الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / دراسات الأنثربولوجیا / الاستخارة /

فهرس الموضوعات

الاستخارة

الاستخارة

تاریخ آخر التحدیث : 1442/9/13 ۱۷:۵۹:۵۰ تاریخ تألیف المقالة

اَلاِسْتِخارَة، عنوان عام لنوع من الآداب الدينية يطلب الإنسان من خلالها اختيار الأحسن من الله. و الاستخارة في اللغة هي طلب الخيرة في الشيء(ظ: ابن منظور، مادة خير)، و أما في المصطلح الديني فتعني إيكال الاختيار إلی الله في عمل يتردد الإنسان في القيام به. و قد اعتبرت الاستخارة أحياناً في الروايات بمعنی استشارة الله (مثلاً ظ: البرقي، 598؛ ابن بابويه، 1/562). وقد دارالحديث في المصادر منذ القدم حول الاستخارة و ذكرت لها آداب من الدعاء و الصلاة و الذكر. و لاتجوز الاستخارة في أمر له في الشرع حكم واضح، و هي مستحسنة في الأمور المباحة، أو في الاختيار بين مستحبين فقط (ظ: ابن طاووس، 167- 168، 172 و مابعدها؛ ابن حجر، 11/154).

و يبدو من بعض الروايات أن نوعاً من «الاستخارة من الله» كانت شائعة بين العرب قبل الإسلام (ظ: ابن سعد، 8/171؛ أبوالفرج، 19/92)، و لكن لم‌يرد شرح حول كيفيتها، و من النماذج الأولی للعمل بالاستخارة رواية عن الإمام علي (ع) تفيد بأن النبي (ص) بعثه إلى اليمن، و رغبه في العمل بالاستخارة عندما يصعب عليه اتخاذ القرار (الطوسي، الأمالي، 1/135). كما روي أنه عندما توفي النبي (ص)، و ظهرت الاختلافات بين الصحابة في كيفية دفنه، أرسلوا في طلب شخصين كان أحدهما يحفر الأرض علی أسلوب المكيين، و الآخر كان يحفر اللحد علی طريقة المدنيين؛ ثم نطقوا بعبارة «اللّٰهم خِرْ لرسوِلك»، و تقرر أن يأخذوا بطريقة من يصل قبل الآخر (ظ: ابن سعد، 2(2)/74-75؛ ابن ماجة، 1/496؛ أيضاً ظ: المجلسي، 22/ 518، 529). اعتبرت الاستخارة وطلب الأحسن من الله أمراً مستحسناً لدی المذاهب الإسلامية المختلفة، و قد نقل في هذا المجال عدد من الأحاديث عن النبي (ص) و الأئمة الأطهار (ع) (ظ: أحمدبن‌حنبل، 1/ 168؛ البرقي، 598-599).

و قد تم بيان كيفية صلاة الاستخارة في حديث نبوي عن جابر. و قد جاء في هذا الحديث الذي يعتبر من المصادر الأساسية في المباحث الفقهية المتعلقة بالاستخارة، دعاء خاص تعقيباً لهذه الصلاة (مثلاً ظ: أحمد بن حنبل، 3/344؛ البخاري، 7/162؛ الترمذي، 2/345-346). و فضلاً عن ذلك، فقد ذكرت في مصادر الإمامية أحاديث، أخری نقلاً عن الأئمة (ع) في آداب صلاة الاستخارة (ظ: الكليني، 3/470 و ما بعدها؛ ابن بابويه، 1/562-563؛ الطوسي، تهذيب، 3/179 و مابعدها). و قد اعتبر الفقهاء صلاة الاستخارة من الصلوات المستحبة، أو المسنونة (مثلاً ظ: ابن إدريس، 1/313؛ الدمياطي، 1/257). و اتفقت المذاهب الفقهية علی أن صلاة الاستخارة ركعتان، و من الأفضل بناء علی القول المشهور لدی المذاهب المختلفة، أن تقرأ في هذه الصلاة بعد فاتحة الكتاب سورة الكافرون في الركعة الأولی، و سورة الإخلاص في الركعة الثانية (مثلاً ظ: الغزالي، 1/185؛ النووي، «الأذكار»، 3/354؛ ابن عابدين، 1/506؛ دون التصريح بالترتيب: الكليني، 3/472؛ ابن بابويه، 1/562). كما أوصت إحدی الروايات الإمامية بقراءة سورتي الحشر و الرحمان في الركعة الأولی، والمعوذتين و الإخلاص في الركعة الثانية (ظ: الكليني، 3/470؛ الطوسي، ن.م، 3/180). و من الأفضل أن تؤدى صلاة الاستخارة في الأماكن المقدسة مثل المساجد و المشاهد (ظ: الشهيد الأول، مادة صلاة الاستخارة؛ أيضاً ظ: العوفي، 1/210). فقد جاءت في روايات الإمامية نماذج من التوصية بإقامة هذه الصلاة في مسجد النبي (ص) (الكليني، 3/471)، و الإتيان بآداب الاستخارة في مشهد الإمام الحسين (ع) (الحميري، 28).

و بالإضافة إلی الاستخارة عن طريق إقامة الصلاة، فإنها تتمتع أيضاً بمكانة خاصة في التعاليم الإسلامية باعتبارها دعاء من الله، و طلباً للأفضل؛ ومما يجدر ذكره أن ابن إدريس (1/314) أكد تأكيداً خاصاً علی هذه المكانة من خلال تذكيره بأن الاستخارة تعني أساساً الدعاء في اللغة العربية، و شدد في التوصية بضرورة تنقية هذه السنّة من الزوائد (أيضاً ظ: السطور التالية). و يعد الدعاء 33 من الصحيفة السجادية دعاء للاستخارة، حيث يطلب الإنسان فيه من الله أن يلهمه مشيئته و إرادته. و تناولت المجموعات الروائية آداب الاستخارة و سننها، و جمعت في هذا الباب روايات نقلاً عن النبي الأعظم (ص) و الأئمة الأطهار (ع) (ظ: الشوكاني، 189-190؛ الحر العاملي، 3/204-221؛ المجلسي، 88/222-242). كما ألفت آثار مستقلة و خاصة من قبل علماء الإمامية في موضوع الاستخارة نخص منها بالذكر كتاب فتح الأبواب لابن طاووس (عن فهرست هذه الآثار، ظ: الخفاف، 47-55؛ أيضاً عن مؤلف قديم باسم الاستخارة و الاستشارة، ظ: النووي، تهذيب...، 1 (2)/256).

و جدير ذكره أن بعض المصادر أشارت إلی أساليب خاصة في الاستخارة بالإضافة إلی الصلاة و الدعاء، يعتبر بعضها أحياناً موضوع نقاش و تأمل:

 

1. الاستخارة بالقرآن

تجب في البدء الإشارة إلی رواية اليسع القمي عن الإمام الصادق (ع)، و التي يجب علی الشخص المستخير بناء عليها، أن يفتح المصحف عند التهيؤ و القيام للصلاة، ويعمل بأول أمر يراه فيه (الطوسي، تهذيب، 3/310؛ الكفعمي، 391، دون الإشارة إلی الصلاة). و حسب أسلوب آخر ذكره الطبرسي دون ذكر سند له، يفتح الشخص المصحف بعد أداء الصلاة الخاصة و الدعاء، ثم يعد 7 صفحات، و يبحث عن الجواب في الورقة السابعة و السطر الحادي عشر (ظ: الطبرسي، الحسن، 324؛ أيضاً ابن طاووس، 227). و يبدو من الإشارات المتفرقة في المصادر أن مثل هذه الأساليب كانت متداولة أيضاً لدی طوائف من أهل السنّة (مثلاً ظ: م.ن، 156، نقلاً عن دعوات المستغفري؛ ابن الحاج، 1/278؛ الزبيدي، 2/285-286).

و قد جاء في حديث عن الإمام الصادق (ع) النهي عن التفؤل بالقرآن الكريم (الكليني. 2/629)، و قيل أحياناً في بيان وجه ذلك أن المراد من التفؤل المنهي عنه الاستفسار و التنبؤ بأحداث المستقبل بواسطة القرآن، أو للحيلولة دون التشبه بالناس في الجاهلية في التفؤل والتطير. و مهما يكن الملاك في النهي، فقد سعی بعض العلماء لأن يضعوا فروقاً بين التفؤل بالقرآن والاستخارة به (مثلاً ظ: الفيض، 5/1416-1417). و مما يجدر ذكره أن بعضاً من علماء أهل السنة اعتبروه متنافياً مع السنة، ونقدوه (ابن الحاج، الزبيدي، ن.صص).

 

2. الاستخارة بالرقاع

يكتب استناداً إلی أحد أساليب الاستخارة بالرقاع الأمران: «إِفْعَل» و «لاتَفْعَل» علی رقعتين، ثم يرفع المستخير إحداهما بعد الإتيان بآداب خاصة، و يعمل بموجبها (ظ: الكليني، 3/473؛ الطوسي، ن.م، 3/182؛ أيضاً ظ: الطبرسي، أحمد، 314). و في أسلوب آخر تستعمل 6 رقاع، و يعمل بالرقاع الثلاث التي يجيء فيها كلها الأمر «إفْعَل» (ظ: الكليني، 3/470؛ الطوسي، ن.م، 3/181؛ أيضاً ظ: الطبرسي، الحسن، 256). و قد نسبت الرواية الأولی إلی أحد الأئمة (ع). دون ضبط سندها، ونقلت الرواية الثانية عن الإمام الصادق (ع) و قد نقد ابن إدريس (1/313-314) و المحقق الحلي (ص 304) الاستخارة بالرقاع، واعتبراها مأخوذة من الأخبار غير المعتبرة. كما أشار الشيخ المفيد إلی شذوذ هذه الأخبار و ضعف سندها (ظ: ص 219)، فيما لم‌يعتبر البعض مثل العلامة الحلي (1/ 128)، و الشهيد الأول (ن.ص) هذا الانتقاد وارداً.

 

3. الاستخارة بالسبحة (المسبحة)

استناداً إلی هذا النوع من الاستخارة يفصل المستخير عن المسبحة ما مقداره قبضة واحدة بعد قراءة دعاء خاص، ثم يعد الحبات اثنتين اثنتين، فإن بقيت واحدة اعتبر الأمر حسناً. و استناداً إلی ماذكره الشهيد الأول (ن.ص) فإن هذا النوع من الاستخارة لم‌يكن شائعاً في القرون الإسلامية الأولی؛ و ابن طاووس (ص272-273) هو الوحيد الذي نسب هذه السنة إلی الأئمة (ع) استناداً إلی رواية نقلها عن الإمام المهدي (ع) (أيضاً ظ: الكفعمي، 391-392؛ صاحب الجواهر، 12/172-173).

 

المصادر

ابن إدريس، محمد، السرائر، قم، 1410ه‍؛ ابن بابويه، محمد، من لايحضره الفقيه، تق‍ ‍: علي أكبر الغفاري، قم، جماعة المدرسين؛ ابن الحاج، محمد، لايحضره الفقيه، تق‍ ‍: علي أكبر الغفاري، قم، جماعة المدرسين؛ ابن الحاج، محمد، المدخل، القاهرة، 1401ه‍/1981م؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد، فتح الباري، بولاق، 1301ه‍؛ ابن‌سعد، محمد، كتاب الطبقات الكبير، تق‍ : زاخاو و آخرون، ليدن، 1321ه‍؛ ابن طاووس، علي، فتح الأبواب، تق‍ ‍: حامد الخفاف، قم، 1409ه‍؛ ابن عابدين، محمدأمين، رد المحتار، بولاق، 1272ه‍؛ ابن ماجة، محمد، سنن، تق‍ ‍: محمد فؤاد عبدالباقي، القاهرة، 1952-1953م؛ ابن منظور، لسان؛ أبوالفرج الأصفهاني، الأغاني، بولاق، 1285ه‍؛ أحمد بن حنبل، مسند، القاهرة، 1313ه‍؛ البخاري، محمد، صحيح، إستانبول، 1315ه‍؛ البرقي، أحمد، المحاسن، تق‍ ‍: جلال الدين محدث الأرموي، طهران، 1328ش؛ الترمذي، محمد، سنن، تق‍‍ : أحمد محمد شاكر و آخرون، القاهرة، 1356ه‍/1937م؛ الحرالعاملي، محمد، وسائل الشيعة، بيروت، 1391ه‍؛ الحميري، عبدالله، قرب الإسناد، طهران، 1369ه‍؛ الخفاف، حامـد، مقدمة فتح الأبواب (ظ: هم‍ ،ابن طاووس)؛ الدمياطي، أبوبكر، إعانة الطالبين، القاهرة، 1356ه‍؛ الزبيدي، محمد، إتحاف السادة المتقين، القاهرة، 1311ه‍؛ الشهيد الأول، محمد، الذكری، ط حجرية، 1271ه‍؛ الشكوكاني، محمد، تحفة الذاكرين، بيروت، عالم الكتب؛ صاحب الجواهر، محمد حسن، جواهر الكلام، بيروت، 1401ه‍/1981م؛ الصحيفة السجادية؛ الطبرسي، أحمد، الاحتجاج، تق‍ ‍: محمد باقر الخرسان، النجف، 1386ه‍/1966م؛ الطبرسي، الحسن، مكارم الأخلاق، تق‍‍ : محمد حسين الأعلمي، بيروت، 1392ه‍/1972م؛ الطوسي، محمد، الأمالي، بيروت، 1401ه‍/1981م؛ م.ن، تهذيب الأحكام، تق‍ ‍: حسن الموسوي الخرسان، النجف، 1379ه‍؛ العلامة الحلي، الحسن، مختلف الشيعة، طهران، 1323ه‍؛ العوفي، محمد، لباب الألباب، تق‍: إدوارد براون، ليدن، 1324ه‍/1906م؛ الغزالي، محمد، إحياء علوم الدين، القاهرة، 1289ه‍؛ الفيض الكاشاني، محسن، الوافي، أصفهان، 1406ه‍؛ الكفعمي، إبراهيم، المصباح، طهران، 1349ش؛ الكليني، محمد، الكافي، تق‍ ‍: علي أكبر الغفاري، طهران، 1391ه‍؛ المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، 1403ه‍/1983م؛ المحقق الحلي، جعفر، المعتبر، ط حجرية، 1318ه‍؛ المفيد، محمد، المقنعة، 1410ه‍؛ النووي، يحيی، «الأذكار»، مع الفتوحات الربانية لابن علان، بيروت، 1398ه‍/1978م؛ م.ن، تهذيب الأسماء و اللغات، القاهرة، 1927م.     

عبدالأمير سليم /خ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: