الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادب العربی / الأسیر /

فهرس الموضوعات

الأسیر

الأسیر

تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/21 ۲۲:۵۶:۲۶ تاریخ تألیف المقالة

اَلْأَسير، يوسف بن عبدالقادر بن محمد الحسيني(1230-1307ه‍/1815-1889م)، أديب، فقيه، شاعر و صحفي لبناني. قضى أحد أجداده فترة أسيراً بمالطة على أثر معركة مع الأوروبيين، ولذلك عرف هو و أسرته بالأسير.

ولد الأسير في صيدا و انشغل فيها بحفظ القرآن و تعلم مقدمات الأدب و حضر دروس أساتذة مثل أحمد الشرمبالي (طرازي، 1/135؛ زيدان، 2/221؛ آل جندي، 2/325؛ البستاني، 13/375). توجه إلى دمشق و هو في سن السابعة عشرة بعد أن رغب عن مهنة أبيه التاجر و تلقى العلم لبضعة أشهر في المدرسة المرادية في تلك المدينة، و لكن موت أبيه أضطره إلى أن يعود إلى صيدا و أن يواصل عمل أبيه لإدارة شؤون أسرته (طرازي، زيدان، أيضاً البستاني، ن.صص). و مع كل ذلك، فإن تعلقه بالعلم و الأدب أثار شوقه إلى السفر مرة أخرى فذهب في أواخر سنة 1250ه‍/1834م إلى القاهرة ( البستاني، ن.ص) و انشغل في الأزهر لمدة 7 سنوات في تلقي العلوم الأدبية و الدينية. و قد أدت أستاذيته و إحاطته العلمية في ذلك العصر إلى شهرته، حتى إنه كان يشارك في مجالس كبار العلماء في القاهرة و يقوم بتعليم أبنائهم و يحضر الامتحانات العامة للمدارس العليا و يقوم بوضع أسئلتها (طرازي، آل جندي، ن.صص؛ زيدان، 2/221-222؛ عطاء‌الله، 2/ 368). و بالطبع فإن التطورات و التغييرات الواسعة التي حدثت بمصر في عهد محمد علي باشا تركت أثراً عميقاً على هذا الطالب الأزهري الشاب ( البستاني، ن.ص).

بعد فشل الخطط السياسية و العسكرية لمحمد علي و خمود أمواج هذه التطورات، اضطر الأسير للعودة إلى صيدا في 1257ه‍/1841م (ن.ص؛ أيضاً ظ: زيدان، ن.ص، الذي أورد أن سبب رجوع الأسير إلى مصر هو مرض الكبد)، و لكن إقامته في مسقط رأسه لم‌تدم طويلاً في هذه المرة أيضاً و سافر في 1258ه‍/1842م إلى طرابلس التي كانت تتفوق كثيراً على صيدا من الناحية الثقافية و الأدبية، و أقام فيها 3 سنوات و انشغل في تدريس العلوم الأدبية و الإسلامية. جذبت شهرة الأسير العلمية الكثير من علماء تلك المدينة و أدبائها إليه و تحولت مجالس تدريسه في الجامع المنصوري الكبير إلى مجمع لكثير من محبيه. و من جملة الشخصيات التي كانت تحضر مجالسه العامة، أو الخاصة في طرابلس، يوحنا الحاج، أسقف الموارنة الأعظم ويوحنا حبيب، مؤسس جمعية المبشرين المارونيين، حيث انبهروا بمكانة الأسير العلمية، كما انبهروا بلطافة كلامه و دماثته في نفس الوقت (طرازي، 1/135-137؛ زيدان، آل‌جندي، أيضاً البستاني، ن.صص).

توجه الأسير إلى بيروت في 1261ه‍/1845م. و قد كانت هذه المدينة ذات المناخ المعتدل تزدهر شيئاً فشيئاً آنذاك بفضل النشاطات الثقافية و التعليمية للوفود المسيحية و اتساع المدارس و المطابع، وكانت تبرز تدريجياً أمام القاهرة التي كانت قد اجتازت فترة من ازدهارها السياسي و العلمي. وجد الأسير في هذه المدينة أرضية مناسبة لنشاطاته. و اختير أولاً لرئاسة أمناء المحكمة الشرعية في بيروت، و انشغل في ذات الوقت بالتعاون مع هيئة المبشرين الأميركيين لترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة العربية. و تعلم بعض من أعضاء هذه الهيئة مثل كرنليوس فانديك اللغة العربية لديه. و فضلاً عن ذلك، فقد نظم لهم بالعربية الكثير من أشعار المسيحيين الدينية التي كانت قد أخذت من الكتاب المقدس. ثم أوكل إليه منصب الإفتاء في مدينة عكا و ظل في هذا المنصب حتى 1276ه‍/1860م (طرازي، 1/137؛ زيدان، أيضاً البستاني؛ ن.صص؛ آل جندي، 2/325-326).

و مع قدوم فؤاد باشا وزير خارجية الدولة العثمانية إلى لبنان في نفس تلك السنة بدأت مرحلة جديدة من نشاطات الأسير الحكومية، حيث استمرت لعدة سنوات. و إن فؤاد باشا الذي كان قد سافر إلى لبنان لإخماد اضطراباتها الداخلية و الحيلولة دون تدخل فرنسا في شؤونها، عين الأسير في منصب الادعاء العام في جبل لبنان (طرازي، زيدان، آل جندي، أيضاً البستاني، ن.صص). صادف نشاط الأسير في جبل لبنان حكم داود باشا في لبنان، ويبدو أن مشاهدته لأوضاع أهالي تلك المنطقة و قضاياهم جعلته يفكر في توسيع منطقة جبل لبنان و توحيدها مع المدن الساحلية الكبيرة و المناطـق الشرقية من لبنان، كمـا فعـل ذلك داود باشـا ( البستاني، 13/376؛ أيضاً ظ: خاطر، 34). و بالطبع فإن هذه الأنشطة لم‌تمنعه من ممارسة أعماله الأدبية و الذوقية، فكان أحياناً يكتب على سبيل المثال مقالات في جريدة لبنان و قد أشار هو نفسه إلى ذلك في شعر له (طرازي، أيضاً البستاني، ن.صص).

و مع نهاية حكم داود باشا في لبنان و عودته إلى القسطنطينية انتهت أيضاً مهام الأسير الحكومية، و يبدو أنه غادر هو أيضاً لبنان تزامناً مع داود باشا متوجهاً إلى القسطنطينية كي يستأنف فيها نشاطاته العلمية بعيداً عن المشاغل القضائية و القانونية. و في تلك المدينة، أوكل إليه منصبان مهمان في نفس الوقت: أحدهما التدريس في دار‌المعلمين الكبرى و الآخر رئاسة التنقيح في دائرة الإشراف في المعارف (طرازي، زيدان، أيضاً البستاني، آل جندي، ن.صص؛ شيخو، 2/75). كما انشغل في نفس الوقت في كتابة مقالات في الجوائب، الجريدة المعروفة لأحمد فارس الشدياق في القسطنطينية (طرازي، ن.ص). و خلال فترة إقامة الأسير في تلك المدينة، لفتت شهرته العلمية أنظار محافل القسطنطينية، و حضر حلقات تدريسه عدد من كبار شخصيات الدولة العثمانية و منهم رشدي باشا شرواني الصدر الأعظم، أحمد جودت باشا وزير المعارف، وصيفي أفندي رئيس أمناء مجلس الحكم، و ذهني أفندي رئيس مجلس المعارف (طرازي، زيدان، ن.صص). مالبثت شهرة الأسير و مكانته أن هيأت الأرضية لتقدمه و حصوله على المناصب العليا في جهاز الحكم العثماني (م.ن، 2/223). و مع كل ذلك، يبدو أن بيئة القسطنطينية، أو مناخها لم‌يلائم مزاجه، فترك بعد فترة العاصمة العثمانية، رغم مساعي محبيه في الحكومة العثمانية لإبقائه فيها، فعاد إلى لبنان و أقام في بيروت (طرازي، زيدان، شيخو، آل جندي، أيضاً البستاني، ن.صص).

إن العقدين الأخيرين من عمر الأسير برمتهما و اللذين بدءا منذ هذه الفترة، انقضيا في مزاولة الأنشطة العلمية و الأدبية. فأقبل من جهة على التدريس في المراكز العلمية و المعاهد المهمة في بيروت مثل مدرسة پطرس البستاني الوطنية، المدرسة العبية، مدرسة ثلاثة أقمار، مدرسة حكمت يوسف دبس و الكلية الإنجيلية السورية، و انشغل من جهة أخرى في البحث و التأليف و كتب آثاراً في مواضيع مختلفة اعتباراً من الفقه و اللغة و حتى الشعر و المسرحيات (ظ: آثاره). وفضلاً عن ذلك، فقد تركز قسم من نشاطاته في هذه الفترة في مجال الصحافة و تولى لفترة الكتابة و رئاسة التحرير في صحيفتي ثمرات الفنون و لسان الحال (طرازي، 1/137- 138؛ زيدان، شيخو، أيضاً البستاني، ن.صص؛ آل جندي، 2/325-326). ظلت حلقات تدريسه تحظى باهتمام وإقبال مشاهير ذلك العصر، المسلمون منهم و المسيحيون، و منهم غريغوريوس الرابع الأسقف الأعظم للكنيسة الأرثوذوكسية في أنطاكيا، و مارتين هارتمن، أستاذ اللغة العربية في مدرسة اللغات الشرقية في برلين، حيث كانا يحضران مجالس تدريسه في سنوات عمره الأخيرة (طرازي، 1/ 138؛ آل جندي، 2/325). توفي يوسف الأسير في بيروت و دفن في مقبرة باشورة (طرازي، زيدان، أيضاً البستاني، ن.صص).

كان حب الأسير للعلم، و وقاره و دماثة أخلاقه، قد جعلت منه شخصية محبوبة تستحق الاحترام و كان بمقدور الأشخاص المختلفين ذوي النزعات و المذاهب المختلفة أن يستفيدوا من علمه، خاصة في المجالات الأدبية و الإسلامية الواسعة.

يعتبر الأسير من الجيل الأول لرواد النهضة الأدبية العربية في لبنان. فقد أدت جهوده و خاصة في اللغة العربية و آدابها إلى أن يعتبر من أركان البلاغة العربية في القرن 19م أسوة بأحمد فارس الشدياق و إبراهيم الأحدب (كشلي، 35؛ اليازجي، 75، 81). و قد كان من خريجي الأزهر و كان أديباً و فقيهاً متمكناً، و كان يعد أيضاً ممثلاً لتراث السلف الفكري و الثقافي، كما كان قد تعرف على الأدب و الثقافة الحديثة مستجيباً لمقتضيات ذلك العصر، وفي هذا المجال فإن من الطبيعي أن يكون استئناسه بالموروثات الفكرية و الثقافية القديمة أكثر بكثير من ارتباطه بالأساليب والأفكار الجديدة التي كانت تعم البلدان العربية، خاصة في النصف الثاني من عمره. و من خلال نظرة إلى عناوين مؤلفاته ومواضيعها و التي تكون غالبيتها فقهية و أدبية، يمكن أن ندرك جيـداً هـذه الملاحظـة. و رغـم أن أشعـاره تـدل ــ شأنهـا شـأن أشعار معاصريه ــ على محاولته للتخلص من الانحطاط و توظيف التراث الشعري القيم للعصر العباسي، إلا أنها لاتتمتع بحظ كبير من الأصالة و الإبداع الشخصي و هي تدل على شخصية طائفة من الشعراء الذين كانوا قد ظلوا مرتبطين في بداية العصر الحديث بالنماذج الأدبية للقدماء، قبل أن تدل على علاقة حقيقية بين الشاعر و عصره (الفاخوري، 660) و بالطبع فإن فكرهم ونشاطهم الاجتماعي لم‌يكن سوى مقدمة لتحول أكبر و أوسع (البستاني، ن.ص).

 

آثـاره

1. إرشاد الورى لنار القرى، في النحو و هو رد على نار القرى في شرح جوف الفرا لناصيف اليازجي. طبع هذا الكتاب في القسطنطينية (1290ه‍/1873م). 2. الديوان، و المعروف أيضاً باسم الروض الأريض و يضم قسماً من أشعار الأسير المشتملة على القصائد و الموشحات و غيرها. طبع هذا الكتاب في بيروت (1306ه‍/1889م). 3. رائض الفرائض أرجوزة فقهية تضم 520 بيتاً في موضوع الإرث على أساس المذهب الحنفي و قد طبعت في بيروت (1290ه‍/1873م). 4. رد الشهم للسهم، في الرد على السهم الصائب لسعيد الشرتوني و هو أيضاً نقد على غنية الطالب و منية الراغب لأحمد فارس الشدياق في الصرف و النحو. كتب الأسير ردالشهم بطلب من أحمد فارس الشدياق و دفاعاً عن كتابه؛ و مع كل ذلك، فقد قبل الأسير في الكثير من المواضع صحة انتقادات الشرتونـي. طبع هذا الكتـاب في القسطنطينيـة (1291ه‍/1874م). 5. رسالة الجراد، معجم صغير على أسلوب المعاجم القديمة الأحادية الموضوع في وصف الجراد و أسمائه و خصائصه، و قد طبع في بيروت، (1865م). 6. سيف النصر، مسرحية نشرت في بيروت، وهي من آثار الأسير القليلة التي تدل على ميله إلى الأساليب والمواضيع الأدبية الحديثة ( البستاني، ن.ص). 7. شرح أطواق الذهب للزمخشري، و يشتمل على 100 مقالة في المواعظ والحكم، و قد طبع في بيروت (1293ه‍). 8. شرح رائض الفرائض، و هو شرح موسع لكتاب رائض الفرائض (ظ: الأثر رقم 3) و قد طبع في بيروت (1290ه‍/1873م). 9. المجلة، في قوانين الشرع والأحكام القضائية في الدولة العثمانية، طبع في بيروت (1904م). 10. مجموع الأسير، مخطوطة في 672 صفحة، تشمل مختارات نثرية و شعرية و رسائل الأسير و مقالاته بخطه و يتملكها ورثة حفيده صلاح الأسير ( البستاني، ن.ص)؛ 11. هدية الإخوان في تفسير ما أبهم على العامة من ألفاظ القرآن، و قد طبع في بيروت، و لكن البعض اعتبره من تأليف ابنه مصطفى الأسير (فانديك 496).

كما نسبت إلى الأسير كتب و مؤلفات أخرى، فقدت على ماروى البعض، أو احترقت (طرازي، 1/137؛ آل جندي، 2/326؛ البستاني، 13/377).

 

المصادر

آل جندي، أدهم، أعلام الأدب و الفن، دمشق، 1958م؛ البستاني؛ خاطر، أحمد، عهد المتصرفين في لبنان، بيروت، 1967م؛ زيدان، جرجي، مشاهير الشرق، بيروت، دار مكتبة الحياة؛ شيخو، لويس، الآداب العربية في القرن التاسع عشر، بيروت، 1924م: طرازي، فيليب، تاريخ الصحافة العربية، بيروت، 1913م؛ عطاءالله، رشيد يوسف، تاريخ الآداب العربية، تق‍ : علي نجيب عطوي، بيروت، 1405ه‍/1985م؛ الفاخوري، حنا، تاريخ أدبيات زبان عربي، تج‍ : عبدالحميد آيتي، طهران، 1361ش؛ كشلي، حكمت، المعجم العربي في لبنان، بيروت، 1982م؛ فانديك، إدوارد، إكتفاء القنوع، القاهرة، 1896م؛ اليازجي، كمال، رواد النهضة الأدبية، بيروت، 1962م.           

مهران أرزنده/خ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: