الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / دراسات الأنثربولوجیا / الاستسقاء /

فهرس الموضوعات

الاستسقاء

الاستسقاء

تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/13 ۲۲:۰۹:۱۵ تاریخ تألیف المقالة

اَلاِسْتِسْقاء، طلب المطر من الله ضمن آداب خاصة و على الخصوص عند الجفاف. كلمة الاستسقاء مشتقة في اللغة من مادة سقي من باب الاستفعال، و تعني طلب الماء.

كان طلب المطر من الله عند الجفاف ظاهرة شائعة بين الشعوب المختلفة منذ العصور الموغلة في القدم. و قد أشار القرآن الكريم في سورتي البقرة (2/60) و الأعراف (7/160) بوضوح إلی موضوع الاستسقاء من جانب النبي موسی (ع)، فيما وردت الإشارة في آيات أخری إلی موضوع طلب المطر دون استعمال كلمة الاستسقاء. و فيما يتعلق بطقوس الاستسقاء لدی العرب قبل الإسلام، تجب الإشارة إلی رواية تفيد بأن عبدالمطلب جد النبي (ص)، حمل علی عاتقه حفيده محمداً (ص) عند سنة الجفاف، و استسقی الله و هو يتلو الأدعية (ظ: ابن الأثير، 5/454-455؛ الحلبي، 1/110-111). و استناداً إلی روايات أخری أيضاً فإنه عندما حدث الجفاف في زمان أبي طالب، توجه إلی بيت الله مع عدد من أبناء عبدالمطلب للاستسقاء و قد أنشد لاميته المعروفة بهذه المناسبة (المجلسي، 18/3).

و قد نقلت بعد ظهور الإسلام روايات في المجاميع الحديثية حول إقامة النبي (ص) بنفسه لمراسم الاستسقاء (مثلاً ظ: البخاري، 2/15-16؛ المفيد، الأمالي، 301-305). و بعد وفاته (ص) استمر المسلمون في إقامة سنّة الاستسقاء، و في عهد خلافة عمر اصطحبه ذات مرة العباس عم النبي (ص) في الاستسقاء (البخاري، 2/16؛ ابن‌بابويه، من لايحضره...، 1/340). و قد جاءت في نهج‌البلاغة خطبتان في باب الاستسقاء علی لسان الإمام علي (ع) (الخطبتان، 115، 143). و في عصر الأمويين، بعث الوليد بن عتبة عندما أراد أن يخرج للاستسقاء رسولاً إلی ابن‌عباس كي يسأل عن آدابه (محمد بن الحسن، الحجة...، 1/337). و تعلم محمد بن خالد القسري والي المدينة كيفية الاستسقاء من الإمام الصادق (ع) (الطوسي، تهذيب...، 3/ 148- 149). كما طلب الخليفة العباسي المأمون عند حوادث الجفاف من الإمام الرضا (ع) أن يقيم مراسم الاستسقاء (ابن‌بابويه، عيون...، 2/ 168و مابعدها).

تتفق غالبية المذاهب، من الناحية الفقهية فيما يتعلق بكيفية إقامة مراسم الاستسقاء، علی أن القسم الرئيس من هذه المراسم يتمثل في صلاة مستحبة تقام جماعة. و هي تشبه لدی الإمامية صلاة العيدين في التكبيرات و القنوت. و يستحب فيها الجهر بالقراءة، و قراءة السور التي اعتبرت مستحبة في صلاة العيدين. كما أن من المستحب أن يدعی الناس للصوم 3 أيام، و أن يخرجوا للصلاة في اليوم الثالث إلی الصحراء، مع الشيوخ والأطفال، و يحملوا معهم المنبر إلى الصحراء، و يقف المؤذنون أمام الإمام. و أفضل وقت لهذه الصلاة هو نفس الوقت المقرر لصلاة العيدين. و يقال في هذه الصلاة: «الصلاة» 3 مرات بدلاً من الأذان و الإقامة. و عندما ينتهي الإمام من الصلاة، يلقي خطبة بعد الذكر و الدعاء، ثم يطلب من الله نزول المطر بعد أن يحول رادءه، و يقرأ بعض الأذكار و الأدعية مع الناس (المفيد، المقنعة، 207-208؛ الطوسي، المبسوط، 1/134-135؛ المحقق الحلي، 1/ 108-109).

و من بين فقهاء المذاهب الأربعة يعد أبوحنيفة الفقيه الوحيد الذي شكك في ثبوت سنّة صلاة الاستسقاء علی لسان النبي (ص)، و اعتبر الاستسقاء المسنون دعاء و مناجاة (محمد بن‌ الحسن، الأصل، 1/447-449). و قد أرجع بعض الحنفيين شكّه هذا إلی إقامة الصلاة جماعة (القدوري، 1/120؛ الكاساني، 1/282). وقد نقل استحباب صلاة الاستسقاء فرادی في رواية ابن البلخي، عن أبي‌حنيفة (الطوسي، الخلاف، 1/276؛ أيضاً ظ: القدوري، ن.ص).

و قد اعتبر أكثر فقهاء المذاهب الأربعة حتی تلامذة أبي‌حنيفة، أصل الصلاة و الجماعة في الاستسقاء سنّة (ابن‌هبيرة، 1/123؛ القدوري، 1/121). و رأی الشافعي (1/249-250) و أحمد بن‌حنبل مع قليل من الاختلاف في التفاصيل، أن صلاة الاستسقاء تشبه صلاة العيدين في الكيفية و التكبيرات (ظ: ابن‌هبيرة، ن.ص)، واعتبرها مالك شبيهة بصلاة التطوع في التكبيرات (ابن‌القاسم، 1/166). و تتفق المذاهب في الجهر بالقراءة (ابن‌هبيرة، ن.ص؛ ابن‌رشد، 1/215). و يری مالك و الشافعي أن هناك خطبتين تلقيان بعد صلاة الاستسقاء، كما هو الحال في صلاة العيدين (ابن‌القاسم، ن.ص؛ الشافعي، 1/249-251)، و لكن الخطبة كانت مقدمة علی الصلاة لدی بعض الفقهاء القدامی مثل الليث بن سعد، و ابن المنذر (ظ: القفال، 2/325؛ ابن‌قدامة، 2/287). و لم‌يؤيد أصل استحباب الخطبة في رواية الأغلبية عن مذهب أحمد‌بن‌حنبل (ابن‌هبيرة، 1/123-124؛ عن آراء الحنفيين، ظ: الكاساني، 1/283).

و يری الشافعي أن علی الناس أن يصوموا 3 أيام قبل الخروج للاستسقاء و أن ينشغلوا بالخيرات و المبرات (1/ 248). و أيدت المذاهب المختلفة سنّة اصطحاب الأطفال و الشيوخ (مثلاً ظ: م.ن، أيضاً ابن القاسم، ن.صص). و قد كان اصطحاب أهل الذمة في الاستسقاء من المسائل المثيرة للجدل دوماً في الكتب الفقهية (مثلاً ظ: ن.ص؛ القفال، 2/323-324). و ليس لصلاة الاستسقاء وقت معين، و رأی البعض أن وقت فضيلتها هو نفس وقت صلاة العيدين (ظ: ابن‌رشد، 1/216؛ ابن‌قدامة، 2/286). و ليس الأذان والإقامة سنة في هذه الصلاة بالاتفاق، فقد ذكر في بعض المصادر الفقهية نداء «الصلاة جامعة» كبديل عنهما (مثلاً ظ: ابن‌هبيرة، 1/83؛ ابن‌قدامة، 2/285-286). كما طرحت سنة تحويل الرداء في الآثار الفقهية للمذاهب الإسلامية، و خالف أبوحنيفة استحبابها (محمد بن الحسن، ن.م، 1/449؛ الشافعي، 1/251؛ ابن‌القاسم، ن.ص؛ ابن‌هبيرة، 1/124). و يجدر ذكره أن الظاهريين أيضاً رأوا أن كيفية صلاة الاستسقاء تشبه بشكل كامل صلاة العيدين، سوی أن سنة إخراج المنبر الموجودة في صلاة الاستسقاء، لاتوجد في صلاة العيدين (ظ: ابن‌حزم، 5/93-94؛ لنفي هذه السنة، ظ: ابن‌القاسم، 1/165-166). و قد كان لبعض أئمة الزيدية المتقدمين آراء خاصة في هذا المجال. فقد اعتبر الهادي إلی الحق صلاة الاستسقاء 4 ركعات، و لم‌ير استحباب الخطبة فيها. كما لم‌يقل أبوالحسين الهاروني بالخطبة فيها، رغم اعتبار هذه الصلاة ركعتين (ظ: الهادي إلی الحق، 1/ 138- 139؛ ابن المرتضی، 3/ 78- 79).

 

المصادر

ابن الأثير، علي، أسد الغابة، القاهرة، 1280-1286ه‍؛ ابن‌بابويه، محمد، عيون أخبار الرضا (ع)، قم، 1377ه‍؛ م.ن، من لايحضره الفقيه، تق‍ : حسن الموسوي الخرسان، النجف، 1377ه‍؛ ابن‌حزم، علي، المحلی، بيروت، دار الآفاق الجديدة؛ ابن‌رشد، محمد، بداية المجتهد، بيروت، 1406ه‍/1986م؛ ابن‌القاسم، عبدالرحمان، المدونة الكبری، القاهرة، 1324-1325ه‍؛ ابن‌قدامة، عبدالله، المغني، بيروت، 1404ه‍/1984م؛ ابن المرتضی، أحمد، البحرالزخار، بيروت، 1394ه‍/1975م؛ ابن‌هبيرة، يحيی، الإفصاح، تق‍ : محمد راغب الطباخ، حلب، 1366ه‍/1947م؛ البخاري، محمد، صحيح، إستانبول، 1315ه‍؛ الحلبي، علي، السيرة الحلبية، القاهرة، 1320ه‍؛ الشافعي، محمد، الأم، بيروت، دارالمعرفة؛ الطوسي، محمد، تهذيب الأحكام، تق‍ : حسن الموسوي الخرسان، النجف، 1379ه‍؛ م.ن، الخلاف، طهران، 1377ه‍؛ م.ن، المبسوط، طهران، 1388ه‍؛ القدوري، أحمد، «المختصر»، مع اللباب للغنيمي، تق‍ : محمد محيي‌الدين عبدالحميد، القاهرة، 1383ه‍/1963م؛ القرآن الكريم؛ القفال، محمد، حلية العلماء، تق‍ : ياسين أحمد إبراهيم درادكة، عمان، 1988م؛ الكاساني، أبوبكر، بدائع الصنائع، القاهرة، 1406ه‍/1986م؛ المجلسي، محمد باقر، بحـار الأنـوار، بيـروت، 1404ه‍/1984م؛ المحقـق الحلـي، جعفر، شرائع الإسـلام، تق‍ ‍: عبدالحسين محمد‌علي، النجف، 1389ه‍/1969م؛ محمد بن الحسن الشيباني، الأصل، حيدرآباد الدكن، 1386ه‍/1966م؛ م.ن، الحجة علی أهل المدينة، حيدرآباد الدكن، 1385ه‍/1965م؛ المفيد، محمد، الأمالي، تق‍ ‍: حسين أستادولي و علي‌أكبر الغفاري، قم، 1403ه‍؛ م.ن، المقنعة، قم، 1410ه‍؛ نهج البلاغة؛ الهادي إلی الحق، يحيی، الأحكام، 1410ه‍/1990م.       

عبد الأمير سليم/خ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: