الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / التاریخ / أسد بن عبدالله القسري /

فهرس الموضوعات

أسد بن عبدالله القسري

أسد بن عبدالله القسري

تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/14 ۱۸:۴۱:۵۰ تاریخ تألیف المقالة

أَسَدُ بْنُ ‌عَبْدِ اللّٰهِ ‌الْقَسْريّ، أبوالمنذر (ت‍‍‍‍‍‍‍‍‍ـ ‍120ه‍/738م)، أمير خراسان في أواخر العصر الأموي. يعد عهد حكومة أسد لخراسان من أكثر أيام الخلافة الأموية اضطراباً، حيث كانت أكثر مناطق رقعة حكم الأمويين و خاصة العراق و خراسان يسودها الاضطرابات و الفتن. كما كانت النشاطات السرية للدعاة العباسيين و المعارضين الآخرين للحكم الأموي منتشرة انتشاراً واسعاً في هذه الفترة. و قد أدت عوامل من هذا القبيل إلی أن لاتصلنا سوی معلومات ضئيلة عن الأحداث الهامة التي كانت تقع في خراسان، و التي كانت دون شك سبب الأحداث التالية. وأكثر المعلومات تفصيلاً عن أسد أوردها الطبري، و يبدو أن هذه المعلومات مقتبسة من كتاب ولاية أسد بن عبدالّله القسري لعلي ابن محمد المدائني (ابن النديم،116). و هذه المصادر هي التي تقدم لنا في الغالب المعلومات التفصيلية عن وقائع خراسان الهامة في تلك الفترة المليئة بالاضطرابات (الطبري، 7/38، 41، 99/مخ‍)، رغم أن الإشارة قد وردت أيضاً في هذا المجال إلى مصادر أخرى مثل أثر أبي عبيدة معمر بن المثنى، لعله كتاب خراسان (ابن‌النديم، 59؛ الطبري، 7/43).

و لاتوحي لنا المصادر المتوفرة بمعلومات عن تاريخ ولادة أسد بن عبداللّه، أو عمره عند وفاته، و قصارى مانتوصل إليه هو التخمين من خلال بعض الإشارات بأنه كان شاباً عند حكمه لخراسان (ظ: م.ن، 7/119). كانت أمه نصرانية و رومية، و قد أشار الفرزدق في أحد أشعاره إلى ذلك (ظ: المبرد، 2/989؛ أبوالفرج، 21/313). كان أسد من قبيلة قَسر التي كانت من بطون بُجَيْلة التي كانت تعتبر بدورها من فروع قبيلة الأزد اليمنية الكبيرة (ابن‌دريد، 516؛ ابن حزم، 387- 388). ذكر أنه كان يمتلك بيتاً في دمشق (ابن عساكر، 2/797)، و ربما كان يسكن هـذه المدينة في البدء. قيل إنه بنى سوقاً فـي الكوفة أيضاً عرف بـ‍ «سوق أسد» (البلاذري، فتوح...، 2/351؛ ياقوت، 3/193). ويعود إطلاق نسبة «الكوفي» عليه إلى وقت من المحتمل أنه كان يسكن في هذه المدينة (العقيلي، 1/27؛ أيضاً ظ: ابن حبان، 4/57).

ذكر أسد لأول مرة في وقائع سنة 106ه‍، حيث بعثه أخوه خالد بن عبداللّه لتولي حكم خراسان. و قبل ذلك في 105ه‍، كان الخليفة الجديد هشام بن عبدالملك، الذي كان قد قرر أن يعتمد على اليمانيين في حكم العراق و خراسان، قد عزل عمر بن هُبيرة الفزاري عن حكم العراق، و ولى خالداً عليه (الطبري، 7/26، 37). و أما رواية الدينوري (ص 281) التي تفيد بأن سليمان بن‌عبدالملك ولى خالداً على العراق، و أنه أيضاً ولى أسداً على إمارة خراسان، فلاتتفق مع أي من المصادر الأخرى (قا: المسعودي، 323).

لاتتوفر لدينا معلومات كثيرة عن عهد حكم أسد، و لكن قيل إنه دخل أولاً سمرقند، ثم ذهب إلى مرو (الطبري، 7/37- 38)، وحينئذ توجه في 107ه‍ إلى بلاد الطالقان (طايقان) الجبلية في نواحي طخارستان، لمواصلة فتح البلاد المجاورة و التي كان الأمراء السابقون يهتمون بها أيضاً. فتصالح معه نمرون ملك تلك المناطق، و اعتنق الإسلام (البلاذري، ن.م، 3/526؛ الطبري، 7/40). ثم استولى أسد بعد ذلك على الفور في منطقة هراة (م.ن، 7/40-41) و عاد إلى بلخ، و سعى من أجل بنائها وإعمارها (ن.ص). وفي 108ه‍ انبرى أسد لفتح خُتَّل، بلاد جيحون الجبلية. و استناداً إلى رواية المدائني (ظ: م.ن، 7/43)، فإن الحرب لم‌تحدث رغم أن جيش أسد، و الخُتَّليين قد تواجها، و لكن رواية أبي عبيدة (ظ: ن.ص) تدل على أن أسداً هزم في الحرب، و هذا ما أدى إلى أن ينشد الأطفال الخراسانيون شعراً يهجونه فيه يعد من أوائل نماذج الشعر الفارسي. و يبدو أنه ليس من المستبعد كثيراً أن يكون قد حدث خلط بين هذه الحرب، وحرب أخرى وقعت في العهد الثاني من حكم أسد في ختل (ظ: تتمة المقالة).

و في 109ه‍ عزل هشام خالداً من حكومة خراسان و لذلك فقد انتهى أيضاً العهد الأول من حكم أسد. و قد كان سبب عزل خالد دون شك هو اهتمامه بالقبائل القريبة منه و خاصة الأزديين، و اضطهاده و عداءه المبالغ فيه للقبائل الأخرى و خاصة المضريين، حيث إنه جلد نصر بن سيار و بعض الأشخاص، وسبهم في خطبة الجمعة (البلاذري، ن.ص؛ الطبري، 7/47). و يبدو أن أهالي بلخ كانوا قد لقبوه ب‍ـ « الزاغ» بسب أذيته لهم (م.ن، 7/49). سار أسد بعد عزله في رمضان 109 إلى العراق للحج، و قيل إن الدهاقنة الخراسانيين كانوا يرافقونه (ن.ص).

و في 117ه‍ عزم هاشم على أن يضم حكومة خراسان إلى العراق مرة أخرى. و قد ذكر المدائني أن سبب ذلك كان الكتاب الذي أرسله عاصم بن عبداللّه والي خراسان آنذاك إلى هشام، وطلب منه أن يولي عامل العراق على تلك المنطقة للقضاء على فتن خراسان (م.ن، 7/99). و على رواية أخرى (م.ن، 7/105)، فقد كلف هشام نفسه خالداً أن يبعث أخاه لحكم خراسان.

و في الحقيقة فإن خراسان كانت في هذه الفترة تسودها اضطرابات كثيرة و خاصة تمرد الحارث بن سريج التميمي، و كان الخليفة يرى أن من الواجب من أجل تهدئة خراسان، و تحسين أوضاعها الاقتصادية، أن يستغل وجهاء القبائل الوسطى الذين كانوا يرون أنفسهم ملزمين بدعم القبيلة الأخرى في حالة حدوث الاختلاف بين القبائل الأكبر. و قد كان على أسد في البدء أن يقمع الحارث بن سريج. و قد كان الحارث في مروالروذ، و كان خالد بن عبيداللّه الهَجَري عامل آمل، يميل إليه، و كان أسد يخشى من أن ينضم أحدهما إلى الآخر خلال القتال. فبعث عبدالرحمان بن نعيم الغامدي مع جماعة من الكوفة و الشام إلى مرو في طلب الحارث، ثم هاجم هو نفسه آمل، و حاصرها. فطلب الآمليون الأمان، و أمنهم أسد، و ولى عليهم يحيى بن نعيم الشيباني، ثم سار إلى بلخ (ن.ص). و في الطريق سمع أن الحارث حاصر ترمذ، و أن أهالي المدينة يقاومونه. فتوجه بنفسه إلى هناك مسرعاً، و هزم الحارث بن سريج و جنده (م.ن، 7/106؛ خليفة، 2/509؛ الگرديزي، 116). ثم سيطر علی سمرقند بالصلح حيث كان حاكمها الهيثم الشيباني من أعوان الحارث (الطبري، 7/106-107).

و في 118ه‍ عندما كان أسد متوجهاً إلی بلخ، أرسل حليفه جُدَيع الكرماني إلی طخارستان العليا التي كان الحارث بن سريج و أعوانه قد سيطروا علی قلعة فيها. فحاصر جديع القلعة، و هزم الحارث، و استردها (م.ن، 7/109). و في نفس السنة، اتخذ أسد عن بلخ مركزاً لإمارته، ثم انشغل بمقاتلة المعارضين في طخارستان (م.ن، 7/111).

و في 119ه‍ علم خاقان أتراك ختل أن أسداً نشر جنوده في المنطقة التي يسيطر عليها. فهجم علی أسد بجيش. و لم‌يعر أسد في البدء اهتماماً بخبر هجوم الخاقان، ثم إنه عندما حاول الهرب واجه مشكلة بالقرب من نهر بلخ في اجتياز المدينة حتی وصل خاقان الترك و جنده. و بعد صراعات كثيرة، عاد أسد أخيراً إلی بلخ بمشقة و أذی، و انتظر حتی انصرام الشتاء، و يبدو أنه هجي بالشعر الفارسي خلال هذه الحادثة (م.ن، 7/113- 119).

أدت هزيمة أسد إلی تحالف الحارث مع الخاقان. فذهب الحارث إلی طخارستان و حض خاقان الأتراك علی الإعداد للهجوم. فهاجم الخاقان بلخ بجيش جرار، و قرر أسد أخيراً بعد دراسته الطرق المختلفة للمواجهة، أن يولي جديع الكرماني علی بلخ، و يخرج هو نفسه من المدينة مع جيشه (م.ن، 7/119-120).

كان الخاقان نفسه يعيش في جرجان، و يبعث الجيش إلی الأطراف للغارة، و لذلك فإنه لم‌يكن يمتلك قوة كبيرة، و كان أسد يعلم ذلك جيداً. و كان الخاقان يستبعد هجوم أسد علی إثر إيحاءات الحارث، فأخذ علی حين غرة، و هزم هزيمة فادحة (م.ن، 7/122-124؛ أيضاً ظ: خليفة، 2/513). فأمر أسد بدوره الأهالي بالصوم شكراً لهذا الانتصار، و بعث بعد ذلك جديع الكرماني للقتال في المناطق المختلفة (الطبري، 7/124).

لم‌يكن الخليفة هشام يصدق في البدء خبر انتصارات أسد، فلم‌تكن حاشيته القيسية التي كانت تضمر الحسد لأسد و خالد، عديمة التأثير في عدم تصديقه هذا. و بعد أن تأكد من ذلك غمره الفرح، بل إنه سجد شكراً لذلك (م.ن، 7/125-126) و استُقبل خبر انتصارات أسد في العراق و الشام بالسرور أيضاً استناداً إلی بعض القرائن (م.ن، 7/126-127).

و بادر أسد بعد ذلك إلی فتح ختل، و حاصر القلعة التي كان بدر طرخان قد أقام فيها. فطلب بدر طرخان الأمان، فأمنه أسد، ولكنه نقض العهد، و أمر أن يقطع عنقه. ثم عاد إلی مرو، و سكن بلخ مرة أخری (م.ن، 7/135-137).

و في احتفال المهرجان الذي أقيم في 120ه‍، وفد علی أسد بعض من الدهاقنة الخراسانيين يحملون معهم بعض الهدايا. و من خلال حديث دهقان هراة أمام أسد، و أنه لم‌يجد أفضل منه في «الكتخذانية»، يمكننا أن ندرك بوضوح فرح الدهاقنة بالهدوء والأمن و الازدهار الاقتصادي (ظ: م.ن، 7/139-140). و بعد هذه الحادثة قيل إن أسداً مرض و توفي، و نظم الشعراء أشعاراً في رثائه (م.ن، 7/141؛ أيضاً ظ: الأزدي، 39؛ عن تاريخ وفاته، قا: ولهاوزن، 375).

كانت عهود حكم أسد لخراسان، متزامنة مع أنشطة الدعاة العباسيين السرية. و تدل روايات المؤرخين علی أن أسداً كان يتعامـل مع الدعاة بكـل قسوة، حتى إنه قتـل صبراً أبا عكرمـة (ن.ع) و بعض الدعاة العباسيين الآخرين (البلاذري، أنساب...، 3/116؛ الطبري، 7/40). و في 117ه‍ ألقي القبض على بعض الدعاة العباسيين مثل سليمان بن كثير ومالك بن الهيثم وعدد آخر، و حملوهم إلى أسد. و رغم أنه أطلق سراح بعضاً منهم آخذاً بنظر‌الاعتبار الأمور القبلية، ولكنه تعامل بقسوة بالغة مع الآخرين، حتى إنه عذب بشدة موسى بن كعب التميمي الذي كان من قبيلة الحارث بن‌ سريج (البلاذري، ن.م، 3/117؛ الطبري، 7/108). وقد ذكر الطبري نقلاً عن المدائني أن أسداً عندما ظفر في 118ه‍ بخداش ــ الـذي كان يحمـل معتقدات متطرفـة ــ أمر بقتله صبراً (7/109). وقد انتهى ذلك لصالح زعماء الدعوة العباسية.

كان أسد يهتم أيضاً بالعمران في‌ عهد حكمه بالإضافة إلى انشغالاته العسكرية. فقد أعاد بناء مدينة بلخ في أول عهود حكمه، و بنى فيها مسجداً جامعاً (البلخي، 19، 30، 35)، و سعى من أجل إعمار المدينة. وقد نسب إليه أيضاً إحداث قرية باسم أسدآباد في أطراف بيهق و نيسابور (الگرديزي، 116؛ ياقوت، 1/245).

وقد وصلتنا أيضاً روايات عن العلاقات المتينة التي كانت تربط طبقة الدهاقنة و الأسر الإيرانية القديمة، بأسد. و تمكن الإشارة في هذا المجال إلى سامان خدات (جد السامانيين) الذي لاقى التكريم من قبل أسد عندما ذهب من بلخ إلى مرو و أسلم على يده، و سمى فيما بعد أحد أبنائه باسم «أسد». كما قدم أسد العون لملك بخارى في التصدي للمتمردين (النرشخي، 81-82).

ذكر أسد في عداد المحدثين أيضاً، وقيل إنه كان يروي الحديث عن أبيه و عن يحيى بن عفيف الكندي و آخرين، و سمع منه الحديث سعيد بن خثيم و سلم بن قتيبة و آخرون (البخاري، 1(2)/50؛ ابن حبان، 4/57؛ المزي، 2/505؛ ابن حجر، 1/260).

 

المصادر

ابن حبان، محمد، الثقات، حيدرآبادالدكن، 1398ه‍/1978م؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد، تهذيب التهذيب، حيدرآباد الدكن، 1325ه‍؛ ابن حزم، علي، جمهرة أنساب العرب، تق‍ ‍: عبدالسلام محمد هارون، القاهرة، 1982م؛ ابن دريد، محمد، الاشتقاق، تق‍ : عبدالسلام محمد هارون، القاهرة، 1378ه‍/1958م؛ ابن‌عساكر، علي، تاريخ مدينة دمشق، [عمان]، دارالبشير؛ ابن‌النديم، الفهرست؛ أبوالفرج الأصفهاني، الأغاني، تق‍ : محمد أبوالفضل إبراهيم، القاهرة، دارالكتب المصرية؛ الأزدي، يزيد، تاريخ ‌الموصل، تق‍ : علي‌حبيبة،1387ه‍/1967م؛ البخاري، إسماعيل، التاريخ الكبيـر، حيدرآباد الدكـن، 1382ه‍/1962م؛ البلخـي، عبـدالله، فضائـل بلخ، تق‍ : عبـدالحـي حبيبـي، طهـران، 1350ش؛ البـلاذري، أحمـد، أنسـاب الأشـراف، تق‍ ‍: عبدالعزيز الدوري، بيروت، 1398ه‍/1978م؛ م.ن، فتوح البلـدان، تق‍ ‍: صـلاح‌الدين المنجـد، القاهـرة، 1957م؛ خليفـة بن خيـاط، تاريـخ، تق‍ ‍: سهيل زكار، دمشق، 1968م؛ الدينوري، أحمد، الأخبار الطوال، تق‍ ‍: عبدالمنعم عامر، القاهرة، 1379ه‍/1959م؛ الطبــري، تـاريـخ؛ العقيـلي، محمـد، كتـاب الضعفـاء الـكبيـر، تق‍: عبدالمعطي أمين قلعجي، بيروت، 1404ه‍/1984م؛ الگرديزي. عبدالحي، زين‌الأخبار، تق‍ ‍: عبدالحي حبيبي، طهران، 1347ش؛ المبرد، محمد، الكامل، تق‍ ‍: محمد أحمد الدالي، بيروت، 1406ه‍/1986م؛ المزي، يوسف، تهذيب الكمال، تق‍ : بشار عـواد معروف، بيـروت، 1404ه‍/1984م؛ المسعودي، علـي، التنبيـه و الإشـراف، تق‍ : دي‌خويه، ليدن، 1893م؛ النرشخي، محمد، تاريخ بخارا، تق‍ ‍: مدرس رضوي، طهران، 1363ش؛ ولهاوزن، يوليوس، الدولة العربية وسقوطها، تج‍ : يوسف العش، دمشق، 1376ه‍/1956م؛ ياقوت، البلدان.

 

علي بهراميان/خ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: