اَلْأَحْرارُ الْدُّسْتوریّون، حزب سیاسي أسس في 1922م بمصر، واستمر في نشاطه حتی1953م. وقد اشترک في البدء عدلي یکن باشا، مؤسس حزب الأحرار، في تأسیس حزب الوفد الذي کان قد تم تشکیله بعد استقلال مصر بقیادة سعد زغلول مباشرة، ولکنه سرعان ما انفصل عنه، وأسس هذا الحزب، ویبدو أن السبب الرئیس للاختلاف والانقسام التطرف الذي لم یکن عدلي یرتضیه من الوفد (الکیالي، 2/ 274).

کانت أهداف حزب الأحرار کالتالي: تثبیت استقلال مصر وتحققه عملیاً، والالتزام بعدم انفصال السودان عن مصر، والمطالبة بعضویة مصر في عصبة الأمم باعتبارها حکومة مستقلة، ودعم النظام الدستوري. والمحافظة علی السیادة الوطنیة و حقوق العرش، وإعداد أجهزة الدفاع الوطني إزاء العدوان الأجنبي. وتنفیذ الدراسات الإجباریة والمجانیة (عطیة الله. 1/ 23-24)، ولم تکن هذه المطالب تختلف کثیراً عن أهداف حزب الوفد (البستاني، 7/ 178). کان الأحرار في عداد الأحزاب الأقلیة في مصر حتی نهایة نشاطه، وذلک في مقابل الوقد الذي کان یحظی بأغلبیة أصوات الشعب. ویمکننا أن نذکر بعض الأسباب لقلة المؤیدین و هي: کان الأحرار یمثل الارستقراطیین، ویحافظ علی مصالح الأقلیة الإقطاعیة، والرأسمالیین، والنخبة السیاسیة و الاجتماعیة بمصر، وکانت تربطه علاقات حسنة مع الإنجلیز، وکان یتمتع في الغالب بدعم الحکومة البریطانیة (الکیالي، 2/ 273-274؛ الأمین، 4/ 17). ورغم أن کلا الحزبین کانا وطنیین ولم یکونا یتمیزان بطابع دیني، أو قومي معین (بیومي، 220)، ولکن الأحرار کان ینتقد الوقد بشدة بسبب تهیئته لأرضیة نفوذ الأقباط، ویسعی لأن یثیر المسلمین تحت هذه الذریعة ضد ذلک الحزب (البشري، 196-198).

أدی الأحرار طیلة نشاطه السیاسي دوراً مؤثراً في تطورات مصر. فقد نشط في تدوین دستور عام 1923م، وشارک في انتخابات هذه السنة ولکن لم یحالفه التوفیق، وفي 1925م، أي في عهد وزارة زیور تحالف مع ملک مصر ضد الوفد واستخدم أسلوب القوة والقمع، ولکنه رغم ذلک تحالف في السنة التالیة مع الوفد ضد الملک، و شارک في الحکومة الائتلافیة واستمر ذلک حتی 1927م. تولی الأحرار الحکم في 1928م مع تعطیل البرلمان، واختیر عدلي للوزارة کي یجري الانتخابات الرابعة. وفي هذه الانتخابات التي تمت في تشرین الأول 1929 حقق الوفد انتصاراً ساحقاً (م.ن، 200-201). ومنذ ذلک الحین استمر تعاون حزب الأحرار مع الملک حتی 1936م، رغم المنعطفات المختلفة (الکیالي، ن.ص). وفي 1937م وعندما أسس المنقسمون علی الوفد حزب السعدي، هب الأحرار لمحاربة الوفد جنباً إلی جنب حزب السعدي. وقد سعی هذان الحزبان بدعم من الملک أن یولوا الأقلیة الحکم من خلال النفوذ في الانتخابات. وفي نفس السنة عزل الملک فاروق نحاس باشا الذي کان من حزب الوفد عن رئاسة الوزراء، وولی محمد محمود الذي کان من حزب الأحرار رئاسة الوزراء. کي یحل المجلس، ویجري الانتخابات؛ وقد أجری الانتخابات في 1938م من خلال استخدام القوة والعنف، وبقيفي منصب الوزارة حتی السنة التالیة. وبعد وفاة محمد محمود. و عندما تولی علي ماهر الحکم، تقاسم حزب السعدي من خلال تولي رئاسة الوزراء، والأحرار من خلال ترأس محمدحسین هیکل لمجلس الشیوخ السلطة بینهما، و بعد محمد محمود لم یتول أحد من هذا الحزب رئاسة الوزارة (الأمین، 4/ 18) واستمر التعاون بین الأحرار والسعدي في الحکومة والمجلس خلال السنوات 1938-1942 و 1945-1949م (الکیالي، ن.ص). وقد تولی زعامة الحزب منذ البدء و حتی نهایة المطاف الأشخاص التالون: عدلي و محمود و عبدالعزیز فهمي ومحمدحسین هیکل. وقد رأس محمدحسین هیکل تحریر صحیفة السیاسة الیومیة الناطقة بلسان حزب الأحرار، وکانت تصدر أیضاً مجلة أسبوعیة بعنوان السیاسة الأسبوعیة تابعة لنفس الصحیفة، وکان یتعاون معها لفیف من الکتّاب والمثقفین مثل طه حسین، وقد کان لهاتین النشرتین تأثیر مهم في رفع مستوی الثقافةالعامة بمصر (الأمین، 4/ 17).

المصادر

الأمین، حسن، الموسوعة الإسلامیة، بیروت، 1399هـ/ 1979م؛ البستاني؛ البشري، طارق، المسلمون و الأقباط، بیروت، 1982م؛ بیومي، زکریا سلیمان، الإخوان المسلمون و الجماعات الإسلامیة في الحیاة السیاسیة المصریة، القاهرة، 1398هـ/ 1978م؛ عطیة الله، أحمد، القاموس السیاسي، القاهرة، 1968م؛ الکیالي، عبدالوهاب، موسوعة السیاسة، بیروت، 1981م.

حسن یوسفي إشکوري/ خ.