إسْكَنْدَرُ لودي، أو سكندرلودي، نظام‌الدين بن بهلول (حك‍ 894-923ه‍/1489-1517م)، الحاكم الثاني من أسرة لودي من سلاطين دلهي، كان يحكم حوالي 3 عقود منطقة واسعة من الهند.

اختير إسكندر في عهد أبيه خلفاً له بعد نجاحه في قمع ثورة تاتارخان و تولی حكم دلهي من قبله. و قد نال كل من أبناء وأمراء حكومة بهلول نصيباً من مملكته (فرشته، 178؛ يادگار، 31-34). و مع كل ذلك، فقد وقع الخلاف بعد موت بهلول بين أبنائه بشأن الخلافة و حدث نزاع بينهم. و في تلك الأثناء كان نظام‌الدين في دلهي و عندما بلغه خبر موت الأب، أسرع في الذهاب إلی قصبة جلالي (الواقعة علی بعد 15 ميلاً جنوب شرق عليكره) حيث كان أمراء الحكومة و كبارها قد اجتمعوا فيها. وقد كان فريق منهم يؤيد حكم باريك شاه، أكبر أبناء بهلول و كان فريق آخر يطالب بإن يخلفه أعظم همايون من أحفاد بهلول (ابن الخواجه بايزيد). فيما كان المتبقون يدعمون نظام‌الدين. و في هذه المعمعة فإن والدة نظام‌الدين التي كانت من النساء المقتدرات و تحظی باهتمام السلطان بهلول و كان معظم الأمراء يخضعون لنفوذها كانت تطالب بحكم ابنها، و أخيراً ولی‌خان خانات قرملي (فرملي) نظام‌الدين و الذي كان يميل بشدة إليه بدعم بعض الأمراء الرفيعي المستوی. و قد لقبوه بإسكندر شاه (= سكندر) وبايعه الأمراء و قادة الجيش (17 شعبان 894)، و قد بعث بعد أن أجزل العطاء للأمراء و الجند، جثمان بهلول إلی دلهي لدفنه (أحمد 1/314، النهاوندي، 1/452؛ طباطبائي، 1/ 139).

و عندما استقرت حكومت إسكندر، عمد إلی قمع المعارضين وإصلاح شؤون المملكة و توسيع رقعة حكمه فانتزع أولاً ولاية‌رابري (ربري) من أخيه عالم‌خان وهزم بعد ذلك عيسی‌ خان حاكم بتيالي في‌ إحدی ‌المعارك و سيطر علی تلك المنطقة (فرشته،. 18؛ الهروي، 171-172؛ البدايوني، 83؛ النهاوندي، 1/454). و شن بعد ذلك هجوماً علی أخيه باريك شاه الذي كان قد خرج عن الطاعة و هزمه هزيمة فادحة في منطقة قنوج. وعندما أذعن باريك شاه إلی الطاعة، عينه حاكماً علي جونپور؛ و لكن عجز باريك شاه عن مواجهة معارضي إسكندر، أدی إلی عزله، فانضمت جونپور منذ ذلك الحين بشكل كامل إلی مملكة دلهي (فرشته، 180-181، الهروي، 173، 177، 179؛ طباطبائي، 1/140).

 أخرج إسكندر بعد فتح جونپور، ولايات كالپي و غواليار وبيانه و آكره و كنتت و أريل و شمس‌آباد و سنبل (سنبهل) من سيطرة أمراء حكومة أبيه دون حرب (الهروي، 180؛ أحمد، 1/316؛ النهاوندي، 1/454-456). كان حسين شاه بن محمود الشرقي ألد أعداء و منافسي اللوديين الذي كان يحكم في الولايات الشرقية مثل بهار وقنوج و بهرايج. و قد انتصر عليه إسكندر في إحدی المعارك في قلعة چنار و قام بمطاردته واستولی علی ولاية بهار و قرر السيطرة علی البنغال. و عندما وصل إلی قتلغ پور، بعث سطان البنغال علاء‌الدين ابنه لاستقباله، و أرسل السلطان إسكندر بدوره محمودخان لودي للقاء ابن‌علاء‌الدين و انعقدت معاهدة صلح بينهما (الهروي، 182-185؛ يادگار، 39-40؛ فرشته، 181، البدايوني، 84).

أمضی إسكندر القسم الأكبر من عهد حكمه في الحروب، وضم بعض الولايات إلی البلاد التي كان قد ورثها من أبيه، وأوكل الحكم في المدن إلی وجهاء الأفغان و أمراء أسرة لودي (فدائي، 1/506؛ محمد أيوب‌خان، 44).

رغم أن نظام الحكم في عهد‌ إسكندر أصبح يتمتع بنفوذ واتساع بالغين و أجبر النبلاء و الإقطاعيون علی طاعته، ولكن كانت تحدث بين الحين و الآخر مؤامرات ضد إسكندر يمكن الإشارة من بينها إلی مؤامرة هيبت خان و بعض الأمراء المتمثلة في تحريض الأمير فتح الله خان أخي إسكندر للإطاحة به (النهاوندي، 1/460؛ فرشته، 182؛ البدايوني، 85؛ حميدالدين، 225). كما أن سيطرته و حكمه للولايات النائية كانا و حسب، فرغم أنها كانت تعتبر ضمن رقعة حكم إسكندر، إلا أن حكام الولايات كانوا يحكمون معتمدين علی اقتدارهم الشخصي والقوانين الداخلية، و كان أهالي هذه الولايات يفضلون حكم حكامهم المحليين، و لذلك، فقد كان اللوديون، يولون الأشخاص و الأمراء المرتبطين بهم علی تلك المناطق من أجل توسيع نفوذ الدولة، بحيث أن قبائل لودي، و قرملي (فرملي)، ولوحاني (لوهاني) كانت تقوم بأعمالها بقوة السيف دون أن تعير أهمية إلی الحكومة المركزية (تاريخ، 156-157).

و رغم أن أحمد نظام‌الدين (1/334) وفرشته (ص 186) نقلاً عنه واتباعاً له كتبا أن ترجمة إسكندرلودي و مناقبه جاءت في المصادر التاريخية بشكل يُحْمَل علی المبالغة، إلا أن بعضاً مما ذكراه حول الإسكندر أشبه مايكون بالأسطورة (طباطبائي، ن.ص) و مع ذلك، فقد أشاد غالبية المؤرخين بحكم إسكندر بسبب سيادة الأمن والرخص والازدهار والعمران فيه، و وصفوه هو نفسه بالخلق الحسن و التدين و حسن التعامل مع الناس. لقد هدم جميع معابد الهنود في رقعة حكمه و شيد بدلاً منها المساجد والمدارس والأسواق، و وقف في وجه العلماء المسلمين الذين كانوا يعارضون بعض هذه الأعمال، و أقام مجالس مناظرة بين العلماء المسلمين وعلماء الملل الأخری وعين للمساجد قراء وخطباء وأئمة وخدماً وأجری لهم‌المرتبات (الهروي، 212-217؛ النهاوندي، 1/474-475؛ يادگار، 30-31، 46-49؛ فرشته، 186-187)

كان إسكندر يهتم بالعلم و الثقافة، حيث يعتبر عهده عهد ازدهار العلم و الأدب، حتی إن الجند و الأمراء كانوا يقبلون علی اكتساب العلم (الهروي، 1/ 218). و قد شاع الأدب الفارسي في هذا العهد إلی حد بعيد، ذلك لأن إسكندر كان يهتم باللغة الفارسية، و كان هو نفسه ينظم الشعر بالفارسية و يتخلص باسم «كُلْرُخي». و كان يتودد إلی الشعراء الفرس و يأنس إليهم؛ حتی إنه أوكل دفاتره إلی الكتّاب و المترسلين الفرس فأصبحوا يتمتعون بقدر و قيمة كبيرين بحيث أن الهنود رغبوا هم أيضاً في التعليم و التحرير بالفارسية. حتی قيل: «لقد عمد الكفار إلی القراءة و الكتابة بالخط الفارسي الذي لم‌يكن متداولاً بينهم حتی ذلك الوقت». و قد كان بانديت دونكرمل البرهمي الهندوسي منشغلاً في عهد إسكندر في تدريس اللغة الفارسية في دلهي (ظ: فرشته، 187- 188؛ النهاوندي، 1/ 478؛ الهروي، 224-227؛ البدايوني، 86؛ حكمت، 84 ـ 85، 90-96).

كان إسكندر يولي احتراماً كبيراً إلی علماء الدين حتی قيل إنه لم‌يكن يتخلّف ذرة مما كان يأمر به العلماء (الهروي، 212-217). وكان أحياناً يسارع إلی لقائهم (البدايوني، 83؛ فرشته، 186).

ابتلي إسكندر في أواخر عمره بمرض الخناق و توفي علی إثره. نقل جثمانه إلی دلهي، و دفن إلی جوار قبر أبيه في «باغ جود» (الهروي، 210-211، طباطبائي، 1/140).

المصادر

أحمد، نظام الدين، طبقات أكبري، كلكتا، 1935م؛ البدايوني، عبدالقادر، منتخب التواريخ، لكناو، 1867م؛ تاريخ سلاطين مسلم هند، تج‍ : إسماعيل لسان السلطان، طهران، 1322ه‍‍؛ حكمت، علي أصغر، سرزمين هند، طهران، 1337ش؛ خدائي، نصرالله، داستان تركتازان، بومباي، 1310ه‍/1892م؛ فرشته، محمد قاسم، تاريخ، كلكتا، 1886م؛ محمد أيوب خان، أفاغنۀ هوشيارپور، لاهور، 1405ه‍/1985م؛ النهاوندي، عبدالباقي، مآثر رحيمي، كلكتا، 1910م؛ الهروي، نعمة الله، تاريخ خان جهاني ومخزن أفغاني، كلكتا، 1960م؛ يادگار، أحمد، تاريخ شاهي، تق‍ : حميد هدايت الله، كلكتا، 1358ه‍/1939م؛ و أيضاً:

Hameed-ud-din,«A Critical Study of Sultan Sikandar Lodi», Islamic Culture, Hyderabad, 1961, vol. XXXV.

علي رفيعي /خ.