هروي ضمن مجموعۀ آثار فارسي تاج‌الدين أشنوي. وتشتمل رسالة غاية الإمكان على مقدمة و 4 فصول. و قد أوضح الأشنهي في المقدمة أنه ألّف هذه الرسالة رداً على اتهامات أولئك الذين عدّوه من المشبهة و دعوه كافراً (ص 48-49). وخصص الفصل الأول للتوحيد و مراتبه، و دحض أسلوبي الفلاسفة و المعتزلة في علم التوحيد. و في الفصل الثاني تحدث عن مكان الله و أثبت ذلك استناداً إلى الأدلة النقلية و الشرعية. وانبرى في الفصل الثالث لبحث أنواع المكان. و خصص الفصل الرابع لتبيان أنواع الزمان و إيضاح زمان الله. 
و من وجهة نظر الأشنهي، فالمكان على 3 أقسام: 1. مكان الجسمانيات؛ 2. مكان الروحانيات، و لكل منها أقسام؛ 3 مكان الله تعالى. و قد رأى استحالة وجود الله في المكانين الجسماني و الروحاني و أثبت له مكاناً لائقاً بذاته المقدسة، و هذا المكان فوق جميع الأمكنة. و بحسب قول الأشنهي، فإن «كل ذلك المكـان قـربٌ فـي قـرب»، و ليـس لــه بـُعْـدٌ ــ فلا طول لـه ولاعـرض ولاعمق ــ و إن جميـع اللامتناهيات نقطة من ذلك المكان (ص 66). 
كما يرى الأشنهي أن الزمان 3 أقسام: 1. زمان الجسمانيات؛ 2. زمان الروحانيات؛ 3. زمان الحق تعالى. و زمان الجسمانيات بدوره له مرتبتان: ألف ـ زمان الجسمانيات الكثيفة الذي ينشأ من حركة الأفلاك و يؤدي إلى ظهور اليوم و الشهر و السنة (ص 74-75)؛ ب ـ زمان الجسمانيات اللطيفة الذي تكون فيه الأزمنة الطويلة من الجسمانيات الكثيفة قصيرة فيه. و لزمان الروحانيات أيضاً أقسام مختلفة؛ لكن الذي يكتسب أهمية لدى الأشنهي هو زمان الملائكة الذي هو قصير قياساً إلى الأزمنة الأخرى (ن.ص). و أخيراً، زمان الحق تعالى الذي لايجد الماضي و المستقبل إليه سبيلاً و هو محيط بالأزل و الأبد. و هذا الزمان واحد و ليست له أقسام (ص 76). و من خلال ذكره معراج النبي (ص) يبادر الأشنهي إلى دحض رأي المعتزلة الذي قالوا فيه إن المعراج كان في المنام و ليس في اليقظة و إنه كان بعين السِّرِّ و ليس بالعين التي في الرأس (ص 77-82). 
و قد تأثرّ كثير من متصوفة القرنين 7و8 ه‍ بآراء الأشنهي بشأن المكان و الزمان و استفادوا منها. و من أشهرهم و أكثرهم أهمية يمكن ذكر عبدالعزيز بن محمد النسفي (تـ 661ه‍ ( والشيخ محبـوب إلٰهي (تـ 725ه‍ ( و الخـواجـه أحمـد بـن محمـد پارسـا الحافظي البخاري (تـ 822 ه‍( )مايل‌هروي، 20- 21). 
2. «پاسخ به چند پرسش»، رسالة في الجواب على أسئلة وجّهها أصحاب الأشنهي إليه في الطريق بين مكة و المدينة. كما قام بكتابة أجوبته إليهم بشكل رسالة باللغة العربية؛ و بعد قليل من ذلك ترجمها إلى الفارسية أبومنصور الأصفهاني الصوفي مترجم عوارف المعارف الذي عاش في القرن 7ه‍ . 
و موضوع هذه الرسالة هو النفس و القلب و السر و العلاقة بينها. و قد عَدَّ الأشنهي نفس الإنسان هي ذاته و حقيقته الوجودية، التي هي غاية خلق العالم و آدم، و هو خليفة الله بين المخلوقات (ص 88). و في هذه الرسالة عدّد الأشنهي الحالات التي تؤدي بالنفس أن تظهر بأشكال الأمّارة و اللوّامة و المطمئنة (ص 90)، ثم يتناول القلب و عدّه اللطيفة الغيبية التي هي موضع المحبة الإلٰهية أيضاً (ص 92). أما السرّ فهو أرقّ اللطائف الإنسانية، الذي خاصيته الفناء في أنوار الجلال الإلٰهي (ص 93).
3. «تحقيق الروح». و كما يتضح من عنوانها، فإن هذه الرسالة هي في حقيقة الروح، لكن مؤلفها تناول فيها أيضاً مسائل أخرى من قبيل خلق القرآن و موضوع الوحدة و الكثرة.  و تحدث عن أشكال السلوك في طريق التصوف. طبعت النسخة الفريدة لهذه الرسالة بتحقيق نجيب مايل هروي في مجلة المعارف (1369ش، عد 2). 
4. أشعاره. خلّف الأشنهي أشعاراً أيضاً تلاحظ أبيات منها في المتون الباقية من القرن 7ه‍ و أكبر جزء من أشعار الأشنهي الموجودة وردت في الترجمة الفارسية لعوارف المعارف (مثلاً ظ: السهروردي، 8، 10، 85، 93، مخ‍ ؛ أيضاً ظ: الشرواني، 110). وفيما عدا عدة أبيات متفرقة، فإن بقية هذه الأشعار التي تربو على 200 بيت، هي على شكل أشعار غزل بمضامين صوفية تشتمل علـى مـواعـظ و حكـم. و فـي جميـع أشعـاره تـلاحظ تعـابيـر واستعـارات مشحونة بالتصـوف و العشق، مما لايخلـو ــ بطبيعة الحـال ــ من تكرار المضامين و قد طبعت هذه الأشعار أيضاً ضمن مجموعۀ آثار فارسي الخاص به. 

صدرالدين محمد الأشنهي

و هو متصوف و واعظ شهير عاش في القرن 7ه‍ ، و نجل تاج‌الدين محمود الأشنهي الذي ولد على ما يبدو في أواخر القرن 6ه‍ و عاش في هراة و شيراز (وصاف، ط 1269ه‍ ، 2 / 158؛ مايل هروي، 11)، و عُدَّ رجلاً محباً للحكمة وجامعاً للعلوم النقلية و العقلية (وصاف، ن.ص؛ أحمد زركوب، 57، 58). و يبدو أنه لهذا السبب أُبعد من شيراز على عهد الأتابك أبي‌بكر ابن سعد زنكي (حك‍ 623- 658ه‍(، و الذي لم‌يكن يميل إلى الحكمة و الفلسفة على مايبدو، فآثر الإقامة في العراق. و قد أشار هو نفسه فـي قصيدة إلى هذه الهجرة القسرية، و ذكر الأتابك و بلاطه بمرارة (وصاف، ط 1269ه‍ ، 2 / 159، ط 1346ش، 93). و قيـل إن شـهـاب‌ الـديـن عـمـر السهـروردي (تـ 632ه‍( الذي كان قد فقد بصره أواخر عمره، أُحضر إلى مجلس وعظ صدرالدين، و إنه أبدى إعجابه بكلام الأشنهي (ن.صص). و تاريخ وفاته و كذلك موضعها غيرمعلوم. و لكن لما كان أبومنصور الأصفهاني قد ترجم عوارف المعارف في 660ه‍ وذكر فيه اسم صدرالدين مع عبارات مثل «رحمة الله عليه»، فمن الواضح أنه توفي قبل 660ه‍. كان صدرالدين الأشنهي من المشغوفيـن بروزبهان البقلي الشيـرازي (تـ 606ه‍ (، و نقل عنه كلام في إعظام شأن روزبهان (شرف‌الدين، 28). 
عُثر على مجموعة من كتابات صدرالدين و تقريراته الصوفية  تحمل عنوان تحفة أهل الوصول في علم الفصول، يبدو أن أبا‌منصور الأصفهاني جمعها بعد وفاته، و توجد منها نسخة اليوم في طهران (دانش پژوه و منزوي، 3/355-356). كما بقيت له أشعار وردت في ترجمة عوارف المعارف (ظ: السهروردي، 109، 115، 122). 

المصادر

آقا بزرگ، الذريعة؛ أحمد زركوب، شيرازنامه، تق‍ : بهمن كريمي، طهران، 1310ش؛ الإسفراييني، عبدالرحمان، كاشف الأسرار، تق‍ : هرمان لندلت، باريس، 1986م؛ الأشنهي، محمود، «پاسخ به چند پرسش»، «غاية الإمكان في دراية المكان»، مجموعۀ آثار فارسي، تق‍ : نجيب مايل هروي، طهران، 1368ش؛ أنصاري، قاسم، «تاج‌الدين أشنهي و ترجمۀ نوشته‌إى أز أو»، آينده، طهران، 1362ش، س 9، عد 10 ؛ الجامي، عبدالرحمان، نفحات الأنس، تق‍ : محمود عابدي، طهران، 1370ش؛ جنيد الشيرازي، شد الإزار، تق‍ : محمد القزويني و عباس إقبال الآشتياني، طهران، 1328ش؛ حمدالله المستوفي، تاريخ گزيده، تق‍ : عبدالحسين نوائي، طهران، 1362ش؛ دانش پژوه، محمد تقي، تعاليق على روزبهان نامه، طهران، 1347ش؛ م.ن و علي نقي منزوي، فهرست كتابخانۀ سپهسالار، طهران، 1356ش؛ السمعاني، عبدالكريم، الأنساب، تق‍ : عبدالرحمان المعلمي، حيدرآباد الدكن، 1382ه‍/1962م؛ السهروردي، عمر، عوارف المعارف، تج‍ : أبومنصور الأصفهاني، تق‍ : قاسم أنصاري، طهران، 1364ش؛ شرف‌الدين إبراهيم، «تحفة العرفان»، مع روزبهان نامه، تق‍ : محمد تقي دانش پژوه، طهران، 1347ش؛ الشرواني، جمال خليل، نزهة المجالس، تق‍ : محمد أمين رياحي، طهران، 1364ش؛ عابدي، محمود، تعاليق على نفحات الأنس (ظ: هم‍ ، الجامي)؛ عبداللطيف بن روزبهـان الثانـي، «روح الجنان فـي سيرة الشيخ روزبهـان»، مـع روزبهان نامه، تق‍ : محمد‌تقي دانش‌پژوه، طهران، 1347ش؛ فرمنش، رحيم، مقدمة أحوال و آثار عين القضاة، طهران، 1338ش؛ فصيح الخوافي، مجمل فصيحي، تق‍ : محمود فرخ، مشهد، 1340ش؛ كوربن، هنري و محمد معين، مقدمة عبهر العاشقين لروزبهان البقلي، طهران، 1360ش؛ مايل هروي، نجيب، مقدمة مجموعۀ آثار فارسي (ظ: هم‍ ، الأشنهي)؛ مشار، خانبابا، فهرست كتابهاي چاپي فارسي، طهران، 1352ش؛ موحد، صمد، مقدمة مجموعۀ آثار شيخ محمود الشبستري، طهران، 1365ش؛ نوشاهي، عارف، «كتابوں پرنقد و نظر»، دانش، إسلام آباد، 1364ش، س 1، عد1؛ الواعظ، عبدالله، مقصد الإقبال سلطانية، تق‍ : نجيب مايل هروي، طهران، 1351ش؛ وصاف، تاريخ، تق‍ : محمد مهدي أصفهاني، بومباي، 1269ه‍ ؛ ن.م، تحرير عبدالمحمد آيتي، طهران، 1346ش؛ ياقوت، البلدان.                                 

.كيانوش صديق/ ه‍