الصفحة الرئیسیة / المقالات / دائرة المعارف الإسلامیة الکبری / الفقه و علوم القرآن و الحدیث / الإحصان /

فهرس الموضوعات

الإحصان

الإحصان

تاریخ آخر التحدیث : 1443/2/9 ۲۲:۱۶:۳۸ تاریخ تألیف المقالة

اَلْإحْصان، لفظة قرآنیة استخدمت کاصطلاحات في أبواب الحدود من الفقه. و تعني هذه الکلمة في اللغة العربیة «الحفظ و الصیانة»، و«الحِصْن» هو القلعة و التعزیزات، کما تعني بمادتها الحالیة الشائعة في اللغات السامیة «ح ص ن» القوة، و تعزیز البنیة الدفاعیة لمکان ما (ظ: جفري، 110؛ فرنکل، 236-232).

استعملت کلمة الإحصان في آیات من القرآن الکریم بمعنی الحفظ (یوسف/ 12/ 48؛ الأنبیاء/ 21/ 80، 91؛ التحریم / 66/ 12)، واستخدمت أحیاناً کلمة «المحصنة» للمرأة العفیفة (لمائدة / 5/ 5؛ بناء علی التفسیر الأشهر، ظ: الشیخ الطوسي، 3/ 445-446)، و«التحصّن» بمعنی «الاستعفاف» (النور/ 24/ 33) بسبب الارتباط بین معنی الحفظ والاستعفاف (أیضاً: الراغب، 120؛ النووي، 2(1)/ 67).

ویعني الإحصان في بعض الآیات القرآنیة إیجاد حالة الحفظ والصون من قبل الزوج للزوجة في عقد النکاح؛ و یلاحظ هذا المفهوم بوضوح في استعمال اسم الفاعل «المُحصِن» للزوج في مقابل اسم المفعول «المُحصَنة» للزوجة (النساء/ 4/ 24، 25؛ أیضاً ظ: المائدة / 5/ 5). ولذلک فقد استعملت «المحصنة» «للمرأة المتزوجة» (النساء/ 4/ 24)، واستخدمت صیغة المجهول نأُحصِنَّم (النساء/ 4/ 25؛ بناء علی القراءة المشهورة، ظ: أبوعمرو الداني، 95) بمعنی «تَزَوَّجن» (لمزید من التوضیح عن المفهوم الأخیر، ظ: الشیخ الطوسي، 3/ 171؛ النووي، 2(1)/ 66).

وفضلاً عن الاستعمالات المتداولة المذکورة فقد أراد القرآن أحیاناً من إحصان المرأة حریتها، فیکون المراد من المرأة المحصَنة، الحرة (النساء/ 4/ 25؛ عن قول غیر مشهور علی هذا الأساس حول الآیة 5 من سورة المائدة، ظ: الشیخ الطوسي، 3/ 445-446؛ النووي، ن.ص؛ السیوطي، 2/ 261). وفي النهآیة علینا أن نتحدث عن استعمال الإحصان بمعنی «اعتناق الإسلام» والذي لم یتفق المفسرون علیه، ولم یرد إلا في التفاسیر المأثورة عن بعض الصحابة و التبعین حول القراءة غیر المشهورة لعبارة «فإذا أَحصَن» بفتح الهمزة و الصاد (حول القراءة، ظ: أبوعمرو الداني، ن.ص؛ للتفسیر، ظ: الشیخ الطوسي، 3/ 171؛ النووي، ن.ص). ومما یجدر ذکره أن الکسائي قرأ من بین القراء السبعة «محصنات» و «المحصنات» بکسر الصاد، إلا الآیة 24من سورة النساء حیث یجب أن تؤخذ «المحصنات» بمعنی «المتزوجات»، ومعناها الأول النساء «العفیفات» (ظ: الراغب، أبو عمرو الداني، ن.صص؛ ابن الجزري، 2/ 249؛ النووي، 2(1)/ 67).

واستعملت کلمة الإحصان في الفقه في مبحثي الزنا و القذف من مباحث الحدود مع اختلاف في المفهوم.

وفي مبحث الزنا یعد الإحصان من الظروف المشددة للعقوبة حیث یؤدي تحققها في الشخص المجرم إلی تشدید عقوبته من مائة جلدة إلی «الرجم». ولأن تشریع الرجم لم یطرح في القرآن الکریم وبما أنه من الأحکام التي تثبتها السنة، فمن الواضح أن الإحصان لم یستخدم بهذا المفهوم الخاص في القرآن أیضاً؛ واعتبار بعض الفقهاء تعبیر «محصنین غیرمسافحین» القرآني (النساء/ 4/ 24؛ المائدة/ 5/ 5) نموذجاً لاستعمال الإحصان بهذا المفهوم الاصطلاحي (مثلاً ظ: النووي، 2(1)/ 65-66)، هو نوع من التسامح. و من أجل بیان هذا التسامح علینا التذکیر بأن مصطلح الإحصان الفقهي المطروح في مبحث الزنا یعود إلی الاستعمال القرآني للإحصان بمعنی «إیجاد حالة الحفظ و الحرز من قبل الزوج للزوجة» (قا: م.ن، 2(1)/ 65)، و هو عند الفقهاء حالة ناجمة عن اجتماع عدد من الشروط في الشخص الزاني، تجعله مستحقاً لعقوبة الرجم، و أهم هذه الشروط کونه متزوجاً.

ورغم عدم إمکان تقدیم تعریف شامل و مشترک لمجموعة هذه الشروط بسبب وجود اختلافات دقیقة بین الفقهاء و المذاهب، و لکننا نستطیع القول – مع غض النظر عن الدقائق الفنیة – إن الإحصان یعني لدی الفقهاء جمیعهم اجتماع صفات الحریة و البلوغ و العقل و أن یکون تزوج أمراة علی مثل حاله تزویجاً صحیاً و دخل بها و هما علی هذه الصفة (ظ: ابن هبیرة، 2/ 403؛ وأما شرط الإسلام فهو الشرط الآخر الذي ذهب إلیه أبوحنیفة فقط، ظ: ن.ص). ومما یجدر ذکره أن شرط الزوجیة لایؤدي إلی تحقق کیفیة الإحصان في الشخص، إلا مع توفر شروط مثل إمکانیة الوصول إلی الزوج، وسابقة العلاقة الزوجیة معه (ظ: ن.ص؛ المحقق الحلي، 4/ 150-151). ومن بین الحالات المذکورة یعد البلوغ والعقل من الشروط العامة للتکلیف، ولیس لهما مدخلیة خاصة في أصل مفهوم الإحصان. ویعود اشتراط الحریة إلی أن عدمها هو من الظروف المخففة في بعض الجرائم، و خاصة الزنا، و ذلک لأسباب خارجیة؛ و علی هذا فإن مفهوم «العلاقة الزوجیة» هو الذي یشکل المبنی الأساس لهذا المصطلح الفقهي. و علیه یمکننا أن ندرک سبب کون هذا الشرط هو الشرط الوحید الذي حظي بالاهتمام في مبحث الإحصان و ذلک في الآثار الفقهیة المتقدمة مثل الموطأ لمالک (1/ 541). وعلینا التذکیر هنا بأن کیفیة الإحصان تطرح أحیاناً في الفقه الإسلامي في مجال تشدید عقوبة بعض آخر من الجرائم الجنسیة (ظ: ابن هبیرة، 2/ 406؛ العلّامة الحلي، 5/ 212-213).

والموضع الآخر من مواضع استخدام مصطلح «الإحصان» في الفقه الإسلامي هو مبحث القذف، ولهذا الاستخدام جذور قرآنیة، فقد تحدثت الآیتان 4 و 23 من سورة النور عن العقاب الدنیوي و الأخروي للأشخاص الذین یتهمون ظلماً «النساء المحصنات». والمبنی الأساس لهذا المصطلح الفقهي هو الإحصان بمفهوم «التعفف»و الذي یطلق في الفقه علی کیفیة حاصلة من اجتماععدد من الشروط؛ و هي العقل والبلوغ والحریة والإسلام و العفة؛ واستناداً إلی القوانین الفقهیة فإن الشخص الذي تتوفر فیه هذه الشروط یعتبر «محصناً»، أو «محصنة»، وإذا ما تعرض هذا الشخص للقذف یجب الحد الشرعي علی القاذف، وإذا فقدت بعض هذه الشروط، و حدث خلل في تحقق الإحصان، یسقط الحد الشرعي عن القاذف (مثلاً ظ: القدوري، 3/ 195-196؛ المحقق الحلي، 4/ 165؛ المحلي، 4/ 185).

 

المصادر

ابن الجزري، محمد، النشر، تقـ: علي محمد الضباع، القاهرة، کتبة مصطفی محمد؛ ابن هبیرة، یحیی، الإفصاح، تقـ: محمدراغب الطباخ، حلب، 1366هـ/ 1947م؛ أبوعمروالداني، عثمان، التیسیر، تقـ: أوتوپرتسل، إستانبول، 1930م؛ الراغب الأصفهاني، حسین، مفردات ألفاظ القرآن، تقـ: ندیم مرعشلي، القاهرة، 1392هـ/ 1972م؛ السیوطي، الدر المنصور، القاهرة، 1314هـ؛ الشیخ الطوسي،محمد، التبیان، تقـ: أحمد حبب قصیر العاملي، النجف، مکتبة الأمین؛ العلّامة الحلي، الحسن، مختلف الشیعة، طهران، 1323هـ؛ القدوري، أحمد، «مختصر»، مع اللباب للغنیمي، تقـ: محمد محیي‌الدین عبدالحمید، القاهرة، 1383هـ/ 1963م؛ القرآن الکریم؛ مالک بمن أنس، الموطأ، تقـ: محمد فؤاد عبدالباقي، القاهرة، 1370هـ/ 1951م؛ المحقق الحلی، جعفر، شرائع الإسلام، تقـ: عبدالحسین محمدعلي، النجف، 1389هـ/ 1969م؛ المحلي، جلال‌الدین، «شرح منهاج الطالبین»، في هامش حاشیة علی شرح منهاج الطالبین لشهاب الدین القلیوبي، القاهرة، مکتبة عیسی البابي الحلبي؛ النووي، یحیی، تهذیب الأسماء و اللغات، القاهرة، 1927م؛ وأیضاً:

Fraenkel, S., Die aramäischen Fremdwörter im Arabischen, Leiden, 1886; Jeffery, A., The Foreign Vocabutary of the Qur’ān, Baroda, 1938.

قسم الفقه و علوم القرآن و الحدیث/ خ.

تسجیل الدخول في موقع الویب

احفظني في ذاکرتك

مستخدم جدید؟ تسجیل في الموقع

هل نسيت کلمة السر؟ إعادة کلمة السر

تم إرسال رمز التحقق إلى رقم هاتفك المحمول

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.:

التسجیل

عضویت در خبرنامه.

هل تم تسجیلک سابقاً؟ الدخول

enterverifycode

استبدال الرمز

الوقت لإعادة ضبط التعليمات البرمجية للتنشيط.: