الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / الأسود بن یعفر /

فهرس الموضوعات

الأسود بن یعفر

الأسود بن یعفر

المؤلف :
تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/21 ۲۲:۲۸:۵۷ تاریخ تألیف المقالة

اَلْأَسْوَدُ بْنُ يَعْفُر، أبوالجراح، أو أبونهشل، من قبيلة بني‌تميم، شاعر جاهلي يسمى أحياناً بالأعشى النهشلي. كما ذكر اسم أبيه بضم الياء، أي يُعفُر (ابن‌سلام، 33؛ أبوزيد، 24؛ ابوالفرج، 13/15). و قد ذكرت الروايات أنه كان يتنقل بين القبائل العربية المختلفة أحياناً، و في بلاط ملوك الحيرة و غسان أحياناً أخرى، حيث كان دائماً ينظم الشعر في المدح و الهجاء بمناسبة ما. لقب بـ «ذوو الآثار»، لأنه «إذا هجا قوماً ترك فيهم آثاراً» ( القاموس، مادة أثر).

جمع أبوالفرج الأصفهاني جميع الروايات المتعلقة بحياته تقريباً و التي لاتتجاوز أساساً 8 روايات. و إن جو هذه الروايات هو نفس الجو شبه الأسطوري للروايات المرتبطة بالشعراء الجاهليين الآخرين، و التي لايمكن أبداً ترتيبها تاريخياً.

جاء في الرواية الأولى (أبوالفرج، 13/ 19-20) أنه عاش لفترة إلى جوار بني‌قيس ثم بين بني‌مرة، و أنه خسر 19 بعيراً في مقامرة له مع شباب القبيلة. و لكنه استعاد الجمال بفضل تدبير أمه رُهْم بنت عبّاب. و منذ ذلك الحين امتنع رجال القبيلة عن المقامرة معه، و فارقهم. كما سرقت عشيرة من بكربن‌وائل الجمال، فطلب الأسود المساعدة من حلفائه بني‌مرة (الشعرفي هذا الباب). ولكنهم لم‌يهتموا له، و استطاع بنو محلّم أخيراً أن يعيدوا إليه الجمال، وأجزلوا له العطاء بعد أن مدحهم.

و هناك روايتان أخريان نسبت فيهما إليه خصائل مثل المروءة و الشجاعة: فقد نصر ذات مرة رجلاً سرقت جماله بقصيدة، واستعاد ماله من السارقين (م.ن، 13/21)، و في مرة أخرى هب لمساعدة رجل في حضور النعمان، كان يتوجب عليه الانتقام لدم عمه (م.ن، 13/21-22).

و هناك روايتان أخريان ترتبطان بابنه الجراح الذي شكك ابن‌قتيبة في وجوده (1/177). و قد جاء في إحداهما (أبوالفرج، 13/26) أن الشاعر نظم شعراً في عجز ابنه الصغير الضعيف؛ و أما الأخرى (م.ن، 13/23-25) فهي في قصة المهر المعروفة التي كان الجراح قد سرقها، و عندما اضطر إلى إرجاعها، نظم الأسود شعراً في ذلك (م.ن، 13/26-27).

كما نقلت رواية حول ابنته سلمى التي عاتبت أباها بسبب إضاعته أمواله، حيث أجاب عليها في قطعة شعرية (م.ن، 13/26).

كان الأسود من العُشي المعدودين في الشعراء، و لذلك فقد أصبح في عداء الشعراء الملقبين بـ «الأعشى» (الأسود 5م، البيت 3 الدالية)، و أصيب بالعمى الكامل في شيخوخته، و قد شكا في شعرله لأنه مضطر الآن لأن يصطحب معه من يدله على الطريق (ص 37؛ ابوالفرج، 13/27).

كان للأسود أخ يدعى حُطائط كان هو أيضاً شاعراً، و قد نقل أبوالفرج (13/27- 28) قطعة عنه في 8 أبيات (أيضاً ظ: ابن قتيبة، 1/177).

اعتبر الأسود في العصر الإسلامي شاعراً مقلاً، و فصيحاً في نفس‌الوقت (أبوالفرج، 13/15)؛ و قد تحولت بعض أبياته إلى أمثال (ابن فضل‌الله، 14/51) و قد نقلت حقاً أشعاره القليلة في جميع أنواع الكتب كشواهد: في المعاجم (الأزهري، 1/325، مخ‍؛ ابن‌منظور، مخ‍)، و غالبية التواريخ، و كتب الجغرافيا (الهمداني، 242، مخ‍؛ أبوعبيد، 203، مخ‍؛ ياقوت، مخ‍ ) و النحو...، بل و حتى في المجاميع الحديثية (البستي، 1/301، 2/277، 3/17).

أثنى عليه ابن‌سلام، و وضعه في الطبقة الخامسة من الشعراء (ص 33)، و أضاف أنه لو كان له أشعار بجودة داليته المعروفة لوصفه في الطبقة الأولى. و حقاً فإن الفضل في شهرة الأسود يعود إلى هذه الدالية التي هي من مختار أشعار العرب (أبوالفرج، 13/15)، و هي تتجلى في الروايات و الأحداث التي وقعت خلال القرنين 1و2ه‍، أو اختلقت. و تتحدث أشهر هذه الروايات عن أمير‌المؤمنين (ع) قائلة: إن جرير بن سهم دخل المدائن يتقدم على الإمام علي (ع). و عندما وقع نظره على تلك المدينة الكبيرة شبه المدمرة و التي تركها الآن سادتها الأقوياء، تمثل ببيت من داليته (الأسود، 27، البيت 11). فأشار الإمام (ع) بأن من الأفضل الاستشهاد بقول الله جلّ وعزّ (الدخان/44/25) الذي أشار إلى المضمون نفسه: «كم تركوا من جنّات و عيون» (أبوالفرج 3/ 18، قا: ابن قتيبة، ن.ص). و قد نسبت هذه الرواية نفسها إلى عمر بن عبدالعزيز أيضاً؛ و لكننا نرى فيها مزاحماً مولى الخليفة يتمثل بذلك الشعر بعد أن رأى أحد قصور الغسانيين المهدمة، و هو يسمع الجواب نفسه (أبوالفرج، 13/ 19).

و مع كل ذلك، يبدو أن القصيدة، بقيت غريبة إلى حد كبير، رغم أنها مليئة بالكلمات البدوية الغريبة و المضامين الصحراوية المعروفة، و الصياغة الجاهلية المعهودة: فقد سأل سوّار بن عبدالله القاضي، رجلآً بصرياً من قبيلة الشاعر، عن الدالية، و لاحظ متعجباً أنه لايعرف القصيدة (م.ن، 13/16-17)؛ و في موضع آخر، يكتشف هارون‌الرشيد الذي شعر فجأة و هو في الرافقة (الرقّة) برغبة في سماع القصيدة، أن أياً من الشعراء و الرواة الكثيرين الذين اجتمعوا في بلاطه، لايعرف القصيدة (م.ن، 13/17- 18). ولكن المفضل الضبي أدرج في ذلك العصر القصيدة في «مختاراته» (ص 215-220) و خلدها (عن مصادرها العديدة والمبعثرة، ظ: شاكر، 215).

تبدأ القصيدة بذكر الحزن الذي اعتصر قلب الشاعر؛ فقد ولى الشباب و أصبح الشاعر شيخاً عاجزاً، حتى إنه يبدو و قد فقد بصره؛ فإذا بالموت يكمن له عند كل ممر دون أن يرضى بأية رهينة و فدية (ص 25-26، الأبيات، 1-7) و تعد الأبيات العشرة التي وردت بعد هذه المعاني أشهر أبيات القصيدة؛ فالشاعر ينظر إلى الأمم الخالية بكلمات مفعمة بالحكمة، و يعتبر من أحوالهم. وهنايتحدث عن «أهل الخورنق و السدير» و عدد من القصور الأخرى، و عن الشخصيات التي مضت مخلفة وراءها الآن كومة من الأطلال. و في تتمة القصيدة يشير الشاعر مرة أخرى إلى مباهج عهد الشباب، و مجالس شرب الخمرة، و وصف بائعي الخمرة و الجواري، و مشاهد الصيد، و خلاصة وصف الفرس والجمل. يبلغ مجموع هذه القصيدة 36 بيتاً.

بقيت اليوم من مجموعة أشعار الأسود، حوالي 370 بيتاً في 68 قطعة و قصيدة. و في القرن 2ه‍ حدثنا المفضل عن 130 قصيدة، ولكن ابن سلام قال بعده بمدة قصيرة «ونحن لانعرف له ذلك» (ص 33-34).

تتجلى في هذه المجموعة المضامين الجاهلية المختلفة: اللجوء إلى القبائل الأخرى (ص 47 السطر الآخر) و الذي رأيناه في حادثة إبله؛ هجائه لقبيلته (ص 42، القطعة 34)؛ الشيخوخة و العجز و العمى و الشكوى من الدهر و انتظار الموت، حيث جاء كل ذلك في الدالية أيضاً؛ و إظهار الشجاعة و المروءة (ص 38-46، القطعات 33-36)؛ و وصف شرب الخمر و الساقي (ص 34، 29-30، الأبيات 21- 28، ص 41، الأبيات، 26 و ما بعدها)؛ و الناقة والصيد (ص 20، القطعة 3، ص 39، الأبيات 6 و ما‌بعدها من القطعة 33) و الأغراض الجاهلية المعروفة الأخرى مثل وصف الفرس الذي تكرر.

لم‌يدرس أحد حتى الآن شعر الأسود بشكل دقيق من حيث أصالته، أو اختلاقه، و مع الأخذ بنظر الاعتبار الكلمات الجاهلية الأصيلة نسبياً في شعر الأسود، و عدم شهرة الشاعر، و ابتعاده عن النزاعات القبيلية، و اهتمام الرواة القليل بهذه الآثار، و أسباب أخرى، فإن من الممكن أن نقول إن مما يستحق الاهتمام هو المظاهر الجاهلية الأصيلة في شعره. و مع كل ذلك، فإننا تأخذنا الحيرة أمام بعض الأبيات؛ فهل القطعة 62 (ص 60) التي تشير إلى يوم القيامة و تخبر بـ «الرحمان» و بأنه يترك «شهر الصيام»، أو استعماله لمصطلح قيد الأوابد(ص 31، البيت 32) الخاص بامرئ القيس، هل هي أصيلة، أم أنها اختلقت فيما بعد؟

كما نجد في ديوان الأسود بعض الكلمات الفارسية القديمة، والبيت 9 من القصيدة الدالية (ص 27) يشتمل على أسماء 3 قصور، اثنان منها في الحيرة، و اسماهما فارسيان: قصر الخورنق الأسطوري (ظ: آذرنوش، 132، 150) و قصر السدير (ظ: م.ن، 35، 151)؛ و النمارق (ص 54) بمعنى الوسادة و البساط (ظ: آذرنوش، 141)؛ و المهرق (ص 63) الذي كان نوعاً من الورق

(ظ: آذرنوش، 76، 141)؛ و السروال (ص 52) الذي يتحد في الجذر مع كلمة «شلوار» الفارسية؛ و الشبارق (ن.ص) التي اعتبرها الجواليقي تبعاً لابن دريد معربة عن كلمة پيشپاره (پيشپارك) أو مايشبهها (ص 204).

لم‌يشر أحد إلى ديوان الأسود، و لكن يبدو أن شعره كان قد جمع، فقد كتب أبوعبدالله محمد اليزيدي في بداية القرن 4ه‍ : في آخر شعر الأسود بن يعفر بخط أبي عبدالله بن مقلة (ص 157).

و في العصر الحالي، كان لويس شيخو أول من بادر إلى جمع أشعاره، حيث ذكر حوالي 100 بيت من أشعار الأسود في شعراء النصرانية (ص 475-485)؛ ثم أدرج غاير، بذريعة عُشي الأسود حوالي 270 بيتاً له في كتابه الصبح المنير (ص 293-310)، وأخيراً، قام نوري حمودي القيسي، بإكمال المجموعتين السابقتين، وأصدر ديواناً يتضمن مايقرب من 370 بيتاً.

 

المصادر

آذرنوش، آذرتاش، راههاي نفوذ فارسي در فرهنگ وزبان عرب جاهلي، طهران، 1374ش؛ ابن سلام، محمد، طبقات الشعراء، ليدن، 1913م؛ ابن‌فضل‌الله العمري، أحمد، مسالك الأبصار، فرانكفورت، 1408ه‍/ 1988م؛ ابن‌قتيبة، عبدالله، الشعر و الشعراء، تق‍ : محمد يوسف نجم و إحسان عباس، بيروت، 1964م؛ ابن منظور، لسان؛ أبوزيد الأنصاري، سعيد، النوادر في اللغة، بيروت، 1387ه‍/1967م: ابو عبيد البكري، عبدالله، معجم مااستعجم، تق‍ : مصطفى السقا، بيروت، 1403ه‍/1983م؛ أبوالفرج الأصفهاني، الأغاني، القاهرة، وزارة الثقافة والإرشاد القومي؛ الأزهري، محمد، تهذيب اللغة، تق‍ : عبدالسلام محمد هارون، وآخرون، القاهرة، 1966م؛ الأسود بن يعفر، ديوان، تق‍ : نوري حمودي القيسي، بغداد، 1968م؛ البستي، أبوسليمان، غريب الحديث، تق‍: عبدالكريم إبراهيم الغرباوي، دمشق، 1402ه‍/1982م: الجواليقي، موهوب، المعرب، تق‍ : أحمد محمد شاكر، القاهرة، 1936م؛ شاكر، أحمد و عبدالسلام محمد هارون، حاشية على المفضليات (ظ: هم‍، المفضل الضبي)؛ شيخو، لويس، شعراء النصرانية، بيروت، 1926م؛ غاير، رودلف، الصبح المنير في شعر أبي بصير، لندن، 1928م؛ القاموس؛ القرآن الكريم؛ المفضل الضبي، محمد، المفضليات، تق‍ : أحمد محمد شاكر و عبدالسلام محمد هارون، القاهرة، 1383ه‍/1963م؛ نخلة، رفائيل، غرائب اللغة العربية، بيروت، 1959م؛ الهمداني، الحسن، صفة جزيرة العرب، تق‍ : محمد بن علي الأكوع، صنعاء، 1983م؛ ياقوت، الأدباء؛ اليزيدي، محمد، الأمالي، بيروت، 1984م.

 

آذرتاش آذرنوش/خ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: