الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / أشعب /

فهرس الموضوعات

أشعب


تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/27 ۰۹:۴۷:۱۷ تاریخ تألیف المقالة

أَشْعَب، الشهير بأشعب الطمّاع، شخصية ساذجة مثيرة للضحك و هزلية عاش في القرنين 1و2ه‍. و قد بدأت الإشارة إليه في المصادر العربية منذ بداية القرن 3ه‍ و مع الجاحظ فيما يحتمل ( البيان...، 1 / 265، البخلاء، 212)، لكن النكات الخاصة به لاتتعدى ثلاث، أو أربع روايات. و بعد الجاحظ بقليل، كرر ابن‌قتيبة نفس الروايات (3 / 132، 164، 192، 260-261). و بعده أيضـاً بقليـل أشـار المفضل بن سلمـة (تـ 290ه‍) ــ و لأول مـرة علــى مايبدو ــ إلى اسمه و نسبــه و واحدة، أو اثنتين من نكاته المعروفة (ص 85). و في نفس تلك الفترة قدّم الطبري (8 / 82) معلومات جديدة عنه ربما لاتكون عارية عن نسج الخيال. و مهما يكن، فإنه منذ بدء القرن 4ه‍ ، سار طمعُ أشعب مثلاً. فقد أورد المفضل بن سلمة (ن.ص) و المسعودي (3 / 221) عبارة «أطمع من أشعب» التي تبدو أن وصيفة لهشام بن عبد الملك كانت قد أطلقتها. وعقب ذلك كُرِّرت في جميع كتب الأمثال (مثلاً حمزة، 1 / 290؛ الميداني، 1 / 439؛ الزمخشري، 1 / 224)، و كذلك في جميع كتب الأدب. 
لكن ترجمة حياته و مجموعة نكاته التي لم‌تكن حتى ذلك الحين صفحة، أو صفحتين، تحولت فجأة في الأغاني و كذلك في قسم من العقد الفريد، إلى مجموعة ضخمة. و إن حشداً كبيراً من الحكايات الطريفة التي نقلت عن أشعب هي نفسها التي تكررت فيما بعد غالباً في حكايات جحى، و في الأزمنة الأكثر تأخراً في حكايات الملا نصرالدين. 
و يبدو أن اسم أشعب كان في الأصل شعيباً و كنيته أبا العلاء (المفضل، ن.ص؛ أبو الفرج، 19 / 135)، أو أبا إسحاق (الخطيب، 7 / 37). و ليس هناك شك في أن اسم أبيه هو جبير، لكن أمه دُعيت بأسماء: أم الخلندج، أم جميل مولاة أسماء بنت أبي بكر، حميدة، أم حميدة، جعدة (أبوالفرج، الخطيب، ن.صص). و بحسب رواية أبي الفرج الأصفهاني، فإن أباه خرج مع المختار الثقفي، ولذا قتل على يد مصعب بن الزبير (19 / 135، 136). 
امتزجت بداية حياة أشعب بالأساطير: روي عن ابنه أنه ولد في سنة 9ه‍ (م.ن، 19 / 159)، و كان هو قد قال لحفيد الخليفة عثمان إنه كان يلتقط السهام التي كان تطلق على عثمان خلال عمليـة قتله (م.ن، 19 / 136، 137)، أو إنه كان يسقي الناس المـاء (م.ن، 19 / 140). و هنـاك أيضاً تخلّى عن المقاومة بأمر مـن عثمان وأُعتق من قيود العبودية للخليفة (م.ن،19 / 136). و استناداً إلى رواية أخرى، فإن ولادته كانت يوم مقتل عثمان (أبو هلال، 2 / 25). و هذه الروايات المتضاربة نشأت في البدء من كون الرواة قد ظنوا بقاءه حياً حتى عهد المهدي (أبو الفرج، 19 / 139؛ أبوهلال، الخطيب، ن.صص). بل إن الفضل بن الربيع يؤكد أن أشعب ترك أباه في بغداد سنة 154ه‍ متوجهاً إلى المدينة. و بعد ذلك بقليل ورد خبر وفاته (أبو الفرج، 19 / 136). و لذا فإن الخطيب البغدادي (7 / 44) وكثيراً غيره، عدّوا سنة 154ه‍ تاريخاً لوفاته. لكن لاتوجد أية رواية غير الرواية المذكورة، تدل على كونـه حيـاً في ذلك العصـر، سوى ما يقـال مـن أن الأصمعـي (تـ 216ه‍( رآه و هو يغني (أبوالفرج، 19 / 141)، أو أنه روى عنه بشكل مباشر (م.ن، 19 / 139، 141). بل إن البعض عَدّه أيضاً خالاً للأصمعي (الخطيب، 7 / 38)، أو خالاً للواقدي (م.ن، 7 / 37، 40). ومهما يكن، فإن أموراً كهذه أدت إلى أن يعتقد الدارقطني بوجود أشعبين اثنين: أحدهما ابن أم حميدة مولاة عثمان و هو الطماع الشهير، و الآخر ابن جبير مولى عبد الله بن الزبير (ظ: ابن‌عساكر، 3 / 76). 
و بشأن ولائه أيضاً جمع ابن عساكر (3 / 75) و ابن خلكان (2 / 472) جميع الأخبار و قالا إنه كان مولى لأحد هؤلاء الأربعة: عثمان، عبدالله بن الزبير، سعيد بن العاص، و فاطمة بنت الإمام الحسين (ع). 
و لكون أشعب معاصراً للتابعين، فقد عُدّ من رواة الحديث أيضاً (أبو الفرج، 19 / 138؛ ابن عبدربه، 3 / 40؛ الخطيب، 7 / 37، 38؛ ابن عساكر، ن.ص)، لكن لما كانت رواياته تنتهي بالمزاح أحياناً (مثلاً حمزة، 1 / 290؛ ابن عبد البر، 1(2) / 558)، لم‌يحمله أحد على محمل الجد في هذا المجال أيضاً. 
و قد أُشير أحياناً إلى علمه في القراءات و الأدب (أبوالفرج، 1 / 392-393، 19 / 137)، بل قيل أيضاً إنه كان معتزلياً و له باع طويل بآراء المعتزلة (م.ن، 19 / 160)، لكن لايتوفر شيء بهذا الشأن عنه. 
و يمكن القول بالقطع إن أشعب كان رجلاً ساذجاً غير مبال يعيش عن طريق الاستجداء و الاحتيال، و كان يؤمِّن معاشه بما يجود به عليه الأغنياء (ظ: أبو الفرج، 19 / 139، 143). و لما كان يتمتع بشيء من الجرأة المثيرة للضحك و بعض الظرف و كذلك الصوت الحسن، فقد نسجت حول شخصيته روايات عديدة جعلت منه أول طفيلي كبير في العالم العربي. و لذا فإن صداقة أشعب لأُسر مختلفة و أحياناً معارضة لبعضها، لم‌يكن ليؤذي أحداً على الإطلاق. 
ترعرع أشعب في المدينة و في كنف عائشة بنت عثمان على مايبدو (م. ن، 19 / 136؛ الثعالبي، 150)؛ لكنه ظل عاجزاً عن تعلّم أية حرفة حتى بيع القماش (حمزة، ن.ص؛ أبو الفرج، 19 / 139). وبإزاء ذلك حاول أن يلفت انتباه أبناء كبار الشخصيات بأية حيلة كانت، بأن يكون مدعاة للهوهم و ضحكهم فينال المال منهم. لهذا نجده في مسجدٍ لدى عامر‌ بن‌ عبدالله بن الزبير، فجز أشعب لحيته لحفيد عبدالله بن الزبير مازحاً (م.ن، 19 / 150)؛ يغني بالحيلة عدة أغانٍ لعبدالله بن‌عمر (م.ن، 19 / 160-161)، أو ابنه سالم (م.ن، 16 / 319)؛ يصالح بين مصعب بن الزبير و حبيبته عائشة (م.ن، 11 / 177). كما كانت له علاقات واسعة بأفراد أسرة الخليفة عثمان: له حكايات طريفة مع مروان حفيده (م.ن، 19 / 144)، و خالد و محمد، و أحفاده من الدرجة الثانية (م.ن، 5 / 100، 19 / 149). 
و كان أشعب قد اشتهر بالظرف بحيث دعاه الوليد بن يزيد إليه في دمشق و استخدم بحقه مزاحاً غير‌لائق (م.ن، 7 / 26-27، 19 / 171-172؛ ابن عبدربه، 4 / 458). لكن زوجته سعدة، لما تألمت منه و هجرته، طلب إلى أشعب أن يصلح بينهما (أبو الفرج، 19 / 170-171؛ ابن عبدربه، 4 / 453، 6 / 123). 
و برغم أن أشعب لم‌يكن غريباً عن الشعر، لكنه لم‌يكن على صلة بشعراء الحجاز على مايبدو، و بشكل خاص بعمر بن أبي ربيعة الذي كان يشبهه من بعض الجوانب، و لانعلم سوى أنه تشاجر مرةً مع العرجي (م.ن، 1 / 410). غير أن سفر جرير إلى المدينة و لقاء أشعب به تكرر مراراً. و في هذا اللقاء غنّى أشعب مقطّعة شعرية من نظم جرير مما جعل الشاعر يُسرّ كثيراً (م.ن، 1 / 295-296، 8 / 12-13، 19 / 168- 169؛ ابن عبدربه، 6 / 46-47). 
و في العصر العباسي أيضاً نُقلت حكايات عن أشعب، و إن مزاح زياد بن عبدالله الحارثي حاكم مكة و المدينة من قبل المنصـور معه، مشهـور جداً (أبوالفرج، 19 / 141-142، 151). بـل و زُعم في إحدى الروايات أنه ذهب من المدينة إلى بغداد وتحلّق حوله فتيان بني هاشم و أن جعفر ابن الخليفة المنصور وجه إليه أسئلة في الشعر و الغناء (م.ن، 19 / 168، 180؛ الطبري، 8 / 82؛ الخطيب، 7 / 38).
و تنبـع أهمية أشعب فـي الأدب العربـي مـن كونــه ــ على مايبدو ــ أول رجـل مسلم اتخـذ بمهارته في الغناء و علم الموسيقى من الفكاهة المزيجة بالظرف و السخرية اللاذعة المريرة، حرفته الوحيدة. و كان متعلقاً بهذه الحرفة بحيث لم‌يعد يطيق حضور منافس له كالغاضري في المدينة (أبو الفرج، 19 / 174)، و حتى في شيخوخته كان يتألم عند مشاهدته ابنه و قد تفوّق عليه في الغناء و الهزل و الفكاهة (م.ن، 19 / 145). 

المصادر

ابن خلكان، وفيات؛ ابن عبدالبر، يوسف، بهجة المجالس، تق‍ : محمد مـرسـي الخولي، بيـروت، دار الكتب العلمية؛ ابن عبد ربـه، أحمد، العقد الفريـد، تق‍ : أحمـد أمين و آخرون، بيـروت، 1402ه‍ ؛ ابن عساكـر، علي، التاريخ الكبيـر، تق‍ : عبد القادر بدران، دمشق، 1951م؛ ابن قتيبة، عبدالله، عيون الأخبار، بيروت، 1343ه‍ / 1925م؛ أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني، القاهرة، 1383ه‍ / 1963م؛ أبوهلال العسكري، الحسن، جمهرة الأمثـال، تق‍ : محمد أبو الفضل إبراهيم و عبد المجيد قطامش؛ بيروت، 1408ه‍ ؛ الثعالبي، عبدالملك، ثمار القلوب، تق‍ : محمد أبوالفضل إبراهيم، القاهرة، 1384ه‍ / 1965م؛ الجاحظ، عمرو، البخلاء، بيروت، 1401ه‍ ؛ م.ن، البيان و التبيين، تق‍ : حسن السندوبي، القاهرة، 1351ه‍ / 1932م؛ حمزة الأصفهاني، الدرة الفاخرة، تق‍ : عبد المجيد قطامش، القاهرة، دار المعارف؛ الخطيب البغدادي، أحمد، تاريخ بغداد، القاهرة، 1349ه‍ ؛ الزمخشري، محمود، المستقصى في أمثال العرب، بيروت، 1977م؛ الطبري، تاريخ؛ المسعودي، علي، مروج الذهب، تق‍ : محمد محيـي الدين عبد الحميـد، بيروت، 1387ه‍ / 1967م؛ المفضـل بـن سلمة، الفاخـر، تق‍ : ستوري، ليدن، 1915م؛ الميداني، أحمد، مجمع الأمثال، تق‍ ‍‌: محمد محيي الدين عبد الحميد، بيروت، 1955م. 

.آذرتاش آذرنوش / ه‍ 

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: