أَسَدُ اللّٰهِ الْكِرْمانيّ، أسداللّه‌ بن‌ بايزيد الصادقي الصوفي الكرماني (تـ‍ 892ه‍/1487م)، الأستاذ الخطاط في أنواع‌ الأًقلام الستة (الثلث و النسخي‌ و التعليق‌ و الريحاني و المحقق‌ و الرقاع‌). وكان‌ أيضاً يجيد كتابة قلم النستعليق‌، و ينظم‌ الشعر، ومن‌ المتصوفـة المعروفين‌ فـي عصره‌ (حاجي خليفـة، 1/711؛ مستقيم‌‌زاده‌، 113؛ إيراني، 119-120). و يعتبره‌ مصطفى‌ عالي في عداد الأساتذة الإيرانيين‌ الشهيرين‌ في «حسن‌ الخط» في بلاد فارس‌ والترك (ص‌ 23).

الروايات‌ التي وصلتنا حول‌ أستاذ، أو أساتذة أسداللّه‌ في الخط متناقضة. فعالي يعتبر أن‌ نسبة الأستاذية إلى‌ مير علي الهروي (تـ‍ 951ه‍( غير صحيحة، و يرى‌ أن‌ من‌ الممكن‌ و حسب‌ أن‌ تكون‌ نهاية حياة أسداللّه‌ معاصرة لبداية حياة مير (ص‌ 49). ويرى‌ هو نفسه‌ أن‌ أسداللّه‌ و محمد الكرماني من‌ تلامذة عبدالرحيم‌ الخوارزمي المعروف‌ ب‍ـ «أنيسي» خطاط بلاط السلطان‌ يعقوب‌ الآق‌ قويونلوي (حك‍‍ 883-896ه‍( )ص58-59؛ بياني، 2/384، 386).

يعتبره‌ البعض‌ تابعاً لمدرسة محمد الكرماني في كتابة قلمي الثلث‌ و النسخي، و يرون‌ أنه‌ عكف‌ أولاً على‌ تقليد آثار محمد الكرماني، ثم‌ حصل‌ على‌ «الإجازة» منه‌ بعد أن‌ اكتسب‌ المهارة (مستقيم‌ زاده‌، ن‌.ص‌). و في صحة هذا الكلام‌ تأمل‌، لأن‌ شمس‌‌الدين‌ محمد الكرماني كان‌ أستاذاً في خط النستعليق‌ (ظ: بياني، 3/824-825)، و لم‌‌يصلنا منه‌ أي أثر بقلمي الثلث‌ والنسخي‌. و على‌ هذا فإننا لايمكن‌ أن‌ نذعن‌ إلى‌ صحة أستاذيته لأسداللّه‌، ومنحه‌ «الإجازة» له‌، خاصة و إن‌ تقليد منح‌ «الإجازة» و الذي كان‌ من‌ تقاليد الخط في البلاد العثمانية (ظ: شيمل‌، 77، 82، 116) لم‌‌يكن‌ شائعاً بين‌ الخطاطين‌ الإيرانيين. و فضلاً عن‌ ذلك، فإن‌ تبقي آثار من‌ شمس‌‌الدين‌ محمد و التي يصل‌ تاريخها إلى‌ 918ه‍، أي بعد 26 سنة من‌ وفاة أسداللّه‌، يدل‌ على‌ تقدم‌ زمان‌ حياة أسداللّه عليه‌ (ظ: بياني، ن‌.ص‌).

و يرى‌ حبيب‌‌اللّه‌ الأصفهاني أن‌ مير شيخ‌ الكرماني هو أستاذ أسداللّه‌ في قلمي الثلث‌ و النسخي‌ (ص‌ 62). و لايُعرف‌ تاريخ‌ وفاة مير شيخ‌ الأول‌ الكرماني‌، و لكننا نعلم‌ أنه‌ كان‌ كاتب‌ بلاط بابر الكوركاني (حك‍ 899 -937ه‍/1494-1531م)، و أنه‌ كان‌ يعيش‌ في قندهار لسنوات‌ بعد موت‌ أسدالله‌ (عالي، 49؛ أيضاً ظ: بياني، 2/321-322).

و مع‌ الأخذ بعين‌ الاعتبار رواية مصطفى‌ عالي حول‌ مصاحبة أسداللّه‌ لأنيسي، و تعلم‌ كتابة قلم النستعليق‌ منه‌، لايبعد أن‌ يكون‌ قد تعلم‌ أيضاً قلمي الثلث‌ و النسخي‌ من‌ عبدالكريم‌ اليعقوبي، لأن‌ عبدالكريم‌ كان‌ يكتب‌ جميع‌ الأقلام‌ بمهارة وروعة (بياني، 2/410). و رغم أننا لانعلم‌ بالضبط أستاذ، أو أساتذة أسداللّه‌ في الخط، ولكن‌ التراث‌ الذي تركه‌ في فن‌ الخط، يتمتع‌ بأهمية وقيمة عالية.

ذهب‌ أسداللّه‌ الكرماني إلى‌ البلاد العثمانية، و سكن‌ فيها، وعكف‌ على‌ تربية خطاطي تلك المناطق‌ (زين‌ الدين‌، 347). ويعد الخطاط العثماني المعروف‌ و الكبير أحمد قره‌ حصاري (873 -963ه‍( أشهر تلامذته‌ (ن‌.ص‌). و قد حافظت مدرسة أحمد وتلامذته‌ وأتباعه‌ و التي انبثقت‌ من‌ أسداللّه‌ الكرماني على‌ شيوعها الأكثر من‌ قرن‌ في البلاد العثمانية (آيوردي، 24؛ رادو، 47).

و يرى‌ آيوردي الذي عرف‌ لأول‌ مرة بالأثرين‌ المنسوبين‌ إلى‌ أسداللّه‌ (ظ: قسم‌ الآثار)، أنه‌ كان‌ قد تتبع‌ في كتابة الثلث والنسخ) ياقوت‌ المستعصمي، وكـان‌ يكتب‌ مثله‌ بقلم كان‌ يتميـز ب‍ـ «القط المستوي» (ن‌.ص‌). ولكن‌ هذا الحكم‌ ليس‌ صحيحاً، لأن‌ دراسـة القطعتين‌ المذكورتين‌ تـدل‌ علـى‌ أن‌ كليهمـا ــ كمـا هـو حـال‌ آثـار يـاقـوت‌ الأصيـلـة ــ كتبتـا بقـلـم يتميـز بـ‍ «القط المحرّف‌». وبالإضافة إلى‌ ذلك، فنحن‌ نعلم‌ أن‌ استعمال‌ القط المحرف‌ كان‌ شائعاً بين‌ الخطاطين‌ منذ القرن‌ 3ه‍ ( المنجد، 29).

آثـاره‌

1. قطعة بقلمي الثلث‌ و النسخ‌ على‌ أسلوب‌ ياقوت‌، والنستعليق‌ على‌ أسلوب‌ أنيسي، بتوقيع‌ «مشقه‌ أسداللّه‌ بايزيد الصادقي الصوفي الكرماني بلغه‌ اللّه‌ غاية الأماني»، في مجموعة خليل‌ أدهم‌ آردا في تركيا (آيوردي، 26). 2. قطعة بقلمي المحقق‌ والثلث‌ (قسم‌ من‌ الآية 37 من سورة آل‌ عمران‌) دون‌ توقيع‌ وتاريخ‌، في نفس‌ المجموعة (م‌.ن‌، 25). 3. قرآن‌ بواجهات صفحات مذهبة، كانت‌ قد كتبت‌ على‌ إحدى‌ صفحاته‌ الختامية المادة التاريخية للكتابة (862ه‍ ( في بيتين‌ بخط الكاتب‌، و قد كان‌ يتم‌ الاحتفاظ بها في مكتبة أياصوفية (مستقيم‌‌زاده، 113)، ولكن‌ أياً من‌ كتّاب‌ التراجم‌ في العصر الحاضر لم‌ير هذا القرآن‌، كما لم‌‌يذكر في فهرس‌ المكتبة المذكورة (آيوردي، ن‌.ص‌؛ بياني، 1/64).

المصادر

إيراني، عبدالمحمد، پيدايش‌ خط و خطاطان‌، مصر، 1345ه‍؛ بياني، مهدي، أحوال‌ وآثار خوشنويسان‌، طهران‌، 1345- 1358ش‌؛ حاجي خليفة‌، كشف‌؛ حبيب‌ أصفهاني، خط و خطاطان‌، قسطنطينية، 1305ه‍؛ زين‌الدين‌، ناجي، مصور الخط العربي، بغـداد، 1400ه‍؛ شيمل‌، آن‌ ماري، خوشنويسي و فرهنگ‌ إسلامي، تج‍ ‍‍: أسداللّه‌ آزاد‌، مشهد، 1368ش‌؛ عالي، مصطفى‌، مناقب‌ هنروران‌، إستانبول‌، 1926م‌؛ مستقيم‌‌زاده‌، سليمان‌ سعدالدين‌، تحفۀ خطاطين‌، إستانبول‌، 1928م‌؛ المنجد، صلاح‌ الدين‌، ياقوت‌ المستعصمي، بيروت‌، 1985م‌؛ و أيضاً:

Ayverdi, E. H., Fatih devri hattatları ve hat sanatı,Istanbul, 1953; Rado, S., Türk hattatları, Istanbul.

محمدحسن سمسار/خ.