الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الجغرافیا / إسکي شهر /

فهرس الموضوعات

إسکي شهر

إسکي شهر

تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/16 ۱۸:۴۶:۳۲ تاریخ تألیف المقالة

إسْكي‌شَهْر، اسم محافظة و حاضرتها في شمال غرب الأناضول الداخلية في دولة تركيا.

 

تسميتها

تقع مدينة إسكي شهر، حاضرة المحافظة، في منطقة كانت تسمى دوريلايون في العصور القديمة، وكانت مدينة ضمن الدولة الفريجية (پاولي، X/1577؛ سترابون، V/505؛ أومار، I/100). نسب بناء المدينة إلى دوريليوس الأريتري في القرن 6 ق.م (IV/2830; IA/384, YA). ذكر هذا الاسم في آثار المؤرخين و المؤلفين الجغرافيين اليونانيين و الروم على شكل دوريلايوم (سترابون، ن.ص؛ ديودروس، X/431). حيث كانت تسمى دوريليو و دوريلاييون أيضاً في العصور الهيلينية و الروسية والبيزنطية (YA، ن.ص). و قد جاء اسم هذه المدينة بهذه الصور أيضاً في آثار بلينيوس (بليني) و بطلميوس و المؤلفين الجغرافيين الآخرين في العالم القديم (پاولي، ن.ص؛ تكسيه، 2/344). ذكرت في آثار المؤرخين و المؤلفين الجغرافيين المسلمين على شكل دَرَوْليّة (البلاذري، 164؛ ابن خرداذبه، 103؛ ياقوت، 2/571؛ الإدريسي. 2/ 809؛ عبدالمؤمن، 2/525). كما ذكر بعض المؤرخين العرب هذه المدينة على شكل أَذروليّة (الطبري، 6/439، 8/142؛ ابن‌الأثير، 4/535)، و أَدرَولية (اليعقوبي، 2/292)، وأَرَولية (خليفة، 2/493) و أَردَولية (ابن خلدون، 3/ 89).

دمرت هذه المدينة لمرات خلال الحروب المختلفة و خاصة في العصر الإسلامي، ثم أعيد بناؤها (ظ: الخلفية التاريخية في هذه المقالة). و يقال إن سلاجقة الروم (آسيا الصغرى) عندما سيطـروا على هـذه المنطقـة، سموهـا إسكـي‌شهـر ــ أي المدينـة العتيقة ــ بسبب أطلال دوريلايون (IA,YA، ن.صص). و استناداً إلى رواية أخرى، فإن عثمان مؤسس الأسرة العثمانية هو الذي سماها إسكي‌شهر («دائرة المعارف التركية»، IYA; XV/419، ن.ص).

 

الموقع الجغرافي و الأوضاع الطبيعية

تقع محافظة إسكي‌شهر على خطوط الطول الشرقي 29°و 58´-32°و 4´ و خطي العرض الشمالي 39°و6´-40°و9´، و تبلغ مساحتها 653,13كـم2، وارتفاعها عن سطح البحر 792 متراً (ن.م، IV/2815). تحد هذه المحافظة من الجنوب محافظة أفيون قره‌حصار، و من الجنوب الشرقي قونية، و من الشرق أنقرة، و من الشمال الغربي محافظة بولو، و من جهة الغرب بيله‌جيك و كوتاهيه (ن.ص). الأقضية التابعة لمحافظة إسكي‌شهر هي: جيفت لرو محمودية و ميخالجيك وساري كايا و سيد غازي و سيفْري حصار (ن.م، IV/2814).

تقع إسكي‌شهر، حاضرة المحافظة، في سهل واسع يعرف بهذا الاسم أيضاً، إلى جانب نهر بورسوق (IA,IV/384؛ «دائرة المعارف التركية»، XV/420)، أهم ارتفاعات المحافظة هي كالتالي: بوزداغ في الجهة الغربيـة ـ الشرقيـة، و سون دوكن بارتفاع 818,1متراً على نفس الامتداد؛ و سيوري حصار الذي يبلغ ارتفاع قمته التي تدعى چال داغ690,1متراً في المنطقـة الجنوبيـة الشرقية ـ الشمالية الغربية، و أعلى جبل في المحافظة باسم تركمن‌داغ بارتفاع 825,1متراً (YA,IV/2815-2816، الجدول رقم 2). تشكل الجبال 8/21٪ من مساحة المحافظة، و السهول 8/45٪، والهضاب 8/51 ٪، و المراعي 6/0٪ (ن.م، IV/2815، الرسم البياني رقم 1). أكبر نهر في المحافظة هو سكاريا و فرعه المهم بورسوق و يصبان كلاهما في سكاريا بعد أن يتصلا بعد اتصاله بساري سو، (ن.م،IV/2817-2818). يفيض نهرا بورسوق، وساري سو أحياناً مؤديين إلى خسائر كثيرة في مناطق المدينة المختلفة («دائرة المعارف التركية»، ن.ص). حدث أكبر فيضان في 5 آذار 1950 دمرت على أثره بشكل كامل المناطق الواقعة في قسميه الشمالي و الأوسط، ثم تم بناء أحياء جديدة للمتضررين («دائرة معارف الديانة... »، XI/401).

رغم أن هذه المنطقة تمثل نقطة عبور بين إقليمي الأناضول الغربية و الوسطى، و لكن الظروف الإقليمية للبحر المتوسط وكذلك البحر الأسود لاتسودها كثيراً بسبب كونها محصورة بين الجبال، و لذلك فإن طقسها قاري وصيفها حار جاف و شتاؤها بارد. و فصلي الربيع و الخريف فيها قصيران. و يبلغ الحد الأدنى لدرجـة حرارتهـا ـ 12° سانتـي‌غراد، و معدل الحرارة السنوية 9/10° سانتي غراد. و يصل معدل الأمطار السنوية إلى 6/373 ميليمتراً. ومن الطريف أن أيام الصقيع تمتد من أيلول و حتى نيسان (YA,IV/2824؛ «دائرة المعارف التركية»، XV/420).

تعد محافظة إسكي‌شهر فقيرة من حيث الغطاء النباتي، و نظراً إلى أن جزءاً منها يقع في الأناضول الداخلية و جزءاً آخر في الأناضول الغربية، فإن الغابات و السهوب تشكل الغطاء النباتي لكلتا المنطقتين. و في القسم الذي يقع في منطقة الأناضول الغربية، تلاحظ غابات الصنوبر، فيما تشاهد في منطقة الأناضول الداخلية غطاءات خفيفة من السهوب مثل الأشواك و الإخشير بسبب قلة الأمطار (YA,IV/282).

تعود إسكي‌شهر من الناحية الجيولوجية إلى العصر الأول، وتعتبر من مناطق تركيا الغنية من حيث المناجم. فمن مناجمها المينزيت، و الپرليت و المنغنيز، و كذلك المواد الأولية للإسمنت (ن.م، IV/2820-2821). و لكنها معروفة بشكل رئيس بحجر سيليكات المغنيزيوم. و لأن إسكي‌شهر هي المنطقة الوحيدة في العالم التي توجد فيها هذه المادة بكثرة، فقد عرف هذا الحجر بحجر إسكي‌شهر. و على الرغم من أن هذا الحجر يكون طرياً للغاية عند استخراجه، و لكنه يفقد رطوبته بعد فترة و يتحول إلى مادة صلبة (ن.م، IV/2822).

و تشتهر إسكي‌شهر أيضاً بالمياه المعدنية و الحارة، حيث كان ملوك الأسر المختلفة يتوجهون إليها طيلة التاريخ للاستراحة (IA,IV/384؛ «دائرة المعارف التركية»، ىXV/419).

 

السكان

استناداً إلى الإحصاء العام للسكان في 1990م كان عدد نفوس إسكي‌شهر يبلغ 057,641 نسمة يعيش منهم 436,477 في المدن و 621,163 في النواحي الصغيرة و القرى. وحسب هذا الإحصاء نفسه فقد كان عدد نفوس حاضرة المحافظة يبلغ 082,413 نسمة («إحصاء...» 28). حيث كانت تعتبر عاشر مدينة من حيث عدد نفوس مدن تركيا، و تعد إسكي‌شهر المحافظة الحادية و الثلاثين من 73 محافظة في تركيا (ن.م، 7). يعمل حوالي 2,63٪ من سكان المحافظة النشطين، في الأعمال غير الصناعية (YA,IV/2852).

 

الاقتصاد و المواصلات

كانت إسكي‌شهر طيلة تاريخها من المدن الناشطة من الناحية الاقتصادية بسبب وجود المياه المعدنية فيها و وقوعها على الطرق المهمة، و مازالت تعد اليوم من المراكز و المحافظات التركية المهمة من الناحية الاقتصادية والزراعية. تعد هذه المحافظة أهم محافظات الأناضول الداخلية بعد محافظة أنقرة، و هي تقدم مساعدات كثيرة إلى المحافظات المجاورة لها من النواحي المختلفة. المحاصيل الزراعية المهمة في إسكي‌شهر هي الغلات و بنجر السكر. و قد ازداد النشاط في القطاع الزراعي في السنين الأخيرة بشكل ملفت للنظر بسبب مكننة الزراعة (ن.م، IV/2855). و تزدهر تربية المواشي فيها فضلاً عن الزراعة، بحيث أن 30٪ من عائدات الزراعة تأتي عبر تربية المواشي (ن.م، IV/2869).

تعتبر إسكي‌شهر من أكثر محافظات تركيا تطوراً من الناحية الصناعية أيضاً، فبعد أن تحولت إلى محافظة في 1925م، تطورت بسرعة من الناحية الصناعية («دائرة معارف الديانة»، XI/401). أهم صناعاتها: صناعة القاطرات التي تعد أقدم قطاع صناعي في هذه المدينة، و تم تأسيسها في 1894م عند مد خط سكك الحديد بين برلين و بغداد (YA,IV/2851,2874,2878)؛ و يعتبر مصنع إنتاج السكر في إسكي‌شهر الذي أسس في 1933م (كوجاتورك، 543)، أول مصنع لإنتاج السكر في تركيا (YA,IV/2873-2874)؛ كما توجد في هذه المدينة مصانع إنتاج الطائرات و المكائن والصناعات الغذائية و الإسمنت و غيرها (ن.م، IV/2877؛ «دائرة‌المعارف التركية» XV/421).

كانت إسكي‌شهر منذ القدم موضعاً لتلاقي الطرق المهمة؛ حيث كانت تلتقي عندها طرق روما الرئيسة، ثم تنقسم إلى 4 فروع، باتجاه مدينة أزمية، و أزمير و أنقرة و قونيا في 4 جهات هي الشمال و الغرب و الشرق و الجنوب. و تقع إسكي‌شهر اليوم أيضاً على مفترق الطرق الرئيسة التي تربط الأناضول الداخلية بمنطقة مرمرة. ترتبط هذه المدينة بواسطة السكك الحديدية بإستانبول و أزمير، و عن طريق أنقرة بالأناضول الداخلية والشرقية، و بأدانا أيضاً عن طريق قونية (ن.م، XV/422).

تعتبر التجارة المجال الاقتصادي الثالث في إسكي‌شهر بعد الزراعة و الصناعة. تتركز مراكز التجارة و العمل عموماً في شمال المدينة، و قطاع السوق في جنوبها («دائرة معارف الديانة»، ن.ص).

 

المراكز الثقافية

تعد إسكي‌شهر من الناحية الثقافية أيضاً من المراكز التي تكثر فيها الجامعات بتركيا. حيث تعتبر جامعة الأناضول التي افتتحت في 1973م و جامعة عثمان غازي التي افتتحت في 1993م، من الجامعات المعتبرة في تركيا. تعتبر إسكي‌شهر إحدى المدن التركية الأربع التي توجد فيها أكثر من جامعتين و حسب تقديرات منظمة الشؤون الدينية في تركيا، فقد كان يوجد 676مسجداً‍ في محافظة إسكي‌شهر في 1992م يقع 144 منها في حاضرة المحافظة (ن.م، XI/402).

 

خلفيتها التاريخية

يمتزج تاريخ إسكي‌شهر مع تاريخ منطقة دوريلايون و يجب أن يخضعا للدراسة كوحدة جغرافية واحدة. وتدل التنقيبات و الدراسات العلمية في منطقة إسكي‌شهر على أن هذه المنطقة كانت مأهولة منذ العصر الحجري القديم. و قد كان أول موطن للإنسان يقع على بعد 3كم من هذه المدينة (YA,IV/2830). إن وجود موارد معدنية غنية مثل الخارصين والفضة («دائرة‌معارف الديانة»، XI/398) من جهة، و موارد المياه الغنية («دائرة‌المعارف‌التركية»، XV/419) من جهة أخرى، منذ الألف 4 ق.م حوّل هذه المنطقة إلى نقطة بديعة و جذابة. و يدل وجود أدوات من حجر الصوّان في الموقع على أن هذه المنطقة كانت مأهولة منذ الألف 4 ق.م («دائرة‌معارف‌الديانة»، YA، ن.صص). و من الملفت للنظر أن إسكي‌شهر تقع في الحدود بين ثقافتين مختلفتين هما الإيجية في الغرب، و الأناضولية في الشرق (الحدود بين فريجية و بيتينية) (ن.ص). و في الفترة بين الألف 4 ق.م حتى الألف 2 ق.م كان التجار الأشوريون مرتبطين بهذه المنطقة؛ فقد كانوا يجلبون القماش و الصوف و المنتجات الزراعية، و في المقابل كانوا يأخذون الفضة إلى بلدهم. و قد استمر هذا الوضع حتى حوالي القرن 19 ق.م، أي بداية العصر التاريخي الذي يبدأ بتشكيل الدولة الحثّية (ن.م، IV/2832). و إن المعلومات حول تاريخ إسكي‌شهر في عصر الحثيين قليلة للغاية ويمكن القول إن إسكي‌شهر لم‌تكن في منطقة النفوذ الثقافي الرئيس للحثيين ولاتلاحظ سوى بقايا مبعثرة من آثار الحضارة الحثية (ن.ص).

و بعد الحثيين، كانت إسكي‌شهر ضمن رقعة الفريجيين الذين كانوا يمثلون أقوى دول الأناضول (أومار، I/99)، حتى عرفت كمدينة فريجية (ن.ص؛ پاولي، X/1577؛ سترابون، V/505). و في فترة حكم الفريجيين الذي استمر حتى القرن 7 ق.م، بدأت منطقة إسكي‌شهر بالتوسع («دائرةمعارف‌الديانة»، ن.ص). و انتهت فترة حكم الفريجيين بهجوم الكيمريين في 676 ق.م (YA,IV/2833). و حنيئذ خضعت إسكي‌شهر لحكم الليديين. وقد أثرت حركة السكن في المدن و الحركة التجارية التي كانت قد بدأت مع الليديين، على المنطقة، و اتجهت هذه المدينة أيضاً نحو الاتساع («دائرة معارف الديانة»، ن.ص). و في عصر الحكم الروماني والبيزنطي كانت إسكي‌شهر (دوريلايون) تقع على الطريق بين إستانبول و سورية. و قد اكتسبت هذه المدينة منذ القرن 6م أهمية خاصة عند توسيع النشاطات التجارية (ن.م، XI/398).

و خلال فتوح المسلمين، كانت دوريلايون موضعاً لتجمع الجيوش (ابن خرداذبه، 113). و استناداً إلى ما ذكره البلاذري، فقد قدم معاوية في 32ه‍/652م إلى درولية للسطرة على مصيصة، وذهب إلى أنطاكية منها (ص 164-165).

و بعد العرب، هجمت القبائل التركية عليها. و قد أرسل ألب‌أرسلان السلجوقي سليمان شاه بن قتلمش إلى الأناضول للحفاظ على الحدود السلجوقية و هو الذي كان مؤسس أسرة السلاجقة في آسيا الصغرى، و عزم على توسيع منطقة نفوذه واختار أزنيق عاصمة له. و استولى قادته على درولية التي سميت منذ ذلك الحين إسكي‌شهر (YA,IV/2835؛ «دائرةمعارف‌الديانة»، ن.ص). و قد فتحت هزيمة السلاجقة في أول حرب صليبية طريق آسيا الصغرى أمام المسيحيين (رانسيمان، 143) و أخرت هجوم الأتراك على أوروبا لقرنين (حتى، 808). و أقامت القوات الصليبية يومين في إسكي‌شهر للاستراحة و استعادة نشاطها ثم تحركت باتجاه الشرق (رانسيمان، 144). وعلى اثر ذلك خرجت إدارة شؤون إسكي‌شهر من يد السلاجقة، و أصبحت مرة أخرى بيد الدولة البيزنطية («دائرةمعارف‌الديانة» ن.ص).

و عندما قسم قليج أرسلان الثاني بلده بين أبنائه، أصبح حكم إسكي‌شهر من نصيب محيي‌الدين مسعود. و على الرغم من أن إسكي‌شهر حصلت على ثروة كبيرة خلال فترة حكم السلاجقة عن طريق التجارة، و لكنها لم‌تتسع كثيراً لأنها كانت تقع على الخط الحدودي (YA,IV/2835؛ «مختصر...»، 5؛ مشكور، 91).

و بهجوم المغول على الأناضول، أوكلت حكومة إسكي‌شهر وتوابعها إلى نورالدين جاجا أحد القادة المغول (الآقسرائي، 33، 45، 75). و قد بنى مسجداً في إسكي‌شهر و رصد أوقافاً لتأمين نفقاتها. كما سعى من أجل إعمارها («دائرةمعارف‌الديانة»، XI/399). و في هذه الفترة، أدت ضغوط المغول و الحكام السلاجقة على الناس إلى حدوث ثورات كان من ضمنها ثورة أهالي إسكي‌شهر و أفيون قره‌حصار بقيادة شخص يدعى أحمد (YA,IV/2837).

و مع ضعف الدولة السلجوقية في آسيا الصغرى، أعلن كل من الأمراء التابعين لها استقلاله؛ بحيث ظهرت 12 إمارة صغيرة (راسم، 1/11-12؛ مراد، 1/21). و في هذه الأثناء، سيطر العثمانيون بقيادة عثمان غازي و الذين كانوا يتولون إدارة منطقة إسكي‌شهر و سوغود منذ عهد أرطغرل، على بعض المناطق و منها إينه‌غول وقره‌جه‌حصار. و اعترف السلطان السلجوقي علاء‌الدين كيقبادبن فرامرز من خلال مرسوم و بإرسال الطبل و الحزام و السيف رسمياً بإدارتهم لإسكي‌شهر و المناطق حولها (فريدون‌بك، 1/56-58؛ سعدالدين، 1/17- 18؛ قره‌‌چلبي‌زاده، 339). و بعد هذا النجاح قرأ عثمان غازي خطبة الجمعة في قره‌جه‌حصار، وخطبة العيد في إسكي‌شهر (عاشق‌پاشازاده، 18). و حسب تقليد قديم للأوغوزيين أقطع عثمان الغازي المناطق الخاضعة لحكمه إلى إخوته و أبنائه ورفاقـه في القتال، حيث منحت إسكي‌شهر لأخيه غونـدوز (أوزون‌ چارشيلي، I/108). و هكذا، تعتبر إسكي شهر و المناطق المحيطة بها موطن الأسرة العثمانية، و أول جزء من منطقة حكم الدولة العثمانية (مراد، ن.ص).

و بعد عثمان الغازي، خضعت إسكي‌شهر لسيطرة الأمير قرامان في عهد حكم أورخان. و استعاد مراد الأول بعد الاستيلاء على أنقرة، إسكي‌شهر من القَرمانيين (YA، ن.ص). و بعد معركة أنقرة و أسر تيمور لإيلدرم بايزيد خلال الاختلاف بين أبناء بايزيد على الخلافة (هامرپورغشتال، 1/ 309 و مابعدها)، خضعت إسكي‌شهر لإدارة عيسى چلبي ابن بايزيد («دائرة‌المعارف التركية»، XV/426). و عندما نجح محمد چلبي، محمد الأول في القضاء على المنافسين، و السيطرة دون منازع على السلطنة العثمانية، خضعت إسكي‌شهر أيضاً لحكم السلطان (YA، ن.ص). استمر هذا الوضع في جميع عهود التاريخ العثماني، و كانت تنظم بين الحين و الآخر حسب التقسيمات الإدارية للدولة العثمانية إلى إحدى الولايات، فكانت تعتبر حيناً جزءاً من ولاية خداوندكار و سنجق كوتاهية (حاجي خليفة، 642؛ سامي، 2/937- 938)، و حيناً جزءاً من محافظة الأناضول و حاضرتها كوتاهية («دائرة‌المعارف التركية» ن.ص).

كانت إسكي‌شهر خلال هجمات العثمانيين على الشرق أحد مواضع تجمع الجيش. حيث كانت هذه المدينة أحد معسكرات الجيش خلال هجوم سليمان القانوني على إيران في 942ه‍/1535م و الذي عرف في التاريخ العثماني ب‍ـ «سفر عراقين». و قد رسم نصوح مطراقجي مؤلف كتاب بيان منازل سفر عراقين و الذي كان يرافق المعسكر العثماني، خارطتها منمنمة ملونة (ظ: الورقة 109b).

تركت الأزمة الاقتصادية في القرن 11ه‍/17م و التي كانت قد عمت جميع أرجاء الإمبراطورية العثمانية، آثارها على إسكي‌شهر أيضاً. فقد ترك القرويون زراعتهم، و انشغلوا في السرقة و قطع الطرق. كما احتلت إسكي‌شهر لفترة خلال ثورة الجلاليين بقيادة حسن جلالي (YA,IV/2838). و عند هجوم مراد الرابع على بغداد في 1047ه‍/1637م، بلغه عندما وصل إسكي‌شهر أن درويشاً ادعى أنه المهدي، و التف حوله الكثير من الناس في هذ المدينة وأطرافها، و طالب بالخراج. فأمر السلطان باعتقاله مع 12 شخصاً من مؤيديه، و معاقبته (هامرپورغشتال، 3/2022-2023). و الجدير بالذكر أن إسكي‌شهر و أطرافها كانت أحد المراكز المهمة للأخية (ظ: ن.د، الأخي؛ أوزون چارشيلي، I/105).

و في القرن 19م و مع ازدياد الهجرة من القرم و القفقاز وروم‌إيلي و بلغاريا إلى هذه المنطقة، تغير وجه المدينة، حيث قدم إلى هذه المنطقة في 1279ه‍/1862م الجركس و الأفخاز، و ظهرت بعد فترة 10 قرى في أطراف المدينة يسكنها التتار. و فضلاً عن المسلمين، كان أتباع الأديان الأخرى كالأرثوذوكس و الأرمن واليهود يعيشون أيضاً في هذه المدينة و كان لكل منهم مراسيمهم الخاصة بهم. استمرت موجات هذه الهجرة حتى نهاية حروب البلقان في 1912م. و قد كان المهاجرون يسيطرون في الغالب على الأراضي الموقوفة و الخالصة و يعملون فيها (YA,IV/2840؛ «دائرة‌معارف‌الديانة»، XI/400).

و بعد نهاية الحرب العالمية الأولى في 1918م، و على أثر هزيمة الإمبراطورية العثمانية و تجزئتها، احتلت القوات البريطانية في 23 كانون الثاني 1919م إسكي‌شهر التي كانت كبيرة ومكتظة بالسكان نسبياً (ن.ص؛ YA,IV/2841). و قد سيطرت على محطة السكك الحديدية. و في هذه الفترة كانت إسكي‌شهر تتمتع بموقع خاص؛ حتى إن البريطانيين كانوا يريدون جعلها عاصمة (ن.صص). و اضطر مؤتمر سيواس إلى اتخاذ قرار في هذا المجال إثر ضغوط القوات البريطانية على الأهالي، و توقيف الضباط الأتراك و ما إلى ذلك. وهكذا بدأت العمليات العسكرية ضد احتلال إسكي‌شهر بقيادة علي فؤاد باشا بناء على قرار المؤتمر. وسارعت القوات الخاضعة لأمر مجلس تركيا من جهة أخرى إلى مساعدة قوات فؤاد باشا. و أخيراً، أخلى الإنجليز في 20 آذار 1920م إسكي‌شهر و انسحبوا باتجاه أزميت (YA,IV/2842؛ «دائرة‌معارف‌الديانة»، ن.ص).

و في أيلول 1920، ظهرت داخل «قواي ملية» تنظيمات شبه سرية تدعى «الجمعية الخضراء». و قد كان الهدف الرئيس لها تشكيل جيش جديد من الضباط العثمانيين و الارتباط بأعضاء الاتحاد و الترقي الذين كانوا يتعاونون في روسيا مع التيارات الاشتراكية الإسلامية. و قد كانوا يؤيدون الإسلام و القومية خلال نضالهم ضد الإمبربالية و الرأسمالية. و كانت إسكي‌شهر أحد المراكز المهمة لنشاط هذه الجمعية، حيث كانت صحيفة يني دنيا الناطقة بلسان هذه الجمعية، تصدر في هذه المدينة (YA، ن.ص). كما كانت تشاهد في هذه المدينة النشاطات البلشفية (سونيل، II/44).

و بعد إخلاء إسكي‌شهر من قبل القوات البريطانية، هجم الجيش اليوناني على الأناضول (بروكلمان، 611). و على أثر هجوم اليونانيين، فتحت القوى الوطنية جبهة الغرب، و اختارت إسكي‌شهر مقراً لها (YA,IV/2843؛ «دائرة‌معارف‌الديانة»، ن.ص). واصل اليونانيون تقدمهم باتجاه إسكي‌شهر (كوجاتورك، 269). وانسحبت القوات التركية بعد هزيمتها، و أخيراً احتل الجيش اليوناني إسكي‌شهر في حزيران 1920 (ن.صص). و جعل اليونانيون مقرهم في هذه المدينة. و قدم قسطانطين ملك اليونان مع وزرائه و قادتـه العسكرييـن إلـى هـذه المدينـة و أكـدوا علـى التقـدم و مواصلة الحرب. و على أثر معارضه القائد العسكري لاستمرار العمليات، تولى الملك بنفسه القيادة. و في هذه الحرب التي عرفت في تاريخ تركيا بمعركة سكاريا، هزمت القوات التركية اليونانيين (YA,IV/2844) و أخيراً تحررت إسكي‌شهر في 2 أيلول 1922م بعد 13 شهراً من احتلال اليونانيين (كوجاتورك، 338) و هكذا بدأ عهد جديد في تاريخ هذه المدينة، و يتم الاحتفال باليوم الثاني من أيلول كيوم لتحرير إسكي‌شهر.

كانت إسكي‌شهر قد تعرضت للدمار في سنوات الحرب والاحتلال من قبل اليونانيين، و أحرقت مراكزها التجارية، و لكنها بعد أن تحولت إلى إحدى محافظات تركيا في 1925م، أخذت تنمو بسرعة و ظهرت فيها أحياء جديدة ذات مبانٍ حديثة («دائرة معارف‌الديانة»، XI/401-402).

 

إسكي‌شهر من وجهة نظر السياح

نسب أوليا‌چلبي الرحالة في القرن 11ه‍/17م بناءها إلى سام، و قال إن حاكم بورسه هو الذي بنى قلعتها. كما وصف حدائقها و بساتينها و مياهها المعدنية و الحارة و خصائصها (3/12-13). و قد ذكرها حاجي خليفة المؤرخ والرحالة في هذا القرن كجزء من ولاية خداوندگار و قال إن صلاة الجمعة كانت تقام في منطقتين فيها. كما ذكر سوقها ومياهها المعدنية و متاجرها. كما ذكر أن مرقدي الشيخ أَدَبالي والد زوجة عثمان الغازي، و شهاب‌الدين السهروردي يقعان فيها (ص 642). و ذكر سائح آخر في القرن 17م يدعى جفون دي روشفر في 1081ه‍/1670م، إسكي‌شهر باعتبارها مدينة صغيرة ذات فواكه و محاصيل كثيرة و سوق و حمام و أدوات زينة (ظ: تكسيه، 2/345). و تحدث شارل تكسيه السائح في القرن 19م بشكل مفصل عن -تكسيه، 2/345). و تحدث شارل تكسيه السائح في القرن 19م بشكل مفصل عن شهرة مياهها الحارة و مساجدها و حاراتها السكنية و كذلك عن حجر زبد البحر الذي تنفرد به (2/344-346).

 

الآثار التاريخية

رغم أن إسكي‌شهر كانت منذ القدم موطناً للإنسان بسبب الظروف المناسبة، و لكن لم‌تتبق فيها آثار كثيرة من العصور القديمة. و خلال التنقيبات الأثرية تم العثور في منطقة ميداس على آثار قليلة من عصر الفريجيين و الروم في تل حميدية الأثري (YA,IV/2924-2925). كما تلاحظ بقايا قلعة من النصف الثاني من القرن 12م تعود إلى دولة روما الشرقية على بعد 5 كم من إسكي‌شهر في قره‌جه حصار (ن.م، IV/2926).

و أما ما تبقى من العصر الإسلامي فهو: مسجد علاءالدين كيقباد الأول الذي بني في القرن 6ه‍/12م. و قد تم ترميم هذا المسجد الذي يقع في مركز المدينة عدة مرات، و فقد إلى حدما خصائصه المعمارية الأصلية. كان هذا الموقع متحفاً خلال 1946-1950م (ن.م، IV/2925). و مجموعة قورشونلو، التي تضم مسجداً و مدرسة و منزلاً للقوافل و داراً للضيافة، فإنها بنيت في القرن 10ه‍/16م في عهد السلطان سليمان على يد مصطفى باشا المعروف بجوبان. كما يعتبر مرقد الشيخ أَدَبالي من الآثار التاريخية في إسكي‌شهر (ظ: ن.م، IV/2925-2928).

 

المصادر

الآقسرائي، محمود، مسامرة الأخبار و مسايرة الأخيار، تق‍ : عثمان توران، أنقرة، 1943م؛ ابن الأثير، الكامل؛ ابن خرداذبه، عبدالله، المسالك والممالك، تق‍ : دي‌‌خويه، ليدن، 1888م؛ ابن خلدون، عبدالرحمان، تاريخ، تق‍ : خليل شحادة و سهيل زكار، بيروت، 1401ه‍‍/1981م؛ الإدريسي، محمد، نزهة المشتاق، بيروت، 1409ه‍/1989م؛ أولياچلبي، محمد، سياحت نامه، إستانبول، 1314ه‍؛ بروكلمان، كارل، تاريخ ملل و دول إسلامي، تج‍ : هادي جزايري، طهران، 1346ش؛ البلاذري، أحمد، فتوح البلدان، ليدن، 1863م؛ تكسيه، شارل، كوچوك آسيا، تج‍ : علي السعاد، إستانبول، 1339ه‍؛ حاجي خليفة، جهان نما، إستانبول، 1135ه‍؛ حتّي، فيليب خليل، تاريخ عرب، تج‍ : أبوالقاسم پاينده، طهران، 1366ش؛ خليفة بن الخياط، تاريخ، تق‍ : سهيل زكار، دمشق، 1968م؛ راسم، أحمد، عثمانلي تاريخي، إستانبول، 1326- 1328ه‍؛ سامي، شمس‌الدين، قاموس الأعلام، إستانبول، 1306ه‍؛ سعد الدين، محمد، تاج التواريخ، إستانبول، 1279ه‍؛ الطبري، تاريخ؛ عاشق باشازاده، درويش أحمد، تاريخ، إستانبول، 1332ه‍؛ عبدالمؤمن بن عبدالحق، مراصد الاطلاع، بيروت، 1954م؛ فريدون بك، أحمد، منشآت السلاطين، إستانبول، 1274ه‍؛ قره‌چلبي‌زاده، عبدالعزيز، روضة الأبرار، القاهرة، 1248ه‍؛ «مختصر سلجوق‌نامه‌لابن بي‌بي»، أخبار سلاجقۀ روم، تق‍‍ : محمدجواد مشكور، طهران، 1350ش؛ مراد، محمد، تاريخ أبي الفاروق، تق‍ : طه زاده عمر فاروق، إستانبول، 1325ه‍؛ مشكور، محمد جواد، أخبار سلاجقۀ روم، طهران، 1350ش؛ هامرپورغشتال، يوزف، تاريخ إمبراطوري عثمانـي، تج‍ : ميرزا زكي علي آبادي، تق‍ : جمشيد كيان فر، طهران، 1367ش؛ ياقوت، البلدان؛ اليعقوبي، تاريخ، بيروت، 1399ه‍/1979م؛ و أيضاً:

 

Census of Population 1990, State Institute of Statistics, Ankara, 1991; Diodorus, Bibliotheca historica, tr. R. M. Geer, London, 1971; IA; Kocatürk, U., Atatürk ve Türkiye cumhuriyeti tarihi kronolojisi, 1918-1938, Ankara, 1983; Naṣūħü’s- Silāḥi (Maṭrākçi), Beyān-i menāzil-i sefer-i Irākeyn, ed. Yurdaydin, Ankara, 1976; Pauly ; Runciman, S., Haçli seferleri tarihi, tr. F. Işltan, Ankara, 1986; Sonyel, S. R., Türk kurtuluş savaṣı ve dış politika, Ankara, 1986; Strabo, The Geography tr. H. L. Jones, London, 1961; Türk ansiklopedisi, Ankara, 1968; Türkiye diyanet vakfı İslâm ansiklopedisi, Ankara, 1995; Umar, B., Türkiye halkının ilkçağ tarihi, 1982; Uzunçearşılı, İ. H., Osmanlı tarihi, Ankara, 1982; YA.

علي أكبر ديانت/خ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: