أَسْمَرَة، عاصمة جمهورية إريتريا الأفريقية. تقع هذه المدينة على خطي العرض الشمالي 15° و 20´و الطول الشرقي 38° و 55´ في أقصى شمال فلات إريتريا و على بعد 64كم جنوب غربي ميناء المصوّع، و يبلغ ارتفاعها عن سطح البحر 325,2 متراً و تعتبر أكبر مدن إريتريا (صبي، 261؛ بريتانيكا، ميكرو؛ كلير...؛ «دائرة‌المعارف...»).

يبدو أن اسم هذه المدينة التي كانت تتألف في البدء من 4 قرى صغيرة تدعى عَربَتي أسمرة، مشتق من كلمة أَسْمَرَت التيغرينيائية بمعنى المفيد و المجدي. و في هذا المجال توجد بين السكان الأصليين رواية أسطورية تربط اسم هذه المدينة بالجهود «المجدية» التي بذلت في الماضي البعيد لإنهاء القتال بين أهالي هذه القرى. و مع كل ذلك، فإننا نلاحظ اسم أسمرة في كتابات التجار البنادقة في القرن 14م و هذا مايدل على قدم هذه المدينة (صبي، 190، الهامش).

طقس أسمرة في الصيف حار و في الشتاء معتدل نسبياً. و تبلغ أعلى درجة للحرارة فيها 30° و أدنى درجة صفراً. يتركز فصل الأمطار في هذه المدينة فـي الغالب بين شهور حزيران حتى آب، و يبلغ معدل الأمطار السنوية 560 مليمتراً (كلير؛ البستاني؛ «دائرة‌المعارف»).

رغم أن أسمرة تعد قصبة قديمة، فإنها كانت تعتبر حتى النصف الثاني من القرن 19م قرية صغيرة عديمة الأهمية. و لم‌تبدأ شهرتها و أهميتها السياسية، إلا عندما هزم الإيطاليون في 1889م قوات النجاشي يوحنا الرابع إمبراطور إثيوبيا، و احتلوا أسمرة التي كانت مقر القوات الإثيوبية. و في 4 آب 1889، دخل قائد القوات الإيطالية أسمرة ثم فرضت سيادة إيطاليا على إريتريا بموجب معاهدة (صبي، 190، الكتاب الأخضر، 86-87؛ «دائرة المعارف»؛ كلير، لاروس الكبير). و في معركة أخرى نشبت في 1896م بين القوات الإيطالية و الإثيوبية، هزم الإيطاليون، مما حال دون اتساع نطاق سيطرتهم في إثيوبيا. و منذ ذلك الحين تحولت أسمرة إلى مركز إداري للحكومة الإيطالية الواقعة تحت الوصاية في إريتريا فازدادت مساحتها و سكانها ( الكتاب الأخضر، 88؛ لاروس الكبير؛ «دائرة‌المعارف»). و عندما تولى فرناندو دي مارتيني حكم إريتريا، قسم هذا البلد إلى 9 محافظات كان لكل منها حاضرة خاصة، و اعتبرت أسمرة حاضرة محافظة حماسين.

كانت أسمرة مدينة صغيرة حتى أواسط الثلاثينيات، حيث بدأ عهد جديد من النزعات التوسعية في شرق أفريقيا، و لكنها تحولت منذ ذلك الحين إلى القاعدة الرئيسة للإيطاليين في الهجوم على إثيوبيا، و تزايدت وتيرة تطورها و اتساعها بناء على رغباتهم. بنى الإيطاليون أسمرة على غرار المدن الأوروبية، وبادروا إلى بناء الشوارع الواسعة و المدارس و المستشفيات والمؤسسات الأخرى؛ بحيث تحولت هذه المدينة إلى مركز رئيس في المناطق الشرقية من أفريقيا الخاضعة لنفوذ إيطاليا، و عرفت باسم «روما الصغيرة» (صبي، 204,206,266؛ الكتاب الأخضر، 90؛ بريتانيكا، ميكرو؛ لاروس‌الكبير؛ كلير).

و خلال الحرب العالمية الثانية، أنهت بريطانيا حكم إيطاليا الطويل لذلك البلد بعد هزيمتها القوات الإيطالية في إثيوبيا وإريتريا، و دخلت القوات البريطانية أسمرة في نيسان 1941، وحكمت تلك المنطقة لمدة عقد. كانت أسمرة تحت الاحتلال البريطاني حتى 1952م حيث تحولت إثيوبيا و إريتريا إلى دولة اتحادية بموجب قرار للأمم المتحدة، و اصبحت منذ ذلك الحين حاضرة حكومة إريتريا الفيدرالية (الكتاب الأخضر، 91، 95-96؛ بريتانيكا، ميكرو؛ عن قرار الأمم المتحدة و القضايا المتعلقة به، ظ: صبي، 223 و مابعدها). و خلال التحولات التي حدثت بعد خروج القوى الأوروبية من إريتريا و النزاعات الناجمة عن ضمها المفروض إلى إثيوبيا، لعبت أسمرة دوماً دوراً هاماً في النشاطات السياسية، وكانت مسرحاً لأحداث كثيرة (مثلاً ظ: الكتاب الأخضر، 97-99؛ صبي، 235,246,251؛ عن إلحاق إريتريا إلى إثيوبيا، ظ: ن.د، إريتريا).

و بعد سقوط إمبراطورية هيلا سي لاسي في إثيوبيا و تسلم العسكريين لزمام الحكم فيها (1974م)، ظلت أسمرة من المراكز الحساسة التي كانت الحكومة الإثيوبية و ثوار إريتريا يبذلون جهوداً مضنية للمحافظة، أو السيطرة عليها. و في أوائل سنة 1991م، حوصرت هذه المدينة التي كانت بيد القوات الإثيوبية، لتسقط أسمرة أخيراً دون إراقة للدماء بيد ثوار إريتريا بعد استسلام الجيش الإثيوبي الثاني في أيار 1991. فشكلوا حكومة مؤقتة في هذه المدينة حتى تهيأت مقدمات الاستفتاء العام في إريتريا. و بعد الاستفتاء و استقلال إريتريا في 1993م و الذي حظى بموافقة منظمة الأمم، اعتبرت مدينة أسمرة عاصمة لهذا البلد ( الكتاب الأخضر، 137، 143 و مابعدها). كما اعتبرت هذه المدينة حاضرة محافظة إريتريا ــ إحدى محافظات إريتريا العشر بعد الاستقلال ــ (ن.م، 153-154).

و بعد نصف قرن من تواجد الإيطاليين، و احتياجاتهم السياسية و العسكرية، اتسعت هذه المدينة طبقاً لنموذج المدن الأوروبية وقسمت إلى قسمين حديث و قديم. و قد تم تصميم و بناء القسم الحديث من المدينة و الذي هو وليد الثقافة الأوروبية و طرازها المعماري، بشكل جيد، خلافاً للحارات البالية و الفقيرة في المدينة القديمة، و هو يشتمل على شوارع واسعة و مبان و بيوت جميلة. وتضم المدينة مسجداً جامعاً (1937م) و كنيسة أرثوذوكسية وكنيسة كاثولوكية جامعة (1922م)، كما أسست فيها مؤسسات تعليمية كثيرة منها المدارس الثانوية و جامعة و مكتبة عامة وكذلك مستشفيات ذات إمكانيات علاجية حديثة. و من المباني المهمة الأخرى في المدينة قصر و مباني المجلس التشريعي والبلدية ( البستاني، بريتانيكا، ميكرو؛ كلير؛ «دائرة‌المعارف)».

تعتبر أسمرة من المراكز الصناعية المهمة في إريتريا، و توجد فيها الكثير من المصانع مثل مصانع السيارات و إنتاج الإسمنت والسماد الكيمياوي و الصابون و الخشب و الورق و الجلود والصناعات الغذائية و الأقشمة و الأحذية و غيرها (صبي، 265؛ بريتانيكا، ميكرو؛ كلير). و فضلاً عن ذلك، فإن إحداث البحيرات الاصطناعية و السدود قرب أسمرة، زادت من ازدهار النشاطات الزراعية في هذه المنطقة بالإضافة إلى تأمين الكهرباء (صبي، 263).

تعد أسمرة من المراكز المهمة في شبكة الطرق في إريتريا، حيث يمر منها خط السكك الحديدية المصوّع ـ أكوردات بطول 306كم. و تضم هذه المدينة مطاراً دولياً (م.ن، 266؛ بريتانيكا، ميكرو).

يشكل المسلمون نصف سكان أسمرة تقريباً، فيما يشكل المسيحيون النصف الآخر، حيث يتحدثون باللغة التيغرينيائية. وكان يعيش قبل ذلك بضعة آلاف من الإيطاليين في هذه المدينة. قدر عـدد سكان أسمـرة فـي 1992م بـ400 ألف نسمة (ن.ص؛ كلير؛ «ألماناك...»، 761).

المصادر

البستاني؛ الكتاب الأخضر، إريتريا، مكتب الدراسات السياسية والدولية، طهران، 1373ش؛ و أيضاً:

Britannica, 1978; Collier’s Encyclopedia, New York, 1985; Enciclopedia Italiana, Rome, 1949; Grand Larousse; Sabby, O. S., The History of Eritrea, tr. M. F. Al-Azem, Beirut, 1974; The World Almanac 1996, New Jersey.

كيانوش صديق/خ.