أُرْيولَة، مدينة في محافظة أليكانته في الجنوب الشرقي من إسبانيا، تدعی اليوم أريئولا. و أريولة من المدن القديمة للأنـدلس كانـت تقـع ــ كـمـا يقول الجغرافيون القدامی ــ قرب مُرسية في منطقة تدمير (الإدريسي، 2/538؛ ياقوت، 1/403). وتعني كلمة أريولة بالاتينية، الذهبية (ابن الدلائي، 10؛ ابن عبدالمنعم، 67). و تقع المدينة الحالية علی بعد 48كم إلی الجنوب الغربي من أليكانته (مركز المحافظة)، و 20كم إلی الشمال الشرقي من مرسية، و يفصلها عن ساحل البحر الأبيض المتوسط حوالي 24كم، و يمر قريباً منها خط سكة حديد مرسية إلشيه. و تمتد المدينة علی ضفتي نهر شقوره، في منطقة تمتاز تربتها بالخصوبة. بلغ عدد سكانها 581,49 نسمة سنة 1981م (بريتانيكا؛ آمريكانا؛ «أطلس...»، 51).

ترجع بعض المصادر قِدم المدينة إلی قرون قبل ميلاد المسيح، وقيل إنها أصبحت في فترات لاحقة قاعدة و مركزاً للحكام الروم (ابن الدلائي، ابن عبدالمنعم، ن.صص؛ WNGD). و خلال هجوم الجيش الإسلامي علی الأندلس و سيطرتهم علی بلاد تدمير، استولت القوات الإسلامية أيضاً علی أريولة التي كانت قاعدة تدمير آنذاك. و في البدء قام عبدالعزيز بن موسی بن نصير بمجزرة جماعية بحق فريق من سكان تدمير، فلجأ الباقون إلی مدينة أريولة، إلی أن مُنحوا الأمان و تم الصلح بين الطرفين بعد قبولهم دفع الضرائب و الجزية ( أخبار...، 22؛ ابن الدلائي، 4؛ ابن عبدالمنعم، ن.ص).

و عقب انتهاء حكم الدولة العامرية و مقتل عبدالرحمان بن المنصور في 399ه‍، غادر فريق من الفتيان الصقالبة قرطبة متجهين إلی شرقي الأندلس (عنان، دول...، 156). و كان خيران العامري واحداً منهم، حيث تمكن في 403ه‍ من الاستيلاء علی بعض المناطق و منها ألمرية و مرسية و أريولة و طرد سكانها البربر منها و من بقية مدن تدمير (ن.م، 157؛ ابن الدلائي، 16؛ ابن الخطيب 193). و قد حكم أريولة و مرسية آنذاك زهير العامري نائباً عن خيران الذي ذهب إلی ألمرية، فبقي فيها حتی وفاته في 419ه‍/1028م. و عقب مقتل زهير في الحرب التي خاضها في مواجهة باديس، سيطر حاكم غرناطة عبدالعزيز بن المنصور في 429‍ ه‍‍ علی ألمرية و مرسية و أريولة (عنان، ن.م، 172، 193). و خلال الهجوم الثالث ليوسف ابن تاشفين علی الأندلس في 483ه‍/1090م، تمكن جيش المرابطين من الاستيلاء علی مدينتي مرسية و أريولة في الفترة الواقعة بين 484و488ه‍ (ن.م، 279). و عقب ذلك كانت أريولة من بين المدن التي استولی عليها ألفونسو في 519ه‍/1125م (م.ن، عصر...، 1/108)، لكن الحاكم هناك سلَّم المدينة في 540ه‍ إلی عبدالرحمان بن طاهر المرابطي (ن.م، 1/359). و في أوائل النصف الثاني للقرن 6ه‍/12م، كانت أريولة ممراً لاجتياز قوات الموحدين (ن.م، 2/83، 172). و لفترة قصيرة من نصف هذا القرن، أصبحت أريولة عاصمة دولة مستقلة صغيرة يحكمها القاضي أحمد بن عبدالرحمان ابن علي بن عاصم (EI1). و أخيراً تمكن المسيحيون بقيادة خايمي الأول ملك أرغون خلال هجومه علی مرسية، من السيطرة علی أريولة أيضاً، و أنهی بذلك حكم المسلمين علی تلك المنطقة الذي استمر لمدة 552 سنة ( آمريكانا).

عُدَّت أريولة إحدى المراكز الأسقفية (شكيب أرسلان، 2/217) و ماتزال محتفظة بمركزها هذا حتی اليوم. و توجد فيها كنيسة كبيرة علی الطراز القوطي يرجع تاريخها إلی القرن 14م. وكـان فـي المدينـة فيمـا مضـی جـامعـة أُغلقـت سنـة 1835م ( آمريكانا). أما الماحصيل الزراعية التي تنتجها المناطق الواقعة في ضواحي أريولة فهي: الغلال و الفواكه والزيوت. كما توجد في هذه المدينة معامل لإنتاج الحرير والكتان والصوف، و مراكز للصباغة و إنتاج زيت الزيتون و الطحين ( آمريكانا).

المصادر

ابن الخطيب، محمد، أعمال الأعلام، تق‍: ليفي پروفنسال، بيروت، 1956م؛ ابن الدلائي، أحمد، ترصيع الأخبار، تق‍‍: عبدالعزيز الأهواني، مدريد، 1965م؛ ابن‌عبدالمنعم الحميري، محمد، الروض المعطار، تق‍: إحسان عباس، بيروت، 1984م؛ أخبار مجموعة، تق‍: إبراهيم الأبياري، القاهرة، 1401ه‍/1981م؛ الإدريسي، محمد، نزهة المشتاق، القاهرة، 1972م؛ شكيب أرسلان، الحلل السندسية، بيروت، 1355ه‍؛ عنان، محمد عبدالله، دول الطوائف، القاهرة، 1380ه‍/1960م؛ م.ن، عصرالمرابطين والموحدين، القاهرة، 1383ه‍/1964م؛ ياقوت، البلدان؛ و أيضاً:

Americana; Britannica, 1986; EI1; Great World Atlas, the Reader’s Digest; WNGD.

مژگان نظامي/ه‍.