اَلْإسْكَنْدَريّ، أبوسليمان شرف‌الدين داود بن عمر بن‌ إبراهيم، الفقيه المالكي و المتصوف الشاذلي في القرنين 7- 8ه‍/13-14م. كان يعرف أيضاً بابن باخلا (أو ابن ماخلا)، كما كان يعرف بين أتباع الطريقة الشاذلية بداود الباخلي (ابن الملقن، 517؛ الشعراني، الأنوار...، 1/129، الطبقات...، 1/188؛ الغنيمي، 27-28؛ أيضاً ظ: ابن المبارك، 1/358؛ ابن عجيبة، 1/6). لانعلم تاريخ ولادته و مسقط رأسه، و لكن إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنه كان مريداً لابن عطاء‌الله (ت‍ 709ه‍(، و أدرك على مايقول ابن حجر العسقلاني (2/226) محضر أبي العباس المرسي (ت‍ 686ه‍)، فإن بالإمكان أن، نخمن أن ولادته كانت في أواسط القرن 7ه‍ .

كان في البدء على مايقول الشعراني (ن.ص) يخدم في جهاز والي الإسكندرية كشحنة و يتمتع بنفوذ و منزلة خاصة، حتى إن عقوبة بعض المتهمين، أو تبرئتهم كانت تتم بإشارته (أيضاً ظ: النبهاني، 2/8؛ المنوفي، 2/245). لانعلم شيئاً عن مقدمات دراسته و كيفية ميله إلى التصوف، و لكنه كان كما مر مريداً لابن عطاء‌الله (ع.ن) المتصوف الشهير في الطريقة الشاذلية (ابن الملقن، 158؛ السيوطي، 1/562) ثم أصبح هو نفسه من كبار هذه الطريقة و صاحب مقامات عالية في التصوف (النبهاني، ن.ص). ولم‌يكن الإسكندي على مايقول الشعراني يعرف القراءة و الكتابة (ن.ص)، و مع ذلك، اعتبره المنوفي جامعاً بين علم الظاهر و علم الباطن (ن.ص).

كان الإسكندري قد ربى تلامذة كثيرين منهم محمد وفا متصوف الإسكندرية المعروف (الشعراني، الأنوار، الطبقات، أيضاً ابن‌عجيبة، ن.صص؛ مخلوف، 204).

توفي الشيخ داود في الإسكندرية (السيوطي. ن.ص؛ بابا التنبكتي، 1/175). و قبره يؤمه الناس في الإسكندرية على قول المنوفي (ن.ص). اختلف في تاريخ وفاته: فقيل 733ه‍ (السيوطي، ن.ص)، 732ه‍ )حاجي خليفة، 1/481،661؛ البغدادي، إيضاح، 1/557، هدية، 1/360)، و كذلك 715ه‍ (ظ: ابن حجر، ن.ص).

يرى الإسكندري أن فطرة المريد و جوهره إنما يتضحان عندالامتحان و الاختبار، و أن من شروط المريد أن لايخطو خطوة باتجاه الشهوات النفسية، فإذا ماكان المريد صادقاً زالت جميع الشهوات في وجوده. و المريد سيره بباطنه، و ظاهره تبع و العابد سيره بظاهره، و باطنه تبع (الشعراني، الأنوار، 1/129-130، الطبقـات، 1/189، 195). و قـد قسـم المريـدين إلـى قسميـن: 1. المريدون الذين يزنون تعاليم شيخهم بالعقل أولاً قبل أن يدخلوها قلوبهم؛ 2. المريدون الذين يتقبلون تعاليم الشيخ منذ البدء بقلوبهم و نفوسهم (ن.م. 1/201). يرى الإسكندري أن الزهد في الدنيا هو أساس جميع أحكام الطريقة و قواعدها و من أقواله إن من خرج عن محبة الدنيا سمي عابداً زاهداً و من خرج عن نفسه و عواتمها سمّي عارفاً (م.ن، الأنوار، 1/131، الطبقات، 1/199).

يقول الشعراني نقلاً عن كتابه عيون الحقائق: ل‍ـ «الولي» نوران: نور العطف و الرحمة، و نور الفيض و العزة و القهر (ن.م. 1/188-189)، كما أن أحسن الأنوار و أسماها، النور الذي يشع على قلب المريد (م.ن، الأنوار، ن.ص). و يرى الإسكندري، أن الإيمان بنور الولاية هو من أكبر النعم بعد الإيمان بالله و ملائكته و كتبه السماوية و أنبيائه (م.ن، الطبقات، 1/189). و القلب هو ظل نورالروح، و الروح ظل نورالسر، و السر مظهر تجلي نور الحقيقة الأولى في بداية الخلق (ن.ص). و أهل التصوف هم الذين يسيرون من الجسد إلى ماوراءه، ثم يهبطون في «حضرة الوفاء»، ويسكنون في «محل الصفاء» (ن.م، 1/190).

يقسم الإسكندري العلوم إلى 3 أنواع: العلم السلوكي الذي يجب إظهاره، و العلم الكشفي الذي لايجوز إظهاره، و العلم السري الذي لايجب إظهاره مطلقاً (ن.م، 1/199).

آثـاره المطبوعة

1. اللطيفة المرضية بشرح حزب الشاذلية، يبدو أنه هو نفسه الرسالة المرضية في شرح دعاء الشاذلية الذي ذكره حاجي خليفة (1/661) و البغدادي تبعاً له ( إيضاح، 1/569). سمي في بعض المصادر شرح حزب البحر (ابن الملقن، ابن المبارك، ن.صص). يعد هذا الكتاب شرحاً على حزب البحر لأبي الحسن الشاذلي، و يتضمن آراء و عقائد كثيرة في التصوف و خاصة حول كلام الأولياء، و الحقائق العقلية و القلبية، و الحكمة الإلٰهية و غير ذلك (الغنيمي، 28). طبع هذا الأثر في 1354ه‍/1935م بالقاهرة.

آثـاره المخطوطة

1. أجوبة الشاذلي، رسالة على شكل سؤال وجواب حول المعراج و نزول الحق إلى السماء الدنيا، و يوجد في المكتبة الظـاهـرية تحـت رقـم 6595 (الظـاهـريـة، 1/17- 18). 2. روضة المستبين في شرح التلقين، و هو شرح على كتاب التلقين لأبي محمد عبدالوهاب بن علي البغدادي في الفقه. توجد من هذا الكتاب مخطوطة في خزانة القرويين بفاس (الفاسي، 1/343؛ أيضاً ظ: السيوطي، 1/562؛ بابا التنكبتي، 1/175؛ GAL,S,III/1223). 3.. عيون الحقائق، الذي استند إليه الشعراني في الطبقات (1/188-201)، و نقل منه في مواضع كثيرة (أيضاً ظ: البغدادي، ن.م، 2/133؛ مخلوف، 204). توجد مخطوطة من هذا الكتاب في برلين ( آلوارت، رقم 3019).

آثاره المنسوبة

إيضاح المسالك على المشهور من مذهب مالك. نسب البغدادي هذا الأثر الذي هو شرح على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، إلى الإسكندري (ن.م، 1/557)، و لكن اسم مؤلفه بضبط داود بن محمد المالكي (تـ 903ه‍ ) جاء في مخطوطتي مكتبة الأزهرية (الأزهرية، 2/308، 421). 2. شرح مختصر الجمل للزجاجي، الذي ذكره السيوطي وبابا التنبكتي (ن.صص) باسمه، و لكن مخطوطة منه ليست معروفة. 3. كشف البلاغة، في المعاني (البغدادي، هدية، 1/360-361؛ الزركلي، 2/323).

نسب المنوفي إليه أثرين باسم شرح على حزب البر و شرح على ضرب البحر (ن.ص) و هو على الأرجح نفس شرح حزب البحر. كما نقل ابن حجر العسقلاني قصيدة عنه (2/226).

المصادر

ابن‌ حجر ‌العسقلاني، أحمد، الدرر الكامنة، حيدرآباد الدكن، 1393ه‍/1973م؛ ابن‌ عجيبة، أحمد، إيقاظ الهمم في شرح الحكم، القاهرة، 1985م؛ ابن‌المبارك، أحمد، الإبريز، تق‍ : محمد عدنان الشماع، دمشق، 1406ه‍/1986م؛ ابن‌الملقن، عمر، طبقات الأولياء، تق‍ : نورالدين شريبة، بيروت، 1406ه‍/1986م؛ الأزهريــة، الفهرسـت؛ بـابـا التنبكتي، أحمـد، نـيـل الابتهـاج بتطـريـز الـديبـاج، تق‍ : عبدالحميد عبدالله هرامة، طربلس، 1989م؛ البغدادي، إيضاح؛ م.ن، هديـة؛ حاجي‌ خليفة، كشف؛ الزركلي، أعلام؛ السيوطي، بغية الوعاة، تقـ محمد أبوالفضل إبراهيم، القاهرة، 1384ه‍/1964م؛ الشعراني، عبدالوهاب، الأنوار القدسية، تق‍ : طه عبدالباقي سرور و محمد عيدالشافعي، بيروت، 1405ه‍/1985م؛ م.ن، الطبقات الكبرى، القاهرة، 1374ه‍/1954م؛ الظاهرية، المخطوطات (التصوف)؛ الغنيمي، أبوالوفا، ابن عطاء‌الله السكندري وتصوفه، القاهرة، 1389ه‍/1969م؛ الفاسي، محمد عابـد، فهرس مخطوطات خزانة القرويين، تونس، 1399ه‍/1979م؛ مخلوف، محمد، شجرة النور الزكية، القاهرة، 1350ه‍؛ المنوفي، محمود، جمهرة الأولياء، القاهرة، 1387ه‍؛ النبهاني، يوسف، جامع كرامات الأولياء، القاهرة، 1329ه‍؛ وأيضاً:

Ahlwardt ;GAL,S.

محمدجواد شمس/خ.