الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الکلام و الفرق / إسماعیل بن جعفر /

فهرس الموضوعات

إسماعیل بن جعفر

إسماعیل بن جعفر

تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/20 ۲۲:۰۴:۴۱ تاریخ تألیف المقالة

إسْماعيلُ ‌‌بْنُ ‌‌جَعْفَر، الابن‌الأكبر للإمام جعفر‌الصادق (ع)، و الذي يعتبره الخلفاء الفاطميون و الأئمة الإسماعيليون جدهم والخليفة الحق للإمام الصادق (ع)، حيث يعدّ الاعتقاد بإمامته مصدر انشقاق الفرقة الإسماعيلية عن الشيعة الإمامية. و قد اشتق مصطلح الإسماعيلية باعتبارها إحدى الفرق الشيعية من اسمه.

و رغم أن قسم كبير من تاريخ الشيعة ابتداء من الحركات الفرقوية و انتهاء بخلافة الفاطميين ظهر تحت ظل الانتساب لإسماعيل، إلا أننا لانجد في المصادر المذكورة، سوى تقارير متفرقة لايعتد بها حول حياته و نشاطاته، و يبدو أن دوره في رسم الأحداث التي انتهت بظهور حركة الإسماعيلية، كان محدوداً. و يمكن القول من حيث معرفة المصادر و نقدها إن بالإمكان تحديد 3 مجموعات من المصادر و هي الإمامية و الإسماعيلية والسنية، تحوي رويات حول إسماعيل. و من البديهي أن المصادر الإمامية و الإسماعيلة لاتتفق في هذا المجال بسبب الاختلاف في مسألة الإمامة، كما أن المصادر غير الشيعية لاتؤيد روايات الإسماعيلية للإسباب السياسية و الميول المعادية للإسماعيلية في الغالب. و في هذا المجال، لاتتمتع المعلومات المأخوذة من الآثار الإسماعيلية بالقيمة المطلوبة، ذلك لأنها أولاً لاتشتمل على المعطيات التاريخية، فما ذكرته عن إسماعيل أقرب مايكون إلى الأساطير و المعتقدات الفرقوية، و في الحقيقة فإن من غير الممكن الحصول من هذه الآثار على معلومات مستقلة يمكن الاعتماد عليها حول إسماعيل، عدا ماهو متأثر بمصادر الإمامية (ظ: القاضي النعمان، شرح...، 11/ 309، 310؛ إدريس، 4/332 ومابعدها)؛ و ثانياً أن الآثار الإسماعيلية المكتوبة لم‌تتبق منذ السنوات الأولى لبداية الدعوة الإسماعيلية و حتى ظهور الفاطميين ــ و التـي يصطلـح عليهــا بمـرحلــة الستـر ــ أو أنها تعرضت للحذف و الإصلاح من قبل الفاطميين كي تتلاءم مع معتقداتهم الرسمية (دفتري، 96). و فضلاً عن ذلك فإن الآثار الإسماعيلية تضم طيفاً واسعاً من المصادر التي لاتتفق و لاتتلائم في رواياتها. و من جهة أخرى يبدو أن بالإمكان الاعتماد أكثر على مصادر الإمامية بسبب اشتمالها على روايات أكثر دقة، ومأخوذة من الروايات المنقولة عن الأوساط الشيعية الداخلية وأصحاب الإمام (ع)، كما أنها ترسم صورة أكثر وضوحاً عن حياة إسماعيل. و قد أكدت الدراسات الأخيرة حول الإسماعيلية، على أهمية المصادر الإمامية الاثني عشرية حول إسماعيل و ظهور الإسماعيلية (م.ن، 97؛ لويس، 37 ومابعدها).

والدة إسماعيل هي فاطمة بنت الحسين بن الحسن بن علي بن‌أبي طالب (ع) (الزبيري، 63). و قيل إن الإمام الصادق (ع) لم‌يختر أثناء حياة فاطمة زوجة أخرى و لذلك فإنه لم‌يكن له ولد لحوالي 25 سنة قبل ولادة الإمام الكاظم (ع)، سوى إسماعيل وأخيه عبدالله (أبوحاتم، 288). و قد جاء في الكثير من المصادر أن إسماعيل كان يحظى بحب والده الشديد (أبونصر، 34؛ المفيد، 284-285).

لانعلم بالضبط تاريخ ولادة إسماعيل، و لكننا إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن ولادة الإمام الصادق (ع) كانت في بداية العقد الثامن من القرن 1 ه‍ و أن إسماعيل هو ابنه الأكبر، و أن هناك مايقرب من 25 عاماً بين عمر الإمام الكاظم (ع) و إسماعيل (ظ: أبوحاتم، ن.ص)، فإن بالإمكان أن نقدر بأن إسماعيل ولد في السنوات الأولى من القرن 2ه‍ .

و رغم أن وفاة إسماعيل كانت بعد وفاة الإمام الصادق (ع) على مايرى طائفة من الإسماعيليين، و استناداً إلى رواية بعض مصادر الإسماعيلية (ظ: السطور التالية)، لكن وفاته كانت خلال حياة أبيه على ماترى غالبية المصادر (سعد‌بن‌عبدالله، 80؛ المفيد، 285؛ القاضي النعمان، ن.م، 11/390). و قد ذكر علي بن‌محمد العمري (ص 100) نقلاً عن أبي‌القاسم بن خداع أن سنة وفاته 138ه‍، أي 10 سنوات قبل وفاة الإمام الصادق (ع). و قد جاء في عمدة الطالب (ابن عنبة، 233) نقلاً عن ذلك الشخص نفسه أن سنة وفاته 133ه‍، فتغيرت عبارة 10 سنوات إلى 20 سنة و من المؤكد أن ذلك سببه الخطأ في الاستنساخ. كما ذكر المقريزي (ص 15) سنة 138ه‍ باعتبارها سنة وفاة إسماعيل. و مع الأخذ بعين الاعتبار أن المقريزي كان يستعرض أنساب العلويين و أهل البيت، فيبدو أنه عثر على الرواية المذكورة في مصادر الأنساب. و من جهة أخرى، يرى مؤلف دستور المنجمين أن سنة 145ه‍ هي سنة وفاة إسماعيل (ظ: القزويني، 3/ 309). و لكننا يجب أن لاننسى أن الرواية الأخيرة لم‌تذكر في أي من المصادر الأكثر قدماً التي وصلتنا، سواء من الإسماعيلية، أو من غيرها وعلى هذا فإنها لاتكاد تحظى بثقة الباحث في تاريخ الإسماعيلية. و إذا ما قبلنا قول أبي‌حاتم الرازي حول أبي‌الخطاب الأسدي من أنه كان أولاً يقول بإمامة إسماعيل، وأنه اعتقد بعد موته بإمامة الإمام الصادق (ع) مرة أخرى، و سلك سبيل الغلو و الإفراط بشأن شخصيته (ع) (ص 289)، فلعلنا نستطيع القول إن وفاة إسماعيل كانت قبل وفاة أبي‌الخطاب. و من جهة أخرى فإننا نعلم أن ثورة أبي‌الخطاب و أصحابه في الكوفة و التي انتهت بموتهم، حدثت في أواخر الثلاثينيات من القرن 2ه‍ و ربما في سنة 138ه‍ (ظ: ن.د، أبوالخطاب)، و على هذا، فإن السنة المذكورة تبدو معقولة أكثر لوفاة إسماعيل.

و استناداً إلى ماروي في الكثير من المصادر الموجودة بطرق و أشكال مختلفة، فقد توفي إسماعيل في منطقة باسم العُرَيض بالقرب من المدينة، و قد تم تشييع جثمانه إلى مقبرة البقيع في حين كان الإمام الصادق (ع) يسير في المقدمة بشكل غير عادي. و قد أزاح الإمام (ع) ملابس إسماعيل قبل دفنه مراراً مستهدفاً من ذلك إظهار موته للجميع (القاضي النعمان، شرح، 11/ 309؛ أبوالنصر، 34؛ المفيد، 285؛ الجويني، 3/146؛ الطبرسي، 284؛ ابن‌بابويه، كمال‌الدين، 69)، بل إن بعض المصادر ذكرت أن الصادق (ع)، أشهد على موت إسماعيل جمعاً من الوجهاء والمشايخ و والي المدينة من قبل بني‌العباس، و بادر إلى إعداد محضر، أو استشهاد يلاحظ فيه خط الشهود و تواقيعهم (جعفر، 262؛ الشهرستاني، 1/167؛ الجويني، ن.ص). و يُشَكُّ في صحة الرواية الأخيرة، خاصة و إن المصادر الإمامية لم‌تشر إليها. و يظهر أن جماعة من الشيعة و أتباع الإمام الصادق (ع) كانوا يعتقدون بإمامة إسماعيل من بعده، و إظهار موت إسماعيل كان من أجل إزالة هذا التصور من الأذهان فسحب. و يتطابق التفسير الذي قدمته الإمامية لسلوك الإمام الصادق (ع) في قضية موت إسماعيل مع وجهة النظر هذه (الشريف المرتضى، 101-102؛ الطبرسي، ن.ص). و استناداً إلى رواية منقولة عن زرارة بن أعين، فقد اشهد الإمام الصادق (ع) حوالي 30 من أصحابه المقربين على موت ابنه بعد ساعات من موته و قبل دفنه (النعماني، 467-469؛ ابن‌شهر‌آشوب، 1/266-267).

و مما يجدر ذكره أن بعض مصادر الإسماعيلية نظرت إلى موضوع موت إسماعيل من منظار آخر. و استناداً إلى هذه المصادر، فإن إسماعيل لم‌يكن قد توفي في حياة أبيه، و أن إعلان الإمام (ع) لموته كان بهدف التغطية و السرية لخدع جهاز الحكم العباسي الذي كان يعمل على إيقاف حركة الأئمة الشيعة (جعفر، ن.ص؛ أبوالفوارس، 36-37؛ الشهرستاني، الجويني، ن.صص). و قد نقل سعد‌بن‌عبدالله الأشعري أن جماعة من الإسماعيلية اعتقدت بعد الإمام الصادق (ع) أن إسماعيل حي (ص 80،. بل إن بعض مصادر الإسماعيلية ذكرت أن إسماعيل كان في البصرة لفترة بعد وفاة الإمام الصادق (ع)، و أن كرامات ظهرت منه (جعفر، ن.ص؛ الصفدي، 9/102؛ أيضاً ظ: الحامدي، 192؛ «التراتيب»، 136-137). و قد نقل الصفدي في هذا المجال (ن.ص) رواية تفيد بأن أحد أبناء الإمام (ع) أشار في حضور الجميع عند مشاهدة جسد إسماعيل إلى كونه حياً. و يبدو أن الروايات المذكورة كلها مصدرها العقائد الفرقوية، لا الحقائق التاريخية.

و يبدو أن الروايات القائلة بتقديم كتاب استشهاد على موت إسماعيل إلى الخليفة العباسي آنذاك، المنصور الدوانيقي و التي تعود إلى مابعد ظهور إسماعيل في البصرة، ليس لها هي الأخرى أصلاً خارج نطاق العقائد الفرقوية. فقد توفي إسماعيل خلال حياة أبيه كما تعترف بذلك الروايات الرسمية للإسماعيلية أيضاً (ظ: القاضي النعمان، ن.ص؛ إدريس، 4/334).

لاتتوفر لدينا سوى معلومات ضئيلة عن حياة إسماعيل ونشاطاته، فنحن لانعلم شيئاً عن شخصيته و طبيعة رؤيته ومعتقداته. و قصارى ما يتوفر لدينا روايات متفرقة نقلت بواسطة مصادر الإمامية و بواسطة الكشّي في الغالب، و من شأن هذه الروايات أن تسلط الضوء على بعض زوايا شخصية إسماعيل. والموضوع الأكثر أهمية الذي يمكن أن نتوصل إليه من تلك الرويات، هو أن إسماعيل كان على علاقة مع بعض الفئات الشيعية المتطرفة و الغلاة الذين لم‌يكن سلوكهم و معتقداتهم منسجماً مع نهج الإمام الصادق (ع)، و قد كان (ع) يعلم بهذه العلاقات، ولكنه لم‌يكن يشعر بالرضى عنها. و في هذا المجال كان المفضل بن عمر الجعفي أحد أصحاب الإمام (ع) و شيعته و الذي كان أحياناً يروي روايات تشوبها أفكار الغلاة، و كان يتردد في وقت ما على الخطّابية، كان له دور في هذه العلاقات أكثر من الآخرين. واستناداً إلى رواية الكشي (ص 321)، فقد خاطبه الإمام الصادق (ع) في فترة من الفترات بالمشرك و الكافر، و أبدى غضبه على علاقته بابنه إسماعيل. و قدم الراوي في ذيل هذه الرواية، المفضل على أنه حلقة الوصل بين إسماعيل و الخطابية. و استناداً إلى رواية أخرى عن الكشي (ص 244-245)، فقد كان إسماعيل على علاقة ببسام الصيرفي أحد غلاة الشيعة و ثوارهم، و قد قتل بسام على أثر اعتقالهما كليهما من قبل عمّال الحكومة العباسية، مما أدى إلى أن ينتقد الإمام الصادق (ع) إسماعيل بشدة و نحن لانعلم بالضبط كيفية هذه العلاقة و نوع علاقة إسماعيل مع الجماعات المتطرفة و الغالية، و لكن استناداً إلى ما تفيد به الروايات الموجودة، فإن الجماعات الغلاة و خاصة الخطابية، كانت تتبنى مشروع إمامة إسماعيل واستخلافه للإمام الصادق (ع). و قد نقل الكشي رواية تفيد بأن المفضل بن عمر كلف في وقت من الأوقات شخصاً يطرح في حضور الإمام الصادق (ع)، إمامة إسماعيل بعده (ص 325-326).

و مما يجدر ذكره، أن علاقة الخطابية بإسماعيل و دعوتهم لإمامته نقلت في الكثير من المصادر و منها المصادر الإسماعيلية و الإمامية، و غير الشيعية. و قد اعتبر سعد‌بن‌عبدالله الأشعري (ص 80-81) و النوبختي (ص 57-59) الإسماعيلية الخالصة، أي الأشخاص الذين كانوا يعتقدون بإمامة إسماعيل بعد الإمام الصادق (ع)، و ينكرون موته، هي الخطابية نفسها، حيث انضمت جماعة منهم في عداد أتباع محمد‌بن إسماعيل، و قالوا بموت إسماعيل في حياة الأب (ظ: أيضاً: مسائل...، 47). كتب أبوحاتم الرازي في الزينة (ص 289) أن الخطابية قالوا بإمامة إسماعيل في حياة الإمام الصادق (ع) و مما يجدر ذكره، أن بعض المصادر الزيدية و النصيرية أيدت أيضاً علاقة إسماعيل بجماعة الخطابية ودورهم في ظهور فرقة الإسماعيلية (ظ: لويس، 41-42). كما اعتبر أبوالخطاب في أم‌الكتاب (ص 11) الذي يعد من الكتب السرية و المقدسة لدى الإسماعيليين في آسيا الوسطى، مؤسس فرقة الإسماعيلية: المذهب الإسماعيلي هو المذهب الذي أسسه أبناء أبي‌الخطاب الذين ضحوا بأجسادهم لأبناء جعفر الصادق (ع) إسماعيل كي يبقى حول الدوائر. و بالطبع فإن من الضروري أن نذكّر بأن الفاطميين لم‌يروا أبداً في تصريحاتهم الرسمية أي دور لأبي‌الخطاب فـي ظهـور‌الدعـوة الإسماعيليـة كمـا و اعتبـروه ــ شأنهم شأن الإمامية ــ شخصاً صاحب بدعة و مطروداً و ملعوناً من قبل الإمام الصادق (ع) (ظ: القاضي النعمان، دعائم...، 1/50). و قد بلغ ماسينيون (ظ: بدوي، 19) في تصويره للعلاقة بين أبي‌الخطاب وإسماعيل حداً بحيث أنه نسب كنية أبي إسماعيل التي ذكرها الكشي (ص 290) لأبي الخطاب، إلى إسماعيل بن‌جعفر (ع) معتبراً أبا الخطاب الأب الروحي لإسماعيل.

و مما يجدر ذكره أن المصادر الموجودة ذكرت شخصاً يدعى المبارك كان من موالي إسماعيل، و نسبوا إليه دوراً هاماً في تنظيم الجماعة التي التفت حول محمد بن إسماعيل، و استطاعت أن تجذب قسماً من الخطابية (سعد‌بن‌عبد‌الله، ن.ص؛ النوبختي، 58؛ أبوحاتم، ن.ص). و استناداً إلى رواية أبي حاتم الرازي (ن.ص) فإن هذه الجماعة، أي المباركية كانوا يقولون بموت إسماعيل، و إمامة ابنه محمد بن إسماعيل في حياة الإمام الصادق (ع). و ترى هذه الجماعة أن إسماعيل كان خليفة الإمام الصادق (ع)، و لكن الإمام (ع) أوكل أمر الإمامة إلى ابنه محمد ذلك لأنه توفي في عهد حياة أبيه، فلايجوز بعد الإمام الحسن و الإمام الحسين (ع) أن تنتقل الإمامة من الأخ إلى أخيه (سعد‌بن‌عبدالله، النوبختي، ن.صص).

و رغم الأهمية التي كانت للمبارك في تأسيس فرقة الإسماعيلية، فإن من المدهش أن لانجد معلومات كثيرة عنه حتى في آثار الإسماعيلية. و يرى البعض (ظ: دفتري، 96) أن المبارك لم‌يكن له وجود خارجي، و أن هذه الكلمة كانت لقب إسماعيل نفسه؛ خاصة و أن بعض مصادر الإسماعيلية ذكرت إسماعيل بلفظ المبارك (أبويعقوب، 190).

و يرى البعض أن أبا‌الخطاب و إسماعيل أسسا في عهد حياة الإمام الصادق (ع) سوية نظاماً عقائدياً أصبح أساس المذهب الإسماعيلي (ظ: لويس، 42)، و لكن من الواضح أنه لايوجد دليل على هذا الادعاء و لايمكن الاستنتاج من مجرد علاقة إسماعيل بالخطابية أن إسماعيل كان يسعى من أجل إقامة حركة سياسية ـ ثقافية، بل إنه لايوجد دليل نستطيع القول على أساسه إن إسماعيل كان هو نفسه يدعي الإمامة.

و مما يجدر ذكره أن علماء الإمامية أنكروا دوماً وجود أي نص على إمامة إسماعيل، و لايؤمنون بأي أصل لإمامة إسماعيل متجاوزين بذلك تصور جماعة من الشيعة و الناس. و هم يرون أن القول بإمامته غير مقبول لعدم نقل أي نص معتبر حول إسماعيل، خاصة و أنه توفي في زمان حياة أبيه. بل توجد مواضع كثيرة رفض فيها الإمام الصادق (ع) بصراحة إمامة إسماعيل. ويعتبر الحديث المنقول عن فيض‌بن‌المختار من أشهر الأحاديث في هذا المجال (الشريف المرتضى، 101-202؛ الطبرسي، 284؛ الصفار، 492؛ ابن بابويه، كمال الدين، 70-71؛ الكشي، 354-356). و بالطبع فإننا يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن إسماعيل كان الابن الأكبر للإمام (ع)، و من الطبيعي أن يتصور البعض أنه خليفة الأب.

كما لم‌يرو أي نص حول إمامة إسماعيل في المصادر الإسماعيلية و الفاطمية و خاصة في آثار القاضي النعمان. و إن جعفر بن منصور اليمن (ص 256) هو الوحيد الذي ذكر، دون ذكر سلسلة الرواة، أحاديث غير مشهورة بشأن إمامة إسماعيل و النص عليه. كما يجب أن لاننسى أن بعض المصادر الإسماعيلية و غير الإسماعيلية (ظ: الهمداني، 9-12؛ ابن حزم، 59) ذكرت بصراحة أن الخلفاء الفاطميين الأوائل كانوا يقدمون بدلاً من إسماعيل أخاه عبدالله الأفطح باعتباره إمامهم و جدهم ثم عدلوا عن ذلك، فكانوا يطرحون إمامة إسماعيل. يدل هذا الموضوع بحد ذاته على أن الفاطميين لم‌يكونوا يمتلكون في البدء رؤية واضحة عن مسألة الإمامة.

و تطالعنا في آثار الإمامية بشكل محدود روايات تشير إلى وجود نص بشأن إسماعيل (ظ: الطوسي، 82-83،200-202)، و لكن يجب أن لانغفل أن هذه الأحاديث لاتنسجم بوضوح مع عقيدة علماء الإمامية. و فضلاً عن ذلك فقد وردت الإشارة في الحديث المذكور إلى قضية البداء، و هي تؤدي إلى أن نشك بشكل جدي في صحته، لأن الأحاديث المنقولة في آثار الإمامية حول حصول البداء بشأن إسماعيل لم‌يتم ربطها بمسألة الإمامة. و من الجدير بالإيضاح أن هناك حديثاً مشهوراً نقل عن الإمام الصادق (ع) بطرق و مضامين مختلفة، و تشير جميع مضامينها تقريباً إلى حصول البداء بشأن إسماعيل (زيدالنرسي، 49؛ ابن بابويه، التوحيد، 336؛ الشريف المرتضى، ن.ص) و البداء لدى الشيعة هو الاعتقاد بأن الله يغير مشيئته استناداً إلى بعض المصالح. و بعبارة أخرى فإن البداء يعني النسخ في التكوين (ظ: ن.د، البداء).

و قد ربطت مصادر الإسماعيلية قضية البداء بشأن إسماعيل بمسألة إمامته، و بما أن البداء ليس جائزاً في مسألة الإمامة في نظر الشيعة، فقد استشكلوا على الإمامية، (جعفر، 246-247؛ أيضاً ظ: الصفدي، 9/101-102؛ الشريف المرتضى، 99-100؛ الجويني، 3/145؛ نصير الدين، 421-422). كما روي في بعض الآثار غير الإسماعيلية حديث عن الإمام الصادق (ع) نقلاً عن الإسماعيليين نفى من الأساس حصول البداء بشأن إسماعيل (الديلمي، 23؛ نشوان، 162)؛ و لكن مصادر الإمامية لم‌تقبل أبداً علاقة قضية البداء مع إمامة إسماعيل، و هي لاترى أن النص على إمامة إسماعيل صدر في البدء، ثم عزل عن الإمامة بحصول البداء. ويرى المفيد أن حصول البداء بشأن إسماعيل يرتبط بمقتله (ظ: الشريف المرتضى، 102)، بمعنى أن الله كان قد قدر القتل لإسماعيل ثم حصل البداء بدعاء الإمام الصادق (ع)، فغض الله النظر عن مقتله. و قد أسند المفيد التفسير المذكور إلى رواية عن الإمام الصادق (ع). و في بعض آخر من مصادر الإمامية فسر حصول البداء بشأن إسماعيل بأن الناس كانوا يعتبرونه في الظاهر إماماً، فظهر لهم بموته أثناء حياة أبيه ماكان خافياً عليهم في السابق. و استناداً إلى هذا الرأي، فإن البداء هو ظهور أثر من جانب الله لم‌يكن ضاهراً من قبل، رغم أنه كان ظاهراً في علم الله (ظ: الطوسي، ن.ص).

و من جملة المسائل التي تظهر حول إسماعيل من المصادر الإمامية، أنه لم‌يكن منصوصاً عليه بالإمامة من جانب الإمام الصادق (ع) و حسب، بل إنه كان يظهر بعض السلوكيات، و يتردد في بعض الأوساط مما أدى إلى أن يُشَك في صلاحياته الأخلاقية، و أن لايتمتع أساساً بصلاحية نيابة الإمام (ع) (ظ: الكشي، 302، 401؛ ابن بابويه، كمال الدين، 68-69؛ زيد النرسي، ن.ص؛ ابن‌شهرآشوب، 1/266). و قد نفذت روايات من هذا القبيل في المصادر السنية التي كانت تحمل أحياناً نزعة معادية للإسماعيلية (ظ: الجويني، ن.ص؛ رشيدالدين، 9). و استناداً إلى قول الشيخ المفيد (ص 28) فقد كف بعض من أصحاب الإمام الصادق (ع) الذين كانوا يعتقدون بإمامته، عن اعتقادهم بعد موت إسماعيل، سوى جماعة قليلة من الذين لم‌يكونوا، لامن الأصحاب المقربين للإمام (ع) و لا من رواة الحديث عنه (ع). كما أن مما يلفت النظر أنه لايوجد أي حديث نقل عن إسماعيل كما هو الحال بالنسبة إلى أخيه عبد‌الله الأفطح.

 

المصادر

ابن بابويه، محمد، التوحيد، تق‍ : هاشم الحسيني الطهراني، طهران، 1398ه‍؛ م.ن، كمال الدين، تق‍ : محمد الموسوي الخرسان، النجف، 1389ه‍/1970م؛ ابن‌حزم، علي، جمهرة أنساب العرب، بيروت، 1403ه‍/1983م؛ ابن شهرآشوب، محمد، المناقب، قم، 1379ه‍؛ ابن عنبة، أحمد، عمدة الطالب، تق‍ ‍‌: محمدحسن آل الطالقاني، النجف، 1380ه‍/1961م: أبوحاتم الرازي، أحمد، «الزينة»، مع الغلو والفرق الغالية في الإسلام لسلّوم السامرائي، بغداد، 1392ه‍/1972م؛ أبوالفوارس، أحمد، الرسالة في الإمامة، تق‍ ‍‌: س. ن. مكارم، نيويورك، 1973م؛ أبونصر البخاري، سهل، سرّ السلسلة العلوية، تق‍ : محمدصادق بحر العلوم، النجف، 1381ه‍/1962م؛ أبويعقوب السجزي، إثبات النبوءات، تق‍ : عارف تامر، بيروت، 1966م؛ إدريس بن‌الحسن، عيون الأخبار و فنون الآثار،تق‍ : مصطفى غالب، بيروت، 1985م؛ «أم الكتاب» (ظ: مل‍ )؛ بدوي، عبدالرحمان، شخصيات قلقة، القاهرة، 1964م؛ «التراتيب»، مع أخبار القرامطة، تق‍ : سهيل زكار، دمشق، 1400ه‍/1980م؛ جعفر بن‌منصور اليمن، سرائر و أسرار النطقاء، تق‍ ‍‌: مصطفى غالب، بيروت، 1404ه‍/1984م؛ الجويني، عطا ملك، تاريخ جهانگشا، تق‍ : محمد القزويني، ليدن، 1355ه‍/1937م؛ الحامدي، إبراهيم، كنز الولد، تق‍‌ : مصطفى غالب، بيروت، 1979م؛ الديلمي، محمد، بيان مذهب الباطنية و بطلانه، تق‍ : رودلف شتروتمان، إستانبول، 1938م؛ رشيدالدين فضل‌الله، جامع التواريخ، تق‍ : محمد تقي دانش‌پژوه و محمد مدرسي، طهران، 1356ش؛ الزبيري، مصعب، نسب قريش، تق‍‌ : ليفي بروفنسال، القاهرة، 1953م؛ زيد النرسي، «أصل»، الأصول الستة عشر، قم، 1363ش؛ سعد‌بن‌‌عبد‌الله الأشعري، المقالات و الفرق، تق‍ : محمد جواد مشكور، طهران، 1963م؛ الشريف المرتضى، علي، الفصول المختارة من العيون و المحاسن للشيخ المفيد، النجف، المطبعة الحيدرية؛ الشهرستاني، محمد، الملل و النحل، تق‍ : محمد سيد كيلاني، بيروت، دارالمعرفة؛ الصفار، محمد، بصائر الدرجات، طهران، 1404ه‍‌؛ الصفدي، خليل، الوافي بالوفيات، تق‍ : فان إس، بيروت، 1402ه‍/1982م؛ الطبرسي، الفضل، إعلام الورى، تق‍ : علي أكبر الغفاري، بيروت، دارالمعرفة؛ الطوسي، محمد، الغيبة، تق‍ : عبادالله طهراني و علي أحمد ناصح، قم، 1411ه‍؛ العمري، علي، المجدي، تق‍‌ : أحمد مهدوي دامغاني، قم، 1409ه‍؛ القاضي النعمان، دعائم الإسلام، تق‍ ‍‌: آصف فيضي، القاهرة، 1383ه‍/1962م؛ م.ن، شرح الأخبار، قم، مؤسسة النشر الإسلامي؛ القزويني، محمد، تعليقات على تاريخ جهانگشا (ظ: هم‍، الجويني)؛ الكشي، محمد، معرفة الرجال، اختيار الطوسي، تق‍ : حسن مصطفوي، مشهد، 1348ش؛ مسائل الإمامة، المنسوب للناشيء الأكبر، تق‍ : فان إس، بيروت، 1971م؛ المفيـد، محمـد، الإرشـاد، النجـف، 1382ه‍؛ المقريــزي، أحمـد، اتعـاظ الحنفـاء، تق‍ : جمال‌الديـن شيـال، القاهـرة، 1387ه‍/1967م؛ نشـوان الحميـري، الحورالعيـن، تق‍ : كمال مصطفى، القاهرة، 1367ه‍/1948م؛ نصيرالدين الطوسي، «قواعد العقايد»، مع تلخيص المحصل، تق‍‌: عبدالله نوراني، طهران، 1359ش؛ النعماني، محمد، غيبت، تج‍ : محمـد جـواد غفـاري، طهـران، 1363ش؛ النوبختـي، الحسن، فرق الشيعـة، تق‍ : هلموت ريتر، إستانبول، 1931م؛ الهمداني، الحسين، في نسب الخلفاء الفاطميين، القاهرة، 1958م؛ و أيضاً:

 

Daftary, F., The Ismāʿīlīs: Their History and Doctrines, Cambridge, 1990; Lewis, B., The Origins of Ismāʿīlism, Cambridge, 1940; «Ummu’l-kitāb», ed. W. Ivanow, Der Islam, Berlin, 1936, vol. XXIII.

مسعود حبيبي مظاهري/خ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: