الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الادیان و التصوف / الأسمر /

فهرس الموضوعات

الأسمر

الأسمر

تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/21 ۲۱:۰۰:۳۴ تاریخ تألیف المقالة

اَلْأَسْمَر، عبدالسلام بن سليم الفيتوري (ربيع الأول 880- رمضان 981/تموز 1475-كانون الثاني 1574)، الصوفي و محيي الطريقة العروسية (ن.ع). و حسب قوله لُقب بالأسمر لإحيائه الليالي بالعبادة (البرموني، 86-87)، و قيل أيضاً لعدم تفريقه في العبادة بين الشمس و الظل و الحر و البرد حتى اسمر وجهه (سالم، 17). و نسبه الفيتوري يدل على انتمائه إلى القبيلة الفيتورية (الفواتير) (البرموني، 75-77).

ولد عبدالسلام في قرية زليطن (زليتن) بطرابلس الغرب (م.ن، 91؛ سالم، 16-17). و يصل نسبه عن طريق إدريس بن عبدالله المحض إلى الإمام الحسن (ع) (البرموني، 74، 83؛ سالم، 16). رحل أجداده في زمن الحجاج من مكة إلى المغرب (البرموني، 75؛ سالم، ن.ص). توفي والده و هو في الثانية من عمره، فتولى عمه أبوالعباس أحمد بن محمد الفيتوري رعايته وكان أول أستاذ له. حفظ عبدالسلام القرآن الكريم و هو ابن سبع سنين (البرموني، 91؛ سالم، 17)، ثم انضم إلى حلقة مريدي الشيخ عبدالواحد الدوكالي من مشايخ الطريقة العروسية، و قرأ عليه لسبع سنوات كتباً منها المختصر و الرسالة و مقدمة الأشعري في التوحيد (البرموني، 92-93؛ الأزهري، 201؛ سالم، ن.ص). كما أشار الأزهري إلى اثنين آخرين من مشايخه و هما عبدالرحمان المسلاتي و الشيخ زروق (ن.ص).

كان عبدالسلام في البداية يتجنب مجالس السماع و مدائح الصوفية، بل و كان ينكرها، و على قول البرموني (ص 93)، كان «حافظاً للسنة»، إلاّ أنه حسب رواية، قصد ذات يوم زيارة قبور أجداده، فلما وصل وجد بإزاء قبورهم طائفة يضربون الدفوف وينشدون أشعاراً منسوبة لممشاد الدينوري، فأخذه ما أخذه من الجذب و بقي يشطح حتى أصابه حال عظيم و أخذ يضرب الدف فأنكر عليه ذلك أستاذه الشيخ عبدالواحد الدوكالي الذي كان صوفياً متشرعاً، إلاّ أن عبدالسلام استطاع التغلب على أستاذه بمواصلته ضرب الدف بكل شوق و لهفة مما حدا به إلى أن يأذن لعبدالسلام بضرب الدف و يؤيده، و قيل أيضاً صار لايقدر أن يصبر على فراقه (م.ن، 93-96). و كما وردت في الروايات فقد بلغ به الأمر في ضرب الدف حداً، بحيث تعاطف معه من أنكر عليه ذلك من المشايخ و أصبحوا من ملازميه و أخذوا عنه الطريقة (م.ن، 96-100)، إلاّ أن عقائده و سلوكه غير المتعارف على العموم كانا السبب في إثارة سخط و عداوة كثير من العلماء له، حيث رموه بالسحر و نفوه مرات من مدينته (م.ن، 101). ثم سافر إلى مناطق مختلفة منها: طرابلس و تاورغا و مسراته (مصراته) و قلعة سوف الجين، و انبرى لتربية مريديه في جامع الناقة بطرابلس، لكنه اتهم هناك أيضاً بالتآمر و إثارة الفتن فأخرج منها بأمر واليها (م.ن، 101-112؛ سالم، 18).

عاد عبدالسلام في أواخر حياته إلى زليطن و نزل بين قبيلة البراهمة الذين فرحوا بنزوله و عظموه، فأسس زاوية بها في 970ه‍ و انبرى للوعظ و الإرشاد و تربية المريدين و كذلك التأليف (البرموني، 112؛ سالم، 18-19). و أخيراً توفي في مسقط رأسه و دفن فيها (البرموني، 226-227؛ سالم، 19). عمرّ طويلاً، و قيل كان له من العمر حين وفاته 110 أو 111 سنة، و ورد أيضاً 120 سنة (البرمرني، 228).

يعتبر عبدالسلام صوفياً مالكي المذهب أحيا الطريقة العروسية، من فروع الطريقة الشاذلية. قيل إن أحمد بن عروس مؤسس الطريقة العروسية كان قد تنبأ بولادة عبدالسلام و عدّه خامس خليفة من بعده (م.ن، 89؛ سالم، ن.ص). تصل أسانيد مشايخه بأربع وسائط عن طريق عبدالواحد بن محمد الدوكالي إلى أحمد‌بن عروس (الكتاني، 1/206). أوجد الأسمر تغييرات في الطريقة العروسية و عرض بعض عقائد هذه الطريقة ونمط السير والسلوك فيها بصورة جديدة، و من جملة هذه التغييرات التي تحدث عنها بإسهاب في الوصية الصغرى و الوصية الكبرى، التأكيد على لبس الأبيض، أو الأخضر، و الدوام على الأذكار والأدعية الخاصة، و الحضور في «حضرة» الشيخ بشروطه و آدابه الخاصة و ضرب «البنديز» (الدف) (ظ: البرموني، 178-210، الذي نقل نص الوصية الصغرى)، فهذه الوصايا تعتبر في الواقع بمثابة جدول أعمال هذه الطريقة و على جميع أصحاب الأسمر أن يضعوها نصب أعينهم في شؤونهم الحياتية و الدينية. كان الأسمر يحترم عقيدته و أقواله احتراماً معنوياً للغاية و يرى من الضرورة تعلمها و قراءتها و استماعها بغية تربية المريدين معنوياً (ظ: م.ن، 195-200). و قد وردت مثل هذه الآراء للأسمر بوضوح و لاسيما في أشعاره، حيث دعى نفسه فيها بالقطب و الغوث و الولي المشهور و من أكابر المشايخ و حامل علوم الخضر و لقمان وادعى أنه ورث الأسرار الإلٰهية من النبي (ص)، و لايكون أحد أعلى منه درجة في عصره، إلاّ من ثبتت عصمته (م.ن، 113-115، 153-154، 160-162). وكان يدافع عن الحلاج بين كبار الصوفية، و يعتبر ابن عربي أكبر أولياء جميع الأعصار و ركن الطريقة (م.ن، 115-116، 158- 159).

كان الأسمر يعيش في عصر اكتنفته الفتن و الاضطرابات و قد أدى هذا التدهور و الاضطراب إلى إيجاد و شيوع النزعات الزهدية بين أمثاله من الصوفية. و كان لعبدالسلام أتباع ومريدون كثيرون ورد أسماء بعضهم في المصادر (ظ: م.ن، 246-257؛ الأزهري، 201).

و بعد وفاة الأسمر خلفه تلميذه ابن حجا عمر بن محمد بن حمودة الطرابلسي حسب وصيته (البرموني، 227)، و كان ضريحه في زليطن مزاراً لمحبيه و أصحابه دائماً، و قد شيد اليوم هناك مركز باسم «المعهد الأسمري» للدراسات الدينية.

و قد أدت شهرة عبدالسلام و منزلته أن تعرف الطريقة العروسية بالسلامية أيضاً. و يستخدم هذان الاسمان حالياً في أغلب دول شمال أفريقيا ولاسيما في تونس على أنهما مترادفان (الرزقي، 130؛ تريمينغهام، 87؛ أيضاً ظ: ن.د، ابن عروس). و هذه الطريقة هي طريقة جذب و ذكر و نفحات، و لأصحابها أذكار قليلة و أدعية خاصة ينشدونها في مجالس سماعهم مع ضرب الدف، و تتناغم الجماعة الحاضرة معهم بذكر التهليل. و قد شاع اليوم بين أتباع هذه الطريقة مثل بعض طرق الصوفية الأخرى القيـام بالأعمـال العجيبـة و الريـاضـات الخاصـة كالتهام النـار والدخول في حلقاتها و غيرها (الرزقي، 130، 132).

و لهذا الطريقة اليوم أتباع كثيرون في تونس و مصر و ليبيا، حيث تضاهي هذه الطريقة في تونس الطريقتين القادرية (ن.ع) والعيساوية (ن.ع) (م.ن، 130).

و قد ألف الشيخ كريم الدين البرموني أحد تلامذة عبدالسلام كتاباً باسم روضة الأزهار و منية السادات الأبرار، في ترجمة أستاذه، اعتنى بتنقيحه محمد بن محمد بن عمر مخلوف، و سمّاه مواهب الرحيم في مناقب مولانا الشيخ سيدي عبدالسلام بن سليم، إلاّ أن هذا الكتاب حمل عنوان تنقيح روضة الأزهار و منية السادات الأبرار في طبعتي القاهرة (1386ه‍( و بيروت.

كما ألف أبومحمد عبدالسلام بن صالح أحد أحفاد عبدالسلام كتاباً باسم فتح العليم في ترجمة جده (مخلوف، 318؛ الكتاني، 1/206).

 

آثـاره

1. الأنوار السنية في أسانيد الطريقة العروسية، ذكر فيه اتصالاته بالشيخ أحمد بن عروس (الكتاني، 1/205-206)؛ 2. سفينة البحور، تضم أشعاراً لعبدالسلام و قد طبعت عام 1969م في القاهرة؛ 3. العظمة في التحدث بالنعمة، جمع فيه حسب قوله أذكاراً كثيرة (البرموني، 115؛ أيضاً ظ: سالم، 19)؛ 4. الوصية الصغرى، و هي خلاصة الوصية الكبرى و يبدو أنه ألفها أثناء وجوده في مسقط رأسه و تم جمعها على يد تلميذه محمد بن‌عطية (البرموني، 210)؛ 5. الوصية الكبرى، دونها المؤلف في 972ه‍ في مسقط رأسه و تشمل إجاباته على أسئلة محمد بن‌عطية (ن.ص؛ أيضاً ظ: GAL,S,II/998)، و قد نشر إسحاق بن إبراهيم المُليجي هذين الأثيرين الأخيرين في كتابه: في هامش حياة سيدي عبدالسلام الأسمر (طرابلس، 1969م).

يبدو أنه كان لعبدالسلام رسائل أخرى، منها رسالة تضم نصائحه و أقواله لأصحابه و مريديه، و أخرى فيها أخبار غيبية جمع محمد بن عطية قسماً منها، و جمع الآخرون من مريديه أقسامها الأخرى (البرموني، 210-211). و له أيضاً 4 أحزاب، أو أدعية ذكرها في وصيته الكبرى و هي: الحزب الكبير، و حزب الطمس، و حزب الخوف، و حزب الفلاح، كما طبعت في آخر كتاب تنقيح روضة الأزهار (م.ن، 211-222).

كما نقلت أشعار للشيخ عبدالسلام، ورد كثير منها في كتاب تنقيح روضة الأزهار (م.ن، 121-122، 141، 143-176؛ أيضاً ظ: الرزقي، 132-135).

 

المصادر

الأزهري، محمد البشير ظافر، اليواقيت الثمينة، القاهرة، 1324ه‍؛ البرموني، كريم‌الدين، روضة الأزهار ومنية السادات الأبرار، تنقيح محمد مخلوف، بيروت، المكتبة الثقافية؛ الرزقي، الصادق، الأغاني التونسية، تونس، 1967م؛ سالم‌بن حمودة، «الشيخ عبدالسلام الأسمر»، المسلم، القاهرة، 1383ه‍/1963م، س 13، عد 8؛ الكتاني، عبدالحي، فهرس الفهارس و الأثبات، تق‍ : إحسان عباس، بيروت، دار الغرب الإسلامي؛ مخلوف، محمد، شجرة النور الزكية، القاهرة، 1350ه‍؛ و أيضاً:

 

GAL,S; Trimingham, J. S., The Sufi Orders in Islam, Oxford, 1971.

محمد جواد شمس/ت.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: