أَزْرو، مدينة جبلية صغيرة في محافظة مكناس وسط مراكش. و أزرو لفظة بربرية بمعنی الحجر و الحصی و عموماً الجلمود و التي تطلق علی الكثير من أرياف شمال أفريقيا الواقعة علی سفوح، أو أعالي الجلاميد و المناطق الحجرية (EI2,S).

كانت هذه المدينة قديماً قسماً من منطقة فازاز القديمة و قد ورد اسمها في المصادر العربية بشكل أزور (أبوعبيد، 156، 183؛ الدمشقي، 239؛ ابن‌خلدون، 7(2)/402،416) وآصرو (السلاوي، 3/43، مخ‍( أيضاً. تقع أزرو في سفح سلسلة جبال الأطلس المتوسط، عند التقاء طريقي فاس ـ مراكش و مكناس ـ تافيلالت الرئيسين الحديثي التعبيد علی بعد 70 كم إلی الجنوب الشرقي من مكناس باتجاه ميدلت، تحف بها غابات الأرز والصنوبر. ترتفع هذه المدينة200,1متراً عن سطح البحر و يبلغ عدد سكانها حالياً حوالي 15 ألف نسمة، في حين كان لايتجاوز هذا العدد في أوائل القرن الميلادي الحالي عن 500,1 نسمة. تقع المدينة في منطقة تعدّ موطن قبيلة بني مگيلد و هي بطن من صنهاجة ويعتمد دخل أهاليها علی إنتاج البضائع غير الصناعية، لاسيما سجاد الصوف و الذي تتم حياكته في مصانع الجمعيات التعاونية العمالية.كما تعتبر أزرو سوقاً مزدهراً لبيع و شراء المواشي. و قد جعلت المناظر الخلابة و الغابات الجميلة والمعروفة من أزرو مركزاً مهماً للسياحة و الاصطياف (بن‌العربي، 51؛ EI2,S؛ لاروس الكبير؛ ليفي پروفنسال، 145،ها 1).

و قد تعرضت أزرو مرات عديدة في القرون السالفة لنزاعات سياسية و عسكرية نظراً لموقعها الجغرافي الحساس و لذلك حظيت بأهمية تاريخية: و في 535ه‍/1141م دخل جيش الموحدين بقيادة الخليفة عبدالمؤمن أزرو و اتخذوها مقراً لهم وذلك ضمن تقدمهم في بلاد المغرب و بعد محاربة يحيی‌بن‌سير من الأمراء المحليين و أخيه علي‌بن‌سير الذي كان قد التجأ إليها. ثم اختار الخليفة زوجة من أزرو و هي أم عبدالله بن عبدالمؤمن قائد البجاية (البيذق، 88-89؛ عنان، 1/235). و في 674ه‍/كانون الثاني 1276 و علی أيام حكم بني‌مرين علی المغرب عندما كان السلطان يعقوب المريني عائداً إلی فاس بعد هجومه علی الأندلس، تمرد ضده رجل من أقاربه يدعى طلحة ابن‌محلی البطوئي نازعاً إلی قبيلة زنانة من صنهاجة وقد تمنع بجبل أزرو، إلا أن السلطان حاصر المنطقة و عفا عن طلحة بعد استسلامه (ابن‌أبي زرع، الأنيس...، 321-322، الذخيرة...، 160؛ ابن خلدون، 7(2)/402؛ السلاوي، 3/43؛ أيضاً ظ: EI2,S). و بعد 4 قرون دارت معركة في 1074ه‍/1663م بين محمد و الرشيد ولدي المولی الشريف زعيم الأشراف الفلاليين بسجلماسة، انتهت بانتصار الرشيد و مقتل محمد، ثم أصبحت أزرو لفترة مقراً للرشيد (السلاوي، 7/28-31؛ قا: أبوالنصر، 226؛EI2,S). و بعد وفاة الرشيد، جهز خليفته المولی إسماعيل جيشاً عظيماً من الغلمان السود باسم «العبيد» بغية الحفاظ على كيان دولته و قوتها وبذلك تولی هذا الجيش مهمة المحافظة على رقعة حكم السلطان في داخل عاصمته مكناس و ضواحيها و كذلك القواعد العسكرية المتاخمة للعاصمة، و كانت أزرو إحدی تلك القواعد المهمة (أبوالنصر،227). و في 1095ه‍/1684م خرج المولی إسماعيل بعساكره إلى جبال فازاز للقضاء علی تمرد قبائل برابرة «آيْت إدراسن» في سائس، وأمر ببناء قلعتين، أو قصبتين في تلك المنطقة كانت إحداهما في أزرو، و لما عزم علی الرجوع أنزل بقلعة أزرو ألف فارس ولاتزال آثار هذه القلعة قائمة حتى الآن (السلاوي، 7/66؛ أيضاً ظ: EI2,S؛ ليفي پروفنسال، ن.ص)، إلا أن هؤلاء البربر، أي برابرة آيْت إدراسن الذين لاذوا بالفرار أمام جيش المولی إسماعيل ثم طلبوا الأمان منه (السلاوي، 7/66-67) أنقذوا في القرن 13ه‍/19م حياة المولی سليمان أحد كبار أشراف مراكش، وكانت أزرو هذه المرة أيضاً ساحة القتال: و في 1226ه‍/1811م توجه المولی سليمان و معه جمع غفير من المقاتلين العرب والبربر وعسكر العبيد صوب قبائل كروان و آيْت يوسي للقضاء علی فتنة هذه القبائل، إلا أن جيشه تكبد في هذه المعركة خسارة فادحة بعد صراعات دامية في أزرو، لافتقاره إلی التنظيم العسكري اللازم، والأمر الوحيد الذي أنقذ حياته و حياة ماتبقی من عسكره هو دعم برابرة «آيْت إدراسن» «وآيْت يمور» له. و قد عرفت هذه المعركـة ــ التـي تعتبـر منعطفـاً مهمـاً فـي حكم المولی سليمـان ــ بـ‍ »وقعة أزرو» في تاريخ المغرب (م.ن، 8/115-117؛ أيضاً ظ: EI2,S ).

شهدت أزرو في مطلع القرن العشرين بعض الأحداث السياسية و الثقافية المهمة و الذي أدی إلی اشتهارها و أهميتها: و بعد أن أصبحت مراكش محمية بفرنسا في 1912م و احتلت فرنسا في 1913-1914م المدن الواقعة في منطقة الأطلس المتوسط و منها أزرو، أصدرت في 1914م مرسوماً يقضي بمنح برابرة هذه المناطق نوعاً من الاستقلال الإداري و القضائي بغية كسب ثقتهم تجاه سياستها في مراكش. و بموجب هذا المرسوم أعفي البرابرة عن الالتزام بالقوانين الإدارية و القضائية السائدة في المجتمعات العربيةـ الإسلامية بمراكش، و بهذا تمتع برابرة بني مگيلد في أزرو أيضاً بالإدارة المركزية تحت إشراف الفرنسيين. و مع كل هذا، اتجهت السياسة الفرنسية بعد الحرب العالمية الأولی نحو توحيد الثقافة في مراكش و ذلك علی أساس إشاعة اللغة العربية بين البربر. و من هذا المنطلق تم تأسيس عدد من المدارس الفرنسية ـ البربرية في مراكش و تولی الفرنسيون إعداد كامل برامجها الدراسية. و قد بلغت هذه السياسة ذروتها بتأسيس دارالمعلمين الفرنسي ـ البربري في أزرو عام 1927م و منحت هذه المدينة اعتباراً جديداً (أبوالنصر، 357-358؛ أيضاً ظ: EI2,S).

المصادر

ابن أبي زرع، علي، الأنيس المطرب، الرباط، 1972م؛ م.ن، الذخيرة السنيـة، الربـاط، 1972م؛ ابن خلـدون، العبر؛ أبوعبيدالبكـري، عبدالله، المغـرب، تق‍: دوسلان، الجزائر، 1857م؛ بن العربي، الصديق، المغرب، بيروت، 1984م؛ البيذق، أبوبكر، أخبار المهدي ابن تومرت و ابتداء دولة الموحديـن، تق‍ ‍: ليفي پروفنسال، بـاريس، 1928م؛ الدمشقي، محمد، نخبة الدهـر، تق‍ ‍: مهرن، بطرسبرج، 1865م؛ السلاوي، أحمد، الاستقصاء، الدار البيضاء، 1954-1956م؛ عنان، محمد عبدالله، عصر المرابطين و الموحدين، القاهرة، 1964م؛ و أيضاً:

Abun-Nasr, J.M., A History of the Maghrib, Cambridge, 1971; EI2,S; Grand Larousse ; Lévi-Provençal, E., Documents inédits d’histoire Almohade, Paris, 1928.

مهران أرزنده/ت.