اَلِاسْتِبْصار، عنوان مجموعة في الحديث لأبي ‌جعفر محمدبن‌الحسن الطوسي (تـ‍ 460/1068م)، و الكتاب الرابع من الكتب الأربعة للإمامية.

الاسم الكامل للكتاب هو الاستبصار في ما اختلف من الأخبار ويدل بوضوح علی مضمونه. ذكر الشيخ‌الطوسي في المقدمة في بيان سبب التأليف أنه قد طُلب منه بعد تأليف مجموعة تهذيب الأحكام المفصلة، أن يعد مجموعة أكثر اختصاراً تتم فيها مقارنة الأحاديث «المختلفة» فقط. فقرر علی إثر هذا الطلب أن يؤلف كتاباً يرجع إليه العلماء، و يكون في نفس الوقت دليلاً مناسباً للمبتدئين (1/2-5). و لذلك فقد عزم علی تأليف الاستبصار. اهتم الطوسي في هذا الكتاب بنقد الأحاديث المتعلقة بكل باب و تقييم سندها و مضمونها بالإضافة إلی جمعها في أبواب مستقلة، و قدم في كل باب اقتراحه لإزالة الاختلاف الظاهري بين الأحاديث، أو ترجيح طائفة من الروايات على طائفة أخری. و قد انعكست أساليب الجمع بين الأحاديث و إزالة الاختلافات و التي تتميز بمكانة خاصة في فقه الشيخ‌الطوسي، في كتابه الاستبصار بشكل خاص. و لذلك علينا أن لانعتبر هذا الكتاب مجرد مجموعة من الأحاديث فحسب، و نستبعد قيمته الفقهية. و قد جاء ترتيب أبواب الاستبصار على أساس التصنيف المتداول في الآثار الفقهية، كما هو الحال بالنسبة إلی الكتب الأربعة الأخری.

و رغم أن الشيخ‌الطوسي استند في تأليف الاستبصار علی مؤلَّفه السابق التهذيب إلی حد كبير، إلا أن الاستبصار يتمتع بمزاياه الخاصة به من ناحية التبويب، و من ناحية أسلوب ترتيب الأحاديث في كل باب أيضاً و ذلك من حيث الهدف العام من التأليف، فهو يعد أثراً مستقلاً. و مما يؤيد بوضوح هذه الاستقلالية، الفهرس الذي قدمه المؤلف عن آثـاره ( الفهرست، 189)، و كذلك في كلام النجاشي العالم المعاصر له (ص 403؛ قا: بروكلمان الذي عده تلخيصاً للتهذيب، GAL,S,I/707).

تم تصنيف كتاب الاستبصار علی أساس تقسيمه إلی 3 أجزاء (ظ: 4/204-305، 342-343)، و قد خصص الجزأين الأولين منه لمباحث العبادات (سوی الجهاد)، و الجزء الأخير للأبواب الفقهية الأخری. و قدم المؤلف عادة في كل باب الأحاديث التي أخذ بها، ثم ذكر بعد ذلك الأحاديث المقابلة لها، ثم بين وجه «الجمع» بينها، و التأليف بين مدلولاتها قدر المستطاع. و فيما يتعلق بأسانيد الأحاديث، فقد كان عازماً في البدء علی ضبط الأحاديث مع أسانيدها، و التزم بهذا الأسلوب في الجزأين الأولين، ولكنه ذكر الأسانيد بشكل مختصر في الجزء الأخير، و ذكر أسانيده إلی الأصول الروائية في ختام الأثر علی أسلوب كتابه التهذيب، وأسلوب ابن بابويه في الفقيه قبله (لنموذج قديم عن الدراسات التي تمت حول المكانة الرجالية لأسانيد الطوسي في الاستبصار، مثلاً ظ: العلامة الحلي، 276؛ للتعريف بعدة دراسات أخری، ظ: دانش‌پژوه، 3/1086-1087).

و استناداً إلی الإحصائية التي قدمها المؤلف نفسه عن الأحاديث المذكورة في الاستبصار، فإن عددها يبلغ 511,5 (ظ: 4/342)، في حين أن عدد الأحاديث يبلغ 558,5 في الطبعة المنقحة لكتاب الاستبصار، و مثل هذا الاختلاف في العدد يمكن أن يعود إلی أسلوب الإحصاء فيما يتعلق ببعض الأحاديث.

طبع الاستبصار مرةً في 1307ه‍ في 3 مجلدات في لكناو (الهند) طبعة حجرية، و أعيد طبعه ثانية في‌ طهران سنة 1315-1317ه‍. ونشرت طبعته المنقحة بتحقيق حسن الموسوي الخرسان و باهتمام محمد الآخوندي في النجف (1375-1376ه‍( في أربع مجلـدات (الجزء الثالث فـي مجلدين)، وجدد طبعه لمرات عديدة.

و فيما يتعلق بالمخطوطات القديمة لكتاب الاستبصار، علينا أن نشير إلی مخطوطة ناقصة توجد استناداً إلی ماذكره آقابزرگ الطهراني ( الذريعة، 2/14-15) في مكتبة السيدهادي كاشف الغطاء في النجف بخط جعفر بن علي المشهدي. و استناداً إلی هذه المعلومة، فقد تمت مقابلة النسخة المذكورة مع خط الشيخ الطوسي، و كان تاريخ الفراغ منها 573ه‍ .كما تجب الإشارة إلی مخطوطة محفوظة في مكتبة المرعشي كتبت في القرن 8ه‍ )ظ: المرعشي، 4/386-387؛ عن فهرس للمخطوطات التي تعود إلی القرن 10ه‍ و مابعده، ظ: حجتي، 609 وما بعدها: مع تصحيح تاريـخ مخطوطـة روضاتـي بـ 965ه‍، تاريـخ مخطوطـة آصفيـة بـ‍ 984ه‍، تاريخ مخطوطة ملك و هي في 383 ورقة بـ‍ 980ه‍؛ قا: روضاتي، 681؛ آصفية، 4/237؛ ملك، 1/36؛ لتكميل فهرس مخطوطاتـه في القـرن 10ه‍ المذكـور، ظ: المخطوطـة المؤرخة بـ‍ 951ه‍، المركزيـة، 8/83؛ مخطوطة يحتمل أن تعـود للقرن 10ه‍، ظ: المرعشي، 2/181-182؛ أيضاً عن ببليوغرافية وافية عن المخطوطة المؤرخة بـ‍ 1075ه‍، ظ: نلينو، 15-22 ).

و نحن نلاحظ بوضوح تأليف آثار كشروح، أو تعليقات، أو حواش علی الاستبصار منذ أواخر القرن 10ه‍/16م؛ و من أهمها: 1. حاشيـة لمحمد بن علي بن الحسين العاملي، صاحب المدارك (تـ‍ 1009ه‍(، و قد بقيت محفوظة مع متن الاستبصار في مخطوطة روضاتي (ظ: روضاتي، ن.ص؛ أيضاً آقابزرگ، ن.م، 2/16)؛ 2. حاشية للحسن بن زين‌الدين العاملي، صاحب المعالم (تـ‍ 1011ه‍( ذكرها أفندي في رياض العلماء (1/232) (أيضاً ظ: آقابزرگ، ن.م، 6/18)؛ 3. حاشية للميرزا محمد الإسترابادي، صاحب منهج المقال (تـ‍ 1028ه‍) وتوجد مخطوطاتها في النجف و مدينة مشهد (ظ: ن.م، 6/19؛ فاضل، 1/219-220)؛ 4. استقصاء الاعتبار، وهو شـرح لأبي جعفر محمـد بن الحسـن بـن زيـن الديـن العاملـي (تـ‍ 1030ه‍) و قد تحدث آقا بزرگ (ن.م، 2/30-31) عن عدد من مخطوطاتها؛ 5. حاشية للسيد يوسف الخراساني (في النصف الأول من القرن 11ه‍؛ عن مخطوطتها، ظ: ن.م، 6/19)؛ 6. مناهج الأخبار، وهو شرح لكمال‌الدين (أو نظام‌الدين) أحمد‌بن ‌زين‌الدين‌العاملي (كان حياً في 1039ه‍؛ عن مخطوطة قسم منه، ظ: آستان قدس، 5/182)؛ 7. شرح للمولی محمدأمين‌الإسترابادي (ت‍ـ 1036ه‍؛ للدراسة، ظ : آقابزرگ؛ ن.م، 13/83؛ أيضاً عن مخطوطة بخطه، ظ: المرعشي، 13/51)؛ 8. تعليقـة للميـر محمدباقـر الإستـرابادي المعـروف بالميـرالدامـاد (تـ‍ 1040، أو1041ه‍)، و قد ذكر أيضاً باسم الشرح أحياناً. و توجد مخطوطات منه في مكتبة سپهسالار بطهران (ظ: ابن‌يوسف، 1/244، 345) و مكتبة تشستربيتي في دبلن (آربري، رقم 3112(2)) (أيضاً ظ: آقابزرگ، ن.م، 13/ 83؛ GAL,S,I/707؛ عن ببليوغرافية مخطوطة سپهسالار، ظ: موسوي، 740)؛ 9. جامع الأخبار، و هو شرح لعبداللطيف بن‌علي‌ابن أبي جامع (تـ‍ 1050ه‍؛ لدراسة عنه، ظ: آقا‌بزرگ، ن.م، 5/37-38؛ أيضاً مخطوطة للنص بخطه في باريس، ظ: بلوشه، رقم 6661)؛ 10. حاشية لمحمود ابن‌غلام علي الطبسي (كان حياً في 1084ه‍)، و يتم الاحتفاظ بمخطوطة منها في مكتبة المرعشي (ظ: المرعشي، 17/313)؛ 11. كشف الأسرار، و هو شرح لنعمة الله الجزائري (تـ‍ 1112ه‍)، و قد دل آقابزرگ (ن.م، 18/17) علی مخطوطات عديدة منه (أيضاً ظ: ن.م، 6/19، 13/87)؛ 12. شرح للمحسن بن الحسن الأعرجي (تـ‍ 1227ه‍( كان آقابزرگ (ن.م، 13/86-87) قد رأی مخطوطة منه في الكاظمية (عن الشروح و الحواشي الأخری، ظ: آقابزرگ، ن.م، 6/18-19، 13/84-86، أيضاً ظ: مقدمة، «ص»؛ دانش‌پژوه، 4/451).

المصادر

آستان قدس، الفهرست؛ آصفية، المخطوطات؛ آقابزرگ، الذريعة؛ م.ن، مقدمة التبيان للطوسي، بيروت، دارإحياء التراث العربي؛ ابن يوسف الشيرازي، فهرست كتابخانۀ مدرسۀ عالي سپهسالار، طهران، 1313-1315ش؛ أفندي، عبدالله، رياض العلماء، تق‍ ‍: أحمد الحسيني، قم، 1401ه‍؛ الحجتي، محمدباقر، «بررسي آثار شيخ طوسي و گزارش نسخه‌‌هاي آنها...»، يادنامۀ شيخ طوسي، مشهد، 1354ش، ج 3؛ دانش‌پژوه، محمد تقي، نشريۀ مركزي دانشگاه تهران، 1344ش؛ روضاتي، محمد علي، «فهرست نسخه‌هاي مصنفات شيخ‌طوسي موجود در كتابخانۀ روضاتي»، يادنامۀ شيخ طوسي، مشهد، 1354ش، ج 3؛ الطوسي، محمد، الاستبصار، تق‍ ‍: حسن الموسوي الخرسان، النجف، 1375-1376ه‍؛ م.ن، الفهرست، تق‍ : محمدصادق بحرالعلوم، النجف، 1380ه‍/1960م؛ العلامة الحلي، الحسن، رجال، النجف، 1381ه‍/1961م؛ فاضل، محمود، فهرست نسخه‌هاي خطي كتابخانۀ جامع گوهرشاد، مشهد، 1363ش؛ المرعشي، المخطوطات؛ المركزية، المخطوطات؛ ملك، المخطوطات؛ موسوي البهبهاني، علي، «تعليقة ميرداماد براستبصار طوسي»، يادنامۀ شيخ طوسي، مشهد، 1354ش، ج 3؛ النجاشي، أحمد، الرجال، تق‍ ‍: موسى الشبيري الزنجاني، قم، 1407ه‍؛ و أيضاً:

Arberry; Blochet ; GAL, S; Nallino, M., «Abū Ğaʿfar...aṭ-Ṭūsī e un nuovo manoscritto del suo Kitāb al-Istibṣār», RSO,1947, vol.XXII.

قسم الفقه و علوم القرآن و الحديث/خ.